رياضة

حكاية باتت عرفاً ثابتاً في أمم أوروبا … الأرض والجمهور لا تلعب مع أصحابها

خلال عشرين نسخة لكأس العالم استطاع ستة منتخبات تحقيق اللقب على أرضها وأمام جماهيرها، وهذه المنتخبات هي الأورغواي 1930 وإيطاليا 1934 وإنكلترا 1966 وألمانيا الغربية 1974 والأرجنتين 1978 وفرنسا 1998.
غير أنه في أمم أوروبا نجح ثلاثة منتخبات فقط في تحقيق الفوز على أرضها وأمام جماهيرها وهي إسبانيا 1964 وإيطاليا 1968 وفرنسا 1984 وكانت الفرصة مواتية لمنتخب فرنسا كي يعانق اللقب على أرضه ثانية ولكن الشكيمة البرتغالية وخاصة في الجانب الدفاعي كانت العامل الحاسم في مباراة الأحد التي لم يفز فيها الطرف الأفضل بطبيعة الحال، لتتكرس حقيقة أن صاحب الأرض والجمهور من النادر أن يطلق العنان لأفراحه وكأن للقدر حساباته الخاصة.. البرتغال على طول البطولة انتهجت جانباً دفاعياً وخصوصاً في الأدوار المتقدمة فكان الحارس باتريسيو أميناً على شباكه من خلال تلقيه هدفاً واحداً خلال 450 دقيقة وحصل ذلك أمام بولندا بتوقيع ليفاندوفسكي وهو هدفه الوحيد في اليورو، وبالنهاية فاز برازيليو أوروبا مكبدين الفرنسيين خسارة في الزمان والمكان غير المناسبين، إذ إنه لم يسبق للبرتغال أن فازت رسمياً على فرنسا فكان فوزها هذه المرة بطعم اللقب القاري الذي سيكون له توابع كثيرة وخصوصاً على جائزة الكرة الذهبية لعام 2016 التي يراها النقاد أقرب إلى كريستيانو رغم أنه لم يكن العامل الحاسم في فوز فريقه، وتكفي الإشارة إلى أنه لم يسجل إلا هدفاً واحداً في الأدوار الإقصائية، كما أنه خرج من الميدان في منتصف الشوط الأول للمباراة النهائية وكأن ذلك كان عاملاً مشجعاً لبقية اللاعبين كي يقدموا ذروة ما عندهم علهم يقدمون هدية لا تقدر بثمن للدون كريستيانو الذي قبل الهدية وعاش ليلة من ليالي ألف ليلة وليلة.

ثوابت تاريخية
صحيح أن فرنسا عندما استضافت البطولة عام 1960 لم تكن مرشحة للفوز باللقب بسبب غياب النجمين الكبيرين خلال مونديال 1958 وهما فونتين وكوبا، وصحيح أن بلجيكا لم تكن مرشحة للفوز باللقب 1972 والحال كذلك ليوغسلافيا 1976 والسويد 1992 وبلجيكا 2000 وسويسرا والنمسا 2008 وبولندا وأوكرانيا 2012 إلا أن عديد البطولات كانت الترشيحات تميل لصاحب الأرض ونقصد بذلك إسبانيا 1964 وإيطاليا 1968 وإيطاليا أيضاً 1980 وفرنسا 1984 وألمانيا الغربية 1988 وإنكلترا 1996 وهولندا 2000 والبرتغال 2004 وفرنسا 2016، ولكن التوقعات طابقت الواقع في ثلاث بطولات فقط وحدث ذلك مع الماتادور 1964 والآزوري 1968 والديوك 1984.

الجانب المضيء
رغم ترشيحات الطليان في النسخة التي استضافتها 1968 إلا أن اللقب تحقق بالطرق الممكنة وغير الممكنة، إذ إن كل السبل خدمت أصحاب الضيافة بداية من القرعة أمام السوفييت ثم الحاجة إلى مباراة إعادة أمام يوغسلافيا.
الماتادور 1964 استغل عاملي الأرض والجمهور خير استغلال ولكنه احتاج إلى وقت إضافي أمام المجر ثم احتاج إلى هدف متأخر لترويض الدب الروسي في النهائي.
أما المنتخب الفرنسي فكان بحق شعلة مضيئة خلال نسخة 1984 عندما حقق خمسة انتصارات مشفوعة بأداء أخّاذ، ولكن القدر وقف أمامها بمباراة نصف النهائي عندما أدركت هدف التأهل في الدقيقة العشرين بعد المئة متجنبة سيناريو ركلات الترجيح.
الجانب المظلم
كان منتخب إيطاليا مرشحاً للفوز باللقب 1980، وبالفعل استطاع ذلك المنتخب الفوز بكأس العالم بعد عامين ولكنه اكتفى بالمركز الرابع عندما استضاف العرس الأوروبي، إذ وقع ضحية تألق منتخب بلجيكا الذي تصدر مجموعته التي ضمت أيضاً إنكلترا وإسبانيا فكان بحق الحصان الأسود، على حين كان المنتخب الإيطالي متواضعاً في الشق الهجومي عندما اكتفى بتسجيل هدفين في أربع مباريات فكان الحصاد غير المقنع المركز الرابع.
وكان منتخب ألمانيا الغربية بقيادة بيكنباور مرشحاً فوق العادة للقبض على اللقب عام 1988 واستطاع كما الطليان الفوز بالمونديال بعد سنتين ولكنه اكتوى بهدف متأخر سجله أفضل لاعب في تلك النسخة الهولندي فان باستن، فعاش الألمان كوابيس لا تمحى من الذاكرة في الوقت الذي استعادت فيه الكرة الشاملة بريقها على الأراضي الألمانية التي انطلقت منها ذاتها.
عام 1996 بدت كتيبة انكلترا بقيادة المدرب فينابلز والمهاجم الغني عن التعريف شيرر عازمة على قول كلمتها بعد ثلاثين عاماً من اللقب المونديالي، ولكن ركلات الترجيح قالت كلمتها في نصف النهائي عندما واجهت الألمان، فأطلق لينيكر كلمته المشهورة: المباراة تسعون دقيقة أو أكثر وبالنهاية يفوز الألمان.
الطواحين بدت قوية بما فيه الكفاية لاستعادة اللقب عندما كانت أحد المستضيفين عام 2000 ولكن ركلات الأعصاب كانت الفيصل في نصف النهائي بمواجهة إيطاليا، وتلك المباراة شهدت تصدي الحارس الإيطالي تولدو لركلة جزاء خلال الوقت الأصلي كما أضاع الهولنديين ركلة أخرى خارج الأخشاب وكل ذلك خلال الدقائق التسعين واللاعبان اللذان أهدرا هما فرانك دي بوير وكلويفرت فانتهت الحكاية المؤلمة.
البرتغال بقيادة سكولاري بطل العالم مع البرازيل وفيغو أحد أفضل اللاعبين في تلك الحقبة كانت الأكبر ترشيحاً وفق مكاتب المراهنات للفوز باللقب ولكن الأغريق نسجوا حكاية أقرب إلى الأساطير المعروفة عنهم فكان التتويج اليوناني آخر ما كان يراهن عليه.. خلال النسخة التي ودعناها أمس الأول كان الديوك من بين المرشحين وبالفعل وصلوا إلى مباراة التتويج بترشيحات متزايدة ولكن البرتغال واصلت الامتياز الدفاعي فكان اللقب اليتيم بتاريخ البرتغال، علماً أن هذه النسخة من المنتخب البرتغالي ليس الأفضل مقارنة مع الطبعات الكثيرة التي استحقت الاحترام بداية من الستينيات وانتهاءً بالألفية الثالثة، وتلك هي كرة القدم العلم غير الصحيح.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن