اقتصاد

الصناعة بعيون مسؤول سابق … خسائرها أكثر من ألف مليار ليرة سورية

| علي محمود سليمان

بلغ عدد المنشآت الصناعية المتضررة الخاصة التي تم إحصاؤها حتى الآن 1548 منشأة تقدر خسائرها بنحو 503 مليارات ليرة سورية، منذ بداية الأزمة، بالإضافة إلى 60 منشأة عامة قدرت خسائرها المباشرة وغير المباشرة بنحو 500 مليار ليرة سورية، أي مجموع خسائر الصناعة السورية يزيد على ألف مليار ليرة، على حين تتجاوز القيمة الاستبدالية للشركات العامة المدمرة مبلغ 2600 مليار ليرة حتى تاريخه.
هذه الأرقام هي مجمل ما تقدم به الاستشاري فؤاد اللحام «معاون وزير الصناعة سابقاً» خلال ندوة لجمعية العلوم الاقتصادية عقدت يوم أمس تحت عنوان «رؤية لإعادة تأهيل الصناعة السورية»، مضيفاً: إنه في ظل الوضع الراهن للصناعة السورية فإن المنشآت الصناعية السورية تتوزع إلى أربع فئات، هي الفئة الأولى متمثلة بالمنشآت الموجودة في المدن والمناطق الآمنة نسبياً والمستمرة بالعمل جزئياً وهي وإن لم يطلها الدمار والتخريب والتوقف الدائم، إلا أنها تأثرت بنتائج الحصار والمقاطعة وصعوبة نقل العمال والإنتاج وتأمين ونقل المواد الأولية المحلية والخارجية وتوفير مصادر الطاقة وارتفاع أسعارها، وهذه المنشآت قليلة العدد نسبياً مقارنة بالفئات الأخرى.
والفئة الثانية هي المنشآت التي بقي أصحابها في البلاد واستطاعوا نقل جزء أو كل منشآتهم بشكل نظامي أو غير نظامي إلى المدن والمناطق والأحياء الآمنة وإن اضطروا إلى تجزئتها وتوزيعها في أكثر من مكان، وتعاني هذه المنشآت من الصعوبات نفسها التي تعاني منها الفئة الأولى إضافة إلى صعوبات الترخيص وتوفير المحروقات، والفئة الثالثة تضم المنشآت التي تم تدميرها كلياً أو جزئياً أو يصعب الوصول إليها وإعادة تأهيلها حالياً بسبب وجودها في مناطق مشتعلة وغير آمنة، أو بسبب عدم توافر القدرة المالية لدى أصحابها لإعادة تأهيلها وتشغيلها أو نقلها. وأصحاب هذه المنشآت في وضع الانتظار لما ستتمخض عنه الظروف الحالية ولما ستتخذه الحكومة من إجراءات بخصوص تعويضهم ومعالجة أوضاعهم.
أما الفئة الرابعة فهي المنشآت التي نقلت منذ بداية الأزمة كلياً أو جزئياً إلى خارج سورية كمصر والأردن وتركيا وغيرها، وهناك قسم من أصحاب هذه المنشآت اضطر للانتقال بشكل مؤقت إلى تلك البلدان لتنفيذ التزاماته تجاه المستوردين ريثما تهدأ الأمور في سورية، والقسم الآخر خاصة من أسس معامل جديدة، يرى الاستمرار بالعمل في البلدين حتى بعد تحسن واستقرار الأوضاع في سورية، في حين اتخذ القسم الآخر الإجراءات اللازمة للبقاء في البلدان التي انتقل إليها.
ولفت اللحام إلى أنه للتعامل مع الظروف الراهنة مع استمرار الأزمة والتوقعات بعدم انتهائها في وقت قريب، قام عدد من الصناعيين السوريين بتأهيل وتشغيل عدد من المنشآت الصناعية وبشكل خاص المنشآت التي لم تكن أضرارها كبيرة وبالتالي لا تتطلب من أصحابها نفقات عالية لتأهيلها ويمكن عودتها للإنتاج بكلفة قليلة وفي وقت قصير نسبياً، كما تم تشميل وترخيص وتنفيذ مشاريع صناعية جديدة في عدد من المدن السورية الآمنة حيث تم تنفيذ 3046 منشأة صناعية خلال الفترة 2011- 2015 منها 1609 منشآت وفق القانون 21 و1382 منشأة حرفية و55 منشأة وفق قانون الاستثمار، كما تمت إعادة تشغيل 22 شركة من شركات القطاع العام الصناعي المتضررة جزئياً التي تراوحت أضرارها ما بين 45% إلى 60% سواء بمقراتها الأصلية أم في مقرات مؤقتة جديدة.
وتمكن بعض المنشآت الصناعية قيد التشغيل معاودة التصدير إلى بعض البلدان العربية وعدد من البلدان الأخرى مثل إيران وروسيا والمشاركة في عدد من المعارض المتنوعة والمتخصصة داخل وخارج سورية، حيث بلغت قيمة الصادرات الصناعية التي تم تصديقها من غرفة صناعة دمشق وريفها خلال عام 2015 نحو 95.7 مليار ليرة سورية أما بالنسبة لصادرات القطاع العام فقد استمرت خلال عام 2015 بالتراجع حيث بلغت نحو 10 ملايين دولار فقط مقابل 422 مليون دولار عام 2010.
وبيّن الاستشاري فؤاد اللحام أن عملية إعادة تأهيل الصناعة السورية تتطلب العمل بشكل متكامل ومتناسق على ثلاثة مستويات، المستوى الكلي من خلال وضع السياسات العامة الكلية والمستوى المتوسط من خلال المؤسسات الداعمة، والمستوى الجزئي من خلال المؤسسات والشركات، حيث يتطلب المستوى الكلي اتخاذ إجراءات عديدة من أهمها تحسين بيئة الاستثمار الصناعي وإصدار قانون تشجيع الاستثمار الجديد وتحديث القوانين الناظمة للنشاط الصناعي، وإعادة منح القروض بشروط ميسرة، وتطوير المنتجات المصرفية العامة والخاصة وتطبيق التأجير التمويلي، واعتماد سياسة حمائية للصناعة لفترة زمنية محدودة وبشروط محددة، واعتماد أسلوب المناطق الاقتصادية الخاصة والتجمعات العنقودية في عملية إعادة تأهيل المناطق الصناعية المتضررة، وأتمتة ما يمكن من العمليات المتعلقة بالنشاط الصناعي للحد من الفساد والبيروقراطية، وتطبيق مبدأ التشاركية بشفافية فيما يتعلق بإعادة تأهيل بعض منشآته المتضررة، وتحويل وزارة الصناعة إلى وزارة سياسات صناعية.. أما الإجراءات على المستوى المتوسط فتتطلب إحداث المؤسسات الداعمة الجديدة مثل مركز التحديث الصناعي وصندوق التحديث الصناعي، والمراكز الفنية الصناعية المختصة والمخابر المعتمدة دولياً، وتشجيع إقامة الشركات والمكاتب المختصة بالاستشارات الصناعية والتدريب وإشراكها في مناقشة وتنفيذ برامج التعاون الفني مع الجهات المانحة، ووضع البرامج التدريبية اللازمة لإعداد وتأهيل اليد العاملة الجديدة اللازمة بالاستفادة من النازحين والمهجرين، وإعداد المقترحات الخاصة ببرامج التعاون الفني مع المنظمات المختصة، وتفعيل دور غرف الصناعة والتجارة والاتحادات المختصة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن