وزير الخارجية الأميركي إلى موسكو غداً.. لافروف يتهم دي ميستورا بـ«التقاعس».. ويدعو أنقرة لحوار أكثر صراحة حول سورية
| الوطن- وكالات
أعربت روسيا عن قلقها «من تقاعس» المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا بشأن عقد جولة جديدة من محادثات جنيف، وأملت في أن يتميز الحوار مع أنقرة حول تسوية الأزمة السورية بصراحة أكثر، بفضل تطبيع العلاقات الروسية- التركية.
على خط مواز أعلنت الخارجية الأميركية أن الوزير جون كيري سيزور موسكو يومي الخميس والجمعة في محاولة للتوصل مع المسؤولين الروس إلى أرضية تفاهم مشتركة حول الأزمة في سورية، لكنها لم تؤكد معلومات أوردتها وسائل إعلام ومفادها أن واشنطن وموسكو يمكن أن تتفقا خلال زيارة كيري على تنسيق التدخل العسكري في سورية ضد تنظيمي جبهة النصرة وداعش المدرجين على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأذربيجاني إيلمار ماميدياروف في باكو أمس قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «إننا قلقون مما يبديه ستيفان دي ميستورا من التقاعس في الوفاء بالتزاماته المتعلقة بالدعوة إلى إجراء جولة جديدة من المفاوضات السورية، وما يطلقه من تصريحات عن ضرورة أن تتوصل روسيا والولايات المتحدة إلى كيفية إدارة الشؤون المتعلقة بالتسوية السياسية في سورية، إذ يلوح بأن الأمم المتحدة وأمانتها لن تجريا جولة جديدة من المشاورات السورية إلا بعد التوصل إلى مثل هذا الاتفاق»، واصفاً موقف المبعوث الأممي بأنه «غير صائب».
وأمس الأول رهن مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الإيطالية باولو جينتيلوني، حل الأزمة في سورية بـ«اتفاق محتمل» بين موسكو وواشنطن لإيجاد صيغة تجمع بين مكافحة الإرهاب وإنهاء التوتر السياسي»، مشترطاً توافر «ظروف مواتية لإجراء مفاوضات حقيقية» من أجل استئناف المحادثات في جنيف، بعدما رأت روما أن لا غنى عن موسكو لحل الأزمة، بينما جددت الأخيرة التأكيد أن مشاركتها في سورية لـ«تعزيز» أمنها القومي.
وشدد لافروف على أنه لا يحق لأحد باستثناء السوريين أنفسهم، تحديد مستقبل بلادهم، مضيفاً: «ولا يمكن للسوريين أن يحققوا ذلك إلا إثر تحديد مصير المفاوضات».
وأضاف: إن على اللاعبين الخارجيين، ولاسيما روسيا والولايات المتحدة بصفتهما الرئيسين المتناوبين لمجموعة دعم سورية، أن يؤثروا في عملية التفاوض السورية، ليحثوا الأطراف السورية على تبني مواقف بناءة والبحث عن حلول وسط.
في الأثناء أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي أن وزير الخارجية جون كيري سيزور موسكو يومي الخميس والجمعة، وقال: إن كيري سيبحث خلال زيارته الوضع في سورية وأوكرانيا إضافة إلى التوترات بين أرمينيا وأذربيجان.
ولم يؤكد المتحدث معلومات أوردتها وسائل إعلام ومفادها أن واشنطن وموسكو يمكن أن تتفقا خلال زيارة كيري على تنسيق التدخل العسكري في سورية ضد جهاديي جبهة النصرة وتنظيم داعش. واكتفى بالقول: «كما قلنا سابقاً فإننا ما زلنا ندرس الخيارات والبدائل والمقترحات فيما خص النصرة والدولة الإسلامية في سورية».
وأضاف: إن واشنطن مهتمة بالتباحث مع موسكو في «مستوى التدخل الذي يرغب الجيش الروسي بالقيام به لمكافحة هذين التنظيمين، وحصراً هذين التنظيمين».
وسربت مصادر أميركية قبل نحو أسبوع، أنباء عن إرسال إدارة الرئيس أوباما مسودة اتفاق لتعزيز التعاون العسكري بين الروس والأميركيين في سورية على أن يستهدف «النصرة». وأواسط الأسبوع الماضي تلقى أوباما اتصالاً هاتفياً من نظيره الروسي بوتين، حيث أكدا استعدادهما لزيادة تنسيق الأعمال العسكرية في سورية.
وذكر البيت الأبيض أن الزعيمين لم يتوصلا إلى اتفاق محدد، لكنه أشار إلى التزامهما بهزيمة تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة». وطالب أوباما، بحسب البيت الأبيض، روسيا بالضغط على «حكومة دمشق» لوقف الهجمات على المدنيين ولإحراز تقدم في الانتقال السياسي من أجل إنهاء الأزمة السورية. في المقابل أصدر الكرملين بياناً كشف أن بوتين حض أوباما على المساعدة في فصل المعارضة «المعتدلة» في سورية ليس فقط عن «جبهة النصرة» وإنما عن الجماعات «المتطرفة» الأخرى.
وأوضح لافروف في مؤتمره الصحفي أنه سيعمل خلال محادثاته المرتقبة مع كيري من أجل صياغة نهج مشترك يعتمد على المبادئ الواضحة الخالية من أي ازدواجية والمسجلة في قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن سورية. وأضاف: إن موسكو وواشنطن ستعملان مع دي ميستورا لحمله على المثابرة في أداء مهامه، مشدداً على أن الجهود الروسية- الأميركية المشتركة في هذا السياق لا يمكن أن تحل محل المفاوضات السورية- السورية.
وحذر من أن الأحاديث عن تبديل مفاوضات جنيف بالمشاورات الروسية-الأميركية تبعث بإشارات ضارة للغاية إلى المعارضة السورية، وتحديداً لـ«هيئة المفاوضات العليا للمفاوضات» المنبثقة عن مؤتمر الرياض للمعارضة، والتي تطرح دائماً إنذارات وهي تطالب برحيل بشار الأسد وتحديد «مواعيد قصوى ما» للعملية السياسية. وبشأن محادثاته المرتقبة مع كيري، قال لافروف إنه سيبحث مع نظيره قضية خروقات الهدنة في سورية من التنظيمات المنضوية تحت لواء «جبهة النصرة» على الرغم من ادعاءات تلك التنظيمات الالتزام بنظام الهدنة.
وأردف قائلاً: «إننا مصممون على ضمان تنفيذ نظام وقف الأعمال القتالية بمراعاة تامة للاتفاقات المسجلة في القرار الصادر من مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن، وتحديداً فيما يخص استثناء داعش والنصرة والتنظيمات الإرهابية الأخرى المدرجة بهذه الصفة ضمن قرارات مجلس الأمن، من نظام وقف إطلاق النار».
وأوضح أن القضية الرئيسية التي تعرقل تنفيذ الاتفاقات بهذا الشأن تكمن في أن النصرة «تتلون كالحرباء»، ولاسيما في ريف حلب، وتنشئ حولها تنظيمات أخرى تدعي بأنها غير تابعة لها وتجاهر باستعدادها للانضمام إلى نظام الهدنة، بموازاة تحالفها الميداني مع النصرة.
من جهة ثانية، اعتبر لافروف، أن من شأن تطبيع العلاقات بين موسكو وأنقرة التأثير بشكل إيجابي على الوضع العام في منطقة الشرق الأوسط. وقال: «إنني آمل في أن ذلك سيساعدنا في البحث عن مقاربات مشتركة لتجاوز الأزمة السورية بفعالية أكبر، على الرغم من أن مواقف روسيا وتركيا غير متطابقة على الإطلاق فيما يخص هذه الأزمة».
وتابع لافروف في معرض تعليقه على اجتماعه الأخير بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو في سوتشي في أواخر الشهر الماضي: أن الحوار خلال اللقاء حمل طابعاً صريحاً، وهو ما يبعث على الأمل في تقليص عدد «المواربات» لدى التعامل مع الشركاء الأتراك، مضيفاً: «إننا سنحاول العمل بصورة أكثر صراحة للتوصل إلى اتفاقات بشأن تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي والمجموعة الدولية لدعم سورية».
يذكر أن الجولة الأخيرة من محادثات جنيف توقفت في 27 نيسان الماضي من دون تحقيق أي نتائج تذكر واقتصرت على اللقاءات بين وفد الجمهورية العربية السورية والمبعوث الدولي إلى سورية بسبب سلبية وفد «معارضة الرياض» وارتباطه بأجندات خارجية جعلته يضيع الوقت في الفنادق بدل السعي للانخراط الجدي في المحادثات.