سورية

انتقادات حادة لسياسة المعايير المزدوجة التي تنتهجها أوروبا … زيارة وفد البرلمان الأوروبي إلى دمشق ترخي بظلالها على دول الاتحاد

| سامر ضاحي

يبدو أن زيارة وفد البرلمان الأوروبي إلى دمشق السبت الماضي أرخت بظلالها ليس فقط على الأزمة السورية بل على الاتحاد الأوروبي برمته، فدعوة الوفد للولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، واتهام الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية، البرتغالي خوسيه مانويل باروسو بالتسبب في «سياسة تقسيم الشرق الأوسط» التي امتدت إلى سورية، زادت الضغوط على الاتحاد الأوروبي بالتزامن مع ما سببه التحاق باروسو بمؤسسة «غولدمان ساكس» المتعددة الجنسيات، التي «تسببت باضطرابات في منطقة اليورو»، من هواجس للأوروبيين خوفاً على مستقبل اتحادهم ولا سيما مع نتائج الاستفتاء الأخير في بريطانيا.
وأكد نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي خافيير كوسو الذي ترأس وفد البرلمان الأوروبي الذي زار دمشق يوم السبت الماضي في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني لقناة «روسيا اليوم»، أنه «من غير المقبول أن تقرر الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي من الذي يجب أن يكون على رأس السلطة في هذا البلد أو ذاك»، مشدداً على وجوب «احترام حكومات الدول الأخرى»، وذلك في معرض حديثه عن التغيرات المحتملة في سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سورية.
ولم يخف كوسو، سياسة المعايير المزدوجة للاتحاد الأوروبي تجاه الدول، متحدثاً عن ضرورة تعديل سياسة الاتحاد، داعياً لاحترام ميثاق الأمم المتحدة، وقال: «هناك حاجة للتغيير، كما يجب التوقف عن التدخل بشؤون الآخرين وتقرير من هو الجيد أو السيئ ليكون في الحكم…. أستغرب معاملتهم البلدان بمعايير مزدوجة… فمعاملتهم للسعودية على سبيل المثال تختلف عن معاملتهم للبلدان الأخرى.. وكل ذلك لأن السعودية حليفتهم، كفى.. دعونا نحترم ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.. حينها فقط سنتقدم».
البرلماني الأوروبي بدا صريحاً عندما عرج على الحديث عن مشاركة الاتحاد الأوروبي في «سيناريوهات التقسيم في الشرق الأوسط»، حسب ما نقل عنه الموقع حيث قال: «يجب أن نستذكر الماضي، فالأوضاع الراهنة كان سببها سياسة تقسيم الشرق الأوسط التي تبناها كل من (الرئيس الأميركي السابق) جورج بوش و(رئيس وزراء إسبانيا الأسبق) خوسيه ماريا أزنار و(رئيس الحكومة البريطاني الأسبق) توني بلير وخوسيه مانويل باروسو، واستمر هذا التقسيم في ليبيا ثم في سورية».
واستقبل الرئيس بشار الأسد الوفد البرلماني الأوروبي الأحد الماضي وأكد له أن المشكلات التي تواجهها أوروبا اليوم من الإرهاب والتطرف وموجات اللجوء سببها تبني بعض قادة الغرب سياسات لا تخدم مصالح شعوبهم ومنها تقديم الدعم والغطاء السياسي للمجموعات الإرهابية في سورية، مشدداً على أهمية دور البرلمانيين الأوروبيين في تصويب السياسات الخاطئة لبعض حكوماتهم التي أدت إلى تفشي ظاهرة الإرهاب وتدهور الأوضاع المعيشية للسوريين، على حين شدد أعضاء الوفد على ضرورة الحفاظ على سيادة سورية وأن السوريين وحدهم من يقررون مستقبل بلدهم.
وبدا لافتاً أن الانتقادات التي وجهها كوسو إلى الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو تزامنت مع تزايد الضغوط الملقاة على كاهل المفوضية الأوروبية وخاصة الجدل الحاد الذي ساد الأوساط الأوروبية عقب التحاق باروسو بمؤسسة غولدمان ساكس، المتعددة الجنسيات، للعمل كمستشار فيها حسب ما أوردت وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء، حيث يتهم الأوروبيون المؤسسة التي تتخذ من مدينة نيويورك الأميركية مقراً لها، بالعمل على «تزييف» الوضعية الحقيقية للديون اليونانية، في عهد باروسو، ويحملونها المسؤولية الكاملة عما حدث لهذا البلد وعن الاضطراب الذي ساد منطقة اليورو، ولا سيما مع الاستفتاء البريطاني للخروج من الاتحاد الأوروبي، ما يعزز اتهامات كوسو لباروسو، الذي استغل قوانين المفوضية الأوروبية التي تنص على وجوب إخطارها من أي شخص تولى مسؤولية أوروبية ويود الالتحاق بالقطاع الخاص خلال فترة 18 شهراً من انتهاء ولايته، فانتظر حتى تجاوز هذه المهلة، للالتحاق بالمؤسسة الأميركية.
الخوف الأوروبي الأبرز هو من التعرض لخرق من ناحية «أمن المعلومات والسرية»، ووصل بهم الأمر إلى وصف تصرف باروسو بأنه «غير أخلاقي».
ويأتي هذا الجدل، ليعمق من أجواء الحذر السائدة حالياً في أوروبا، وخاصة أن مسألة خروج بريطانيا من التكتل الموحد تلقي بظلال ثقيلة على مستقبل التكتل الموحد، وخاصة أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان حمل المفوضية الأوروبية «القسم الأكبر من المسؤولية في أزمة الاتحاد الأوروبي التي سلطت مسألة خروج بريطانيا منه الضوء عليها».
ودعا أوروبان في حديث له الأحد الماضي «الدول لأن تتولى زمام الأمور»، معتبراً أن «السبب الرئيسي لأزمة الاتحاد الأوروبي هي انتهاك حدوده وحدود العجز في الموازنة بانتظام من الحكومات بموافقة صامتة من المفوضية الأوروبية التي كان يفترض أن تمنع ذلك».
ويبدو أن إيطاليا استبقت دعوة أوروبان بتبني سياسة شبه منفردة عندما دعا برلمانها إلى عدم التقيد بالعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي بحق روسيا من جهة كما تبادلت زيارة أمنية مع دمشق «تمهيداً لعودة العلاقات الدبلوماسية» الأمر الذي يرجح أن يمتد إلى دول أوروبية أخرى.
وقال أوروبان: إن «أبرز عاملين أوروبيين مهددين هما العملة المشتركة والسوق الواحدة التي تحميها شنغن»، ورأى أنه «ساهم شخصياً في إنقاذ النموذج الأوروبي ونمط عيش السكان بإغلاق حدود المجر أمام اللاجئين»، ودعا «إلى تعديل توازن القوى في الاتحاد لمصلحة الدول الوطنية».
وانتقد أوروبان «رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر خصوصاً بأقتراحه توزيع المهاجرين الوافدين إلى أوروبا على الدول الأعضاء وفقاً لنظام حصص».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن