مغادراً بعبارة «كنت أنا المستقبل في يوم من الأيام» … كاميرون يودع رئاسة الوزراء ويدعو خليفته إلى الحفاظ على علاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي
دعا رئيس الوزراء البريطاني المستقيل ديفيد كاميرون خليفته تيريزا ماي أمس الأربعاء إلى الحفاظ على علاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي أثناء التفاوض على الانسحاب من الاتحاد، وذلك أثناء وداعه زملاءه من النواب قبل ساعات من تركه منصبه. وفي آخر جلسة «أسئلة وأجوبة» له في البرلمان، قال كاميرون إنه «سيفتقد ضجيج النواب، وانتقادات المعارضة» التي رافقته أثناء أدائه عمله خلال السنوات الست الماضية، إلا أنه أشار إلى أن رياح السياسة متقلبة ودفعته إلى الخروج من منصبه فجأة بعدما مثل «المستقبل في أحد الأيام».
واستقال كاميرون، زعيم حزب المحافظين، بعد أن جاءت نتائج الاستفتاء بخروج بلاده من الاتحاد الأوروبي، مخالفة لرغباته.
وقدم كاميرون النصيحة لخلفه ماي التي عملت وزيرة للداخلية في حكومته، وقال للوزيرة السابقة التي كانت تجلس إلى جانبه «نصيحتي إلى خليفتي، التي هي مفاوضة لامعة، أن علينا أن نحاول البقاء قريبين قدر الإمكان من الاتحاد الأوروبي لمصلحة التجارة والتعاون والأمن». وفي وقت لاحق أمس قدم كاميرون استقالته للملكة اليزابيث الثانية في قصر بكنغهام، وبعد ذلك كلفت الملكة تيريزا ماي بتشكيل الحكومة. وبذلك أصبحت ماي ثاني امرأة تتولى رئاسة الوزراء في بريطانيا بعد «المرأة الحديدية» مارغريت تاتشر من حزب المحافظين.
وتواجه ماي، ابنة القس، المعروفة بصلابتها، مهمة شاقة تتمثل في التفاوض على الانسحاب بسلاسة من الاتحاد الأوروبي بعد التصويت الصادم بالخروج من الاتحاد في 23 حزيران.
وقال زعماء الاتحاد الأوروبي إنهم يتوقعون من ماي التحرك بسرعة، وأعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي أنهم سيعقدون قمة في آب لبحث نتائج الاستفتاء البريطاني. إلا أن ماي أكدت أنها لن تستعجل في إطلاق العملية الرسمية للخروج من الاتحاد. وسيراقب المستثمرون الأيام الأولى من تولي ماي منصبها ولكن بتفاؤل أكبر بعد تحسن سعر الجنيه الاسترليني الذي خسر ما يصل إلى 15% من قيمته مقابل الدولار في الأيام التي تلت التصويت على البريكست.
وتعهدت ماي في حملتها لتولي رئاسة الوزراء بأن تكون اليد الأمينة التي ستساعد على تجاوز حزب المحافظين لانقساماته، واستعادة ثقة المستثمرين في مواجهة احتمالات تباطؤ الاقتصاد.
أما مهمتها الكبيرة الأخرى فتمثل في منع اسكتلندا المؤيدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي، من السعي للاستقلال عن البلاد من أجل البقاء في الاتحاد، إضافة إلى عقد تحالفات تجارية ودبلوماسية جديدة خارج نطاق الاتحاد الأوروبي. ورغم أن جلسة البرلمان اتسمت بالودية، إلا أن كاميرون وجه انتقادات إلى زعيم حزب العمال جيريمي كوربن الذي يواجه معركة مريرة على زعامة الحزب.
وأعلن اوين سميث أمس ترشحه للمنافسة على زعامة حزب العمال خلفا لكوربن الذي يواجه ضغوطاً شديدة للاستقالة بسبب حملته التي اعتبرت فاترة لدعم بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. وقال كاميرون: «لقد قمنا بالعملية بسلاسة: قدمنا الاستقالة، وقمنا بالترشيح، وجرت المنافسة وبعد ذلك التسلم – وهم لم يقرروا حتى الآن ما القوانين». ورد عليه كوربن بالقول وهو يبتسم «الديمقراطية أمر مشوق ورائع وأنا أستمتع بكل لحظة». واختتم كاميرون الجلسة بعبارة مؤثرة استخدمها قبل عشرة أعوام ضد رئيس الوزراء العمالي السابق توني بلير، وقال: «كما قلت مرة، لقد كنت أنا المستقبل في يوم من الأيام»، مغادراً المنصة وسط تصفيق حاد من نواب حزب المحافظين.
وكشف الاستفتاء عن مستويات كبيرة من انعدام المساواة في المجتمع البريطاني يتعين على ماي مواجهتها.
وصرحت ماي، التي دعمت البقاء في الاتحاد الأوروبي ولكن من دون حماسة كبيرة، أن «قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي اتخذ» متعهدة أن تقوم بذلك بنجاح.
وحصلت ماي خلال توليها وزارة الداخلية على مدى السنوات الست السابقة على تأييد كبير من زملائها في الحزب ومن الصحف البريطانية التي عادة ما تكون متشككة. وهي ابنة قس وتحب رياضة الكريكت، وتقول إن من هواياتها الطبخ والمشي.
وقال مارتن تريتبي محرر صحيفة «ميدنهيد ادفرتايزر» المحلية إن ماي «سياسية ناضجة وجدية. وهي تعرف ما تفعل».
أ ف ب