ثقافة وفن

أكسبتني مدينة «الأهواز» الإيرانية ثقافة عربية أصيلة … صانع فيلم «زيتونة سعد» أحمد زائري لـ«الوطن»: رغم صعوبة سينما الأطفال إلا أنني معني بكتابتها

| سوسن صيداوي

الفن لا يعرف موطنا وهو من الأمور التي برع فيها الإنسان وهو قادر من خلالها أن يعبر كل الحدود ويقطع كل المسافات وأن يستوطن البلاد ويحتل القلوب ليكون بحد ذاته عالماً كبيراً أو موطنا في الوقت ذاته، وهذا ما هي قادرة عليه الفنون سواء أكانت موسيقا وحتى سينما وأيضاً الرسوم وغيرها من الفنون التي تجد بانتشارها من يحبها، ولو أنها اصطدمت بمن لم يستسغها أو يجد نفسه ميالا لها إلا أنها تجد مكانا بالوصول إليه في فكره وحتى بعدم تقبله لها، وهذا حال المخرج الإيراني أحمد زائري الذي قرّب المسافات بين إيران وسورية، وتمكن من مزج الثقافات كي يقدم فيلم «زيتونة سعد» ببصمة إيرانية سورية.
صحيفة «الوطن» كان لها اللقاء التالي مع المخرج أحمد زائري كي يخبرنا عن نفسه ويحدثنا عن فيلمه المنتظر «زيتونة سعد»..

ما الذي ألهمك كي تتجه للإخراج السينمائي؟
في فترة الطفولة كنت من عشاق التمثيل، وكنت آخذ بعض شخصيات الأفلام التي أشاهدها وأعيشها من خلال تمثيلها، ولم يكن أحد يدعمني على الإطلاق أو على الأقل يرشدني كي أطور موهبتي هذه، وبعد دخولي الابتدائية بالصف الثاني والثالث، قمت بتشكيل فرقة مسرحية وصرت أُعد الأعضاء وأعلمهم التمثيل، وصرنا نقدم العروض بالمدرسة وفي بعض المدارس المجاورة عند مصادفة الاحتفالات، وبعد سنتين أي بعد إتمام الابتدائية أحسست بأنني لا أستطيع أن أكمل في المسرح أو في التمثيل لأن في داخلي أشياء يصعب على المسرح إخراجها وبالتالي صرت أبحث عن السينما والإخراج.

حدّثنا عن هواياتك واهتماماتك؟
في المدينة التي كنت أعيش فيها وهي مدينة «الأهواز» كان يوجد معهد واحد يدّرس الإخراج السينمائي وكنت أتردد عليه، وقبل التسجيل فيه كان المدير يطردني دائماً في حين كان يسمح لطلابه فقط دخول الصفوف، وفي وقتها كنت أتنكر وأدخل الصف بمساعدة الطلاب، حتى أتممت الثانوية العامة فذهبت للتسجيل في المعهد، ومن سوء حظي في اليوم نفسه أزالوا مادة الإخراج السينمائي من المعهد وغيروها للإخراج المسرحي، لم أكن أتخيل نفسي قادرا على الدراسة في فرع آخر أبداً، سجلت في المعهد وأكملت دراستي المسرحية، وبالنسبة إلى اهتماماتي بالسينما بدأت منذ الطفولة حيث كنت من عشاق صالات السينما رغم أن أحدا لم يصطحبني إليها، ولكنني كنت أذهب مع جدتي إلى السوق وفي طريقي كنت أقف خلف باب السينما وأستمع لصوت الفيلم المعروض، وبعد عودتنا من السوق كنت أروي لأطفال الحي قصة الفيلم الذي سمعت صوته من خلف الباب لدقيقتين فقط، بعدها حصلت على فيلم بشريط فيديو «vhc» وفي وقتها لم يكن لدينا جهاز عرض، وبعد ذلك أصبحت مدمناً على مشاهدة الأفلام، وفي المعهد المسرحي كنت أقوم بكتابة نص قصير يوميا وأصوره فيلما قصيرا بمساعدة الطلاب، فحولت المعهد المسرحي إلى تجارب سينمائية، الشيء الذي أثار غضب المدير وتم طردي من المعهد لعدة أيام.

كيف عكست البيئة المحيطة بك والتي تربيت بها على شخصيتك وفنك؟
أنا ترعرت في مدينة «الأهواز» جنوب إيران، وكنت اكتسبت منها ثقافة عربية أصيلة، هذه المدينة كانت أهدت أكبر المخرجين للسينما الإيرانية، أنا ولدت بأواخر الحرب الإيرانية العراقية وكانت البلد بحال اقتصادية سيئة وكان آخر من يهتم به الجميع وخصوصاً الأهل هو الفن والسينما ولكن وجود كبار المخرجين من هذه المدينة مع وجود كل المصاعب، هو الأمر الذي دفعني أكثر باتجاه هذا الحلم الجميل وعزز عندي عزيمة تحقيقه.

من شجعك على الإخراج؟
لم يشجعني أحد إطلاقاً، وأتذكر عندما أخرجت أول فيلم قصير كانت مدته 100 ثانية، وكان احتفاءً بأهم مئة فيلم في تاريخ السينما، علما أنني صرت محل سخرية لمن حولي وحتى لأفراد أسرتي وصحيح أن هذه السخرية كانت تزعجني لكنها سرعان ما أعطتني قوة أكثر لإثبات ما في داخلي.

إياهما أحب على قلبك الإخراج أم التأليف؟
محبتي للاثنين واحدة وفي مرتبة واحدة، فالتأليف والإخراج مكملان لبعضهما البعض وخاصة للمخرجين المؤلفين، ومن الصعب أن أقوم بإخراج عمل لمؤلف آخر، ولكنه أمر ممكن بالطبع، إذا كنت أؤمن بفكرته وهدفه.

في فيلم «زيتونة سعد» كان الأمر أكثر حرية كونك المؤلف والمخرج؟
نعم.. في فيلم «زيتونة سعد» كنت حراً تماما، صحيح أنا المؤلف وحددت كل شي فيه بأدق التفاصيل، ولكنني أعطيت مجالا من الحرية للممثلين، وذلك بشهادتهم، ومن خلال التغيير ببعض التفاصيل لأنهم بحاجة كي يعيشوا الدور أكثر مني، وأنا كمؤلف مهما عملت وقرأت لا يمكنني مثلا أن أدرك شخصية الأم بحذافيرها، لهذا تركت ذلك لمن أدى دور الأم.

لماذا اخترت النجم الصغير عبد الرحيم الحلبي؟
في أحد عروض أفلام الشباب المدعومة من المؤسسة العامة للسينما في دار الأوبرا، حضرت فيلما قصيرا كان عبد الرحيم الحلبي شخصية رئيسية فيه، واكتشفت أن لهذا الطفل موهبة بالتمثيل أكثر مما كنت أبحث عنه في طفل موهوب بالتمثيل، كما أن أكثر شيء شدني إلى اختياره هو شخصيته القوية وحضوره أمام الكاميرا.
هل يتمتع هذا الطفل بالحس التمثيلي العالي كما في الغناء؟
بالتأكيد.. وستشهدون موهبة رائعة بمجال التمثيل لفئة الأطفال بعد عرض الفيلم، وبرأيي لهذا الطفل مستقبل زاهر في التمثيل.

لماذا تم اختيار سورية لتنفيذ هذا العمل؟
كان بإمكاني تصوير هذا الفيلم خارج سورية بكل بساطة، ولأنني كنت أبحث عمن يدعم هذا العمل «ماديا» فكان الشرط ألا يتم تصويره في سورية بسبب الأحداث، فرفضت الدعم بسبب الشرط، وكنت قد اتخذت القرار بتصوير العمل في سورية كي يكون كل شيء فيه حقيقياً وواقعياً، وحتى أستطيع أن أقدمه هدية لسورية متحديا كل مظاهر الوجع والخراب، فأنا أشكر سورية لأنها فتحت المجال لي كي أحقق ذلك.

تحدث لنا عن رؤيتك لأداء الفنانة رنا شميس؟
فيلم «زيتونة سعد» أول تجربة سينمائية لي في سورية وأول مرة أتعامل بها مع فنانين سوريين، حيث كان من أروع التجارب وأرقاها، والفنانة رنا شميس لن أتحدث عن أدائها لاحترافيتها وإتقانها للأدوار فهي لا تمثل الدور بل تعيشه تماما، حديثي عن تعاملها الاحترافي وإنسانيتها ومحبتها للعمل والفريق، فأنا سعيد جداً بهذا الحضور وأقدم لها كل الشكر والامتنان.

متى سيكون العمل جاهزا… وخاصة أنتم الآن تسيرون في عمليات المونتاج؟
العمل حالياً بمرحلة المونتاج وبعده سيتم تركيب الأصوات في «طهران» وبعد شهر سوف يكون جاهزا للعرض، وأتمنى أول عرض للفيلم يكون في دمشق كما وعدت سورية به.

أعمالك للوقت الحالي كلها للأطفال؟
نعم… كل أعمالي هي للأطفال، ومنها ما هو موجه للأطفال وللأطفال والكبار معاً، وهذا الشيء خارج عن إرادتي فكل قصة أكتبها أرى بأنها معنية بالأطفال وعلى الرغم من صعوبة سينما الأطفال إلا أنني لم أستطع قطعاً كتابة عمل غير ذلك، ولم أجد السبب المقنع حتى الآن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن