اعتبر أن السياسة الروسية لا تستند إلى عقد الصفقات بل إلى القيم.. الرئيس الأسد لمحطة «إن بي سي نيوز» الأميركية: بوتين لم يتحدث معي عن عملية انتقال وسورية لا تراهن على أي رئيس أميركي يأتي أو يذهب
| وكالات
أكد الرئيس بشار الأسد أن روسيا لم تتحدث معه «أبداً» عن عملية الانتقال السياسي وتركه للسلطة، مشدداً على أن الشعب السوري وحده يحدد من يكون الرئيس؟ ومتى يصبح رئيساً؟ ومتى يرحل؟
وفي مقابلة مع محطة «إن بي سي نيوز» الأميركية تم بثها الخميس ونشرت نصها الكامل وكالة «سانا» للأنباء، أكد الرئيس الأسد أنه «ليس قلقاً» حيال اجتماع وزير الخارجية الأميركية جون كيري بالرئيس بوتين (في موسكو الخميس) واحتمال أن يتوصلا إلى «تفاهم» يغادر بموجبه السلطة. وقال: إن «السياسة الروسية لا تستند إلى عقد الصفقات بل إلى القيم»، على حين السياسة الأميركية «تقوم على عقد الصفقات بصرف النظر عن القيم».
ورأى الرئيس الأسد أن مشكلة المسؤولين الأميركيين هي أنهم يقولون شيئاً ويخفون نياتهم خلف الأقنعة ويتحركون في اتجاه مختلف، لافتاً إلى أن الأمر المؤكد هو أنه ليست لديهم نيات جيدة حيال سورية.
وأوضح الرئيس الأسد أن الولايات المتحدة تريد إدارة المجموعات الإرهابية من أجل إسقاط الحكومة في سورية، لافتاً إلى أن تنظيم داعش الإرهابي أنشئ في العراق عام 2006 إبان وجود الأميركيين في هذا البلد.
واعتبر الرئيس الأسد أن حسم الحرب المستمرة في سورية منذ أكثر من خمس سنوات على الإرهاب لمصلحة سورية «لن يستغرق أكثر من بضعة أشهر»، إذا توقف «داعمو الإرهابيين عن دعمهم»، موضحاً أن «الدعم الروسي للجيش العربي السوري رجّح كفة الحرب على الإرهابيين».
سيادة الرئيس.. شكراً لاستقبالكم لنا والسماح لشبكة «إن بي سي» الإخبارية بطرح بعض الأسئلة المهمة عليكم.
الرئيس الأسد: أهلاً وسهلاً بكم في دمشق.
السؤال الأول: قبل بضعة أسابيع.. قلتم في خطاب أمام أعضاء مجلس الشعب هنا إنكم ستستعيدون كل شبر من أرض سورية.. وزارة الخارجية الأميركية وصفت ذلك بأنه «وهم».. أنتم بعيدون عن كسب هذه الحرب.. أليس كذلك؟ ناهيك عن استعادة كل شبر من سورية؟
الرئيس الأسد: في الواقع.. لقد حقق الجيش السوري تقدماً كبيراً مؤخراً.. وهذا هدف أي جيش أو أي حكومة.. لا أعتقد أن للبيان الصادر عن الخارجية الأميركية أي صلة بالموضوع، وهو لا يعكس أي احترام للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة. إنه لا يحترم سيادة بلد من حقه بسط سيطرته على كامل أراضيه.
السؤال الثاني: لكن كم من الوقت سيستغرقكم الأمر لكسب هذه الحرب؟
الرئيس الأسد: أنت تتحدث عن أمر مرتبط بعدة عوامل. العامل الأهم هو إلى متى سيستمر داعمو أولئك الإرهابيين بدعمهم.. خصوصاً تركيا وقطر والسعودية.. بمصادقة من بعض الدول الغربية.. بما في ذلك الولايات المتحدة؟ إذا توقف ذلك الدعم.. فإن الأمر لن يستغرق أكثر من بضعة أشهر.
السؤال الثالث: إذاً ليس أكثر من بضعة أشهر.. لقد زرت سورية عشر مرات.. وقد سمعت مسؤوليكم يقولون إن الأمر سيستغرق شهراً لاستعادة حمص.. وسيستغرق ستة أشهر لاستعادة مكان آخر. إن الأمر يستغرق دائماً مدة أطول.. إذاً.. واقعياً سيستغرق ذلك سنوات، أليس كذلك؟
الرئيس الأسد: لهذا قلت إن ذلك يعتمد على مدى الدعم الذي سيتلقاه الإرهابيون، وعلى حجم التجنيد الذي تقوم به تركيا بأموال سعودية.. لإدخال مزيد من الإرهابيين إلى سورية.. إن هدفهم هو إطالة أمد الحرب.. وبالتالي فإنهم يستطيعون إطالتها إذا أرادوا.. وقد نجحوا في فعل ذلك.. إذاً.. ذلك يعتمد على السؤال.
إذا كنت تتحدث عن الوقت الذي سيستغرقه ذلك بصفته صراعاً سورياً صرفاً.. صراعاً منعزلاً.. فإن الأمر لن يستغرق أكثر من بضعة أشهر.. لكنه إن لم يكن صراعاً منعزلاً كما هو الحال اليوم مع تدخل العديد من القوى الإقليمية والدولية فإنه سيستغرق وقتاً طويلاً.. ولا أحد يمتلك جواباً عن السؤال الذي طرحته.. لا أحد يعرف كيف ستتطور هذه الحرب.
الدعم الروسي للجيش السوري رجح كفة الحرب على الإرهابيين
السؤال الرابع: قبل عام من الآن.. كانت الحرب تسير على نحو مختلف تماماً.. ألقيتم خطاباً قلتم فيه إنكم تعانون نقصاً في عدد المقاتلين.. وإنه كان عليكم التخلي على مضض عن بعض المناطق.. ما الذي تغير بعد ذلك؟ هل كان السبب دخول روسيا الحرب… هذا هو السبب الحقيقي للتحول الذي طرأ على هذه الحرب الآن؟ أليس كذلك، إن روسيا إلى جانبكم؟
الرئيس الأسد: من المؤكد أن الدعم الروسي للجيش السوري رجح كفة الحرب على الإرهابيين.
السؤال الخامس: إنه العامل الحاسم؟
الرئيس الأسد: إنه كذلك بالتأكيد.. في الوقت نفسه ومنذ أن بدأ التدخل الروسي المشروع في سورية أرسلت تركيا والسعودية المزيد من المقاتلين.. لكن رغم ذلك فقد كان العامل الحاسم كما قلت.
السؤال السادس: إذاً.. أنت مدين بالكثير للرئيس بوتين؟
الرئيس الأسد: نحن مدينون لكل من وقف بجانبنا.. الروس.. والإيرانيون.. وحتى الصينيون وقفوا إلى جانبنا.. لكن كل بطريقته.. سواء سياسياً.. أم عسكرياً أم اقتصادياً.. لأن الأمر لا يقتصر على عامل واحد.. لا تستطيع أن تتحدث فقط عن قوة النيران أو عن الموارد البشرية.. إنها قضية ذات عوامل متعددة.. كل تلك الدول دعمت سورية.. إضافة إلى دول أخرى قدمت الدعم بدرجة أقل.
السؤال السابع: هل طلب منكم الرئيس بوتين أي شيء؟ ما الصفقة؟
الرئيس الأسد: عندما أراد أن يتدخل… لم يطلب شيئاً.
تدخل بوتين يستند إلى القيم وإلى مصلحة الشعب الروسي
السؤال الثامن: لا شيء؟
الرئيس الأسد: لسبب بسيط.. أولاً لأن سياستهم قائمة على القيم.. وهذا أمر بالغ الأهمية.
الأمر الثاني هو أن مصالحهم مشتركة مع مصالحنا الآن.. لأنهم يحاربون الإرهابيين أنفسهم الذين يجب عليهم محاربتهم في روسيا.. إننا نحارب الإرهابيين الذين يمكن أن يحاربوا في أوروبا والولايات المتحدة وفي أي مكان آخر من العالم. لكن الفرق بين الرئيس بوتين والمسؤولين الغربيين هو أنه تمكن من رؤية ذلك بوضوح على حين إن المسؤولين الآخرين في أوروبا أو في الغرب بشكل عام لم يتمكنوا من رؤية ذلك.. ولهذا السبب فإن تدخله يستند إلى القيم ويستند في الوقت نفسه إلى مصلحة الشعب الروسي.
السؤال التاسع: هل تتحدث كثيراً معه؟
الرئيس الأسد: عندما يكون هناك شيء يتطلب الحديث عنه.. فإننا نتحدث بالطبع.. أو نتواصل من خلال المسؤولين.
السؤال العاشر: على سبيل المثال.. كم مرة تحدثت إليه هذه السنة؟
الرئيس الأسد: لا أقوم بعدّها.. لكننا تحدثنا عدة مرات.
السؤال الحادي عشر: وكيف تصفون علاقتكم معه؟
الرئيس الأسد: صريحة جداً.. نزيهة جداً.. وقائمة على الاحترام المتبادل.
السؤال الثاني عشر: لكنه لم يطلب منكم شيئاً.. هل هذا هو الحال؟
الرئيس الأسد: لا شيء على الإطلاق.
السؤال الثالث عشر: أقول هذا لأن ثمة شكوكاً في أن روسيا ربما تعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة.. ووزير الخارجية كيري سيلتقي فلاديمير بوتين يوم الخميس في موسكو.. ثمة شكوك في أنهم سيتوصلون إلى صفقة ما قد تشكل أخباراً سيئة لكم؟
الرئيس الأسد: أولاً، فيما يتعلق بهذا الجزء.. لو أراد طلب شيء فإنه سيطلب محاربة الإرهابيين لأن في هذا تكمن مصلحته كرئيس ومصلحة بلاده روسيا.
ثانياً، فيما يتعلق بتلك المزاعم التي تظهر بين حين وآخر.. بأن الروس اجتمعوا مع الأميركيين وأنهم ناقشوا شيئاً يتعلق بالقضية السورية لإعطاء الانطباع بأنهم يقررون ما سيحدث في سورية. لقد قال المسؤولون الروس عدة مرات وبوضوح إن القضية السورية تتعلق بالشعب السوري. وبالأمس قال الوزير لافروف ذلك بوضوح.. قال: لا نستطيع أن نجلس مع الأميركيين لتحديد ما يريد السوريون فعله.. هذه قضية سورية ووحده الشعب السوري يستطيع أن يحدد مستقبل بلاده وكيفية حل مشكلته. إن دور روسيا والولايات المتحدة هو توفير المناخ الدولي لحماية السوريين من أي تدخل. المشكلة في هذا الصدد هي أن الروس صادقون على حين لم يقدم الأميركيون شيئاً في هذا المجال.
لكن هذا لا يعني اتخاذ القرار حيال ما ينبغي علينا فعله كسوريين.
السؤال الرابع عشر: إذاً.. كي نكون واضحين.. لا وزير الخارجية لافروف ولا الرئيس بوتين تحدث إليكم أبداً عن عملية الانتقال السياسي.. عن حلول يوم تتركون فيه السلطة.. لم يحدث ذلك إطلاقاً؟
الرئيس الأسد: لم يحدث أبداً.. والسبب كما قلت هو أن هذا يتعلق بالشعب السوري.. وحده الشعب السوري يحدد من يكون الرئيس.. ومتى يصبح رئيساً؟ ومتى يرحل؟ إنهم لم يقولوا كلمة واحدة فيما يتعلق بهذا الأمر.
السياسات الأميركية تقوم على عقد الصفقات بصرف النظر عن القيم
السؤال الخامس عشر: وأنتم لستم قلقين إطلاقاً حيال اجتماع الوزير كيري بـفلاديمير بوتين والتوصل معه إلى تفاهم تغادرون بموجبه السلطة؟
الرئيس الأسد: لا. ولسبب وحيد هو أن سياستهم، أعني السياسة الروسية، لا تستند إلى عقد الصفقات بل إلى القيم. ولذلك لا ترى أي إنجاز بينهم وبين الأميركيين بسبب اختلاف المبادئ.. السياسات الأميركية تقوم على عقد الصفقات بصرف النظر عن القيم على حين ليس هذا هو الحال لدى الروس.
السؤال السادس عشر: لكن بالطبع ليست روسيا وحدها هي التي تقصف أعداءكم، فالولايات المتحدة تفعل ذلك أيضاً، هل ترحبون بالضربات الجوية الأميركية لـ«داعش»؟
الرئيس الأسد: لا.. لأنها ليست شرعية.. أولاً وقبل كل شيء.. إنها ليست شرعية.
السؤال السابع عشر: وليس من الشرعي أن تقوم روسيا بذلك، أليس كذلك؟
الرئيس الأسد: لا. لقد تمت دعوة الروس قانونياً ورسمياً من الحكومة السورية.. من حق أي حكومة أن تدعو أي دولة لمساعدتها في أي قضية.. وهكذا فإن وجودهم شرعي في سورية.. على حين إن وجود الأميركيين ووجود جميع حلفائهم ليس شرعياً. هذا أولاً، ثانياً، منذ التدخل الروسي.. والإرهاب يتراجع.. على حين قبل ذلك وطوال التدخل الأميركي وتدخل حلفائهم غير الشرعي كان «داعش» يتمدد والإرهاب يتوسع ويستولي على مناطق جديدة في سورية.. إنهم ليسوا جادين.
وبالتالي لا يمكنني أن أقول إني أرحب بعدم جديتهم وبوجودهم غير الشرعي في سورية.
منذ بداية الضربات الجوية الأميركية والإرهاب يتوسع
السؤال الثامن عشر: آلاف من المهام، ومئات الضربات الجوية، والولايات المتحدة غير جادة في سورية؟
الرئيس الأسد: المسألة ليست بعدد الضربات الجوية. السؤال هو: ما الإنجاز الذي تحقق؟ الواقع يظهر ذلك، والواقع يقول إنه ومنذ بداية الضربات الجوية الأميركية والإرهاب يتوسع ويسود وليس العكس. تقلص الإرهاب فقط عندما تدخل الروس هذا هو الواقع. ينبغي أن نتحدث عن الوقائع وليس فقط عن الإجراءات الشكلية التي يتخذونها.
السؤال التاسع عشر: إذاً.. الضربات الجوية الأميركية غير فعالة وتحدث أثراً عكسياً؟
الرئيس الأسد: نعم. إنها تحدث أثراً عكسياً بشكل ما.. عندما ينمو الإرهاب فإن هذا يعني أنها تحدث أثراً عكسياً.. هذا صحيح.
السؤال العشرون: خطأ من ذاك؟ هل هو خطأ عسكري أم إن الرئيس أوباما ببساطة لم يكن شديداً بما يكفي؟
الرئيس الأسد: لا. أولاً الأمر لا يتعلق بالقسوة أو الشدة، بل بالصدق. إنه يتعلق بالنيات الحقيقية.. بالجدية.. بامتلاك الإرادة.. إن الولايات المتحدة لا تمتلك إرادة إلحاق الهزيمة بالإرهابيين بل إرادة السيطرة عليهم واستخدامهم كورقة كما فعلوا في أفغانستان.. وانعكست تلك الإرادة على الجانب العسكري من القضية.. إذا أردت المقارنة تجد أكثر من مئة وعشرين أو مئة وثلاثين غارة جوية روسية في بضع مناطق في سورية مقارنة بعشر غارات أو اثنتي عشرة غارة يشنها الأميركيون وحلفاؤهم في سورية والعراق. ومن الناحية العسكرية هذا العدد لا يشكل شيئاً وهذا الانعدام للفعالية العسكرية يشكل انعكاساً للإرادة السياسية.
المسؤولون الأميركيون يقولون شيئاً ويتحركون في اتجاه مختلف
السؤال الحادي والعشرون: لقد كانت هناك إرادة سياسية.. على حد تعبيركم.. لإزاحتكم من السلطة.. كانت تلك إرادة واشنطن.. يبدو أن هذا قد تغير. هل لديكم أي فكرة عن سبب تغيير الولايات المتحدة رأيها فيما يبدو حيال مستقبلكم؟
الرئيس الأسد: لا. لأن مشكلة المسؤولين الأميركيين هي أنهم يقولون شيئاً ويخفون نياتهم خلف الأقنعة ويتحركون في اتجاه مختلف.. يقولون شيئاً ويقولون عكسه.. يقولون شيئاً.. ويفعلون شيئاً مختلفاً.. وبالتالي.. لا يمكنك معرفة نياتهم الحقيقية.. ما أنا متأكد منه هو أنه ليست لديهم نيات جيدة حيال سورية.. قد يقومون بتكتيكات أو مناورات لكنهم لم يغيروا نياتهم على ما أعتقد.
حربي التي أخوضها هي لحماية سورية ولا أكترث إلا لما يريده السوريون
السؤال الثاني والعشرون: الرئيس أوباما أرادك أن ترحل.. هو سيغادر منصبه قريباً.. على حين أنت باق.. هل انتصرت؟
الرئيس الأسد: لا.. المسألة ليست بيني وبينه.. إنها بيني وبين كل من يريد أن يدمر هذا البلد وخصوصاً الإرهابيين في سورية الآن. هنا نستطيع أن ننتصر كسوريين إذا تمكنا من التخلص من الإرهابيين.. إذا تمكنا من استعادة الاستقرار في سورية.. عندها ننتصر.. خلاف ذلك لا نستطيع التحدث عن الانتصار.
صحيح أنهم لم ينجحوا لكن إذا لم ينجحوا في خططهم وإذا كان مآل خططهم الفشل.. فإن هذا لا يعني انتصارنا في الحرب.. وبالتالي ينبغي أن أكون واقعياً ودقيقاً في اختيار التعابير في ذلك الصدد.
السؤال الثالث والعشرون: لقد كان أحد الأهداف الرئيسية في السياسة الخارجية للرئيس إزاحتكم من السلطة.. وقد أخفق في ذلك بشكل واضح. أو هل تعتقدون أنه فشل؟
الرئيس الأسد: نعم. قلت إنه أخفق.. لكن ذلك لا يعني انتصاراً لي.. بالنسبة له الحرب هي لإزاحتي.. بالنسبة لي.. الحرب ليست من أجل بقائي في منصبي بل من أجل استعادة سورية وبالتالي فأنت تتحدث عن حربين مختلفتين.. بالنسبة لي أنا لا أخوض حربي الخاصة.. لا أخوض حرباً لبقاء الرئيس.. إن حربي التي أخوضها هي لحماية سورية.. لا يهمني إذا بقيت أو لا، إذا لم يكن السوريون يريدون مني أن أكون في منصبي.. بالنسبة لي.. لا أكترث لما يريده الرؤساء الآخرون.. بل لما يريده السوريون.. إذا كانوا يريدونني أن أبقى فسأبقى.. وإذا كانوا يريدونني أن أرحل فسأرحل. وبالتالي فالأمر مختلف، مختلف تماماً.
السؤال الرابع والعشرون: هل تشعرون بأن الولايات المتحدة أساءت بشكل جوهري فهم حربكم على «داعش».. على ما يمكن أن تسموه عدواً مشتركاً؟
الرئيس الأسد: مرة أخرى.. إنه ليس عدواً مشتركاً.. لأنه بالنسبة لنا نحن صادقون في محاربة ليس «داعش» فحسب بل محاربة «النصرة» والمنظمات المرتبطة بالقاعدة في سورية.. هي جميعها تنظيمات إرهابية.. وبالتالي إذا أردت التحدث ليس عن «داعش» فحسب بل عن المجموعات الإرهابية.. فإننا أردنا التخلص من الإرهابيين.. أردنا إلحاق الهزيمة بأولئك الإرهابيين على حين أرادت الولايات المتحدة إدارة تلك المجموعات من أجل إسقاط الحكومة في سورية وبالتالي.. لا تستطيع التحدث عن مصلحة مشتركة ما لم يريدوا فعلاً محاربة أولئك الإرهابيين وهزيمتهم.. وهم لم يفعلوا ذلك.. إنهم موجودون في العراق منذ عام 2006 ولم يحاولوا إلحاق الهزيمة بهم.
السؤال الخامس والعشرون: لكن أميركا صادقة جداً في محاربتها «داعش». إن «داعش» يشكل تهديداً للوطن الأميركي.. كيف تستطيعون القول إن أميركا ليست جادة حيال محاربة «داعش»؟
الرئيس الأسد: لأن «داعش» أنشئت في العراق عام 2006 وعندها الولايات المتحدة هي التي كانت في العراق.. وليست سورية في العراق.. كانت تنمو تحت إشراف السلطة الأميركية في العراق ولم تفعل شيئاً لمحاربة «داعش» حين ذاك.. إذاً.. لماذا تحاربها الآن؟ إنهم لا يحاربونها الآن.. لقد توسعت تحت إشراف الطائرات الأميركية التي كان بوسعها رؤية «داعش» تستخدم حقول النفط وتصدر النفط إلى تركيا ولم تحاول مهاجمة أي قافلة لـ«داعش». كيف يمكن أن يكونوا ضد «داعش»؟ هل لا يستطيعون رؤيتها؟ هل لا يرونها؟ كيف تمكن الروس من رؤيتها منذ اليوم الأول وبدؤوا بمهاجمة تلك القوافل؟ في الحقيقة فإن التدخل الروسي أسقط القناع عن النيات الأميركية فيما يتعلق بـ«داعش» والمجموعات الإرهابية الأخرى طبعاً.
السؤال السادس والعشرون: قبل ثلاث سنوات.. وجه الرئيس أوباما تهديدا لكم.. وضع خطا أحمر.. ثم تراجع عن ذلك ولم يهاجمكم.. كيف تشعرون حيال ذلك… هل هي علامة على رئيس ضعيف؟
الرئيس الأسد: تلك هي مشكلة في الولايات المتحدة. إنهم يروجون منذ سنوات أن الرئيس الوحيد الجيد هو الرئيس الشديد أو القاسي الذي ينبغي أن يخوض الحروب.
هذا هو التعريف.. وإلا فإنه سيكون رئيساً ضعيفاً وهذا غير صحيح. في الواقع فإن الإدارات الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية شاركت في تأجيج الصراعات في جميع أنحاء العالم.. وبمرور الوقت أصبحت هذه الإدارات أكثر هوساً بإشعال الحرائق.. الفرق الآن بين تلك الإدارات يتعلق بالوسائل وليس بالأهداف.. إدارة ترسل جنودها.. كإدارة بوش.. وأخرى تستخدم المرتزقة بدلاً من جنودها.. وثالثة تستخدم العملاء.. وهلم جراً.. لكن الجوهر هو نفسه.. ولم يتغير شيء.
السؤال السابع والعشرون: لكن بالعودة إلى تلك اللحظة قبل ثلاث سنوات هل شكل ذلك علامة على أن الولايات المتحدة دولة ضعيفة ولها رئيس ضعيف؟
الرئيس الأسد: لا. لأنك إذا أردت أن تتحدث عن الجوهر.. وهو الحرب عبر الهجوم على سورية.. فإنهم يهاجمون سورية من خلال العملاء.. لم يحاربوا «داعش».. ولم يمارسوا أي ضغوط على تركيا أو السعودية لإبلاغهم بوجوب التوقف عن إرسال المال وفرق الدعم وكل أشكال الدعم اللوجستي لأولئك الإرهابيين.. كان بوسعهم فعل ذلك ولم يفعلوا وبالتالي فإنهم فعلياً يشنون حرباً لكن بطريقة مختلفة.. لم يرسلوا جنودهم.. ولم يهاجموا بالصواريخ.. لكنهم يرسلون المرتزقة.. هذا ما أقصده.. أعني الأمر هو نفسه.
السؤال الثامن والعشرون: هل فاجأك أنهم لم يهاجموا؟
الرئيس الأسد: لا.. لم يكن ذلك مفاجئاً.. لكني أعتقد أن ما يفعلونه الآن حقق الأثر نفسه.. بالتالي.. بالمقارنة بين المرتزقة والصواريخ.. قد يكون خيارهم الحالي أكثر فعالية بالنسبة لهم وبالتالي لا أستطيع القول إني فوجئت.
السؤال التاسع والعشرون: أنت قائد.. عندما تم وضع خط أحمر ولم يتم فعل شيء عند تجاوزه.. فإن ذلك ألحق ضرراً بمصداقية أميركا.. ليس في الشرق الأوسط فحسب.. بل في العالم.
الرئيس الأسد: لكن هذه المصداقية لم تكن موجودة أبداً بالنسبة لنا على الأقل منذ مطلع السبعينيات.. لأكن صريحاً معك.. منذ استعدنا علاقاتنا مع الولايات المتحدة عام 1974 لم نر أي إدارة أميركية تتمتع بمصداقية حقيقية في كل قضية تعاملنا بها.. لم يمتلكوا تلك المصداقية ولذلك لا أستطيع القول إنها تضررت.. العديد من حلفائهم لا يصدقونهم.. أعتقد أن المصداقية الأميركية.. ليست بسبب ما ذكرته بل بسبب سياساتهم بشكل عام.. سياساتهم الرئيسية.. هذه المصداقية باتت في أدنى درجة لها على الإطلاق.. هكذا نراها.
السؤال الثلاثون: في أدنى درجات مصداقيتها في العالم؟
الرئيس الأسد: بشكل عام.. نعم فيما يتعلق بالسياسات بشكل عام.. وليس فيما يتعلق بسورية.
نحن في سورية لا نراهن على أي رئيس أميركي فما يقولونه في حملاتهم يختلف عما يفعلونه بعد انتخابهم
السؤال الحادي والثلاثون: هل ترحبون بانتهاء فترة الرئيس أوباما في منصبه؟
الرئيس الأسد: إن ذلك لا يعني شيئاً بالنسبة لنا.. لأنك إذا غيرت الإدارة من دون أن تغير السياسات فإن ذلك لا يعني شيئاً.. إذاً.. فإن الأمر يتعلق بالسياسات.. ونحن في سورية لا نراهن على أي رئيس يأتي أو أي رئيس يذهب.. لأن ما يقولونه في حملاتهم يختلف عما يفعلونه بعد انتخابهم.
السؤال الثاني والثلاثون: لقد تحدثت عن كون الرؤساء متشابهين وعن أنهم لا يغيرون سياساتهم.. لكن سيكون هناك رئيس جديد في الولايات المتحدة العام القادم.. هل تأملون بقيام علاقة جديدة؟ هل تعتقدون بأن شيئاً من ذلك القبيل ممكن؟
الرئيس الأسد: نعم.. بالطبع.. نحن نأمل دائماً بأن يكون الرئيس الجديد أكثر حكمة من سلفه وأقل هوساً بإشعال الحرائق كما قلت.. وأقل مغامرة وانغماساً في النزعة العسكرية.. هذا ما نأمله.. لكننا لم نر شيئاً كهذا.. أعني أن الاختلاف هامشي جداً.. إذاً.. نحن نستمر في الأمل لكننا لا نراهن على ذلك.
السؤال الثالث والثلاثون: سيكون هناك رئيس جديد، وهناك خياران أحدهما دونالد ترامب. ماذا تعرف عن السيد ترامب؟
الرئيس الأسد: لا شيء. فقط ما سمعته في وسائل الإعلام وخلال الحملة الانتخابية.. هذا ما أقوله.. لا ينبغي أن نضيع وقتنا بالاستماع إلى ما يقولونه في حملاتهم.. سيتغيرون بعد أن يتم انتخابهم.. عندها ينبغي علينا أن نبدأ بتقييم الرئيس.. بعد الحملة وليس خلالها.
السؤال الرابع والثلاثون: أنتم هنا في دمشق.. ما الذي تسمعونه في وسائل الإعلام عن السيد ترامب؟
الرئيس الأسد: الصراع بين الأميركيين.. لكننا لا نهتم كثيراً بذلك.. أعني أنه حتى هذا الخطاب الإنشائي بين المرشحين المختلفين يتغير خلال الحملة وبالتالي فإن ما تسمعه اليوم لا يبقى ذا صلة في الغد.. ولذلك لا نستطيع بناء سياساتنا على السياسات المتغيرة من يوم إلى يوم.
السؤال الخامس والثلاثون: لكنكم تتابعون هذه الانتخابات؟
الرئيس الأسد: ليس فعلاً. لأنه كما قلت فإنك لا تتابع شيئاً لا تستطيع اعتباره مرتبطاً بالواقع بعد. إنه يصبح مرتبطاً بالواقع عندما ينتخبون.. حتى الآن إنه مجرد كلام ولا ينبغي أن نضيع وقتنا على مثل هذا الكلام.
السؤال السادس والثلاثون: مجرد كلام.. على سبيل المثال.. وبالحديث عن السيد ترامب.. فإن أي شيء يقوله لا تعتقد أنه سيكون بالضرورة سياسة ترامب كرئيس؟
الرئيس الأسد: لا.. لا نستطيع ذلك.. سواء كان ترامب أو كلينتون أو أي شخص آخر أنا أتحدث بشكل عام.. الأمر لا يتعلق بالأسماء إنه مبدأ بالنسبة لكل رئيس أميركي في كل حملة انتخابية.
السؤال بالنسبة لي: هل يعتبرني السوريون شخصاً جيداً أم سيئاً؟
السؤال السابع والثلاثون: إن تعليقاته حول سورية أو الشرق الأوسط محدودة جداً.. لكنه وصفك بأنك «شخص سيئ».. هل يقلقك ذلك؟
الرئيس الأسد: لا.. هذا رأيه.. وهو رأي شخصي.. لا ينبغي بالضرورة أن يعتبرني شخصاً جيداً.. السؤال بالنسبة لي هو: هل يعتبرني السوريون شخصاً جيداً أم سيئاً.. وليس ما يقوله شخص أو رئيس أو مرشح أميركي.. لا أكترث لذلك.. هذا ليس جزءاً من خريطتي السياسية إذا جاز التعبير.
السؤال الثامن والثلاثون: أحد الأشياء التي قالها والتي كان واضحاً بشأنها هو أنه سيكون أكثر شدة حيال «داعش».. سترحبون بذلك… أليس كذلك؟ لأنك قلت للتو إن الرئيس أوباما ليس جدياً.
الرئيس الأسد: لا ينبغي أن تكون أكثر شدة.. هذه الكلمة لا معنى لها في الواقع.. في الحياة الواقعية.. في هذه المنطقة.. ينبغي أن تحارب «داعش» بطرق مختلفة.. «داعش» ليس فقط مقاتلين ينبغي أن تهاجمهم بأقوى القنابل أو الصواريخ.. الأمر ليس على هذا الشكل.. إن قضية الإرهاب معقدة جداً وتتعلق بالأيديولوجيا.. كيف يمكن أن تكون شديداً ضد أيديولوجيا «داعش»… ذلك هو السؤال.. كيف يمكن أن تكون شديداً فيما يتعلق في اقتصادهم وكيفية تقديمهم للأموال والتبرعات؟ كيف يمكن أن تتعامل مع ذلك؟
السؤال التاسع والثلاثون: أعتقد أن السيد ترامب يتحدث عن الشدة العسكرية.. يريد أن؟
الرئيس الأسد: هذا لا يكفي.. ينبغي أن تكون ذكياً.. لا يكفي أن تكون شديداً. أولاً ينبغي أن تكون لديك الإرادة وينبغي أن تكون صادقاً ثم ينبغي أن تكون ذكياً ثم ينبغي أن تكون شديداً.. أن تكون شديداً وفعالاً من الناحية العسكرية هذا مهم.. لكن هذا هو الخيار الأخير بعد أن تكون قد حققت المعايير الأساسية الأخرى.
السؤال الأربعون: مما تعرفه عن السيد ترامب.. هل يتمتع بالذكاء الكافي؟
الرئيس الأسد: أنا لا أعرفه.. عندما أجلس معه وجهاً لوجه يمكن أن أحكم عليه.. لكني أنظر إلى الشخص الذي يظهر على التلفاز وكما تعلم على التلفاز يمكن التلاعب بكل شيء.. يمكن أن تحضر نفسك وتتمرن على ما ستقوله ولذلك ليست هذه هي القضية.
لا أتابع الانتخابات الأميركية لأننا لا نراهن عليها
السؤال الحادي والأربعون: هل يعجبك ما تراه من السيد ترامب على التلفاز؟
الرئيس الأسد: أنا لا أتابع الانتخابات الأميركية كما قلت.. لأننا لا نراهن عليها.
السؤال الثاني والأربعون: يبدو أنه يحترم الرئيس بوتين.. هل يشكل ذلك بالنسبة لك مبعث أمل في أنه رجل يمكن أن تتعامل معه؟
الرئيس الأسد: إذا كان صادقاً.. أعتقد أنه يقول الصواب.. لأن كل شخص على وجه الأرض سواء اتفق أم اختلف مع الرئيس بوتين ينبغي أن يحترمه لأنه شخص محترم. إنه يحترم نفسه ويحترم الآخرين ويحترم قيمه ويحترم مصالح شعبه وهو نزيه وصادق.. كيف لك ألا تحترم شخصاً بهذه الأوصاف… إذا كان ترامب صادقاً.
أعتقد أنه مصيب.. هذا ما أستطيع قوله.
السؤال الثالث والأربعون: لقد كان للسيد ترامب تعليقات أيضاً حول المسلمين.. وعدم السماح بدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة.. هل أغضبك ذلك؟ هل أزعجك؟
الرئيس الأسد: نعم. خصوصاً في سورية بوصفها بلداً ينصهر فيه العديد من الأديان والطوائف والإثنيات.. نعتقد أن هذا التنوع مصدر غنى وليس العكس.. الحكومات والقوى المؤثرة في المجتمع هي التي تجعل منه مشكلة أو صراعاً.. إذا كان بوسعك أن تجعل كل أولئك الناس يعيشون في مجتمع واحد وباندماج حقيقي وبانسجام فإن ذلك يشكل مصدر غنى وهو في مصلحة أي مجتمع بما في ذلك الولايات المتحدة.
السؤال الرابع والأربعون: بالتالي.. ما كان ينبغي للسيد ترامب أن يطلق تلك التعليقات حول المسلمين؟
الرئيس الأسد: يجب على أي شخص ألا يستخدم خطاباً تمييزياً في أي بلد.. أنا لا أؤمن بهذا النوع من الخطاب بالطبع.
السؤال الخامس والأربعون: لا يمتلك السيد ترامب خبرة في السياسة الخارجية.. هل يقلقكم ذلك؟
الرئيس الأسد: ومن كان يمتلك مثل تلك الخبرة من قبل… أوباما.. أو جورج بوش.. أو كلينتون من قبلهما… لم يكن أي منهم يمتلك أي خبرة.. هذه مشكلة الولايات المتحدة.. ينبغي أن تبحث عن رجل دولة يمتلك خبرة حقيقية في السياسة لسنوات وليس بناء على شغله لمنصب في الكونغرس لبضع سنوات أو لكونه وزيراً للخارجية على سبيل المثال.. هذا لا يعني امتلاكه الخبرة.. رجل الدولة ينبغي أن يتمتع بخبرة أكبر بكثير ولذلك لا نعتقد أن معظم رؤساء الولايات المتحدة كانت لديهم خبرة جيدة في السياسة.
السؤال السادس والأربعون: إذاً.. وجود رجل لا خبرة له في السياسة الخارجية في البيت الأبيض لا يعد بالضرورة أمراً خطراً في رأيك؟
الرئيس الأسد: إن وجود أي شخص لا يمتلك خبرة في أي منصب في البيت الأبيض أو في القصر الرئاسي في سورية أو في أي بلد آخر أمر خطر بالطبع على البلد بشكل عام.. بالنسبة للولايات المتحدة كقوة عظمى.. قد يكون لذلك تأثيرات أكبر في باقي أنحاء العالم لكن الأمر لا يتعلق فقط بالخبرة. في المحصلة.. عندما تكون هناك مؤسسات يمكن لها المساعدة.. الأمر يتعلق بالنيات.. هل سيكون شخصاً يتمتع بخبرة جيدة لكن بنيات ونزعات عسكرية.. نيات تدميرية.. وما إلى ذلك.. إذا ينبغي أن تتحدث عن العديد من العوامل.. لا يكفي الحديث عن الخبرة فحسب.
الخبرة مهمة جداً لكن النيات هي الأمر الحاسم
السؤال السابع والأربعون: هيلاري كلينتون تتمتع بخبرة أكبر في الشؤون الخارجية.. أنتم تعرفونها بشكل ما.. ما التبعات التي ستترتب على فوز هيلاري كلينتون في الانتخابات؟
الرئيس الأسد: مرة أخرى.. علي أن أكرر الجواب نفسه.. هذا يعتمد على سياساتها.. ما السياسات التي ستتبناها؟ هل ستثبت أنها شديدة وتأخذ الولايات المتحدة إلى حرب أخرى أو إلى التصعيد؟ عندها سيكون الأمر سيئاً للجميع بما في ذلك للولايات المتحدة.. إذا كانت ستمضي في اتجاه آخر فإن ذلك سيكون جيداً.. ومرة أخرى.. فإننا نركز أكثر على النيات قبل التحدث عن الخبرة.
الخبرة مهمة جداً.. لكن النيات هي الأمر الحاسم بالنسبة لأي رئيس.. هل تستطيع أن تطرح عليهم السؤال التالي: هل يستطيعون وبصدق أن يخبروا الشعب الأميركي والعالم أجمع ما نياتهم الحقيقية المتعلقة بسياساتهم؟ هل سيصعدون أم سنرى حالة من التهدئة والوفاق الدوليين في سائر أنحاء العالم؟
السؤال الثامن والأربعون: يتمثل أحد الفروق الواضحة بينهما بأن السيدة كلينتون ما تزال مصممة فيما يبدو على التخلص منكم على الأقل.. فإن هذا هو موقفها المعلن.. السيد ترامب يقول إنه يركز على «داعش».. وسيترككم وشأنكم.. هذا فرق واضح بين الاثنين.. فيما يتعلق بكلينتون.. سأسألكم: هل تمثل هيلاري كلينتون تهديداً أكبر عليكم من دونالد ترامب؟
الرئيس الأسد: لا. لأننا ومنذ بداية الأزمة ونحن نسمع الديباجة نفسها.. «على الأسد أن يرحل». مرات عديدة ومن كل مسؤول غربي تقريباً وعلى مختلف المستويات سواء كانوا قادة أم مسؤولين في وزارات الخارجية أم مسؤولين آخرين.. لم نكترث أبداً لذلك.. ولذلك لا تستطيع التحدث عن هذا بوصفه تهديداً.. هذا تدخل في شؤوننا الداخلية لن نرد عليه.. ما دمت أتمتع بدعم الشعب السوري فإني لا أكترث لأي ممن يتحدثون عن هذا بما في ذلك رئيس الولايات المتحدة نفسه أو أي أحد.. الأمر سيان بالنسبة لنا.. لهذا أقول إن ما قالته كلينتون وترامب وأوباما لا يعني شيئاً بالنسبة لي.. لا نضع ذلك على خريطتنا السياسية ولا نضيع وقتنا على هذا الخطاب الذي يهدف إلى تحقيق غايات معينة ولا حتى على هذه المطالب.
السؤال التاسع والأربعون: لكن إذا أقامت هيلاري كلينتون.. إذا أصبحت رئيسة.. منطقة حظر طيران فوق أراضيكم.. فوق شمال سورية مثلا.. فإن ذلك سيشكل فرقاً كبيراً؟
الرئيس الأسد: بالطبع.. عندها يمكنك التحدث عن تهديد.. ولذلك قلت إن السياسة هي الأمر الحاسم بالنسبة لنا.. عندما يبدؤون بدعم الإرهابيين بمثل تلك المشاريع أو الخطط أو الخطوات عندها سيكون هناك المزيد من الفوضى في العالم.. هذا سؤال آخر.. هل للولايات المتحدة مصلحة بوجود المزيد من الفوضى في سائر أنحاء العالم… أم إن للولايات المتحدة مصلحة أكبر بوجود الاستقرار حول العالم… هذا سؤال آخر.. يمكن للولايات المتحدة بالطبع إحداث الفوضى.. إنها تحدث الفوضى منذ ما لا يقل عن خمسين أو ستين عاماً في سائر أنحاء العالم.. هذا ليس جديداً.. هل سيجعلون الأمور أكثر سوءاً وأكثر انتشاراً… هذا سؤال آخر.. لكن الأمر لا يتعلق بي.. لا يتعلق بالرئيس.. إنه يتعلق بالوضع بمجمله في العالم لأنك لا تستطيع أن تفصل الوضع في سورية عن الوضع في الشرق الأوسط.. وعندما يكون الشرق الأوسط غير مستقر لا يمكن للعالم أن يكون مستقراً.
السؤال الخمسون: دعني أسألك عن المدى الذي يمكن أن تذهب إليه بإقامة علاقة جديدة مع الولايات المتحدة.. يتخذ تنظيم «داعش» مقرا له في بلادكم.. في الرقة.. إذا علمتم بأن «داعش» على وشك أن يشن هجوما على الولايات المتحدة.. هل ستحذرون أميركا؟
الرئيس الأسد: من حيث المبدأ نعم.. لأنهم قد يهاجمون مدنيين.. ولا أستطيع تحميل الأبرياء في الولايات المتحدة مسؤولية النوايا السيئة لمسؤوليهم.. هذا ليس صحيحاً.. وكما قلت في عدة مرات.. فإني لا أعتبر الولايات المتحدة عدوا مباشراً فهم لا يحتلون أرضنا.. لكن في الوقت نفسه فإن هذا غير واقعي لسبب واحد وهو عدم وجود علاقات بيننا وبين الولايات المتحدة.. هذا النوع من المعلومات أو التعاون يتطلب تعاوناً أمنياً يستند إلى تعاون سياسي.. وكلاهما غير موجود.. ولذلك لا تستطيع القيام به.
إذا ألحقنا الهزيمة بـ«داعش» نكون قد ساعدنا العالم بأسره
السؤال الحادي والخمسون: لقد تحدثت إلى نائب وزير خارجيتكم.. الدكتور فيصل المقداد عدة مرات.. وقد وصف لي خطر انفجار سورية وأزمتها.. ليس فقط على اتساع الشرق الأوسط بل في العالم بأسره.. ومن الواضح أن هذا قد حدث.. مع تراجع أو انكسار «داعش» هل هناك خطر في انتشار مقاتليه؟ هل هناك خطر مع إلحاقكم الهزيمة بـ«داعش» في أن تصبح الولايات المتحدة أكثر عرضة للإرهاب؟
الرئيس الأسد: لا. إذا ألحقنا الهزيمة بـ«داعش» نكون قد ساعدنا العالم بأسره.. لأن أولئك الإرهابيين الذين يأتون إلى سورية من أكثر من مئة بلد في العالم بما في ذلك البلدان الغربية إذا لم يهزموا فإنهم سيعودون وقد اكتسبوا المزيد من الخبرة والمزيد من التعصب والمزيد من التطرف وسيهاجمون تلك البلدان.. إذا هزمناهم هنا فإننا نكون قد ساعدنا كل البلدان الأخرى بما في ذلك الولايات المتحدة.
السؤال الثاني والخمسون: لكن مقاتلي «داعش» قد يغادرون الرقة.. وكما رأينا في الهجمات الإرهابية في أوروبا فإنهم يأتون إلى فرنسا.. وإلى بلجيكا.. ويمكن أن يأتوا إلى الولايات المتحدة أيضاً ويقومون بهجمات.. هذه مخاطرة حقيقية أليس كذلك؟
الرئيس الأسد: نعم.. هذا ما أتحدث عنه.. قلت إننا إذا هزمناهم هنا.. إذا هزمنا الإرهاب بمعنى أنهم لن يستطيعوا العودة عندئذ نكون قد ساعدنا.. أما إذا غادروا.. إذا نجوا.. إذا استمر هذا الإرهاب في الوجود.. فعندها يمكن أن يبدأ تصدير أولئك الإرهابيين إلى أوروبا كما حدث في فرنسا مؤخراً.. إذاً.. ما قلته صحيح وهذا ما أعنيه إذا هزمناهم هنا ولم يتمكنوا من العودة فإننا نكون قد ساعدنا الآخرين.. أما إذا عادوا فإنهم سيشكلون خطراً على باقي أنحاء العالم.
السؤال الثالث والخمسون: كما في أي حرب هناك طرفان.. لقد اتهمت قواتكم بالقيام ببعض الأفعال المروعة.. لقد أتيت إلى هنا عدة مرات ورأيت بعض الأشياء المروعة نتيجة الضربات الجوية لقواتكم وعمليات القصف وما إلى ذلك.. هل تعتقد أنك ستواجه ذات يوم محكمة دولية؟
الرئيس الأسد: أولاً.. لا بد أن تقوم بعملك كرئيس عندما يهاجمك الإرهابيون.. أعني كبلد.. عليك أن تدافع عن بلدك.. وهذه هي وظيفتي طبقاً للدستور.. فإذا أنا أقوم بعملي وسأستمر بالقيام به بصرف النظر عما سأواجهه.. لنكن واضحين بهذا الشأن.. لا يمكن موازنة الدفاع عن البلد بالمستقبل الشخصي للرئيس سواء كان سيواجه محكمة جنائية أم أي شيء من ذلك القبيل أو حتى الموت.. إن ذلك لا يهم.. إذا لم ترد مواجهة كل هذه الأشياء فلتترك منصبك وتعطه لشخص آخر.
السؤال الرابع والخمسون: لكن ما يدعو الناس للقول إنك ينبغي أن تواجه محكمة جرائم حرب هو أن من الواضح أنك تستخدم أي وسيلة ممكنة.. أعني.. وأعرف أنك لا توافق على أن ثمة شيئاً يسمى براميل متفجرة.. لكن بصرف النظر عن نوعية المعدن المستخدم فإن الاتهامات هي أنكم تستخدمون القوة غير التمييزية.. الأسلحة غير التمييزية في المناطق المدنية.. هذا صحيح.. أليس كذلك؟
الرئيس الأسد: أولاً.. بالنسبة لأولئك الأشخاص الذين يقولون هذا.. هل لديهم أي معايير فيما يتعلق بالوسائل التي يجب أن تستخدمها ضد الإرهابيين… ليس لديهم مثل تلك المعايير.. إذاً.. هذا ليس ذا صلة.. هذا لا معنى له من وجهة نظر قانونية ومن منظور واقعي. ثانياً.. إذا تحدثت عن الأسلحة غير التمييزية فإنه ما من جيش يمكن أن يستخدم أسلحة غير تمييزية في مثل هذا الوضع الذي يكون فيه اختلاط تقريباً بين الطرفين.
السؤال الخامس والخمسون: مع كل الاحترام سيادة الرئيس.. لقد رأيت قنبلة ترمى من حوامة.. ذلك كان غير تمييزي.
الرئيس الأسد: دعنا نقل تقنياً أن ترمى القنبلة من حوامة أو من طائرة حربية ليست هذه هي القضية.. الأمر الأكثر أهمية إذا أردت التحدث عن الدقة.. لنقل إننا نستخدم سلاحاً دقيقاً كذاك الذي تستخدمه الولايات المتحدة.. الطائرات من دون طيار والصواريخ بالغة الدقة في أفغانستان.. ما عدد الإرهابيين الذين قتلتهم حتى الآن؟ لقد قتلت أضعاف أضعاف ذلك من المدنيين والأبرياء.
السؤال السادس والخمسون: حتى لو كان ذلك صحيحاً.. فإنه لا يجعل ما تقومون به محقاً؟
الرئيس الأسد: لا.. أعني أولاً أن نوع السلاح الذي تستخدمه لا علاقة له بما ذكرت.. المسألة ليست إذا ما كنت تستخدم أسلحة أكثر أو أقل دقة.. ليس هناك مثل تلك المعايير.. هذا مجرد جزء من حملة إعلامية شنت مؤخراً.. أنا أتحدث الآن من منظور قانوني.. نحن لدينا الحق.
السؤال السابع والخمسون: مع كل الاحترام.. المسألة ليست مجرد حملة إعلامية.. لقد تحدثت الأمم المتحدة كما تعرفون عن هذا.. وقد تحدثت مجموعات حقوق الإنسان عنه ليس فقط عن الاستخدام غير التمييزي للأسلحة بل إن الأمم المتحدة تحدثت هذا الأسبوع عن المشاكل في حلب.. وفي داريا.. القريبة جداً من هنا.. عن استخدام التجويع والحصار كسلاح من أسلحة الحرب.. وهذا يجري الآن بالقرب منا أليس كذلك؟
الرئيس الأسد: سنتحدث عن الحصار.. فيما يتعلق بالأسلحة فإن الشيء الوحيد الذي لا تستطيع الحكومة استخدامه في أي حرب هو الأسلحة التي حظر القانون الدولي استخدامها.. أي أسلحة أخرى تستخدمها ضد الإرهاب فهي من حقك.. إذاً.. من حقنا استخدام أي سلاح من أجل إلحاق الهزيمة بالإرهابيين.
السؤال الثامن والخمسون: وتعلمون أن هناك اتهاماً بأنكم استخدمتم الأسلحة الكيميائية.. وهو ما تنكرونه؟
الرئيس الأسد: لم نفعل ذلك.. مضى على ذلك ثلاث سنوات ولم يقدم أحد أي دليل في هذا الصدد.. كل ما قدموه هو مجرد مزاعم.
السؤال التاسع والخمسون: هناك الكثير من الأدلة لكنكم تنكرونها؟
الرئيس الأسد: لا. ليس هناك أي دليل في الواقع.. بل مجرد صور على الإنترنت ويمكن لأي كان.
لم نستخدم الأسلحة الكيميائية وليس هناك منطق لاستخدامها
السؤال الستون: هناك أدلة على شكل صور، وأدلة علمية، وشهود عيان؟
الرئيس الأسد: ليس هناك شيء. هناك وفد من المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية أتى إلى سورية ولم يعثروا على أي دليل.. ذهبوا وجمعوا كل شيء.. عينات وكل شيء لتقديم دليل لكنهم لم يتمكنوا من ذلك.. ليس هناك أي دليل.. وهكذا.. فإننا لم نستخدمها وليس هناك منطق لاستخدامها.
السؤال الحادي والستون: دعنا نتحدث عن الطرائق التي تستخدمها قواتكم بالقرب من هنا والمتمثلة في عزل منطقة ومحاصرتها. وهناك آلاف المدنيين قريبون جداً من هنا يتضورون جوعاً. هل تدركون ذلك؟
الرئيس الأسد: لنفترض أن ما تقوله صحيح.. دعنا نفترض ذلك.. الآن أنت تتحدث عن منطقة يحاصرها الجيش منذ سنوات.. ليس منذ أشهر بل منذ سنوات. ليست لديهم أغذية ولا أساسيات العيش لأن الحكومة لا تسمح بإدخالها لكن في الوقت نفسه فهم يحاربون منذ سنتين ويقصفوننا من مناطقهم بقذائف الهاون ويقتلون المدنيين.. هذا يعني طبقاً لروايتهم أننا نسمح لهم بالحصول على الأسلحة لكننا لا نسمح لهم بالحصول على الأغذية.. هل هذا واقعي؟
السؤال الثاني والستون: هذا ما تقوله الأمم المتحدة. الأمم المتحدة تقول، على سبيل المثال، إنها في مضايا تمكنت من إدخال أربع قوافل مساعدات خلال كل هذه السنوات؟
الرئيس الأسد: كيف نمنعهم من الحصول على الغذاء ولا نمنعهم من الحصول على الأسلحة ليقتلونا… ما المنطق في ذلك؟ هذا تناقض.. إما أن نحاصر كل شيء وإما أن نسمح بكل شيء.. هذا أولاً. ثانياً.. الدليل على عدم صحة هذا أن لديك كل الفيديوهات التي تصور القوافل القادمة من الأمم المتحدة إلى كل تلك المناطق وإلا فكيف ظلوا على قيد الحياة لسنوات إذا كانوا محاصرين منذ سنوات وهم يتحدثون عن الرواية نفسها ويكررونها ويعيدون تكرارها… لكن الناس ما زالوا أحياء.. كيف تمكنوا من البقاء أحياء من دون غذاء؟
السؤال الثالث والستون: كما تعرفون.. فإن استهداف المدنيين في الحرب يعد جريمة حرب.. ومؤخراً رفعت عائلة الصحفية الأميركية ماري كولفن قضية في الولايات المتحدة تتهمكم وتتهم حكومتكم فيها باستهدافها عمداً وقتلها.. تعرفون ماري كولفن.. لقد كانت صديقتي.
الرئيس الأسد: نعم. إنها صحفية.
ماري كولفن دخلت بشكل غير قانوني وذهبت مع الإرهابيين ولم نكن نعرف شيئاً عنها
السؤال الرابع والستون: هل استهدفت قواتكم ماري كولفن وزملاءها بهدف قتلها؟
الرئيس الأسد: لا. ببساطة شديدة.. أولاً.. لم تكن قوات الجيش تعرف أن ماري كولفن موجودة في مكان ما لأننا قبل ذلك لم نكن نعرف شيئاً عن ماري كولفن.. إنها حالة حرب.. وهي دخلت إلى سورية بشكل غير قانوني وعملت مع الإرهابيين.. ولأنها دخلت إلى البلاد بشكل غير قانوني فهي مسؤولة عن كل ما حدث لها.
هذا أولاً.. ثانياً..
السؤال الخامس والستون: هي مسؤولة عن موتها؟
الرئيس الأسد: طبعاً. فقد دخلت إلى سورية بشكل غير قانوني.. بإمكاننا أن نكون مسؤولين عن كل شخص في بلادنا عندما يدخل بشكل قانوني إلى سورية.. هي دخلت بشكل غير قانوني وذهبت مع الإرهابيين.. لم نرسلها إلى أي مكان ولم نكن نعرف شيئاً عنها.
السؤال السادس والستون: كما تعرفون فإن ذلك لا يفسر إصابة الصواريخ للمنزل الذي كانت فيه في حمص.
الرئيس الأسد: لا. لا أحد يعرف إذا كانت قد قتلت بصاروخ أو بأي صاروخ؟ أو من أين أتى الصاروخ؟ أو كيف؟ لا أحد يمتلك أي دليل.. إنها مجرد مزاعم لأنها منطقة صراع ولأن هناك حرباً، هناك مناطق اشتباك وعندما تعلق في تبادل لإطلاق النار في مكان ما لا تستطيع أن تعرف من قتل من.. وبالتالي فإن هذه مزاعم. ثانياً.. كان هناك مئات الصحفيين الذين دخلوا سورية بشكل قانوني وغير قانوني وكانت تغطيتهم لمصلحة الإرهابيين وليست لمصلحة الحكومة.. ولم نقتلهم.. إذاً.. لماذا نستهدف هذه المرأة لنقتلها؟ ليس هناك أي سبب.. هذا ثانياً، ثالثاً، هناك عشرات الصحفيين الذين يعملون لمصلحة الحكومة ويدعمون الحكومة وقتلوا.. هل نحن الذين قتلناهم؟ لم نفعل ذلك.. إذاً هذه حرب.. هل سمعت عن حرب جيدة؟ لا أعتقد أن هناك من سمع عن حرب جيدة.. إنها حرب وهناك دائماً ضحايا وهناك دائماً أبرياء يقتلون بمختلف الوسائل ولا أحد يستطيع أن يعرف كيف؟
السؤال السابع والستون: إن الانطباع الذي تعطيه، سيادة الرئيس، هو لرجل يشعر بأنه لا يتحمل أي مسؤولية عن الأشياء المريعة التي يتم فعلها باسمه للشعب السوري.. تبدو كمن يقول: «حسناً.. إن ذلك لا يهم».
الرئيس الأسد: أنت تتحمل مسؤولية القرار الذي تتخذه ولا تتحمل مسؤولية قرار لم تتخذه.
السؤال الثامن والستون: لكن بعض القرارات التي اتخذتها نتج عنها موت مئات آلاف الناس.
الرئيس الأسد: مثل ماذا؟
السؤال التاسع والستون: مهاجمة مناطق معينة.. وشن حملات وضربات جوية، واستخدام أسلحة معينة.
الرئيس الأسد: القراران الوحيدان اللذان اتخذناهما منذ بداية الأزمة كانا الدفاع عن بلادنا من الإرهابيين.. وهذا قرار صائب. والقرار الثاني إجراء الحوار مع الجميع وقد تحاورنا مع الجميع بما في ذلك بعض المجموعات الإرهابية التي أرادت تسليم أسلحتها.. وأنجزنا ذلك. نحن مرنون جداً لم نتخذ أي قرار لمهاجمة أي منطقة ليس فيها إرهابيون أو لا يقصف منها الإرهابيون المدن المجاورة لهم.
السؤال السبعون: هل ترى صوراً أو مقاطع فيديو لأطفال، على سبيل المثال، في مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة. وأتساءل: إذا كنت قد رأيت مثل تلك الصور؟
كيف تشعر؟ الحزن.. الأسف.. لا شيء.
الرئيس الأسد: سؤالي هو: كيف لك أن تتحقق من أن أولئك الأطفال الذين رأيتهم على الإنترنت هم في مناطقهم؟
السؤال الحادي والسبعون: كما ترى.. سيادة الرئيس.. ها أنت مرة أخرى.. إن جواباً كذاك ببساطة يعزز نظرة الناس بأنك تتجنب المسؤولية.
الرئيس الأسد: لا.. لا.
السؤال الثاني والسبعون: إنك في الواقع لا تكترث للناس على الجانب الآخر الذين تقتلهم قواتك؟
الرئيس الأسد: تمكن الإجابة عن ذاك السؤال إذا أجبت عن هذا السؤال.. كيف تستطيع الآن تحميل بوش مسؤولية مقتل مليون عراقي منذ الحرب على العراق عام (2003)؟
السؤال الثالث والسبعون: أنا لا أتحدث عن الرئيس بوش.. أنا هنا لأسألكم؟
الرئيس الأسد: لا.. لا. أنا أتحدث عن المبدأ الآن.. المسألة تتعلق بالمبدأ.. المبدأ هو نفسه.. هو هاجم بلداً ذا سيادة.. على حين أنا أدافع عن بلدي.. إذا أردت استخدام معيار واحد.. فهذا أمر.. لكن إذا أردت استخدام معايير مزدوجة فذاك أمر آخر.
السؤال الرابع والسبعون: ما زلت تعطي الانطباع بأنك في الواقع لا تكترث كثيراً؟
الرئيس الأسد: لا.. لا. أنا أتحدث إلى جمهور أميركي ولذلك ينبغي أن تكون هناك مقارنة بين الأمرين لأنه يتعلق بالمنطق الذي تستخدمه لشرح شيء ما. المسألة لا تتعلق بجوابي فقط.. هو هاجم بلداً ذا سيادة على حين نحن ندافع عن بلدنا.. هو قتل عراقيين على أرضهم، ونحن ندافع عن أنفسنا بشكل أساسي من الإرهابيين القادمين من أماكن أخرى في العالم. هذا حقنا.. على حين يتم الحديث عن حرب نظيفة لا ضحايا فيها ولا مدنيين ولا أبرياء يقتلون.. هذا لا وجود له.. لا أحد يستطيع إيجاد شيء كهذا وما من حرب على هذه الشاكلة في العالم.
السؤال الخامس والسبعون: هل تشرح الحرب على هذا النحو.. مثلاً.. لأطفالك على طاولة الفطور.. أنا متأكد من أنهم؟
الرئيس الأسد: طبعاً.. سأتحدث عن الواقع.. عن الحقائق.. على حين يتم الحديث عن أطفال يقتلون.. أطفال من هم؟ أين هم؟ كيف قتلوا؟ أنت تتحدث عن البروباغاندا والحملات الإعلامية وأحياناً عن صور مزيفة على الإنترنت. لا نستطيع التحدث إلا عن الوقائع.. ينبغي أن نتحدث عن الحقائق.. لا أستطيع الحديث عن مزاعم.
السؤال السادس والسبعون: هل حدث وبكيت على ما حدث لسورية؟
الرئيس الأسد: إن البكاء لا يدل على أنك شخص جيد ولا يعني أنك تمتلك الكثير من العواطف.. الأمر يتعلق بالعواطف التي تحملها في قلبك وليس بعينيك.. إنه لا يتعلق بالدموع.. هذا أولاً.. ثانياً كرئيس، فإن الأمر يتعلق بما ستفعله وليس بكيف ستشعر؟ الأمر يتعلق بكيف ستحمي السوريين عندما يحصل لك حادث سيئ؟ وهذا يحصل كل يوم.. هل تستمر بالبكاء كل يوم… أم تستمر بالعمل؟ سؤالي هو كيف أستطيع أن أساعد كلما كان هناك حدث أو حادث سيئ؟ أسأل نفسي كيف أستطيع أن أحمي السوريين الآخرين من مواجهة المشكلة نفسها؟
السؤال السابع والسبعون: ما خطوتك التالية؟ هل ستستمر وتستمر؟ لقد مضى على وجودكما في السلطة أنت ووالدك ستة وأربعون عاماً. هل هذا صحيح؟
الرئيس الأسد: لا.. هذا ليس صحيحاً.. لأنه كان رئيساً.. وأنا رئيس آخر.. وبالتالي.. فإن هذا غير صحيح.. الوصف ليس صحيحاً على الإطلاق.. هو انتخب من الشعب السوري وأنا انتخبت بعد وفاته.. هو لم يضعني في أي منصب ولذلك لا تستطيع الربط.. أنا رئيس.. وهو رئيس.. أنا في الحكم منذ ستة عشر عاماً وليس منذ خمسة وأربعين عاماً.
السؤال الثامن والسبعون: أنت في السلطة منذ ستة عشر عاماً.. وسؤالي هو: هل ستستمر وتستمر؟
الرئيس الأسد: تعني في منصبي فيما يتعلق بمنصبي.. عليك أن تسأل السوريين.. إذا كانوا لا يريدونني.. فعلي أن أرحل مباشرة اليوم.. وإذا كانوا يريدونني.. فعلي أن أبقى.. هذا يعتمد عليهم.. أعني إذا أردت أن أبقى بغير إرادتهم فإنني لا أستطيع أن أنتج.. لا أستطيع أن أنجح.. أعتقد أنه ليست لدي نية بألا أنجح.
آمل أن يرى فيَّ التاريخ الرجل الذي حمى بلاده من الإرهاب ومن التدخل وحافظ على سيادة ووحدة أراضيه
السؤال التاسع والسبعون: كيف تعتقد أن التاريخ سيتذكرك؟
الرئيس الأسد: كيف آمل أن يتذكرني التاريخ.. لأنني لا أستطيع أن أتنبأ.. فأنا لست متنبئاً.. آمل أن يرى فيَّ التاريخ الرجل الذي حمى بلاده من الإرهاب ومن التدخل وحافظ على سيادة ووحدة أراضيه.
السؤال الثمانون: لأنك تعلم ما تقوله المسودة الأولى للتاريخ.. أي إنك ديكتاتور قاس. إنك رجل تلوثت يداه بالدماء، وإن الدماء التي على يديك أكثر حتى من تلك التي كانت على يدي والدك.
الرئيس الأسد: لا. مرة أخرى.. سأستخدم مثال الطبيب الذي يقطع يد مريض مصاب بالغرغرينا لإنقاذ المريض.. لا تقول عندها إنه طبيب قاس.. إنه يقوم بعمله لإنقاذ بقية الجسم.. وهكذا.. فعندما تحمي بلادك من الإرهابيين وتقتل الإرهابيين وتهزمهم فإنك لا تكون قاسياً بل تكون وطنياً.. هكذا تنظر إلى نفسك.. وهكذا يريد الناس أن ينظروا إليك.
السؤال الحادي والثمانون: وهكذا ترى نفسك.. وطنياً؟
الرئيس الأسد: لا أستطيع أن أكون موضوعياً فيما يتعلق بالنظر إلى نفسي.. الأمر الأهم هو كيف ينظر السوريون إلي؟ هذا هو الرأي الحقيقي والموضوعي وليس رأيي أنا. أنا لا أستطيع أن أكون موضوعياً حيال نفسي.
الصحفي: سيادة الرئيس.. شكراً جزيلاً لكم لإجابتكم عن أسئلة «إن بي سي» ولقضائكم هذا الوقت في التحدث إلي. شكراً جزيلاً لكم.
الرئيس الأسد: شكراً لك.