سورية

الكرملين أسف لأن صيغ التعاون لم تشمل «العسكري» … اتفاق روسي أميركي على حرب «بلا هوادة» ضد داعش و«النصرة وتنظيمات أخرى».. والبنود غير معلنة

| الوطن- وكالات

بعد محادثات ماراثونية تواصلت على مدار يومين وشاركت فيها طواقم روسية وأميركية سياسية وفنية رفيعة المستوى، خرج رئيسا الدبلوماسيتين الروسية والأميركية ليعلنا أمام العالم اتفاقهما على محاربة تنظيم داعش وجبهة النصرة وتنظيمات الإرهاب الأخرى، «بلا هوادة»، وذلك بالترافق مع «تعزيز» الهدنة مع توصيل المساعدات الإنسانية، وتهيئة الظروف لانطلاق عملية سياسية تؤدي إلى «النتائج الإيجابية». هذا الاتفاق الروسي الأميركي الجديد يهدف إلى الوصول لوقف إطلاق نار طويل الأجل، وتفعيل جهود مساندة الإصلاحات السياسية في سورية وفقاً للقرار الدولي (2254).
وبينما أوضح سيرغي لافروف أن التفاهم مع الأميركيين يشمل «ما يلزم فعله لتعزيز فعالية جهود إنهاء الصراع في سورية» و«استئناف العملية السياسية الشاملة»، فضل جون كيري عدم الكشف عن تفاصيل هذا الاتفاق، لكنه تحدث عن «قائمة طويلة من الخطوات الملموسة» التي ستوفر حل لـ«انتهاكات القوات السورية للهدنة وهجمات النصرة». وعلى ما يبدو أن الأميركيين قد اقتربوا من المطلب الروسي المزمن تأسيس «جبهة موحدة ضد التطرف»، وذلك في حين طالب الروس مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميتسورا تقديم اقتراحات ملموسة إلى «جميع الأطراف السورية» من دون استثناء، من أجل «انتقال سياسي وإصلاحات سياسية». وجددت موسكو إصرارها على احترام حق الشعب السوري وحده في تقرير مصيره بلاده، في إشارة إلى رفضها تنحي الرئيس بشار الأسد كما تطالب واشنطن. وسبق مباحثات الجمعة، اجتماع ضم الرئيس الروسي فلاديمير بويتن ووزير خارجيته وكيري بحث «صيغ التعاون» في مواجهة الإرهاب، من دون التطرق إلى سبل إطلاق «تعاون عسكري مباشر» بين روسيا وأميركا. وهو ما أثار أسف الكرملين.
ووصل كيري إلى موسكو يوم الخميس الماضي، بالترافق مع تسريب نص الاتفاق الأميركي المقدم لروسيا، والذي يتضمن إطلاق تعاون استخباراتي ضد النصرة مقابل تقييد حركة الطيران السوري.
وأكدت وزارة الخارجية الروسية أمس، وفقاً لوكالة «سبوتنيك» الروسية، أن المحادثات التي شارك فيها بوتين، ولافروف وكيري، تركزت على الشأن السوري. وهيمنت أحداث مدينة نيس الفرنسية على اليوم الثاني من مباحثات موسكو. وحذر الوزير الأميركي خلال المحادثات الموسكوفية من أنه لا يمكن أن تستمر الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف الحرب في سورية، إلى أمد غير محدود، ومن دون «خطوات معينة». وبالفعل توصل الجانبان إلى اتفاق على خطوات لم يتم الكشف عنها. وخلال المؤتمر الصحفي المشترك مع كيري، قال لافروف، حسب وكالة «سانا» للأنباء: «فيما يتعلق بتطوير الحوار المكثف الذي أجريناه مساء (الخميس) عند الرئيس بوتين، درسنا بالتفصيل مسألة الخطوات المشتركة التي يمكن لروسيا والولايات المتحدة اتخاذها من أجل تفعيل الجهود الرامية إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن وقرارات المجموعة الدولية لدعم سورية». وأوضح أن البلدين توصلا لتفاهم مشترك على ما يلزم لتعزيز فعالية جهود إنهاء الصراع في سورية، كما اتفقا على الحاجة لاستئناف العملية السياسية الشاملة في أسرع وقت ممكن، مؤكداً أن روسيا ستستخدم نفوذها على الحكومة السورية من أجل تحقيق ذلك.
ونقل بيان صادر عن الخارجية الروسية، قول لافروف: «اتفقنا على ما سيتم اتخاذه من إجراءات حتى نمضي قدماً على هذه المسارات «تصفية التهديدات الآتية من تنظيم داعش و(جبهة النصرة) وتنظيمات الإرهاب الأخرى، وتعزيز نظام وقف العمليات القتالية» بمشاركة الخبراء المعنيين كافة مع احترام القانون الإنساني الدولي وتهيئة الظروف لكي تنطلق العملية السياسية، عملية الحوار السوري، بشكل كامل وتؤدي إلى النتائج الإيجابية». وشدد لافروف على أن هدفي روسيا وأميركا المشتركين يتمثلان في «ضمان وقف طويل الأجل لإطلاق النار في سائر الأراضي السورية باستثناء داعش وجبهة النصرة اللذين لن نتهاون معهما، وزيادة الإيجابيات التي تحققت في سياق نقل المساعدات الإنسانية… (وأيضاً) تفعيل جهود مساندة الإصلاحات السياسية في سورية وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي 2254». ولفت إلى أن الاتفاقات بين روسيا والولايات المتحدة التي تم التوصل إليها خلال المباحثات سيبدأ تطبيقها في مستقبل قريب، مشيراً إلى توافق الجانبين على ضرورة المضي قدماً في الاتجاهات المذكورة مع الاحترام الكامل للقوانين الدولية وتأمين الظروف للشروع بالحوار السوري السوري الداخلي بصورة كاملة.
واعتبر لافروف أن دور الوسطاء الأمميين (في إشارة إلى الموفد الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا) لم يكن فاعلاً خلال المحادثات السورية في جنيف، وأشار إلى أنه لم يكن من الممكن خلال جولات المحادثات السابقة التوصل إلى النتائج المرجوة عبر الأسلوب غير المباشر، لافتاً إلى أن الجانبين الروسي والأميركي يرغبان في أن يكثف دي ميستورا «عمله ويقدم اقتراحات ملموسة من أجل انتقال سياسي وإصلاحات سياسية لجميع الأطراف في سورية، على أن تجلس حول طاولة المباحثات وتبدأ بالحوار السوري السوري الكامل والشامل والحقيقي»، موضحاً أنه لا بد من تنفيذ جميع الاتفاقات الموجودة وأن تجلس كل الأطراف السورية دون استثناء حول طاولة المباحثات.
وتصر موسكو على إطلاق الحوار المباشر بين السوريين وعلى كسر احتكار الهيئة العليا للمفاوضات لتمثيل الوفد المعارض من خلال الالتزام بمنطوق القرار 2254، كما تشدد على تمثيل الأكراد في المحادثات.
في رد غير مباشر على الدعوات الغربية لتنحي الرئيس الأسد، أشار وزير الخارجية الروسي إلى أن قرارات مجلس الأمن وقرارات المجموعة الدولية لدعم سورية جميعها أكدت بشكل واضح أن الشعب السوري وحده من يقرر مستقبل بلاده. وحذر من أن التعويل على الإرهابيين لن يعود إلا بالنتائج العكسية كما حصل في أفغانستان وليبيا عندما تم استخدام هذه المجموعات لتحقيق مكاسب معينة على أن يتم ترويضها من جديد، وأضاف «لكن الذي حدث هو تحويل هذه المناطق إلى مفرخة للإرهابيين»، في تحذير من تكرار تجربة حركة «طالبان» الأفغانية.
في المقابل، تحدث كيري، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء، عن اتفاقه ونظيره الروسي على «خطوات ملموسة في قائمة طويلة» إذا طبقت فستوفر حلاً للمشاكل المتعلقة بانتهاكات القوات السورية والهجمات التي تشنها جبهة النصرة، لكنه أكد أنه لن يتم الكشف عن تفاصيله لإفساح المجال أمام مواصلة «العمل بهدوء» من أجل السلام. وقال: «أحرص على التأكيد أنه رغم أن هذه الإجراءات لا تستند على الثقة، إلا أنها تحدد مسؤوليات متتابعة معينة على جميع أطراف النزاع الالتزام بها بهدف وقف القصف الأعمى الذي يقوم به نظام (الرئيس) الأسد وتكثيف جهودنا ضد (جبهة) النصرة». وتابع «كل منا (الجانبين الروسي والأميركي) يعرف تماماً ما عليه القيام به». واعتبر أنه «في حال إنجاح تطبيق الاتفاقات التي توصل إليها الطرفان الروسي والأميركي سيؤدي ذلك إلى تغيير الوضع في سورية».
وشدد على أن تطبيق الإجراءات «بحسن نية» سيجعل من «الممكن المساعدة في تثبيت وقف الأعمال القتالية والحد بشكل كبير من العنف والمساعدة في خلق مساحة لانتقال سياسي ذي صدقية يتم التفاوض بشأنه». وأضاف «لكني أود التأكيد أن هذه الخطوات ليست مبنية على الثقة. إنها تحدد مسؤوليات متسلسلة يتعين على جميع أطراف الصراع استئنافها بنية وقف القصف العشوائي الذي تنفذه قوات الأسد وتكثيف الجهود ضد جبهة النصرة». وتلقي واشنطن بالمسؤولية في إخفاق عملية السلام على عدم التزام الجيش السوري بالهدنة وتنامي نشاط جبهة النصرة. وقال مسؤول أميركي «إذا لم نتمكن من التوصل إلى حل للمشكلتين، فسنكون في مكان مختلف تماماً، والحقيقة أن الوقت هنا قصير».
وشدد كيري على أن الأزمة في سورية لا يمكن حلها عسكرياً وهذا مستحيل وهناك فقط الحل السياسي». ولفت إلى أن روسيا والولايات المتحدة لديهما تجارب سابقة في العمل المشترك ولاسيما فيما يخص تدمير الأسلحة الكيميائية في سورية والاتفاق النووي الإيراني وبإمكانها القيام بأمور أخرى ضرورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن