أما آن الأوان لتسلك أوروبا درب الحقيقة ضد الإرهاب؟!
| تحسين الحلبي
إذا افترضنا أن الإرهابي الذي نفذ عمليته الإرهابية في مدينة نيس الفرنسية كان قد قرر وحده القيام بها أو قام بها تحت راية داعش والنصرة أو القاعدة فإن هذا الأمر لن يغير من عدد من الحقائق والعوامل التي تشير بوضوح إلى الأطراف التي تتحمل مسؤولية هذا العمل الإرهابي وكل عمل إرهابي جرى منذ سنوات في سورية والعراق وتونس ولبنان وليبيا والجزائر. وأول من يتحمل هذه المسؤولية هو:
أولاً: كل من روّج للتضليل الإعلامي وشجعه ومارسه في وسائل الإعلام حين كان يعرض هذه العمليات الإرهابية على شكل «بطولات» و«ثورة» في سورية منذ الأشهر الأولى عام 2011 وحين كان يفضل اتهام الحكومة السورية والجيش «بقتل المدنيين والمتظاهرين» بينما كان المراسلون الذين يعملون معه يعرفون من قام بهذه الأعمال والتفجيرات.
ثانياً: كل من أرسل السلاح والمال لتجنيد المجموعات المسلحة وزيادة عددها إلى حد تجاوز ثلاثمئة مجموعة في سورية وحدها.
وكان نائب الرئيس الأميركي (جو بايدين) أول من اعترف أمام طلاب جامعة هارفارد في 5/10/2014 بأن «السعودية وبعض دول الخليج مصممة على إسقاط النظام في سورية (…) وتنفق ملايين الدولارات وتقدم عشرات الآلاف من الأطنان من الأسلحة لكل من يريد شن قتال ضد الأسد» وأضاف: «والآن ربما تقولون إنني أبالغ انظروا أين تتجه كل هذه العمليات، وكل هذا المال والسلاح يصل إلى أيدي أنصار القاعدة والنصرة والمجموعات المتطرفة».
ورغم هذا الاعتراف يرى بايدين أن «الولايات المتحدة لم تستطع إقناع زملائها بإيقاف هذا الدعم»؟!
ففي أيار 2014 وقعت عمليات في بروكسل وتبين أن مسلحاً يحمل الجنسية الفرنسية قاتل مع الإرهابيين في سورية وعاد لينفذ عملية في أوروبا وجرى اعتقاله واعترف بما فعل. ومنذ 7/1/2015 استمرت العمليات في فرنسا بعد مهاجمة مقر مجلة (شارلي إيبدو) .
وتلتها عمليات 13/11/2015 المكثفة وبقي الرئيس الفرنسي هولاند يصر على دعم كل من يقاتل الحكومة والقيادة السورية ويوفر هو وأوباما وكاميرون والحلفاء من دول المنطقة أوسع حملة تحريض ضد الجيش السوري الذي لم ينقطع للحظة واحدة عن محاربة كل المجموعات الإرهابية بمختلف أسمائها.
وبهذه الطريقة قدموا لداعش ومجموعاتها غطاء وطمأنينة لشن المزيد من العمليات وتجنيد المزيد من الإرهابيين وهم يعرفون أنهم بذلك يخلقون أجواء تحريضية تدفع مسلمين فرنسيين من أصول عربية ومسلمين آخرين من دول آسيوية للانضمام إلى هذه المجموعات. ومن لا ينضم من هؤلاء الشبان تبق في ذاكرته خطابات وسائل الإعلام التحريضية عن «بطولات» هذه المجموعات.. فمن المعتاد منذ بداية الأزمة أن تستهل وسائل الإعلام التي تمولها دول النظام الرسمي العربي أخبارها وبرامجها بعرض بطولات عمليات النصرة وداعش والقاعدة ضد سورية فتتوافر للمستمعين وسائل تحريض على الانتماء لهذه المجموعات (وتشيطن) من جانب آخر أعداء داعش الحقيقيين الذين يقاتلون ويسقط منهم الشهداء.
ولم تكن القنوات الأوروبية الناطقة بالعربية تختلف في برامجها عن برامج الجزيرة والعربية ولهذا السبب يصبح خطابها الإعلامي حافزاً للفرنسيين المسلمين للانتماء إلى داعش والانتقال إلى تكفير الأوروبيين أيضاً.. فالمسؤول الأول عن كل هذا الإرهاب الذي يضرب فرنسا هو حكام الغرب الذين لم يقفوا مع من يقاتل داعش بل وقفوا ضد كل من يقاتل داعش في سورية، وهذا ما يتضمنه إعلان نائب الرئيس الأميركي جو بايدين الموثق؟!