عربي ودولي

فرنسيون مستاؤون «كفى خطابات» و«سئمنا المجازر في شوارعنا» … إصرار فرنسي على «التطرف الديني» في هجوم نيس.. والحكومة ترد على الانتقادات

على الرغم من أن كل الوقائع والتحقيقات تشير إلى أن منفذ هجوم نيس الفرنسية، شخص له سوابق جنائية في السرقة والإجرام، إلا أن باريس تصر على أن الهجوم له علاقة بـ«التطرف الديني الإسلامي».
فبعد الحادثة بفترة وجيزة، وقبل وضوح تفاصيل وهوية منفذ الهجوم الدموي، خرج الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مباشرة بعد الحادث، ليقول: «إن فرنسا مهددة من الإرهاب الإسلامي».
تبعه رئيس الوزراء مانويل فالس مدلياً بتصريحات في مقابلة مع صحيفة «لو جورنال دو ديمانش»، نشرت أمس قال فيها إن الرجل الذي قام بالهجوم في نيس تحول إلى التطرف الديني منذ فترة حديثة، مضيفاً: «التحقيق سيثبت هذه الحقائق ولكننا نعرف الآن أن القاتل تطرف بسرعة جداً».
وأشار فالس، الذي قال إن الأجهزة الأمنية منعت 16 هجوماً خلال ثلاث سنوات، إلى أن ما حدث الخميس كان يمثل أسلوب عمل تنظيم «داعش» في إقناع أشخاص مضطربين نفسياً بتنفيذ هجمات بأي طريقة ممكنة، مشيراً إلى أن «داعش تعطي أشخاصا غير مستقرين أفكاراً إيديولوجية تسمح لهم بتبرير أفعالهم، هذا ربما ما حدث في قضية نيس». غير أن فالس حذر عبر الصحيفة من أي مزايدة وقال: «أرى أن تصاعد وتيرة الاقتراحات يعكس محاولة متزايدة للتشكيك في دولة القانون»، وأضاف: إن «التشكيك في دولة القانون والتشكيك في قيمنا سيكون أكبر استسلام». وذلك على ما يبدو رد منه على طلب زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن وزير الداخلية السبت إلى الاستقالة على خلفية «التقصير الخطير» للدولة في حماية الفرنسيين.
وعلى الرغم من أن منفذ الهجوم الدموي وفقاً لمعارفه والمقربين منه كان يتعاطى الخمر وله سوابق في الإجرام والسرقة، إلا أن هذا الأمر لم يمنع تنظيم «داعش» من تبني الهجوم.
وكانت التحريات قد أثبتت بعد تحديد هوية منفذ الهجوم بالشاحنة، وهو التونسي المقيم في فرنسا محمد الحويج بوهلال، أن له سوابق إجرامية، وأكد النائب العام الفرنسي فرانسوا مولاينس، في مؤتمر صحفي أن «القضاء الفرنسي حكم على بوهلال بالسجن ستة أشهر جراء مشاركته في شجار نتيجة حادث سيارة»، مؤكداً أن «له سوابق ما بين عامي 2010-2016 تتعلق بالسرقة والتهديد والعنف، إلا أنه لم يكن ملاحقاً من قبل المخابرات الفرنسية، ولم يكن اسمه مدرجاً في قائمة المشتبه في صلتهم بالإرهاب في البلاد».
ولم تقدم السلطات الفرنسية بعد دليلاً على أن بوهلال له أي صلة بتنظيم «داعش»، إلا أن فالس قال إنه ليس هناك شك في دوافع المهاجم، ما يناقض الحقائق التي أدلى بها القضاء الفرنسي، وكذلك ما صرح به أقرباء منفذ الهجوم التي تنفي أن تكون للأخير أي ميول دينية.
ومن جانبها اعتقلت السلطات الفرنسية أمس شخصين إضافيين هما رجل وامرأة بحسب مصدر قضائي. ولا يزال أربعة رجال قريبين من بوهلال موقوفين على حين تم الإفراج عن زوجته السابقة.
وبدوره جدد رئيس الوزراء السابق والمرشح لانتخابات اليمين الرئاسية التمهيدية آلان جوبيه هجومه أمس على الحكومة وقال «يمكننا القيام بالمزيد و(اتخاذ تدابير) أفضل رغم أن انعدام خطر (وقوع اعتداءات) غير موجود بالتأكيد»، ودعا في هذا السياق إلى «الانتقال للسرعة القصوى» ضد الإرهاب.
بدوره أيد رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه تمديد حال الطوارئ بعد اعتداء نيس، مشدداً أمس على أن «الفرنسيين ينتظرون أكثر من رئيس الجمهورية والحكومة».
وعلى صعيد عديد قوات الأمن، تسعى السلطات بكل ما أوتيت إلى طمأنة الرأي العام. وأكد كازنوف أن «مئة ألف شرطي ودركي وعسكري مستنفرون لضمان أمن مواطنينا».
ومن جهته، أكد وزير الدفاع جان ايف لودريان أن المشاركين في العملية العسكرية الذين رفع عديدهم من سبعة آلاف بعد نهاية كأس أوروبا 2016 إلى عشرة آلاف، سيبقون على هذا النحو «حتى نهاية الصيف». واستياء الفرنسيين المتعاظم من موجة الاعتداءات عكسته رسائل وضعت في الجادة المستهدفة في نيس وأبرز ما كتب فيها «كفى خطابات» و«سئمنا المجازر في شوارعنا» و«فلنوقف المجزرة».
وبعد ثلاثة أيام من الحداد الوطني، تلتزم فرنسا بأسرها اليوم الاثنين في الساعة 10.00 ت غ دقيقة صمت على أن يعاد بعدها فتح جادة «لا برومناد دي زانغلي» في نيس (جنوب شرق) في شكل كامل. وسيعقد مجلس الدفاع اجتماعاً ثالثاً صباح اليوم الاثنين في مقر الرئاسة الفرنسية.
إلى ذلك أعلنت وزارة الصحة الفرنسية، أمس أن 85 مصاباً في هجوم مدينة نيس الفرنسية الدامي لا يزالون في المستشفى، 18 منهم في حالة حرجة.
وفي الوقت الذي لم يتبق فيه على الانتخابات الفرنسية الرئاسية والبرلمانية سوى أقل من عام، يصعد ساسة المعارضة الفرنسية، لتوظيف هجوم نيس، من أجل الضغط وتوجيه التهم للسلطات فيما وصفوه بـ«قصور أمني» أتاح للشاحنة السير لمسافة كيلومترين عبر حشود ضخمة قبل وقفها في نهاية الأمر.
(أ ف ب– روسيا اليوم)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن