رياضة

منتخب البرتغال.. السلحفاة التي سبقت كل الأرانب … أفكار سانتوس وتألق باتريسيو والبقية كومبارس

قد لايكون الأول فقد سبقه كل من إيطاليا 1982 وكذلك الدانمارك واليونان عامي 1992 و2004 إلا أن تتويج منتخب البرتغال بطلاً لكأس الأمم الأوروبية التي اختتمت نسختها الخامسة عشرة قبل أيام على الأراضي الفرنسية يدخل باب المفاجآت الكبرى في عالم قطعة الجلد المدور على الرغم من أن الفريق الملقب بـ(برازيل أوروبا) دخل المنافسة مرشحاً للعب أدوار متقدمة فيها وبالتالي أحد فرسان الرهان حول اللقب، فلم يقدم السيليكسيون ما كان منتظراً من فريق عرف عنه عشقه للكرة الهجومية خلال البطولة ولم يكتف بهذا فقد قدم عروضاً باهتة وأداء دفاعياً مقيتاً وباختصار فقد اتبع المقولة الشهيرة «الغاية تبرر الوسيلة».
هذا الكلام لن يقدم أو يؤخر بالطبع فقد أصبح منتخب البرتغال البطل العاشر لأوروبا وبات لعشاقه لقباً يتباهون به ودخل رونالدو ورفاقه نادي العظماء من الباب العريض، كيف توج السيليكسيون بكأس البطولة؟ وكيف استطاع مدربه فرناندو سانتوس وضع التركيبة المناسبة التي أظفرته باللقب؟ وما أهم محطاته وأرقامه في فرنسا 2016؟.. نتابع في السطور التالية:

نظرة إلى الوراء
قبل قرابة 92 عاماً ظهر منتخب البرتغال إلى العلن للمرة الأولى بمباراة دولية جمعته بجاره الإسباني وخسرها بنتيجة 1/3، وجاءت مشاركته الدولية الأولى في أولمبياد 1928 ويومها خسر في ربع النهائي أمام مصر 1/2، وشارك في تصفيات المونديال منذ النسخة الثانية عام 1934 إلا أنه أخفق بالتأهل إلى النهائيات حتى بطولة 1966 ويومها قدم الهداف الأسمر إيزيبيو ورفاقه بطولة للذكرى وحلوا بالمركز الثالث على حساب الاتحاد السوفييتي 2/1 بعد خسارة نصف النهائي بالنتيجة ذاتها أمام الإنكليز، وبقي ذلك إنجاز السيليكسيون الأفضل على الرغم من أنه أصبح زبوناً دائماً في البطولة منذ 2002 بعد ظهور متواضع في 1986.
أوروبياً لم تكن الحال أفضل قبل عام 1984 حيث التأهل الأول إلى النهائيات وعلى غرار الحدث المونديالي سجل شالانا ورفاقه بطولة للذكرى عندما خسروا في نصف النهائي من الفرنسيين، وعاد البرتغاليون إلى النهائيات عام 1996 مستفيدين من الأكاديميات التي أثبتت نجاعتها وخرجت العديد من النجوم ومازالت ولم تعد شمسها تغيب عن البطولة القارية بل جاء سجلهم رائعاً وهم الذين لم يخرجوا قط من الدور الأول وتأهلوا إلى شبه النهائي في أربع من خمس نسخ أخيرة حتى جاءت البطولة الأخيرة وفيها توجوا أبطالاً ليفكوا العقدة.

فورة الأحمر والأخضر
في عام 1989 توج منتخب البرتغال بكأس العالم للشباب تحت 19 عاماً ثم احتفظ بالبطولة بعد عامين وأسس جيل تلكما البطولتين نواة لمنتخب قوي مهاب الجانب توقع الجميع وصوله إلى قمة كرة القدم العالمية، واستطاع المنتخب منذ يورو 1996 أن يكون رقماً صعباً في البطولات التي شارك فيها لكنه لم يبلغ القمة رغم اقترابه منها في مونديال 2006 ويورو 2000 و2004 و2012، ولذلك لم يكن غريباً أن يصبح أحد المرشحين للمنافسة بالبطولات الكبرى على غرار يورو 2016 ولاسيما بوجود كريستيانو رونالدو أغلى لاعب في العالم وأحد أفضل لاعبين في العالم خلال العقد الأخير، وكذلك وجود نخبة من اللاعبين المساعدين الماهرين الذين تألقوا في ملاعب أوروبا خلال الفترة ذاتها أمثال ناني وبيبي وكواريزما وموتينيو وسواهم.

شكراً لليويفا
لقد ذهب البرتغاليون إلى فرنسا مرشحين للفوز بالكأس إلا أن الصورة تغيرت منذ الإطلالة الأولى لرونالدو ورفاقه أمام آيسلندا فقد كان ملعب غوفري غيشار في سانت إيتيان شاهداً على فريق شاحب لم يستطع الحفاظ على تقدمه أمام فريق يافع، فكان أن ضحك الفريقان بالتعادل، وعززت المباراة الثانية أمام النمسا هذا الأمر فقد أخفق لاعبو سانتوس بالتسجيل حتى إن رونالدو أهدر ركلة جزاء، وتوقع الكثيرون انتفاضة في المباراة الأخيرة أمام المجر، إلا أن الأخير تقدم ثلاث مرات بالنتيجة والشيء الوحيد الذي يحسب للبرتغاليين أنهم رفضوا الخسارة وعادوا بالنتيجة في المرات الثلاث ليتعادلوا للمرة الثالثة وبفضل نظام البطولة عقب زيادة عدد منتخبات النهائيات أنقذ هذا التعادل الفريق البرتغالي من الخروج من الدور الأول للمرة الأولى بعد 8 مشاركات في نهائياتها.

حكاية تروى
بعد الدور الأول لم يكن مستغرباً أن نرى البرتغال خارج البطولة مع أول هزّة، توقع الجميع أن يقع السيليكسيون في أول مطب أمام الكرواتي (الناري) الذي تصدر مجموعته على حساب البطل الإسباني إلا أن لاعبي سانتوس دافعوا بشراسة أمام الخصم الأقوى وسحبوه إلى الوقت الإضافي حيث باغتوه بهجمة مرتدة عنترية قبل النهاية بثلاث دقائق اختتمها البديل كواريزما بالشباك معلناً تجاوز أول مطبات الإقصاء.
الخصم التالي كان البولندي وسار الفريقان بعد مباراة مملة إلى وقتين إضافيين ثم إلى ركلات الترجيح ولأن تاريخ اليورو يقول (ليس هناك فريق يفوز مرتين متتاليتين بالترجيح) فقد فاز البرتغاليون الأكثر هدوءاً.
نصف النهائي اختلفت الحكاية قليلاً بملاقاة الضيف الويلزي الذي افتقد خبرة البطولات الكبرى لكن التفوق البرتغالي كان على الورق قبل أن يفرضه التقدم بهدفين سريعين مع بداية الشوط الثاني فكانا حاسمين وكفيلين ببلوغه النهائي للمرة الثانية بتاريخه.

بطل على غير موعد
لم يقدم المنتخب الفرنسي صورة باهرة خلال البطولة إلا إذا استثنينا بعض مراحل نصف النهائي أمام ألمانيا لكن مع ذلك صبت الترشيحات في مصلحته لأن كل الأوراق الزرقاء كانت أثقل بداية من الأرض والجمهور وليس انتهاءً بتفوق فرنسا على صعيد الهجوم، وبالطريقة التي أدى بها فرناندو سانتوس أدوار خروج المغلوب لعب البرتغاليون أمام الفرنسيين وجاءت إصابة رونالدو لتزيد تخوف محبي فريقه من خسارة وشيكة.
حصل العكس تماماً فتحرر رفاق الطوربيد من الضغوط وبدوا أقل توتراً وأدوا ما عليهم وأكثر، ما عليهم بأن تفادوا أي هدف طوال 90 دقيقة ثم التمديد والأكثر فعله لاعب بديل يدعى إيدير لوبيز بتسجيله هدف الفوز والتتويج الأغلى في تاريخ كرة البرتغال.

البطل الحقيقي
عودتنا البطولات الكبيرة بتفوق نجم أو اثنين للفريق البطل ويمكننا نسب النجاح له أو لهما إلا أن بعض البطولات يكون فيها البطل الحقيقي هو المدرب وهو ما ينطبق على فرناندو سانتوس صاحب القول الفصل على الورق وبسبب نهجه الدفاعي وتبديلاته الموفقة وتشكيلته استطاع المنتخب البرتغالي الفوز باللقب الأوروبي.
سانتوس المولود في العاصمة لشبونة عام 1954 والذي درب أندية البرتغال الثلاثة الكبيرة (بنفيكا وسبورتنغ وبورتو) لم يكن لاعباً مشهوراً وهو الذي نشأ في بنفيكا قبل أن يغادره شاباً إلى أندية مغمورة، وبدأ مشواره التدريبي قبل ثلاثين عاماً ودرب أكثر من ناد في اليونان قبل أن يتسلم المنتخب اليوناني بين 2010 و2014 وتأهل معه إلى اليورو والمونديال قبل أن يقود الدفة البرتغالية منذ تشرين الأول 2014 عقب الخسارة من ألبانيا بتصفيات يورو 2016، فخاض معه 26 مباراة فاز بـ16 منها مقابل 4 تعادلات و6 هزائم ليس بينها أي مباراة رسمية.

البارع باتريسيو
لقد كان سانتوس صاحب الفضل الأكبر في الإنجاز البرتغالي وعلى أرض الملعب كان الحارس روي باتريسيو الأكثر لمعاناً وتألقاً بتصديه لأكثر من كرة صعبة وحاسمة ولاسيما في أدوار الإقصاء وخاصة في النهائي فشكل سداً منيعاً واستحق نجومية السيليكسيون والمنافسة على لقب الأفضل في البطولة على وجه العموم.
باتريسيو حارس مرمى سبورتنغ يبلغ من العمر 28 عاماً وسبق له تمثيل المنتخب الوطني على صعيد فئاته العمرية كافة بداية من الأشبال وانتهاءً بالأول الذي ظهر معه للمرة الأولى عام 2010 وخاض معه 52 مباراة دولية.

والبقية
كل الأنظار اتجهت بالطبع إلى رونالدو صاحب الباع الدولي الكبير وقد استطاع تحطيم أكثر من رقم قياسي فإضافة إلى تعزيزه صدارة الهدافين على الصعيد الدولي أصبح الأكثر ارتداءً للقميص الوطني وتساوى مع بلاتيني بصدارة هدافي البطولة تاريخياً بـ9 أهداف وانفرد برقم قياسي على صعيد الظهور في نهائيات البطولة بـ21 مباراة، ورغم كل هذه الإنجازات الفردية لم يقدم (الدون) ما كان منتظراً منه ولا يمكننا وصفه بالنجم المؤثر وإن كان هدفه بمرمى ويلز هي أهم إضاءاته.
ومثله ناني وكواريزما وجواو ماريو ويعتبر المدافع بيبي ولاعب الارتكاز ويليام كارفاليو من نجوم البطولة على الرغم من أن الفريق تجاوز نصف النهائي بغيابهما، ولا ننسى الصاعد ريناتو سانشيز وصاحب هدف النهائي إيدير لوبيز، والجنود المجهولين: رافاييل غيريرو وسيدريك سواريس وجوزيه فونتي والبديل موتينو وبقية اللاعبين العشرين الذين شاركوا بشكل متقطع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن