اقتصاد

تقصير أم فساد؟! لماذا لا تنفذ الجمارك الأحكام الصادرة لمصلحتها؟ .. مدير الجمارك: الحكم لمصلحة إدارة الجمارك حكم مدني لجهة الغرامات … رئيسة المحكمة الجمركية: مندوب الجمارك لا يتمتع بالخبرة القانونية لإجراء التنفيذ

| محمد راكان مصطفى

عن تأخر مدير الجمارك في إجراءات التنفيذ للأحكام الصادرة من المحاكم الجمركية لمصلحة مديرية الجمارك، التي يعود بعضها إلى أكثر من خمس سنوات بيّن المدير العام للجمارك فواز أسعد لـ«الوطن» أنه وعند صدور الحكم القضائي من المحكمة الجمركية لمصلحة إدارة الجمارك تقوم إدارة الجمارك بمتابعة إجراءات التنفيذ لدى دائرة تنفيذ الأحكام المدنية، مؤكداً أن الحكم لمصلحة إدارة الجمارك هو حكم مدني لجهة الغرامات المستحقة، وهنا تكمن خطورة التنفيذ.
وأنه ليس من الضروري أن يكون هناك أموال أو أملاك مسجلة باسم المخالف الذي صدر بحقه الحكم القضائي، ومن ثم يتعذر التنفيذ لعدم وجود ما يمكن التنفيذ عليه، وهنا تبقى التدابير الاحترازية لجهة منع السفر والحجز وسيلة ضغط على المخالف لتنفيذ الحكم لكونها تعوق حركة المخالف وحريته وأعماله التجارية.
من جهتها رئيسة المحكمة الجمركية بدمشق انتصار الصالح بينت لـ«الوطن» أنه وعند صدور الحكم القضائي من المحاكم الجمركية لمصلحة إدارة الجمارك واكتساب الحكم الدرجة القطعية تقوم إدارة الجمارك بتنفيذ هذه القرارات، ما يجعل مسؤولية التأخير والتراكم في التنفيذ على عاتق مديرية الجمارك.
ومن وجهة نظر الصالح أن هذا البطء بالتنفيذ يعود إلى أن إدارة الجمارك تقوم بتحييد إدارة قضايا الدولة (وهي محامي الدولة عن إدارة الجمارك) والمكلفة أساساً إقامة الدعوى منذ البداية، وفي جميع مراحل التقاضي، وانتهاءً باكتساب الحكم الدرجة القطعية، إلا أنه وفي مرحلة التنفيذ لا تقوم مديرية الجمارك بتكليف إدارة القضايا متابعة تنفيذ الأحكام القضائية، وإنما ترسل مندوب عنها من موظفيها الذي وعلى الأرجح لا يتمتع بالخبرة القانونية المطلوبة لإجراء التنفيذ ومن هنا يكون التقصير في متابعة إجراءات التنفيذ مقصوداً أو غير مقصود منه.
وعقبت صالح على تصريح مدير الجمارك بأنه من الصحيح أن الحكم الصادر عن المحاكم الجمركية هو حكم مدني إلا أن ذلك في شق منه، وهو جزائي في شق آخر بمعنى أن الغرامات التي يفرضها القضاء الجمركي هي غرامات مالية لكن في حالة عدم دفع هذه الغرامات يطبق الحبس الإكراهي لمدة سنة لمن يمتنع عن تسديد الغرامات الواجبة عليه ومن ثم لم يعد التنفيذ المدني هو المختص فقط في حال عدم التسديد بل يصبح التنفيذ من اختصاص دائرة تنفيذ الأحكام الجزائي أيضاً التي تصدر النشرات الشرطية بحق المخالفين الممتنعين عن تسديد الغرامات، وفي حال إلقاء القبض على المخالف بعد اكتساب الحكم الدرجة القطعية يغدو أمر التنفيذ المالي والجزائي موجباً بمعنى أنه على المخالف أن يسدد كامل الغرامة المفروضة عليه بموجب الحكم القضائي.
وأشارت الصالح إلى أنه وإضافة إلى ما ذكر سابقاً من إجراءات هناك التدابير الاحترازية الأولية التي يقوم بها وزير المالية من إلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة للمخالفين عند تنظيم محضر ضبط المخالفة ويتم تثبيت هذا التدبير الاحترازي من القضاء الجمركي، بحيث إنه وفي حال عدم قيام المخالف بتسديد ما عليه من غرامات محكوم بها يجري التنفيذ بشأنها.
مضيفة: إن من التدابير الاحترازية أيضاً تدبير منع السفر الذي يطبق بحق المخالف خشية تهريب الأموال والتهرب من تسديد الغرامات بسفر المخالفين إلى خارج القطر، والذي لا يتم رفعه إلا في حال دفع الغرامات وهو وسيلة من وسائل الضغط التي تستخدم على المخالف لكونها تقيد حريته في السفر والتعاملات التجارية.
يشار إلى أن الصالح كانت في وقت سابق عبر «الوطن» قد طالبت بأن يتم تعديل قانون الجمارك بما يتناسب مع الوضع الحالي حيث تكون العقوبة رادعة ومنصفة في الوقت نفسه، وأنه يجب الأخذ بالحسبان أن قانون الجمارك متناقض في بعض المواد ومتشدد في بعضها الآخر، ما يستوجب أن تكون صلاحيات المحكمة الجمركية تبدأ مع بداية تنظيم الضبط الجمركي بصلاحيات أوسع، وألا يتم حصر حق الادعاء فقط بإدارة الجمارك العامة وذلك من خلال إقامة نيابة عامة جمركية تحافظ على الحق العام للدولة في القضايا المنظمة، وأن تكتسب المحكمة الجمركية الصفة الجزائية، إضافة إلى صفتها المدنية في آن واحد حيث يتم النظر في القضايا بشقيها الجزائي والمدني من المحكمة نفسها، الأمر الذي من شأنه تخفيف العبء عن القضاء وتخفيف الإجراءات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن