سورية

رأى أن الدبلوماسية مهمة في إنهاء الحرب.. والمخرج قول بوتين لأوباما «شكراً».. وضمانة الاستقرار هو التحالف الإقليمي … تيم أندرسون مؤلف كتاب «الحرب القذرة على سورية» في مقابلة مع «الوطن»..: انفتاح الاتحاد الأوروبي على دمشق سيتطور بشكل دراماتيكي.. ولا أعتقد أن هناك أيادي أميركية فيما حدث في تركيا

| حاوره: مازن جبور – تصوير طارق السعدوني

اعتبر الكاتب الأسترالي، مؤلف كتاب «الحرب القذرة على سورية، واشنطن: تغيير النظام والمقاومة» تيم أندرسون، الصادر حديثاً في كندا عن مركز «غلوبال ريسيرتش» للدراسات، أن أميركا تخسر في الحرب على سورية فهي لم تعد قادرة «على تقسيم سورية ولا على إسقاط النظام»، وأن كل ما تستطيع فعله الآن «قتل المزيد من الناس».
وفي مقابلة مطولة مع «الوطن» قال أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة سيدني الذي يقوم حالياً بزيارة إلى سورية: إن الدبلوماسية مهمة جداً في إنهاء الحرب لأن بإمكان أميركا الإبقاء على إرسال الإرهابيين إلى سورية، لافتاً إلى أنه وفي إطار الدبلوماسية هناك مخرج بأن يقوم الرئيس فلاديمير بوتين بالقول للرئيس باراك أوباما: «شكراً لك على جهودك بما يحفظ له (للأخير) ماء وجهه».
وأوضح أندرسون الذي نشر كتابه باللغتين الإنكليزية والألمانية وقام «مركز دمشق للأبحاث والدراسات» (مداد) بترجمته إلى اللغة العربية وسيوزع قريباً أن السعودية لا تستطيع أن تستمر على موقفها من سورية من دون دعم أميركا، معتبراً أن الضمان للاستقرار في سورية هو التحالف الإقليمي القوي الذي يضم إيران والعراق وسورية وروسيا.
ورأى أندرسون في تعليقه على محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا أن أي خلل يحصل في تركيا والاتحاد الأوروبي سيكون لمصلحة سورية، وأن الانفتاح الأوروبي على سورية سيتطور بشكل دراماتيكي.
واعتبر أن تطوير العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي ضروري لتخفيف العقوبات عن سورية.
وفيما يلي نص المقابلة:
 «الحرب القذرة على سورية» عنوان كتابك من أين أتت فكرته؟ ولمن توجهه؟
 قبل خمس سنوات لم يكن لدي معرفة كافية عن سورية، لذلك أردت معرفة الحقيقة، لقد درست سابقاً الحروب في أميركا اللاتينية وأعرف عنها الكثير، لذلك تولد لدي شكوك حول أن هناك تدخلات خارجية بسورية وكان علي أن أجمع وقائع ومعلومات عما يحدث، فقرأت الكثير حول ما يجري في سورية، وفي البداية كتبت مقالات، ثم كتبت الكتاب حتى أتمكن أن أصل بالدليل الواقعي إلى الحقيقة. الكتاب موجه للجمهور الغربي الناطق باللغة الإنكليزية حتى يعرف ما يجري في سورية، وبما أن الطبعة العربية ستصدر قريباً في سورية أرغب أن أعرف كيف ينظر السوريون إلى هذا الكتاب أيضاً.

مشروع «الشرق الأوسط الجديد» يخسر ويسقط
 مشروع أميركا «الشرق الأوسط الجديد» أين تراه بعد خمس سنوات من الصراع في المنطقة؟
 ما يتعلق بـ«الشرق الأوسط الجديد»، كان من أهداف كتابي، حيث وُضعت سورية في السياق الأعم لشرق أوسط جديد. مؤخراً كان هناك مخططات لأفغانستان والعراق وليبيا، ثم الآن في سورية، وقد توقفت هذه الخطة في سورية وفي العراق أيضاً، ويبدو أن الأمر يتغير، بسبب مقاومة سورية، وبسبب دعم حلفائها، وأيضاً بسبب تطور علاقة محور المقاومة، ذلك أن العراق بدأ ينضم إلى هذا المحور، وأصبح أكثر قوة، ما جعل هذا المشروع يخسر ويسقط.

داعش صنيعة لحلفاء واشنطن في المنطقة
 هناك الكثير من التقارير الغربية التي تقول إن نهاية تنظيم داعش الإرهابي باتت قريبة. ما مدى حقيقة هذه التقارير من وجهة نظرك؟ وكيف يبدو مستقبل داعش؟
 أرى أن تنظيم داعش هو صنيعة لحلفاء واشنطن في المنطقة وهو يعيش على تمويلهم وتسليحهم، وبما أن هذا التمويل والتسليح قائم سيستمر التنظيم، ولا أرى أن هناك فرقاً بين داعش وتنظيم جبهة النصرة ومجموعات إرهابية أخرى. المشكلة أن المواطنين الغربيين تأثروا بآراء حكوماتهم، بأن التنظيمات المسلحة في سورية قسمان: من جهة «النصرة» وداعش ومجموعات مسلحة تابعة لها، وفي الجانب الآخر «معارضة معتدلة»، وأيضاً تأثروا بأفكار عن التدخل الإنساني بثتها حكوماتهم وإعلامهم، وأحد الأمور التي دفعت الرأي العام الغربي إلى إعادة التفكير بما يجري في سورية هو استعادة الجيش العربي السوري لتدمر، حيث بدأ الجمهور الغربي يتساءل من يقاتل داعش؟ ويقول: «الجيش السوري هو من يقاتل داعش»، وإن كان يحصل على دعم من حلفائه إلا أن الجيش السوري هو من دخل إلى تدمر، لذلك بدأت الأسئلة المعاكسة من الرأي العام الغربي، هل كانت حقاً أميركا تحارب داعش؟ وبدؤوا يشككون في بعض الأوهام التي وضعتهم بها حكوماتهم التي اعتادوا تصديقها.

 نعلم أن داعش يعيش على دعم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، لكن مؤخراً إرهاب داعش طال حلفاء الولايات المتحدة الأميركية ومنها الأردن، والسعودية والدول الأوروبية وأيضاً أميركا نفسها، هل تعتقد أن واشنطن ستستمر في دعم داعش عبر حلفائها في المنطقة؟
 تفسير ذلك له احتمالان: إما داعش بدأ يمول نفسه ذاتياً وبمعزل عن الدول التي تدعمه، وإما أنه يقوم بتلك الهجمات كـ«استفزاز» لاستدعاء وجود غربي أكثر نفوذاً في المنطقة بحجة محاربة داعش، كما أن أحد العوامل التي جعلت الغربيين يعيدون النظر في الرواية الغربية تجاه سورية هو ما عرضته روسيا من صور حول تهريب داعش للنفط وعلاقتها في ذلك مع دول الجوار وبدؤوا يتساءلون إذاً من يمول داعش؟

أدلة كثيرة على صنع السعودية لداعش
 هناك اتهامات متبادلة بشأن تشكيل داعش، الغرب يدعي أنه صنيعة سورية «ليقول النظام إما أنا وإما داعش»، في المقابل الحكومة السورية تقول إنه نتيجة الغزو الأميركي للعراق ونشوء ما يسمى «الدولة الإسلامية في العراق» على يد «أبي مصعب الزرقاوي»، أين الحقيقة في ذلك؟
 هذا عرض جيد جداً للنقاش، لكن ليس هناك أي دلائل حقيقية حول أن الحكومة السورية هي من خلق داعش، على حين على المقلب الآخر هناك الكثير من الأدلة تشير إلى أن ما كان يسمى «الدولة الإسلامية في العراق» عام 2006 تم تدويلها وبدعم سعودي وهناك الكثير من التقارير تشير إلى ذلك، وأثبتت تقارير فيما بعد وجدت في سنجار أن الكثير ممن في تنظيم «الزرقاوي» كانوا غير عراقيين منهم سعوديون وأغلب الباقي من شمال إفريقيا والبعض من سورية، لذلك قلت إن تنظيم «الزرقاوي» تم تدويله، وفي 2006 ظهر علناً مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، ولكن بعد حرب تموز 2006 وما أفرزته من تغييرات، أوكلت الولايات المتحدة للسعودية مهمة تأجيج الصراع الطائفي في المنطقة على أساس سني شيعي وهناك مقال مهم لسيمون هيرش في هذا الإطار عنوانه «إعادة التوجيه» نشر في 2007، إذ إن ما كان يسمونه آنذاك «النظام السني المعتدل» والمقصود فيه ملكيات الخليج وجهوه في إطار ما كان يسمونه «صراعاً عربياً فارسياً» وحولوه إلى «صراع سني شيعي»، لذلك عولوا على «الصراع السني الشيعي» ونشروه على نطاق واسع نظراً لعدم القدرة على تعميم نظرية الصراع على أساس عربي فارسي، والحقيقة أنهم أججوا الحرب على ذلك الأساس بين العراق وإيران، وفيما بعد كانوا قلقين بعد الإطاحة بصدام حسين أن تكون هناك علاقات جيدة بين الحكومة العراقية الجديدة وإيران لذلك وجهوا عملاءهم في المنطقة كي لا تتم هذه العلاقة لأنهم وجدوا أنها تهدد مشروع «الشرق الأوسط الجديد» فدفعوا باتجاه صراع طائفي وهذا يشرح مقالة هيرتش كيف أعادت أميركا توجيه مشروع «الشرق الأوسط الجديد» على أساس طائفي؟

الانفتاح الأوروبي على سورية
سيتطور بشكل دراماتيكي
 برلمانيون أوروبيون زاروا دمشق مؤخراً، وأكدوا دعمهم لرفع العقوبات عن سورية، كذلك زارها وفد إيطالي أمني، كيف تقيم تلك الزيارات؟ وما دوافعها من حيث التوقيت وتطور الأحداث السورية؟
 العلاقة بين سورية والاتحاد الأوروبي مهمة جداً، وما حصل من تطورات مؤخراً في أوروبا يؤثر أيضاً على هذه العلاقة، ولكن ما دام هناك تكامل بين العقوبات الأميركية والأوروبية فهذا سيئ جدا، فالعقوبات على سورية من أوروبا منفصلة عن العقوبات الأوروبية على روسيا، لكن من حيث إستراتيجية حلف شمال الأطلسي «الناتو» القائمة على تطويق كل الدول التي تعاكس سياسته، وسورية الآن في صف روسيا ومن ثم هذا يؤثر في حجم العقوبات عليها، فـ«الناتو» ما زال في أفغانستان، وما زال له حلفاء في منطقة الشرق الأوسط، والوفود الأوروبية التي تتردد إلى سورية منذ سنتين أو ثلاث سنوات تأتي تحت تأثير الهجمات الإرهابية التي تحدث في أوروبا، وخوفاً من عودة المقاتلين الأجانب في تنظيم داعش إلى بلدانهم الأصلية، وممارسة المزيد من الأعمال الإرهابية.

 في أي إطار تضع زيارة هذه الوفود الأوروبية؟
 الأوروبيون يأتون وهذا ليس مصادفة، فالأوروبيون، كما قلت، لديهم مخاوف من عودة الإرهابيين إلى أوروبا، ولديهم قلق بشأن مسألة اللاجئين، كما أنهم يرغبون في تحسين علاقاتهم مع روسيا، لذلك نعم هذه الوفود تأتي إلى سورية أيضاً لأنهم يرغبون في تحسن اقتصادهم نظراً لما تعرض له بسبب خلافهم مع روسيا من خلال ذلك نرى أن الأوروبيين لديهم مخاوف مختلفة عن الأميركيين.

 هل ترى أن هذا الانفتاح الأوروبي على سورية سيتطور بشكل دراماتيكي؟
 نعم لأن الاتحاد الأوروبي وضعه سيئ جداً في الفترة الأخيرة، فهم لديهم علاقات مع إيران وهناك مصالح وأعمال مشتركة لكن العقوبات الأميركية تحد من ذلك ففي الإطار العام هناك تحول في السياسة الأوروبية ليس فقط بسبب سورية.

خلافات كبيرة داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم
 في إطار التجاذبات بين الناتو وموسكو في ظل سعي الناتو إلى تطويق روسيا. كيف تقيم الاستدارة التركية الأخيرة باتجاه روسيا باعتبار تركيا عضواً في الناتو؟
 ما يزال هناك شيء غير واضح في تركيا وخصوصاً بعد محاولة الانقلاب العسكري، فتركيا رأت في الفترة الأخيرة نفسها معزولة واقتصادها يتضرر فالسياح الروس لم يأتوا إلى تركيا وهذا من الأسباب التي دفعتها للاستدارة باتجاه موسكو، وفي فترة قصيرة من الزمن حدثت تطورات كثيرة لاحظنا عزل رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو، واعتذار أردوغان لروسيا وانفجار إسطنبول الأخير، عطفاً على هذه التطورات حدثت محاولة الانقلاب والمخابرات التركية التي كانت في حلب عادت إلى تركيا لذلك لا أستطيع أن أشرح ما يحدث في تركيا نظراً لسرعة التطورات الأخيرة، ولكن على ما يبدو هناك خلافات كبيرة داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم.

 كيف ترى موقف تركيا وموقف أردوغان شخصياً من الأزمة السورية بعد محاولة الانقلاب، وخصوصاً أن هناك اتهامات علنية من الحكومة التركية بأن فتح اللـه غولن المقيم في أميركا يقف وراء الانقلاب، وبالتالي اتهامات ضمنية لواشنطن؟
 لا يمكن الحديث فقط عن فتح اللـه غولن، لأن هناك الكثير من الأمور الداخلية التي ترتبط بالانقلاب في تركيا، لكن أي خلل في تركيا سيكون لمصلحة سورية كذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيضعف الاتحاد ويؤثر في الناتو ومن ثم هذا الأمر سيكون لمصلحة سورية، ففي 2012 مثلاً دعمت واشنطن خلافة سلفية في شرق سورية لإضعاف دمشق فما زال هناك توترات داخلية كثيرة في تركيا لذلك لا أستطيع تقييم المستقبل وقد تكون هناك أياد أميركية فيما حدث في تركيا، لكن أنا لا أعتقد ذلك.

 حدث مؤخراً كما نشر في الإعلام استدارة تركية باتجاه الأحداث في سورية وباتجاه روسيا، وهناك أيضاً تصريحات لرئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم جيدة باتجاه سورية هل تعتقد أنها استدارة حقيقية أم تكتيك باتجاه سورية؟
 أردوغان استخدم الانقلاب وسيلة لتعميق وجود الإخوان المسلمين في تركيا ولذلك جزء من العسكر في تركيا هم مثل العسكر في مصر، هم يرفضون أن يُضفى الطابع الطائفي على الجيش.

 حسب التقارير الإعلامية فإن عدداً كبيراً من الشباب الأسترالي يقاتلون في سورية إلى جانب داعش وفي الوقت ذاته أستراليا هي جزء من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لمحاربة التنظيم كيف تنظر إلى هذه الازدواجية التي تمارسها الحكومة الأسترالية؟ وكيف تقيم الرأي العام الأسترالي تجاه ذلك؟
 الحروب القذرة دائماً فيها لعبة مزدوجة لذلك هذه اللعبة تجعل المجتمعات الغربية مشوشة تجاهها، ولذلك الحكومة الأسترالية دعمت واشنطن في محاربة داعش ولكن بعد سنتين أصبحت الحكومة الأسترالية قلقة من عودة هؤلاء إلى البلاد، وأن يقوموا بأعمال إرهابية مثلما حدث في فرنسا، لذلك بدأت في 2013 بمنع هؤلاء الشباب من السفر إلى العراق وسورية عبر تركيا، وفقط هذا الأسبوع كان هناك أسترالي من أصل فلسطيني يدعى القدسي اعتقل لأنه كان يجند أستراليين للذهاب إلى سورية وهو يواجه حكماً لأنه كان يجند 6 أو 7 أشخاص أسبوعياً للقدوم إلى سورية. كان يجندهم بداية لمصلحة «النصرة» ثم لمصلحة داعش والسلطات الاسترالية لم تقدم معلومات حول من أين كان يحصل على المال؟ لكن علمنا من مصادر أخرى أنهم دفعوا إلى شباب أستراليين نحو 20 ألف دولار للشخص الواحد للقدوم إلى سورية واعتقد أنه على الأقل 30 إلى 40 أسترالياً لقوا حتفهم في سورية.

أستراليا تابعة لأميركا وبريطانيا
 هناك من يربط دخول أستراليا في التحالف الدولي إلى جانب واشنطن بالرغبة في الحصول على الدعم الأميركي في الصراع في جنوب شرق آسيا وفي بحر الصين الجنوبي وللوقوف في وجه الهيمنة الصينية في تلك المنطقة؟ كيف تقيم ذلك؟
 في السابق كانت أستراليا مستعمرة بريطانية بين عامي 1939 حتى 1942. حاربت مع بريطانيا ثم انتقلت للتحالف مع أميركا وهي تقاتل معها حتى تضمن موقعها، وهذه العلاقة مع أميركا تنسحب على أي عملية خارجية تقوم بها أميركا حيث هناك تدريبات مشتركة وسلاح أميركي في أستراليا، لكن ما زالت أستراليا تقف بين بريطانيا وأميركا لذلك العقوبات الأسترالية على سورية هي أقرب إلى العقوبات الأوروبية لأن العقوبات الأميركية هي عقوبات شاملة بمعنى كل شيء محظور ما لم توافق عليه واشنطن على حين في أوروبا هناك قائمة بعقوبات محددة.

 هل تؤيد وجهة نظرنا أن هناك تبعية كاملة من أستراليا لأميركا؟
 نعم تقريباً هناك تبعية في الأغلبية العظمى من الأمور.
 هل تعتقد أن التصريحات العدائية للمسؤولين الأستراليين تجاه سورية ضمن إطار هذه التبعية؟
 إلى حد ما نعم، أستراليا متأثرة في تصريحاتها تجاه سورية في هذه النقطة، لكن المهم أن أستراليا تقع ما بين الموقفين الأوروبي والأميركي وأقرب إلى الأوروبي لذلك عندما يكون هناك تصريحات أوروبية دائماً ما يتبعها تصريحات أسترالية قريبة لها ولكن بحيث موقع أستراليا فيما يخص العقوبات على سورية هي أقرب إلى الاتحاد الأوروبي ولذلك عندما يصدر الاتحاد الأوروبي قراراً بشأن عقوبات يمكن أن تتبعه أستراليا بقرار قريب منه وفيما يخص الدور العسكري لأستراليا في المنطقة بالنسبة للعراق هناك قوات أسترالية في العراق ولكن بطلب من الحكومة العراقية لذلك هناك نقاش في أستراليا حول شرعية هذه القوات. وفي هذا الصدد نستطيع أن نقول إن أستراليا مختلفة عن أميركا فيما يتصل بالوجود العسكري الأميركي في سورية وإن كان الخلاف بسيطاً لكن هناك خلاف.
شكوك في ديمقراطية الاتحاد الأوروبي
 كيف ترى تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في سورية وفي علاقة الاتحاد مع روسيا والصين حلفاء سورية؟
 في البداية هناك توتر داخلي في بريطانيا وتوتر بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي وهذا شكّل نوعاً من الضغط على دول أخرى في الاتحاد يمكن أن تغادر الاتحاد نتيجة نقاشات حول الديمقراطية داخل الاتحاد، فدور الاتحاد الأوروبي يتراجع بشكل عام وخروج بريطانيا لا يرتبط بموقفها من سورية، فالاتحاد يضغط على دول ليست في الاتحاد أصلاً وفي هذا الإطار ستبقى السياسة البريطانية تجاه سورية ضمن توجهات السياسة العامة للاتحاد. الأمر المهم أن دور الاتحاد الأوروبي بشكل عام يتقلص، ومن ثم تأثير الاتحاد في الدول التي يضمها أو أخرى خارجه والتي يضغط عليها لقطع العلاقات مع سورية سيخف، ومن ثم كلما كان هناك أزمات داخل الاتحاد تقلص دوره في سورية، وخصوصاً أن هناك دولاً تعيد النظر في انضمامها للاتحاد وحدث نقاش في الاتحاد أن هناك دولاً لا تريد أن تفرض سياسات الاتحاد عليها فهناك شك في ديمقراطيته من الدول الأعضاء لكونه يسعى إلى فرض سياسته عليها حتى إن الاتحاد لا يقبل أن تكون هناك سياسة خاصة لتلك الدول. وفيما يخص سورية فحيث يكون هناك مشكلة سواء في تركيا أم الاتحاد الأوروبي فهذا شيء جيد ويصب في مصلحة سورية فالجميع متآمرون على سورية وجميعهم لديهم عقوبات على سورية.

 هل تتوقع أن يطرأ تغيير على السياسة الأميركية حيال سورية مع وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض؟ إن كان هناك تغيير فما شكله؟
 كل ما يقال عن هذا الموضوع يبقى مجرد دعاية وكلام قبل أن تتم الانتخابات، المهم أن الأميركيين يخسرون في الحرب في سورية، والأهم أن نعرف كيف يخسرون، فهم لم يعودوا قادرين على تقسيم سورية ولا على إسقاط النظام كل ما يستطيعون فعله الآن قتل المزيد من الناس. الدبلوماسية مهمة جداً في إنهاء الحرب لأن بإمكان أميركا الإبقاء على إرسال الإرهابيين إلى سورية لكونها لا تستطيع حسم الحرب لمصلحتها فهم يرسلون الإرهابيين لإضعاف البلاد، فأميركا لا تحب أن تعترف بالهزيمة، فكيف لها أن تتراجع في سورية، وفي إطار الدبلوماسية هناك مخرج بأن يقوم الرئيس فلاديمير بوتين بالقول للرئيس باراك أوباما شكراً لك على جهودك بما يحفظ له ماء وجهه.
 كيف ترون الأمور في سورية، بعد سنتين أو ثلاث سنوات؟
 هناك أمران أحدهما آمل حدوثه وآخر أراه: آمل أن يتوقف القتل حالاً وخصوصاً في حلب، وأرى أن الحل الدبلوماسي مهم جداً وعلينا أن ندرك أن السعودية لا تستطيع أن تستمر على موقفها من سورية من دون دعم أميركا، والضمان للاستقرار في سورية هو التحالفات الجديدة بين العراق وإيران وروسيا وسورية، فالتحالف الإقليمي القوي هو الضمان الوحيد لسورية، ومن وجهة نظري فإن هذا التحالف يعمل على استبدال الجامعة العربية ويصبح مكانها لتحقيق الاستقرار أو ربما ليس جامعة عربية لكونه يحوي دولاً غير عربية. أيضاً مسألة العقوبات مهمة لذلك علاقات جيدة اقتصادية مع دول أوروبية يمكن أن يساعد، فلدينا حالة كوبا التي عانت كثيراً من العقوبات الأميركية. أكثر من خمسين عاماً وصمدت لكن الوضع في سورية أسوأ.

 هل هذا يعني أن الوضع في سورية سيستمر طويلاً؟ وإلى أين الأمور ذاهبة؟ إلى الحل العسكري أم إلى الحل السياسي؟
 آمل ألا يحدث ذلك لكن الوضع في سورية أسوأ، فهناك عقوبات مزدوجة أميركية وأوروبية، على سبيل المثال كتابي المترجم في سورية لا يمكن بيعه في الخارج عن طريق الإنترنت بسبب العقوبات، لذلك فإن تطوير العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي ضروري لتخفيف هذه العقوبات وصحيح أن هناك علاقات مع إيران وروسيا والصين لكن أعتقد أن حدوث أي علاقة مع الاتحاد الأوروبي مهمة جداً.

 حدث مؤخراً اتفاق بين كيري من جانب ولافروف وبوتين من جانب آخر تمهيداً لإعادة إطلاق مفاوضات جنيف. هل تعتقد أن الحل السياسي سينجح في سورية، أم إن الأمور متجهة للحل العسكري؟
 كما قلت سابقاً الدبلوماسية مهمة جداً، وفي الوقت ذاته الحل العسكري قائم ومستمر وفي حال لم يكن هناك حل سياسي سيبقي الغرب على إرسال الإرهابيين ووزير الخارجية الأميركي جون كيري قال مؤخراً: إن «جيش الإسلام» فرع من «النصرة»، ورئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم اتفق مع روسيا بأن أي مجموعات مسلحة في مناطق «النصرة» إما أن تخرج وإما أنها ستستهدف كـ«النصرة» أي أصبح هناك نوع من التغيير في النظرة إلى المجموعات المسلحة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن