سورية

أسقط قضية «سو 24» واقترب من «إنهاء»أردوغان القديم … الرئيس التركي: سنضع خلافاتنا مع دول الجوار وراء ظهورنا واليوم «الأربعاء» ستصدر الحكومة قراراً مهماً

| الوطن – وكالات

بينما تتجه الأنظار إلى القرار المهم الذي سيصدره مجلس الأمن القومي التركي اليوم الأربعاء، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عزمه تجاوز الخلافات مع دول الجوار، في إشارة على ما يبدو إلى روسيا وإيران والعراق وسورية.
وبدا أن إخفاق محاولة الانقلاب في تركيا، قد ساهمت في تسريع المسار التركي للمصالحة مع دول الجوار، وربما كان لها الدور الأكبر في جعل أردوغان المولود من جديد يمضي في دفن أردوغان القديم.
وقبل المحاولة الانقلابية الفاشلة بأيام، أجرى أردوغان انعطافة في سياسته حيال كل من روسيا وإسرائيل، على حين وعد رئيس وزرائه بن علي يلدريم بتطبيع العلاقات مع سورية والعراق، واستعادة الاستقرار فيهما كمقدمة للقضاء على الإرهاب. ولاحقاً ربط استعادة العلاقات مع سورية برحيل الرئيس بشار الأسد. ولم تصدر حتى يوم أمس أي مؤشرات من أردوغان على دعم الخط الجديد الذي شقه يلدريم، منذ تسلمه منصبه في شهر أيار من العام 2016 الجاري.
لكن، وفي تصريح عكس دعمه لسياسات يلدريم، قال أردوغان: إن «بلاده ستضع خلافاتها مع دول الجوار وراء ظهرها»، في إشارة على ما يبدو إلى سورية والعراق. وأمام حشد جماهيري في مدينة إسطنبول ليل أمس الأول، أكد أردوغان، وفقاً لوكالة «الأناضول» التركية للأنباء، أن الحكومة التركية ستتخذ قراراً مهماً الأربعاء (اليوم)، موضحاً أن مجلس الأمن القومي سيعقد اجتماعاً في اليوم نفسه.
وعلى خلفية المحاولة الانقلابية الفاشلة، تصاعد التوتر بين أردوغان وحلفاء بلاده في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، وعلى رأسهم الولايات المتحدة. وكان التوتر سمة مميزة لعلاقات الرئيس التركي بالدول الغربية جراء الخلاف حول الحرب على تنظيم داعش وسبل حل الأزمة السورية، وقضية اللاجئين، ودور تركيا في «الناتو»، ودعم الأخير لتركيا في مواجهة التوترات الإقليمية النابعة من الشرق الأوسط.
وعلى ما يبدو أن الرئيس التركي الذي سيركز على إعادة ترتيب الوضع التركي الداخلي سيحتاج إلى تهدئة في سورية، ودعم روسي وإيراني في مواجهة الضغوط الغربية. وعلى الأرجح إن المسؤولين الأتراك يدركون أن تعاوناً سورياً إيرانياً هو أكثر من ضروري من أجل مكافحة النزعة الكردية الانفصالية في المنطقة، خصوصاً في ضوء الدعم الذي تقدمه كل من واشنطن للمسلحين الأكراد في سورية والعراق تحت ذريعة محاربة داعش، وذلك على حين بات من شبه المؤكد أن السعودية توفر الدعم للمتمردين الأكراد في إيران، انطلاقاً من إقليم شمال العراق، من أجل زعزعة استقرار هذه الدولة والضغط عليها داخلياً.
وتلقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجفاء المتصاعد بين أنقرة وواشنطن وحلفائها الغربيين، وقرر المضي قدماً في المصالحة مع أردوغان بل إنه حض الأخير على دعم روسيا الكامل لـ«استعادة النظام والاستقرار» في تركيا.
وجاء اعتقال الطيارين التركيين المسؤولين عن حادثة إسقاط القاذفة الروسية «سو 24» فوق الأجواء السورية في تشرين الثاني من العام 2015 الماضي، بمنزلة إيماءة من أنقرة باتجاه موسكو.
وأكد وزير العدل التركي بكير بوزداغ، اعتقال الطيارين التركيين لـ«مشاركتهما في محاولة الانقلاب الفاشلة في البلاد».
جاء ذلك بعد أن أعلن عمدة أنقرة مليك غيكتشيك، مقتل الطيار التركي الذي أسقط القاذفة «سو-24»، مؤكداً أن هذا الطيار كان عضواً في «حركة الخدمة» (المعروفة أيضاً باسم حركة «غولين»، التي يقودها المعارض فتح اللـه غولين من منفاه في بنسنلفانيا في الولايات المتحدة).
وقال غيكتشيك في حديث لقناة «سي إن إن تورك»: إن «التنظيم الموازي (الذي يفترض أن غولين زعيمه) هو بالذات من أساء إلى علاقاتنا مع روسيا»، وذلك من خلال إسقاط «سو 24»، مضيفاً: إن «التنظيم الموازي كان ينوى عزل تركيا سياسياً على الساحة الدولية».
وعقب إسقاط القاذفة الروسية تسبب إطلاق نار من مسلحين تدعمهم أنقرة بمقتل قائدها أوليغ بيشكوف، بينما تمكنت القوات الروسية بالتعاون مع الوحدات السورية من إنقاذ الطيار الثاني.
وادعت أنقرة، أن الطائرة الروسية اخترقت خلال تحليقها مجال تركيا الجوي، بينما قالت وزارة الدفاع الروسية: إن القاذفة لم تخرج من أجواء سورية، الأمر الذي تؤكده معطيات نظام الدفاع الجوي السوري.
وفي حينه وصف بوتين هذا الحادث، الذي أدى إلى تدهور غير مسبوق للعلاقات بين موسكو وأنقرة، بأنه «طعنة في الظهر» من أعوان الإرهاب.
وبقيت العلاقات متدهورة إلى أن قام أردوغان بتقديم رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اعتذر فيها عن إسقاط القاذفة الروسية، وبعدها أمر بوتين، نهاية الشهر الماضي، بتطبيع العلاقات مع تركيا، وتلا ذلك اتصال هاتفي بينهما.
وتوعد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في كلمة ألقاها في البرلمان اتسمت بروح التحدي باجتثاث أنصار حركة «غولين»، التي يقودها المعارض فتح اللـه غولين من منفاه في بنسلفانيا في الولايات المتحدة.
وقال يلدريم: «أنا آسف لكن هذه المنظمة الإرهابية الموازية لن تكون بعد الآن بيدقاً فعالاً بيد أي دولة».
وأضاف: «سنجتثهم من جذورهم حتى لا تجرؤ أي منظمة سرية على خيانة شعبنا مرة أخرى».
من جانبه قال المتحدث باسم الرئيس التركي طيب أردوغان: إن بلاده تعد لتقديم طلب تسليم رسمي بحق غولين للاشتباه في تدبيره محاولة الانقلاب.
وقال إبراهيم كالين للصحفيين في إسطنبول: «إذا أصرت الولايات المتحدة على الإبقاء عليه فسيبدأ الناس في التفكير بأنهم (الأمريكيون) يحمونه».
وأضاف: «يمكن بسهولة تسليم شخص استناداً إلى الاشتباه فيه .. وفي هذه الحالة هناك الكثير من الشبهات بأنه أدارها (محاولة الانقلاب).»
وتابع: إن محاولة الانقلاب نفذتها مجموعة صغيرة من الجيش ولن تؤثر على الحرب التي تخوضها تركيا ضد تنظيم داعش أو المسلحين الأكراد. ووصف القوات المسلحة بأنها «المعقل الأخير» لشبكة غولين.
وأوضح أن السلطات ألقت القبض على 14 جندياً في بلدة مرمرة الساحلية بتهمة محاولة الهجوم على أردوغان خلال الانقلاب لكن عدداً آخر من أفراد المجموعة لا يزال طليقاً. وأضاف: لا مركبات عسكرية مفقودة بما في ذلك الدبابات أو طائرات الهليكوبتر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن