ثقافة وفن

أصبح للطفل الذي تدّرب في «إنجاز» إنجاز درامي … سعيد سلام لـ«الـوطن»: باكورة نجاحاتنا كانت بمشاركة أطفال بمسلسل «امرأة من رماد»

| سوسن صيداوي

هناك دائماً مستقبل، ولأنه ضرورة وطبيعة إذاً لابد لنا من أن نقوم ببنائه بشكل صحيح، فالطفولة هي مستقبلنا ورغم الغفلة التي نريد أن نصدّقها بأنهم شيء صغير ولا يمكن له ترك أي أثر فيما نحن فيه نحن العمالقة في الزمن، إلا أن الطفولة هي من أهم الجزئيات التي يجب أن نبني عليها الأوطان، وانطلاقا منها نتقدم أو نعود إلى الوراء، وبحسب ما نبّث في عقولهم ونفوسهم من أفكار، وخصوصاً أنهم يمثلون العقول الغضّة والندّية والقادرة على استيعاب ما يقدم إليها، وباعتبار مجتمعنا السوري في بعض أوساطه صاحياً لهذه الحقيقة، وبسبب الأزمة التي دمرت كل ما يمكن أن يدمر كان هناك بعض الجهات التي اتخذت على عاتقها الاهتمام بالطفولة والعناية بها بشكل حريص كي تزيل عنها ما توارثته خلال الأزمة من انكسارات نفسية وعاطفية لا يمكن تجاوزها بسهولة، ومن المبادرات المهتمة كان فريق «إنجاز» الذي يعتبر حلما فنيا، وابتدأ منذ نحو عشر سنين.
صحيفة «الوطن» كان لها اللقاء التالي مع المدير الفني لفرقة إنجاز.. الكوتش سعيد سلام…

في البداية أخبرنا عن «إنجاز»..
إنجاز فريق، وشعارنا فيه: النيات الطيبة تصنع المعجزات، أما رسالتنا فهي مساعدة الأطفال على رسم مستقبلهم وتزويدهم بمهارات الحياة، وعلى الصعيد الفني شعارنا هو « الطفل يجب أن يمثّل للطفل، فهو أدرى بمشاكله وهمومه».

فريق إنجاز ممن يتألف؟
يتألف الفريق من: المدير الفني كوتش سعيد سلام، مدير تنفيذي سامر رجب المصري، ومديرة إدارية رؤيا عبدلكي.

برأيك ما الهدف من تعليم الأطفال التمثيل؟
التمثيل من الأمور المهمة في حياة الطفل لأنه يزودهم بمهارات الحياة، كما أن للتمثيل دوراً جيداً لأنه يعزز الثقة بالنفس عندهم، ويعزز روح العمل الجماعي والتعاون مع الأطفال، وهذا أمر أصبحنا نفتقر إليه والتربية للأهل تعزز من فقدانه من خلال روح المنافسة التي تعكس الأنانية عند الطفل وتبقيه بعيداً عن المشاركة مع أمثاله من الأطفال، إضافة إلى أن أهمية التمثيل تبرز في زرع القيم الإنسانية وتساعد على تنشيط القدرات الفكرية عنده وتُطلق خيال الأطفال، كما أنه عامل مهم لدفع الطفل إلى التعبير عن نفسه بشكل جيد وكي يكون قادرا على الإلقاء والفصاحة إضافة إلى بث روح النكتة والفرح بين أصدقائه.

ما التدريبات التي تتبعونها مع الأطفال وهل تناسب كل الأعمار المشاركة؟
التدريب يتم حسب منهجية مطورة منّي، وتكون على الشكل التالي: يقوم الأطفال بالاسترخاء وأيضاً نعطيهم تدريبات من أجل ليونة أجسادهم، كما يتخلّلها تدريبات لتقوية الانتباه عندهم والتركيز، إضافة إلى حُسن الاستماع إلى الإيقاع، كما نقوم بتدريبات تساعدهم على التخيل والارتجال وحتى إنها تكون مخصصة للإلقاء، وبالطبع التدريبات والتمارين نقوم بتطبيقها حسب الفئات العمرية، فمثلا الفئة العمرية التي بين خمس سنين وثماني سنين تدريباتها مختلفة عن الفئة التي أعمارها تتراوح ما بين تسع سنين واثني عشر عاماً، وما أريد الإشارة إليه أننا أيضاً نتوجه ببرامجنا إلى حالات خاصة من الأطفال، وهم الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة والأمراض المستعصية، ومهما كان كلّ الأطفال ومهما كان عمرهم أو وضعهم، فإنهم يتم تحضيرهم وتدريبهم للتمثيل على المسرح والسينما.

العمل المسرحي الأول لفريق إنجاز كان «لغز المحبة» هل لاقى نجاحا وإقبالاً من الجمهور؟
«لغز المحبة» هو خلاصة مشروع مع مفوضية اللاجئين لتدريب الأطفال على التمثيل ومساعدتهم على تجاوز الأزمة، وكان المشروع لتدريب 50 طفلاً، ولكن فرقة إنجاز دربت 300 طفل استفادوا منها بشكل مباشر، ونحو 600 طفل استفادوا من المبادرة بطريقة غير مباشرة، والذي أقصده على وجه التحديد أن حصيلة تدريب الفرقة لعام 2015 كانت نحو 1500 طفل بإمكانيات جداً متواضعة، وبالنسبة لعرض «لغز المحبة» أقيم على خشبة المسرح الثقافي العربي بالعدوي، والمسرح بطبيعة الحال يتسع لـ300 مشاهد ولكن كان الحضور 700 مشاهد، ونال العرض استحسان الجميع وطولبنا كثيراً بإعادة العرض.

كيف كان تفاعل أهالي الأطفال ودورهم؟
للأهل دور فعال في نجاح التدريبات ونجاح أطفالهم في التمثيل فهم عنصر فعال وضروري في ذلك، لأن دعمهم لمواهب أطفالهم وتشجيعهم هو نقطة انطلاق، كما أن ثقتهم فينا وعدم التدخل بعملنا هما أيضاً من العوامل التي تنعكس على عملنا وبشكل طبيعي على الأطفال إيجابياً وخاصة أن الأهالي متعاونون جداً وصبورون وتحملوا أعباء البروفات الطويلة.

ما الجديد الذي يحضر له فريق «إنجاز»؟
إننا نحضر عملاً مسرحياً اسمه «الروزنا» عن رواية «جزيرة الكنز»، ونحن نعمل جاهدين كي نقدمه بطريقة احترافية لأنه سيكون نقلة نوعية في مسرح الطفل، وستضم المسرحية 30 طفلاً، تتراوح أعمارهم بين خمس وثلاث عشرة سنة، وفي الوقت الحالي العمل جار على النص واختيار الأطفال، وسيكون جاهزا للعرض خلال ثلاثة أشهر والتحضيرات قائمة كي يتم العرض على قلعة دمشق، كما أن الفريق يقوم بالتحضير لسلسلة درامية موجهة للأطفال وفي الوقت الحالي العمل جار على كتابة السيناريو بعناية كبيرة جداً.

بعض الأطفال الذين خضعوا لتدريبات شاركوا في.. مقاطع فيديو لصفحة «حلّوها».. وفيلم «زيتونة سعد»… وحتى مسرحية «لغز المحبة»… إذا يمكننا القول إنهم أصبحوا محترفين؟
بالطبع.. هؤلاء الأطفال المشاركون أصبحوا ممثلين محترفين بشهادة الجميع من مخرجين وممثلين، وأصبح للطفل الذي تدّرب معنا قرار درامي ومتميز بمسؤوليته وتعاونه أمام المخرج، وهذه حالة مختلفة عما يتم استخدامه من أطفال من دون تدريب والذين يكونون كدمى أمام الكاميرا، وهذا ما أرفضه، لهذا لا نقبل العمل إلا بمستوى أعمال احترافية، والباكورة كانت مع مسلسل «امرأة من رماد» من إخراج نجدة أنزور وسيناريو جورج عربجي.

هل يستطيع كل الأطفال المشاركة بالتدريبات والتمثيل.. ولو لم يكن هناك القدرة المادية على الانتساب؟
نحن دائماً وأسبوعياً لدينا فعاليات تدريب مجاني، مع أننا نفتقد إلى أي دعم مادي أو حكومي، سوى جهود مشكورة من المركز الثقافي العربي في أبو رمانة، كما أننا نقبل كل الأطفال الذين يحتاجون إلى تدريب في التمثيل ثم نختار المواهب المتفوقة لتطوير التدريب معها.

إذاً ليس هناك من دعم لفريق إنجاز؟
كلا.. وللأسف الشديد، وعتب كبير على الجمعيات التنموية ومؤسسات الدولة التي تُعنى بالطفولة والتي هي تتجاهل الاهتمام «بإنجاز» وما يقدمه من مواهب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن