رياضة

في كرة السلة: أندية صغيرة أبدعت والكبيرة باسم الاحتراف برعت

| مهند الحسني

إذا كانت مشكلة أغلبية الأندية مالية فإن أندية المقدمة الأربعة مضافاً عليها الكرامة لا تعاني في حقيقة الأمر هذه الأزمة، وإنما أزمة مختلفة، وهي انعدام إستراتيجية الأمد الطويل، والبحث عن ألقاب مسلوقة ولو كان الثمن بنيان النادي الذي سينهار مع التفريط بالمواهب الصاعدة وإهمال فرق القواعد، وصب جل اهتمامها بالفريق الأول الذي يغنج بكل الأعاطي والإمكانات المادية، لا لشيء سوى لأن إدارات هذه الأندية تبحث عن ألقاب مسبقة الصنع تضاف لسجلهم يستعملونه في حملاتهم الانتخابية والاستعراضية.

احتراف القواعد
خياط ثوبنا الاحترافي لم يكن ماهراً لذلك جاء فضفاضاً، ولم يتناسب مع الواقع الذي تعيشه سلتنا، بل انعكس سلباً على بعض الأندية التي تعبت واجتهدت على بناء جيل سلوي للمستقبل، لتأتي الأندية الكبيرة وتقطف ثمار جهود هذه الأندية، الأمر الذي أثر في الأندية الصغيرة، فأدركت أن نتاجها لن يكون لها، فل عطاؤها أمام لغة المال التي باتت السمة الأبرز لدى الأندية الكبيرة، ولا نريد أن نذكر أسماء هذه الأندية التي تبحث عن لاعبين ضمن فرق الفئات العمرية، من أجل تدعيم فرقها بلاعبين وافدين بغض النظر عن نتائج عملها التي لابد أن ينكشف عن نتائج وخيمة لا تليق بأندية كبيرة لها سمعتها.

أندية مستوردة
سلتنا الوطنية تعاني أمراضاً مزمنة لم تستطع الاتحادات المتعاقبة إيجاد حلول ناجعة لها، واجتثاث تلك الأمراض التي أرهقتها، لا بل زادت من معاناتها بعد دخول الاحتراف الذي حسبناه طوق النجاة، وإذ به يتحول إلى كرات حديدية كبلت كرة السلة، وشدتها نحو الأعماق، ولعلاج أي مشكلة أو معضلة ينبغي تشخيصها، والبحث في أسبابها ثم إيجاد حلول لها، فعندما تتحول أحد أهم معاقل السلة السورية كأندية الجلاء والاتحاد والوحدة والجيش من مصانع لتخريج النجوم والمواهب وأكبر روافد للمنتخبات الوطنية إلى أندية مستوردة للاعبين، فلابد أن هناك مشكلة كبيرة تعكر صفو سلتنا وتعترض تطورها، وأن هذه الأندية بدأت منذ سنوات بإهمال فرق القواعد، وأكبر مثال على صحة كلامنا، عدم قدرتها على تحقيق أي لقب للفئات العمرية منذ سنوات، بالمقابل بدأت أندية لا يمكن أن تقارن من حيث العراقة والفارق الفني والمادي مع أندية المقدمة بتخريج مواهب وخامات تبشر بالخير، وهي أندية كانت مغمورة، كأشرفية صحنايا والساحل اللذين باتا أهم معاقل تخريج المواهب، وهذه النتائج الايجابية لم تأت، ولم تتبلور في يوم وليلة، وإنما تطلبت الكثير من العوامل التي تضافرت بينها، وأثمرت نتائج عجزت عنها أندية المقدمة، التي غابت عنها الخطة الإستراتيجية طويلة الأمد، والتي اعتمدت في حل مشاكلها الفنية على التكتيك المرحلي كحل سريع وآني، دون أن تكون هناك حلول جذرية تضمن بناء جيل سلوي للمستقبل.

إعادة تقييم
معظم مشاكل أندية المقدمة تلخص حلها بكلمة (بناء)، والبناء يجب أن يكون من الأسفل للأعلى، لذلك على اتحاد السلة وضع خطة طويلة تمتد خمس سنوات على الأقل تبدأ بتأهيل كوادر ومدربين، ومن ثم إعطاء الأولوية لدوري الفئات العمرية، وتشكيل منتخبات دائمة للفئات العمرية، وإلزام الأندية على الاهتمام بالقواعد والفئات العمرية وإلزامهم بتوقيع عقود برواتب عالية مع مدربي الفئات العمرية، والسعي قدر الإمكان لإيقاف هجرة الشباب بأي طريقة لأنهم نواة اللعبة، ووضع مكافآت مالية كبيرة للفرق الفائزة بلقب الدوري، مع وجود اهتمام إعلامي على مسابقات هذه الفرق بشكل يوازي دوري الرجال.

لابد
أيام قليلة تفصلنا عن مؤتمر اللعبة، ويجب تكاتف الجهود من أجل الإجماع على ضرورة وضع واقع دوري الفئات العمرية في الأولويات، والتوصل لتصورات تضمن تطور القواعد في الأندية، ولا ضير من رفع عصا المحاسبة للأندية التي لا تعمل وتنتج بهذه الفئات، لكونها اللبنة الأساسية لبناء جيل سلوي واعد، الذي من الطبيعي أن ينعكس إيجاباً على منتخباتنا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن