سورية

تقرير استخباري فرنسي: تدفق المقاتلين الأجانب عبر تركيا إلى سورية مستمر … بوتين وأردوغان يلتقيان أوائل الشهر المقبل.. وموسكو تؤكد: «الناتو» لم يبلغ أنقرة بالتهديد المحتمل

|الوطن- وكالات

فيما استمر الجدل التركي الأميركي بشأن تسليم المعارض التركي فتح اللـه غولين، وسط مؤشرات على مرونة أميركية، جاء الإعلان من الكرملين عن لقاء قمة سيجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره التركي رجب طيب أردوغان في روسيا، وذلك على حين سعت موسكو إلى تعميق الشرخ بين تركيا وحلفائها الغربيين. وراجت أمس أنباء عن إطلاع روسيا تركيا، عبر القنوات الاستخباراتية، على مخطط للانقلاب على السلطات الحاكمة، على حين تحدثت تقارير عن قيام الاستخبارات الفرنسية بإبلاغ نظيرتها التركية بالموضوع. واللافت، أن هذه التقارير ترافقت مع تسريب تقرير استخباراتي عسكري فرنسي عن استمرار تدفق المقاتلين الأجانب إلى سورية عبر الحدود التركية بغرض الانضمام إلى صفوف تنظيم داعش.
وسعت أوساط معارضة إلى توريط سورية في مسألة الانقلاب الفاشل من خلال الزعم بأن ضباطاً انقلابيين عبروا الحدود السورية التركية إلى مناطق سيطرة الجيش السوري.
وفي واشنطن، كشف البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما بحث في مكالمة هاتفية مع أردوغان، قضية تسليم غولين إلى السلطات التركية.
ولفت المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست إلى أن «الإدارة الأميركية تلقت طلباً تركياً رسمياً لتسليم غولين». وأضاف: إن أوباما أعرب خلال مكالمته الهاتفية مع أردوغان عن «التزام الولايات المتحدة القوي بدعم الحكومة المدنية المنتخبة في تركيا»، متعهداً بتقديم «أي مساعدة إلى أنقرة التي تقوم بالتحقيق لمعرفة تفاصيل ما حدث بالضبط». وأشار إلى أن أوباما قد شدد لأردوغان على أن «الولايات المتحدة لا تدعم الإرهابيين، أو الأفراد الذين يتآمرون من أجل إسقاط الحكومات المنتخبة ديمقراطياً».
وحسب إرنست، فإن موظفين في وزارتي الخارجية والعدل يقومون بدراسة ومراجعة الوثائق التي قدمتها تركيا لاتخاذ قرار يتلاءم مع بنود الاتفاقية الموقعة بين البلدين والمتعلقة بهذا الأمر.
ونبهت وزارة الخارجية الأميركية إلى أن عملية تسليم غولين ستستغرق وقتاً. وقال المتحدث باسم الوزارة مارك تونر: إن العملية «تستغرق وقتاً ولا تنتهي في ليلة واحدة». وأوضح أنه «لن يكون هناك قرار فوري بهذا الخصوص».
وأكد تونر أن بلاده «ستلتزم خلال هذه المرحلة باتفاقية تبادل المطلوبين بين البلدين، والسلطات الأميركية ذات العلاقة تعمل حالياً على دراسة الوثائق التي قدمتها تركيا بشأن غولن».
وفي سياق متصل، أفاد مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية، فضل عدم الكشف عن اسمه، لوكالة «الأناضول» التركية للأنباء أن «تسليم غولين، لن يكون بقرارنا (الإدارة)، بل سيكون بقرار قضائي مستقل، بعد قيام مدع عام مستقل بإتمام الإجراءات القانونية بهذا الشأن».
ولينت الخارجية الأميركية من الموقف تجاه إجراءات أردوغان بعد الانقلاب، معربةً عن «تفهمها» لذلك. وقال تونر: «(لقد) شعرت الحكومة المنتخبة ديمقراطياً في تركيا بخطر إسقاطها عن طريق انقلاب عسكري، لذا وبصراحة فإنه من المفهوم والمبرر، اتخاذ الحكومة لإجراءات مطاردة الجناة وتنفيذ تحقيق مفصل لمعرفة ما حدث بالضبط، ومحاولة توفير الأمن للشعب التركي». لكنه حذر من «خروج أي من هذه الإجراءات عن هدفها الأساسي».
وطرقت أنقرة باب وزارة الدفاع الأميركية من أجل تفعيل الضغوط على أوباما لتسليم غولين. وطلب وزير الدفاع التركي، فكري إشيق، من نظيره الأميركي آشتون كارتر، ألا تبدي الولايات المتحدة مزيدا من التساهل مع غولين، وأن تسلمه في أقصر وقت ممكن إلى تركيا.
ووجه إشيق، حسب «الأناضول»، الشكر إلى نظيره الأميركي على الدعم الذي قدمته بلاده، إلى تركيا، بعد إخفاق المحاولة الانقلابية. وأكد أن الوضع في تركيا تحت السيطرة، ووعد بحل المشاكل التقنية المتعلقة بانقطاع الكهرباء عن قاعدة إنجرليك الجوية، التي تنطلق منها عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، «في أسرع وقت ممكن».
ومن جانبه أعرب كارتر عن ارتياح بلاده لإحباط محاولة الانقلاب، وأكد أن بلاده مستعدة لتقديم كافة أنواع الدعم لتركيا، قائلاً: إنه لا أساس من الصحة للادعاءات عن دعم الولايات المتحدة لمحاولة الانقلاب الفاشلة، محذراً من تداعياتها على البلدين.
كما أبدى تفهماً للحساسية المتعلقة بموضوع تسليم غولين، وتنصل من هذا الموضوع لأنه «لا يدخل ضمن نطاق مسؤوليات وزارة الدفاع الأميركية»، مشيراً أن قادة البلدين سبق أن تناولا هذا الموضوع.
ومن جانبه، دعا غولين واشنطن إلى رفض طلب تسليمه إلى أنقرة، نافياً أي صلة له بمحاولة الانقلاب. وقال: «مستعد للمساءلة من قبل لجنة دولية، وفي حال وجدت أنني مذنب، سأذهب إلى حجرة الإعدام، ولكن ذلك لن يحدث لأنني لم أفعل شيئاً». وكان قد قال سابقاً إنه «كشخص عانى تحت وطأة عدة انقلابات عسكرية خلال العقود الخمسة الماضية» يعتبر الاتهامات الموجهة إليه إهانة، وأكد رفضه لها. وبدورها، لفتت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى أن نجاح الانقلاب في تركيا لم يكن سيؤدي إلى مأساة داخل البلاد فحسب، بل زيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة.
وأشارت زاخاروفا، في حديث لوكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو» لم يبلغ أنقرة، بالتهديد الانقلابي لأنه كان مشغولا بـ«التهديد الروسي المزعوم»، ولفتت إلى أن المحاولة الانقلابية التي هزت تركيا، وهي «عضو كبير ونشيط جداً» في «الناتو» حصلت بعد أسبوع من قمة الحلف في العاصمة البولندية وارسو.
وذكرت تقارير أن مصادر دبلوماسية في أنقرة تعتقد أن الاستخبارات الروسية أبلغت نظيرتها التركية بالاستعدادات العسكرية التي سبقت الانقلاب، ما أدى إلى التحرك المبكر لإجهاضه.
ولفتت المصادر إلى أن الاستخبارات الروسية تملك أجهزة اتصال ورصد وتنصت متقدمة جداً في قاعدة حميميم، وقد تكون هذه الأجهزة هي التي رصدت تحركات الانقلابيين.
وفي المقابل، نقلت وكالة آكي الإيطالية للأنباء، عن مصادر دبلوماسية أن جهاز الاستخبارات التركية تلقّى تحذيرات و«معلومات مفيدة» من فرنسا تتعلق بالتحضير لانقلاب محتمل ضد أردوغان قبل أيام، وهو الأمر الذي ساعد في إحباط الانقلاب.
وأوضحت أن المعلومات «وصلت للأتراك قبيل ساعة الصفر بيومين على الأقل»، وأضافت: «لم تحدد المعلومات ساعة الانقلاب، لكنها كشفت الإطار العام للانقلاب، وقامت السلطات التركية المعنية باتخاذ جملة من الإجراءات بشكل سري وصامت لمحاصرة هذا الانقلاب».
وحسب المصادر، فإن بدء الانقلاب «لم يُفاجئ السلطات التركية على الرغم من أن المعلومات الفرنسية كانت مفاجئة بالنسبة للأتراك، وخاصة أن مبدأ حصول انقلاب كان أمراً خارج الحسابات».
على خط منفصل، نقلت وكالة «آكي» عن مصادر في قيادة المعارضة السورية أن مجموعة ضباط أتراك شاركوا في محاولة الانقلاب، وبينهم الضابط الطيار الذي قصف البرلمان التركي بأنقرة، هربوا إلى سورية.
وأوضحت المصادر أن بعض الضباط فرّوا إلى مناطق يسيطر عليها الجيش السوري، والبعض الآخر إلى مناطق يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وتوقعت «آكي» بأن تعلن السلطات التركية المعنية عن فرار الضباط إلى سورية بشكل رسمي في وقت قريب.
ويرى مراقبون أن تصريحات المصادر القيادية في المعارضة السورية مفبركة وتهدف إلى توريط سورية في الأمر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن