سورية

الجبير المستبعد عن اجتماع لندن يتحدث عن خلاف مع واشنطن في التكتيك حيال سورية.. تسريب مسودة الاتفاق الروسي الأميركي.. وخبراء سياسيون وعسكريون من الجانبين يجتمعون قريباً في جنيف

| الوطن – وكالات

يستعد خبراء سياسيون وعسكريون روس وأميركيون لعقد «اجتماع متابعة» في مدينة جنيف السويسرية بغية بلورة الاتفاقات التي توصل إليها وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري. يأتي ذلك في حين سربت أوساط غربية نص الاتفاق النهائي الذي توصل إليه كيري عقب محادثاته المارتونية مع نظيره الروسي يوم الجمعة الماضي، مشيرةً إلى أن واشنطن لا تزال بانتظار رد روسي على الاتفاق.
وبعد يوم من اتصال لافروف وكيري خلال وجود الأخير في العاصمة البريطانية لندن، ذكر مصدر في وزارة الخارجية الروسية أن خبراء روسيين وأميركيين سيجتمعون خلال الأيام القليلة القادمة في جنيف من أجل تنشيط العمل بشأن التوصل إلى تسوية للأزمة في سورية.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء عن المصدر، الذي لم تكشف عن اسمه، قوله إن «عملاً مكثفاً على مستوى الخبراء في المجالين العسكري والسياسي سيبدأ خلال الأيام القادمة في جنيف»، موضحاً أن هذا العمل يأتي لـ«متابعة» ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة كيري إلى موسكو.
وتسربت مسودة الاتفاق التي تقع في سبع صفحات، حيث تحدثت عن مضمونها صحيفة «الحياة» اللندنية. وتنص المسودة على أن موسكو وواشنطن تبحثان في رفع مستوى التعاون أكثر من «إجراءات حماية الطيران» في الأجواء السورية ليصل إلى مستوى «التعاون المباشر» بين الجيشين وجهازي الاستخبارات ضد «جبهة النصرة» و«داعش».
وذكرت «الحياة»، أن الجانب الأميركي ربط هذا التعاون بالدفع لإطلاق عملية الانتقال السياسي في سورية، إضافة إلى وضع عمليات الجيش السوري تحت «إمرة» مجموعة العمل بحيث تحصل على تفاصيل تحركات الجيش والطيران السوري قبل يوم على الأقل وأي تغيير يحصل على البرنامج اليومي للعمليات البرية والجوية.
وحسب ملحق في المسودة فإن وضع أولى الأولويات «تحديد الأراضي الواقعة تحت سيطرة داعش وجبهة النصرة وقوى المعارضة المعتدلة، بحيث لا تجد «النصرة» لنفسها ملاذاً آمناً في أي مكان داخل الأراضي السوريّة»، إضافة إلى تعهد روسيا وأميركا «العمل بالتوازي لإنفاذ العملية الانتقالية السياسيّة التي نصّ عليها قرار مجلس الأمن رقم 2254».
وتضمن الاتفاق بنوداً بينها «إعادة العمل بوقف الأعمال العدائية.. على أن تشكّل الولايات المتّحدة وروسيا فريقاً مشتركاً لتنفيذ الاتفاق، يضم خبراء متخصصين بسورية ومحترفين يملكون خبرة في مجال الاستهداف». وسيتم إنشاء الفريق المشترك لتنفيذ الاتفاق في موعد محدد لتحقيق مهام بينها «العمل قدر الإمكان، خلال فترة لا تزيد على خمسة أيام على إنجاز خريطة مشتركة للأراضي التي تكثر فيها تكتّلات جبهة النصرة، بما يشمل مناطق تكتّلات «النصرة» القريبة من تكتّلات المعارضة، بهدف تطوير أهداف محددة» وتبادل «معلومات استخباراتية وتطوير أهداف عمليات عسكرية قابلة للتنفيذ ضدّ جبهة النصرة».
ووضع الجانبان، حسب «الحياة»، 31 تموز المقبل موعداً، لـ«حلّ المسائل المترابطة الثلاث» وتشمل «تعاوناً عسكرياً واستخباراتياً لهزم داعش و(النصرة) وترجمة وقف الأعمال العدائيّة إلى وقف إطلاق نار مستدام على نطاق الوطن كلّه، يُطبّق على مراحل خلال العمليّة الانتقالية السياسيّة، ويشمل تدابير حول مواقع القوّات وفصلها، والتحكّم بالأسلحة الثقيلة، وتنظيم تدفق الأسلحة إلى سورية، والإشراف والتأكّد المستقلّين، والتنفيذ»، إضافة إلى «وضع إطار عمل للعملية الانتقالية السياسية يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، على أن يشمل تدابير حول كيفية وموعد تشكيل حكومة انتقاليّة ذات سلطات تنفيذية كاملة، يتم تشكيلها على أساس التوافق المتبادل، وإصلاحاً للمؤسسات الأمنية والاستخباراتيّة، وتنظيم عمليات دستوريّة وانتخابيّة».
وذكرت «الحياة» أن واشنطن لا تزال تنتظر رد موسكو على هذا الاقتراح الذي يتطلب مشاورات بين مسؤولين روس والحكومتين الإيرانية والسورية.
وفي المقابل، وضعت الدول الأوروبية الثلاث فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وثيقة سمتها، «مبادئ الانتقال السياسي»، أكدت فيها «ضرورة إحداث تغيير جوهري في سورية من دون أن يكون (للرئيس بشار) الأسد أي دور في المستقبل»، معتبرةً أن هزيمة داعش غير ممكنة من دون «إعلان نهاية الحرب الأهليّة» في سورية ووجود «إطار عمليّة انتقاليّة سياسيّة تفاوضية» فيها.
وجرى تأكيد تشكيل هيئة حكم انتقالية من «الحكومة السورية الحالية والمعارضة ومجموعات أخرى» مع ضمان «بقاء المؤسسات الحكومية، بما يشمل القوات العسكرية والدوائر الأمنية مع إصلاحها لتعمل محترمةً حقوق الإنسان والمعايير المهنيّة، وتكون خاضعة لقيادة عليا تكون منبع ثقة للعموم. لكن عدا رحيل (الرئيس) الأسد ومساعديه المقرّبين، لن تُفرَض أي قيود إضافية على تركيبة القيادة العليا».
وأكدت الدول الثلاث التزام البرنامج الزمني للقرار 2254 للمرحلة الانتقالية لإجراء «انتخابات حرّة ونزيهة تشارك فيها أحزاب متعددة، وبعد وضع الدستور الجديد، لا بد من إجراء الانتخابات خلال 18 شهراً» أي بحلول منتصف العام المقبل. وأضافت إنه «خلال العملية الانتقاليّة، سيتم تحويل جميع السلطات التنفيذيّة إلى حكومة انتقالية. ومن بين الخيارات الأخرى للقيام بذلك، يمكن اتخاذ تدابير دستورية مرحلية لنقل السلطات من الرئيس إلى الحكومة الانتقالية» التي ستعمل مع المجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب وأنه «لا بدّ أن يكون جميع عناصر الجيش وقوى الأمن خاضعين بالكامل لسيطرة السلطات الانتقاليّة الجديدة وأن يتم إصلاح القوى التي تُعتبَر الأكثر مشاركةً في أعمال القمع». وأضافت: «لا يمكن لـ(الرئيس) الأسد أن يشارك في انتخابات خاضعة لرقابة دوليّة، وبالتالي أن يرحل عن طريقها».
ويبدو أن الدول الأوروبية كانت تعتزم الضغط على كيري بالوثيقة وتعرض مقايضة دعمها للتعاون بين واشنطن وموسكو في الحرب ضد الإرهاب مقابل البحث الجدي بينهما لإطلاق عملية الانتقال السياسي بموجب «بيان جنيف» والقرار 2254.
لكن كيري استبق الاجتماع مع نظرائه الأوروبيين بتأكيد وجود «تفاهم» وتوافق مع لافروف، حول اتجاه وأهداف العملية السياسية في سورية، وحول محاربة «النصرة» وتنظيم داعش. وقال في مؤتمر صحفي مع جونسون: «كلانا (كيري ولافروف) يعتقد أننا ندرك الاتجاه الذي تسير نحوه العملية السياسية في سورية، والأهداف التي لابد من تحقيقها». وأكد أن واشنطن وموسكو تواصلان التخطيط لخطوات لاحقة في طريق تسوية الأزمة السورية. وتابع قائلاً: «سنفعل أيضاً كل ما في استطاعتنا لتحسين توصيل الطعام والدواء والمياه والاحتياجات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها».
كما التقى كيري في لندن مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا. وشدد الوزير الأميركي خلال اللقاء على ضرورة أن تستخدم موسكو نفوذها على النظام في سبيل وقف الهجمات على جماعات المعارضة والمدنيين الأبرياء، معتبراً أنها تمثل انتهاكاً لوقف الأعمال القتالية. ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي تأكيد كيري «ضرورة إنهاء جميع المحاولات الرامية إلى حصار مدينة حلب والبلدات المحاصرة الأخرى وضمان الوصول الكامل للمساعدات الإنسانية إلى هناك».
من جانبه دعا جونسون المجتمع الدولي، وخاصة المجموعة الدولية لدعم سورية برئاسة الولايات المتحدة وروسيا إلى «التوحد من أجل ضمان التسوية السلمية»، وشدد على أن «روسيا تتوفر لديها إمكانية خاصة لإقناع النظام بالعودة إلى طاولة المفاوضات»، مشيراً إلى أهمية تقديم المساعدة الإنسانية وإقامة الحوار في إطار ضمان العملية السياسية. وجدد موقف بلاده بضرورة تنحي الرئيس الأسد عن السلطة، قائلاً: إن «جميع القوى الغربية متفقة على ذلك».
واعتبر أن سورية بأكملها «تواجه أزمة إنسانية قد تؤدي إلى ارتفاع حاد في عدد اللاجئين الذين يسعون إلى مغادرة البلاد»، ووصف الوضع بـ«المروع».
وجاء الوزير الفرنسي جان مارك إيرولت إلى اجتماع لندن وفي ذهنه إطلاق دعوة لمساعدة المحاصرين في حلب وداريا وتكثيف الضغط على موسكو، رابطاً على ما يبدو التهدئة التي تسعى واشنطن إليها في سورية بانتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني المقبل.
وفي مقابلة مع وكالة «رويترز» للأنباء، قال إيرولت: «نشعر بقلق بالغ من الموقف في حلب.. لكننا قلقون بشأن داريا أيضاً»، وأكد أن «فرنسا لن تغمض عينيها عن الوضع المأساوي في حلب»، وأضاف «لا يمكننا القبول بانتظار مواعيد انتخابية.. نحتاج لإطلاق دعوة لمساعدة المحاصرين».
ورأى أن هناك حاجة لمزيد من الضغط على روسيا لتخفيف موقفها من الرئيس الأسد، معلناً أنه يريد من الدول التي تشارك فرنسا هذا الاعتقاد، مناقشته حين تلتقي الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد داعش في واشنطن هذا الأسبوع. وعلى خط مواز، طالب إيرولت بأن تتركز جهود التحالف على معقل داعش في الرقة، مبدياً استعداد فرنسا لتعزيز جهودها ضد التنظيم، وذلك بعد الهجوم الإرهابي في نيس والذي تبناه داعش.
وفي المقابل، اعتبر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن التحدي فيما يتعلق بسورية، يكمن في إيجاد سبل للعودة إلى عملية سياسية وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
وأوضح شتاينماير في حوار صحفي نشر أمس أن اجتماع التحالف في العاصمة الأميركية يهدف إلى تنسيق الجهود الدولية لتحرير المناطق التي يسيطر عليها داعش في العراق وسورية.
أما وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، فقد أقر بوجود خلاف في التكتيك مع واشنطن حيال الأزمة السورية. ولم يدع الجبير الموجود في العاصمة البريطانية لندن، إلى الاجتماع الغربي الذي عرض فيه كيري فحوى اتفاقه مع الرئيس بوتين والوزير لافروف. واكتفى كيري بلقاء الجبير ضمن اجتماع مخصص لمناقشة الحرب في اليمن. وقال الجبير في مقابلة مع قناة «العربية» «نسعى إلى إيجاد نظامٍ جديد في سورية لا يشمل (الرئيس) بشّار الأسد وحلّ سلمي للأزمة السورية». وحمل النظام في سورية المسؤولية عن «عرقلة» المفاوضات من خلال «رفضه الحلّ السلمي وفرضه الحلّ العسكري».
وحذر من أنه لا تزال هناك أرضية خصبة للإرهاب في سورية والعراق في ما يخص داعش، مؤكداً أنه في حال «أردنا أن نسحب البساط من تحت داعش يجب أن نبعد (الرئيس) بشار الأسد».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن