زيارة وفد العشقي السعودي لتل أبيب وما تحمله للقمة العربية
| تحسين الحلبي
من الصعب الاعتقاد ألا تحتل زيارة أنور العشقي الذي تطلق عليه الصحف الإسرائيلية (الجنرال صديق إسرائيل) إلى تل أبيب أهمية في سجل مستقبل العلاقات بين تل أبيب والرياض وذلك للأسباب التالية:
أولاً: رافقه فيها رجال أعمال وأكاديميون سعوديون بموجب ما كشفته صحيفة هآرتس في 22 تموز الجاري فهؤلاء سيتبادلون بطاقات التعريف مع أعضاء كنيست ومسؤولين لمواصلة اللقاءات ومتابعة ما سيتناقشون فيه من مواضيع.
ثانياً: جاء الإعلان عن توقيتها في 22 تموز الجاري في الصحف الإسرائيلية لكي تدخل هذه الزيارة الأولى من نوعها بشكل علني إلى أروقة القمة العربية التي ستعقد الإثنين 25 تموز الجاري في نواكشوط لكي تسهم بتشجيع بقية الدول العربية على مثل هذه السياسة تجاه إسرائيل.
ثالثاً: إن الشخصية الإسرائيلية التي أعدت برنامج هذه الزيارة وتستضيفها في إسرائيل هي (دوري غولد) مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية الذي كان قد اجتمع بالعشقي علناً قبل عام تقريباً في حزيران 2015 في معهد واشنطن للدراسات السياسية في الشرق الأوسط، وهو الذي طالب في عدد من التصريحات، السعودية صاحبة المبادرة العربية للسلام بإعادة كتابة هذه المبادرة بحيث تبدأ بتطبيع علاقات جميع الدول العربية بإسرائيل وبعد ذلك فقط تنتهي المبادرة بحل النزاع مع الفلسطينيين، وهذا هو جدول العمل الذي يراد الآن مناقشته بين غولد و(وفد العشقي) في تل أبيب قبل أيام من القمة العربية.. ويذكر أن (دوري غولد) كان قد نشر في موقع مركز (أبحاث جروزاليم للشؤون العامة) «JCPA» كتاباً ألفه بالإنكليزية وبالعبرية بعنوان «السعودية: مملكة الكراهية» وما زال الكتاب في أسواق دور النشر وربما لهذا السبب قال العشقي للإسرائيليين حين وصل إلى تل أبيب إن غولد اعتذر عن تأليفه لهذا الكتاب، والحقيقة أن هذا الكتاب ما زال يحقق مبيعات في هذه الأوقات رغم أنه نشر قبل أزمات الربيع العربي بسنوات.
ويبدو أن إسرائيل هي التي اختارت أن يكون توقيت زيارة الوفد السعودي برئاسة العشقي إلى تل أبيب بهذا الوقت قبيل انعقاد القمة العربية وربما لكي تتشكل لجنة من هذه القمة تقوم بمهمة إجراء التعديلات الإسرائيلية المطلوبة على «المبادرة العربية» التي وضعتها السعودية عام 2002.. فنتنياهو يريد الإسراع في فرض تطبيع عربي مع إسرائيل من دون أي مقابل إسرائيلي في هذه الظروف خصوصاً حين يرى مضاعفات الانقسامات في الساحة العربية وتزايد الدور السعودي في صياغة المشاريع العربية في هذه الأوقات.
وعلى الجهة الأخرى من هذه السياسة نفسها يُحاول محور (أنقرة- قطر) التودد لإسرائيل حتى لو تسبب هذا التودد بزيادة الشرخ الفلسطيني بين الضفة الغربية (السلطة الفلسطينية) وقطاع غزة (حركة حماس) فقد وافقت إسرائيل أخيراً وبعد مماطلة وابتزاز على السماح لقطر بتحويل مبلغ 30 مليون دولار لتغطية رواتب الموظفين والعمال الفلسطينيين في قطاع الخدمات العامة وهم الذين لم يحصلوا على هذه الرواتب منذ عام 2013 بسبب رفض إسرائيل إدخال هذه الأموال لقطاع غزة.
فإسرائيل تستغل الحصار على قطاع غزة والضفة الغربية لكي تقدم خدمة لهذه الدولة أو تلك مقابل الخدمة التي ستقدمها هذه الدولة لإسرائيل فالفلسطينيون في أراضيهم التي تحتلها أصبحوا رهائن لا تفرج عن أي فرد منهم إلا حين تأخذ مقابل ذلك خدمة من الدول التي تتودد لها وتعدها بتطبيع يؤدي إلى سلب جميع حقوق الشعب الفلسطيني الشرعية والوطنية وما أكثر مخاوف الفلسطينيين من قمة عربية تعقد في ظل قواعد اللعبة الإسرائيلية.