ثقافة وفن

365 يوماً أتقبل التهاني بشهيد الشام ثائر العجلاني

| شمس الدين العجلاني

أيها الرجل الصامت..
أيها الرجل الضاحك صاحب العينين العميقتين..
أيها الرجل الصوفي الحاد الذكاء والكثير الخجل والذي فعل ما أراد..
يا صاحب الضحكة الحلوة، العاشق، الغريب، الصديق، الابن، الشهيد، يا ولدي ثائر..
اليوم يمضي على رحيلك يا ولدي 525600 دقيقة، وكل دقيقة تعادل دهراً، فأنت الجرح الذي لم ولن يلتئم.
ثلاثمئة وخمسة وستون يوماً، وأنا أقف كقاسيون قامتي تطول السماء، أتقبل التهاني باستشهادك يا ولدي العاشق…

وكلما نادى مناد يا «أبا ثائر» تشتعل نيران «الفرقة» في دمي وعقلي وروحي، بكرت كثيراً يا ولدي فنحن بحاجة إليك، وزاهر وهيا بحاجة إليك، وجاد وتيم بحاجة إليك، والقلم والقرطاس والكاميرا بحاجة إليك، والعشق والحب والهيام والحارات والأزقة والليل والنهار بحاجة إليك.. يا ولدي الشهيد ثائر، الوطن بحاجة إليك، فعد إلينا، عد إلى حضن أمك وأبيك وتعربش على أكتاف أبيك كما كنت تفعل دائماً، ودع أمك تحمل لك «البسكليت» من الطابق الرابع إلى الشارع..
عد إلينا ليوم أو لحظات، ودعني أضمك لصدري لأضم كل عشاق العالم، أنت جرحي الذي لن يندمل، رائحة حضورك تسكننا، هنا وجهك وهنا ضحكتك هنا عشقك وحبيباتك، وهنا حياتك..
اختصر يا ولدي كل فرحي بك، واختصر كل أحزاني معك..
وجهك يا ولدي في زحمة الأحداث يملأ الدنيا وأراه على كل الوجوه، يا جرحي الذي لن يندمل، صوتك يرافقني، ضحكتك ترافقني، «عفرتتك» ترافقني، قصصك حكاياتك ترافقني فعد إلينا، لم نعد نحتمل الفراق…
فكل صبايا الشام تسأل عنك.. كل رجال الشام يسألون عنك.. كل أطفال الشام يسألون عنك..
آه يا ولدي لم أعد أستطيع مسح الدمع، وأرتعش كلما مر طيفك، من قال إن الزمن يمحو الحزن؟ فقد ضجّ الحزن من حزني «إلا أَيُّهَا اللِّيْلُ الطَّوِيْلُ إلا انْجَلِي بِصُبْحٍ، وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَلِ» أوراق العمر يا ولدي تساقطت، والدرب أظلم، وزمن الفرح ولى، وأنا والحزن صنوان..
فعد إلينا يا ولدي ليوم أو لحظات، ودعني أضمك لصدري…

شمس الدين العجلاني :

لا تحزن يا أبت
لا تبك .. أنا لم أمت
أنا بقربك
وأحتسي قهوتي معك
وأحزن لأنك أشعلت الدروب بالبكاء
أنا لولاك ما كنت ثائراً
وكتب الله لي الشهادة
لا تَحْزَنَ يا أبت:
«إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ»
يا أبت: أنا من تحدى الكفن
وصرع الموت
وقدمت المهر غالياً لـ«ليل حبيبة»
وعانقت عرائش الياسمين
وتطاولت قامتي
إلى ذرا قاسيون
وأنا لو باح قلبي
قال يا شام.. أواه يا شام
حبيبتي العريقة
التي ألهبت النار في دمي
وأغرقتني بعبق عطرها
ونادتني عند الغسق
ولبيت النداء مبتهجاً
وصعدت إلى السماء
ونادى مناد
هذا من سلالة «سيف ذو الفقار»
لا تحزن.. لا تبك يا أبت
أنا ابن من تعمد بمياه بردى
وخرج بالعراضة الشامية
أنا ابن من غنّى زيّنوا المرجة والمرجة لينا
ونادى يا شيخ رسلان يا حامي البر والشام
أنا ابن من ارتدى الياسمين دثاراً
والغوطة فراشاً
أنا من سلالة الحب والعشق
أنا يا أبت شفيعك
فلا تحزن..
لا تحزن يا أبا الشهيد
إنني أسمع أنين بكائك
والصبر خُلق للأشداء
بالله قل..
بالله يا أبت قل لأمي
ما عمري وربيعي
وخمري وعشقي
إلا من صنعكِ
وما أغنيتي إلا من نظمكِ
وغداً يا أمي أجمل
معطراً.. مكحلاً.. بالياسمين والوردة الدمشقية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن