سورية

الخيارات تضيق أمام «النصرة».. اتجاه لفك الارتباط عن «القاعدة»

فجأةً ومن دون مقدمات، انطلقت التسريبات عن توجه جبهة النصرة لفك ارتباطها بتنظيم «القاعدة» الإرهابي. الجبهة التي وضعها الاتفاق الروسي الأميركي على «المقصلة» الفورية لمكافحة الإرهاب أسوة بتنظيم داعش، بلغت نهاية مطاف لعبتها في الاختفاء داخل صفوف ما يسمى «المعارضة المعتدلة».
ويبدو أن الخيارات ضاقت أمام زعيم «النصرة» أبي محمد الجولاني، بعد ما أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن توافق مع الروس على ضرب الجبهة وفصلها عن «المعارضة المعتدلة». فبإمكان الجولاني التوافق مع عدوه اللدود زعيم تنظيم داعش أبي بكر البغدادي، أو تغيير اسم الجبهة وفك الارتباط مع «القاعدة» والاندماج مع بقية المسلحين، أو انتظار حدوث انشقاق داخل «النصرة» وتوزع مقاتليها على مختلف التنظيمات المسلحة، سواء ميليشيا «جيش الإسلام» أو حركة «أحرار الشام الإسلامية» أو داعش. وتصاعدت أمس حظوظ الخيار الثاني.
واكتسبت التسريبات بخصوص فك الارتباط عن القاعدة زخماً كبيراً، مع ما أكده نشطاء مقربون من الجبهة، من موافقة «مجلس شورى جبهة النصرة على فك الارتباط بتنظيم القاعدة»، داعين إلى انتظار خروج بيان بهذا الصدد.
وفي السياق ذاته، نقلت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة عن مصادر داخل «النصرة» أن القيادة العامة للجبهة «تتجهز للإعلان عن فك ارتباطها بالقاعدة»، لكنها أوضحت أن «إمكانية التأخير واردة بسبب رفض بعض القيادات الشرعية ذلك والخلاف الدائر مع القادة العسكريين الذين يدفعون باتجاه فكرة فك الارتباط».
كما نقل موقع «زمان الوصل» المعارض عن مصادر متقاطعة: إن «النصرة» تتجه لفك ارتباطها بالقاعدة، مشيرةً إلى أن الجولاني يقوم بجمع تواقيع من الأمراء والشرعيين في الجبهة من أجل البت في الأمر خلال الأيام القليلة القادمة. وأشارت المصادر، حسب الموقع، إلى أن قيام الجولاني بجمع تواقيع مسؤولي الجبهة جاء بعد «اتخاذ قرار بفك الارتباط، عقب اجتماع لمجلس الشورى في الجبهة مع تنظيم «القاعدة» في اليمن وغيرها».
وسبق أن أوضح الجولاني في لقاء تلفزيوني أنه «عندما يتم تشكيل مجلس شورى واحد يضم ممثلي الفصائل كافة والاندماج بجيش واحد وتحت راية واحدة سيتم فك الارتباط عن القاعدة تلقائياً».
وحاز خيار فك الارتباط عن «القاعدة» تأييد كبار زعماء التيار الجهادي السلفي في العالم، مثل الأردني أبي محمد المقدسي، الذي سبق أن دعا «النصرة» إلى تغيير اسمها، إذا ما «صار عائقاً أو سبباً لاستهداف أهلها»، مؤكداً أن «تغييره أو التنازل عنه ليس تنازلاً عن قرآن».
وأفتى بأن «فك الارتباط ليس ردة عند الحاجة إليه». وكذلك فعل أبو أيوب المصري الذي اعتبر أن فك الارتباط ليس «نقضاً للبيعة» التي أطلقها الجولاني لزعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري، واعتبره «اسماً جديداً يلمُّ شمل الفصائل». ولفت المصري إلى أن «من يطالب (في إشارة إلى الجولاني) بفك الارتباط يطلبه بإذن الظواهري، وليس خروجاً عليه»، كاشفاً أن زعيم «القاعدة» سبق أن «أذن» بفك الارتباط «ثم رجع عنه»، وقال: «أنا أطالبه بالسماح للنصرة لتكون شامية».
ومن المحتمل أن يكون الجولاني، قد قرر السير في خيار فك الارتباط من أجل حفظ النواة الأساسية للجبهة من المقصلة، ولإرباك الاتفاق الروسي الأميركي، وخصوصاً أن داعمين كباراً لـ«النصرة» سبق أن ضغطوا أواسط العام الماضي على الجبهة من أجل فك الارتباط. وفي حينه، رفض الجولاني التجاوب مع هذه الضغوط، معتبراً أن النصر بات في متناول اليد وأن الساحل ساقط لا محالة.
ولتحقيق هذا الخيار قبل الانتقال إلى التفاهم مع داعش، سعت «النصرة» إلى ترطيب الأجواء مع المجموعات المسلحة الأخرى، وهو ما قابلته الأخيرة بحذر كبير، على حين رفضته عدة مجموعات تتبع لميليشيا «الجيش الحر» بشكل قاطع. ونقلت تقارير أن «النصرة» واستعداداً لأي عمل يستهدفها عملت على نقل مقراتها الأساسية من مدينة إدلب وبعض المناطق الأخرى، وقامت بتغيير مواقع سجونها. واللافت أن مدير الاستخبارات الوطنية في الولايات المتحدة جميس كلابر قلل من شأن تهديد «النصرة» على الغرب، وجاء ذلك في معرض مقابلة مع الصحفي الأميركي الشهير ديفيد أغناتيوس. والغريب أن أغناتيوس هذا نفسه سبق أن أطلق الحملة الإعلامية على الجبهة قبل أسبوع عندما نشر مقالاً تحت عنوان «خطر جهادي جديد ربما يلوح في الأفق في سورية»، على صدر صفحات جريدة «واشنطن بوست» الأميركية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن