كما حصل بعد اعتداء نيس.. المعارضة اليمينية تسارع إلى مهاجمة الحكومة الاشتراكية … مقتل كاهن ذبحاً في عملية احتجاز رهائن في كنيسة شمال غرب فرنسا.. داعش تتبنى والفاتيكان يندد بـ«الجريمة الهمجية» وواشنطن تعرض مساعدتها
لم تتوهم الحكومة الفرنسية للحظة خلال الفترة الماضية بأن موجة الإرهاب الذي يضرب فرنسا قد انحصرت أو أنها قصيرة المدى، فطوال الأشهر الأخيرة التي تلت عملية «ستاد باريس» كان هناك انتظار فرنسي لضربة إرهابية جديدة، لكن على الرغم من حالة الاستنفار الأمني المرتفعة ووعي كبار المسؤولين بأن فرنسا مهددة بعمل إرهابي نوعي، لم تتمكن السلطات في النهاية من تفادي حصول هذه الهجمات الإرهابية.
فقد قتل كاهن ذبحاً في عملية احتجاز رهائن أمس الثلاثاء في كنيسة في سانت اتيان دو روفريه في شمال غرب فرنسا نفذها رجلان قتلتهما الشرطة وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إنهما أعلنا انتماءهما إلى تنظيم «داعش». وقال هولاند لدى وصوله إلى سانت اتيان دو روفريه يرافقه وزير الداخلية برنار كازنوف حيث وقع الاعتداء إنه «جريمة إرهابية دنيئة»، وأضاف إن منفذيها «قالا إنهما ينتميان إلى داعش»، ونوه أنه «استهدف الكاثوليك اليوم، لكن كل الفرنسيين معنيون»، داعياً مواطنيه إلى التضامن، وأضاف: إن «الخطر يبقى ماثلاً». وقال مصدر مطلع على التحقيق: إن المهاجمين هتفا «اللـه أكبر» وهما يدخلان الكنيسة. وقد قتلا على يد الشرطة في حين كانا يخرجان إلى باحة الكنيسة. وقالت مصادر متابعة للتحقيق: إن أحد المهاجمين «معروف من أجهزة مكافحة الإرهاب»، وإنه سيتم تأكيد ذلك ما أن يتم التحقق من هوية الرجلين.
وأضافت: إن الرجل حاول في 2015 التوجه إلى فرنسا، لكنه عاد إلى تركيا وأوقف للتحقيق معه بشبهة الانتماء إلى عصابة على ارتباط بمنظمة إرهابية. ووضع قيد التوقيف الاحتياطي قبل أن يفرج عنه ويبقى تحت المراقبة.
وكما حصل بعد اعتداء نيس، سارعت المعارضة من اليمين إلى مهاجمة الحكومة الاشتراكية، متهمة إياها بالتراخي وعدم الكفاءة في عملية مكافحة الإرهاب.
وقال الرئيس السابق نيكولا ساركوزي: «علينا أن نغير حجم تعاملنا (مع الإرهاب) وإستراتيجيتنا»، مندداً بـ«عملية ناقصة في مواجهة الإرهاب».
وأضاف: «يجب أن نكون بلا رحمة. الخفايا القانونية، الحذر في التدابير المتخذة، الحجج لعدم القيام بعملية كاملة، أمور غير مقبولة».
وطلب من الحكومة «تطبيق كل اقتراحات اليمين و«من دون تأخير»، وبينها مثلاً إنشاء مراكز احتجاز للمشتبه بأنهم يشجعون على التطرف.
ومن جانبها نددت زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن على حسابها على موقع «تويتر» بـ«كل الذين يحكموننا منذ ثلاثين عاماً»، في حين كانت النائبة عن الجبهة الوطنية ماريون ماريشال لوبن تدعو الفرنسيين إلى «الاستيقاظ».
ومن جهته أعرب رئيس الوزراء مانويل فالس أمس عن «الصدمة من الاعتداء الهمجي» على الكنيسة الذي أصيبت فيه أيضاً رهينة ثانية لم تعرف هويتها، قالت السلطات إنها «بين الحياة والموت».
وكتب فالس على حسابه على موقع «تويتر» «فرنسا بكاملها وكل الكاثوليك تحت الصدمة في مواجهة الاعتداء الهمجي على الكنيسة» الواقعة في ضاحية مدينة روان.
وفي وقت سابق، أفاد مصدر مطلع على التحقيق أن الكاهن الذي قتل خلال عملية احتجاز الرهائن تعرض للذبح. وقتلت الشرطة منفذي العملية بحسب وزارة الداخلية التي أشارت إلى أن ثلاثة رهائن خرجوا سالمين. وأعلن رسمياً إحالة ملف العملية إلى قضاة مكافحة الإرهاب.
ومن جانبه أعلن تنظيم «داعش» أمس أن منفذي الاعتداء على كنيسة في شمال غرب فرنسا الذي أسفر عن مقتل كاهن ذبحاً، هما «جنديان» في صفوفه، وفق ما أوردت وكالة «أعماق» التابعة له.
وجاء في خبر نشرته الوكالة على مواقع التواصل الاجتماعي أن «منفذي هجوم كنيسة نورماندي في فرنسا هما جنديان من الدولة الإسلامية»، مضيفة أنهما «نفذا العملية استجابة لنداءات استهداف دول التحالف الصليبي». وكان تنظيم «داعش» نشر مؤخراً تسجيل فيديو يتوعد فيه بمزيد من الهجمات في فرنسا. وكان المسؤولون الفرنسيون يتخوفون من خطة لمهاجمة أماكن دينية منذ سنة، لاسيما بعد إحباط خطة للهجوم على كنيسة كاثوليكية في إحدى ضواحي باريس في نيسان 2015. وبدوره ندد الفاتيكان بـ«جريمة همجية»، فيما عبر البابا عن ألمه إزاء العنف الذي استهدف كنيسة ومؤمنين.
وأفاد بيان صادر عن الكرسي الرسولي «نشعر بالصدمة لحصول هذا العنف الرهيب في كنيسة، في مكان مقدس يجسد حب الله، إزاء هذه الجريمة الهمجية التي قتل فيها كاهن وأصيب مؤمنون».
وأضاف إن البابا «أبلغ بالخبر، ويشارك (الفرنسيين) الآلم، ويدين بشدة كل أشكال الكراهية ويصلي للضحايا»، مشيراً إلى أن «هذا الخبر المروع الجديد يضاف إلى سلسلة أعمال عنف خلال الأيام الأخيرة أصابتنا بالصدمة وأثارت ألماً كبيراً وقلقاً»، ناقلا تضامن الفاتيكان مع الرعية المستهدفة والشعب الفرنسي.
ومن جهته دان البيت الأبيض أمس «بأشد العبارات» الاعتداء، وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي نيد برايس في بيان: «إن فرنسا والولايات المتحدة لديهما التزام مشترك لحماية الحرية الدينية لكل الأديان، والعنف الذي وقع اليوم (أمس) لن يزعزع هذا الالتزام».
وأضاف: إن «الولايات المتحدة تدين بأشد العبارات الهجوم الإرهابي المروع الذي وقع في كنيسة كاثوليكية في النورماندي بفرنسا»، قائلاً: «نحن نشيد بسرعة تحرك السلطات الفرنسية وردها الحازم ونبقى على استعداد لمساعدتها في تحقيقها».
وتعرضت فرنسا لثلاثة اعتداءات خلال 18 شهراً قتل فيها 17 شخصاً في كانون الثاني 2015، و130 في تشرين الثاني، و84 في تموز 2016. وتخضع لحالة الطوارئ تحسباً لاعتداءات جديدة.
أ ف ب – رويترز – وكالات