عشق مصر وقبل وفاته بعامين منحته جنسيتها … رائد السينما الواقعيّة «محمد خان» وقصّة حبّه لمصر والسينما
| عامر فؤاد عامر
يبقى للسينمائي فضاؤه الخاصّ الذي يجذب من خلاله ويستقطب عين الآخر، وللراحل «محمد خان» فضاؤه الأرحب وواقعيته التي حملت منطق الناقد الحقيقي والراغب في تحقيق لوحة نوعيّة في السينما الواقعيّة، فكان الرائد فيها، وقد بقي على نظرته تلك حتى قبل أن وافته المنيّة بيوم، فنراه معاتباً المعنيين في مصر على عدم حضور الفيلم المصري في مهرجان الفيلم العربي في برلين الذي أقيم مؤخراً، مطلقاً عتبه في جملة «آه يا زمن»، التي كانت عنوان بعض المقالات والأخبار التي انتشرت عنه في هذا العتب واللوم. وافته المنية فجر الثلاثاء الواقع في 26 تموز لتعلن إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بعد ساعاتٍ من رحيله، قرارها في تسلمه جائزة «فاتن حمامة» التقديريّة عن مجمل أعماله ونشاطاته الفنيّة وارتقائه بالفنّ.
ولد المخرج السينمائي «محمد خان» في 26 تشرين الأول 1942في حيّ السكاكيني الشعبي في القاهرة، من أب باكستاني الأصل وأمّ مصريّة، لكن حصوله على الجنسيّة المصريّة جاء بعد بلوغه 71 عاماً، على الرغم من أن طريقه في السينما الواقعيّة كان من خلال توثيق معاناة المصري والطبقات البسيطة في مصر، ويذكر أنه بقي على حبّه لمصر على الرغم من ذلك ويقول: « أنا مصري وُلدت وتربيت في شوارع القاهرة وأحيائها الشعبية»، وفيما قاله حول منحه الجنسية التي طال انتظاره لها وكثرت مطالبة الناس فيها لمنحه إيّاها: ««لن أطالب بالجنسية المصرية ثانيةً لأني طالبت بذلك بما فيه الكفاية حتى دخلت في العقد السبعين من عمري وسوف أترك تقدير هذا الأمر للرئاسة».
يبرز اسم هذا المخرج من خلال السينما الواقعيّة، فهو يعدّ أحد أبرز مخرجيها بين نهاية السبعينيّات وطوال ثمانينيّات القرن الماضي، وبقي على نشاطه فيها على الرغم من قلّة إنتاجه في السنوات العشر الأخيرة، كما كان على صلة في الكتابة فشارك في كتابة 12 قصة من 21 فيلماً قام بإخراجها. وموضوع الكتابة يأخذنا إلى زواجه من «وسام سليمان» كاتبة السيناريو، التي كتبت سيناريو فيلمين عمل «خان» على إخراجهما وهما: «بنات وسط البلد» و«في شقّة مصر الجديدة»، كما تعمل ابنته «نادين» أيضاً في مجال الإخراج السينمائي.
جاور في مسكنه صالة عرض سينمائيّة، فكان يتابع أفلامها يوميّاً، والأفلام التي لم يتمكن من رؤيتها تابع الصوت منها فقط، ولربما هذا مقطعٌ حيّ من علاقته بالسينما فقد كان هذا الإنسان على ارتباط وثيق بهذا الحقل، وتذكر المصادر إلى أنه كان يجمع إعلانات الأفلام من الصحف، وشراء صور الأفلام وأبطالها، إضافة لمتابعته بشغف للأفلام السينمائيّة التي أتيح له مشاهدتها، وهكذا نشأ في داخله حبّه للسينما التي قادته ليكون مخرجاً بارعاً ببصمة خاصّة.
درس خان الهندسة المعمارية وسافر إلى إنكلترا لإتمام هذه الدراسة، وهناك قادته الحياة إلى مدرسة الفنون السينمائيّة ليودّع الهندسة المعماريّة إلى الأبد ويتابع دراسته في هذا المجال في لندن، فبدأت رحلة الاجتهاد والبحث عن نفسه في هذا الميدان، فاجتهد في المتابعة والتلقي لكل تيارات السينما وتفاعل معها وتناول النقد فيها وتعلم منها ومن تنوّعها، إلى أن شكل حصيلته في امتلاك الرؤية الخاصة به في السينما واختلافه عن كلّ الدارج في السينما العربية والمصريّة تحديداً.
عاد السينمائي «خان» إلى القاهرة عام 1963 ليعمل في الشركة العامة للإنتاج السينمائي العربي تحت إدارة المخرج «صلاح أبو سيف» لمدّة عام واحد، وبعدها انطلق إلى لبنان ليعمل مساعد مخرج مدّة عامين مع المخرجين هناك. ليعود من جديد إلى إنجلترا، وفيها أنشأ دار نشر وأصدر كتابين، الأول عن السينما المصريّة والثاني عن السينما التشيكيّة، وكان يكتب مقالات عن السينما. وفي عام 1977 عاد إلى مصر وأخرج فيلماً قصيراً. وبعدها بعام جاء فيلم « ضربة شمس» وهو التجربة السينمائية الأولى للمخرج «محمد خان» في أفلام الرواية.
نذكر أسماء أفلامه وأعوام إنتاجها: الثأر (1980) طائر على الطريق (1981)موعد على العشاء (1982) نصف أرنب (1982) الحريف (1983)مشوار عمر (1985) خرج ولم يعد (1984) عودة مواطن (1986) زوجة رجل مهم (1988) أحلام هند وكاميليا (1988) سوبرماركت (1990) فارس المدينة (1991) مستر كاراتيه (1992) الغرقانة (1993) يوم حار جداأيام السادات (2001) كليفتي (2004) (فيلمه الوحيد المصور بتقنية الديجيتال)بنات وسط البلد (2005) في شقة مصر الجديدة (2007)عشم (2013) تمثيل فتاة المصنع (2014) قبل زحمة الصيف (2015).
أمّا الأفلام التي حققت جوائز فهي: فيلم «ضربة شمس» الذي نال الجائزة التقديريّة الذهبيّة عن الإخراج الأول من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدّولي الأوّل، وجائزة العمل الأول من جمعيّة الفيلم، وجائزة الدولة التقديريّة. وفيلم «طائر على الطريق» الذي نال جائزة لجنة التحكيم في مهرجان القارات الثلاث (نانت) فرنسا 1981، وجائزة لجنة التحكيم الخاصّة في مهرجان جمعيّة الفيلم 1982، وجائزة التقدير الذهبيّة من الجمعيّة المصريّة لكتّاب ونقاد السينما 1981، الجائزة الأولى في ليالي الإسكندرية السينمائيّة 1981، ونص فيلم «أرنب» الذي نال الجائزة الأولى مناصفةً مع نصّ «العار» في مهرجان القاهرة الدولي 1982، وفيلم «الحريف» الذي نال جائزة أفضل إخراج من جمعية الفيلم 1985، والجائزة الثانية في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي الثالث 1983، وشهادة تقديرية في مهرجان برلين الدولي 1983، كما عرض داخل المسابقة الرسمية في مهرجان موسكو الدولي 1983 وفيلم «عودة مواطن» الذي شارك في مهرجان فالنسيا لدول البحر المتوسط بإسبانيا 1986، عرض خارج المسابقة في مهرجان كان الدولي 1987. وفيلم «خرج ولم يعد»الحاصل على جائزة التانيت الفضي وجائزة أفضل ممثل «يحيى الفخراني» في مهرجان قرطاج الدولي 1984، والجائزة الخامسة في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي الرابع 1984، وشارك في مهرجانات ستراسبورغ بفرنسا 1985، ومهرجان السينما العربيّة في باريس 1985، ومهرجان فالنسيا لدول البحر المتوسط بإسبانيا 1985 وفيلم «مشوار عمر» الذي شارك في مهرجان السينما العربيّة في باريس 1986 وفيلم «زوجة رجل مهم» الحاصل على جائزة السيف الفضي وجائزة أفضل ممثل «أحمد زكي» وجائزة النادي السينمائي الطلابي في مهرجان دمشق الدولي 1987، وشارك كفيلم افتتاج وداخل المسابقة في مهرجان موسكو الدولي 1987، عرض في سوق مهرجان كان الدولي 1987، وشارك في مهرجان ستراسبورغ بفرنسا 1987، ومهرجان فالنسيا لدول البحر المتوسط بإسبانيا 1987، ومهرجان مونتريال بكندا 1987، عرض على هامش المسابقة الرسمية في مهرجان القارات الثلاث (نانت) فرنسا 1987، وفي مهرجان القاهرة الدولي 1987 وفيلم «أحلام هند وكاميليا» الحاصل على جائزة أفضل ممثلة «نجلاء فتحي» في مهرجان طشقند الدولي بالاتحاد السوفييتي 1988، شارك في مهرجان فالنسيا لدول البحر المتوسط بإسبانيا 1988 وفيلم «في شقة مصر الجديدة» الحاصل على جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان دمشق السينمائي 2007 جائزة الخنجر الفضي والجائزة الخاصة للجنة النقاد والصحفيين في مهرجان مسقط السينمائي 2008، جائزة أحسن مخرج وأحسن ممثلة غادة عادل في مهرجان المركز الكاثوليكي 2008، شارك في مهرجان دبي السينمائي 2007، ومهرجان بالم سبرينجز ومهرجان سان رفايل بالولايات المتحدة 2008. مثل مصر في مسابقة الأوسكار للفيلم الأجنبي 2008 ولكنه لم يتم قبوله للترشح للجائزة.