سورية

طالب بحل يضّمن إحلال السلام وحق الشعب السوري بتقرير مصيره بعيداً عن كل تدخل خارجي…لقاء البطاركة الأنطاكيين: متشبثون بوحدة سورية ومواجهة الفكر التكفيري وتجفيف منابعه

أكد المشاركون في اللقاء الروحي للبطاركة الأنطاكيين في الكاتدرائية المريمية بدمشق تشبثهم بوحدة سورية وحق أبنائها في العيش بأمن وحرية وكرامة، داعين العالم إلى العمل الجدي على إيجاد حل سياسي «للحرب العبثية التي تعصف بها، وتؤجهها مصالح الكبار مستخدمةً تفسيراً مغلوطاً للدين».
وجاء في البيان الختامي للقاء الذي تلاه الوكيل البطريركي لبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس المطران أفرام معلولي باسم نداء الميريمية أمس: «بعد أن وقع الشعب السوري البريء والمسالم في قبضة إرهاب تستخدمه قوى هذا العالم لتفتيته وطمس حضارته وإخضاع إنسانه وطرده من أرضه.. نطالب بحل يضمن إحلال السلام وعودة المخطوفين والمهجرين والنازحين وحق الشعب السوري بتقرير مصيره بحرية تامة وبعيداً عن كل تدخل خارجي».
ودعا البيان المسيحيين ليتعاضدوا فيما بينهم ويصلّوا لأجل وحدتهم ويخدموا الفقراء بتفان ويحملوا أوطانهم في فكرهم وصلواتهم ويطلبوا بإلحاح أن يعم السلام ربوعها وينعم أبناؤها جميعاً بالفرح الحقيقي والمواظبة على أطيب العلاقات مع إخوانهم المسلمين شركائهم في الوطن والمصير ويعيشون معاً في هذه الأرض ويتقاسمون وإياهم في هذه الأيام «ويلات العنف والإرهاب الناتجين عن الفكر التكفيري وعبثية الحروب التي تؤجهها مصالح الكبار مستخدمة تفسيراً مغلوطاً للدين».
وأضاف البيان: «إن شركاءنا يشعرون بوجعكم ويتألمون لآلامكم وهم يعملون مع مرجعياتهم الدينية والفقهية لاستئصال جذور الفكر التكفيري الذي حصد ولا يزال يحصد في كل مرحلة عشرات الألوف من البشر ونحن معهم وبإخلاص الشريك الوفي نرفع الصوت ونعلن أنه حان الوقت لمواجهة هذا الفكر وتجفيف منابعه من خلال تربية دينية تعمم ثقافة الانفتاح والسلام وحرية المعتقد ومواجهة كل فكر أو أيديولوجيا تقدس العنف والقتل والانتقام في زمن يستبيح فيه الإرهابيون كل شيء باسم اللـه خدمة لأهوائهم ولمصالحهم ومصالح كبار هذا العالم».
وأوصى البيان بأن «لا تنسوا أن تعملوا جاهدين من أجل وحدة بلدانكم ورقيها وقيام الدولة المدنية فيها»، داعياً إلى المحافظة على التعددية بكل ما فيها من غنى وألا يكون الإيمان سببا للفرقة أو حاجزا يحجب بهاء الآخر وعظمته»، مشيراً إلى أنه في «وقت يسود فيه الخوف والعنف والسبي والخطف والقتل والدمار والتهجير ويجبر الإنسان على تغيير دينه من مجرمين لم يعرفوا اللـه ولا رحمته ولم يفهموا أنه قد ارتضى بحكمته أن يقيم عباده على التعدد، فإن قاتليكم لا يدركون أنهم بقتلكم يحكمون على ذواتهم بالشقاء الأبدي وعلى أوطانهم بالتخلف».
ودعا البيان إلى «الصلاة من أجل المضطهدين والمخطوفين ولاسيما مطراني حلب بولس يازجي ويوحنا إبراهيم والكهنة المخطوفين وآخرهم الأب جاك مراد».
وطالب البيان المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته في إيقاف الحروب على أرضنا وإيجاد حلول سلمية وسياسية للنزاعات القائمة والعمل الجدي على إعادة النازحين والمهجرين إلى بيوتهم وممتلكاتهم وحماية حقوقهم كمواطنين، داعياً كل من يهتم بالمسيحيين ومصيرهم كي يساعدهم على البقاء والتجذر في أرضهم من أجل تنميتها والاستفادة من خيراتها لا أن يسهل نهبهم وتدمير حضارتهم واستعبادهم أو إرغامهم على الهجرة.
وسبق البيان الختامي إقامة البطاركة الأنطاكيين الخمسة صلاة من أجل السلام في سورية بالكاتدرائية المريمية عقب انتهاء لقائهم الروحي.
وبدأ اللقاء الروحي للبطاركة الأنطاكيين صباح أمس في الكاتدرائية بمشاركة البطاركة يوحنا العاشر يازجي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، ومار إغناطيوس افرام الثاني كريم بطريرك انطاكية وسائر المشرق الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، وغريغوريوس الثالث لحام بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، ومار إغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك، والكاردينال الماروني مار بشارة بطرس الراعي، والسفير البابوي بدمشق ماريو زيناري. ولفت البطريرك يازجي في كلمة ببداية اللقاء إلى أن مشهد لقاء الإخوة «اجتماع بطاركة أنطاكية في هذا الظرف في سورية وفي دمشق تحديداً»، هو رسالة صادقة لشعب المشرق والعالم أجمع، قائلاً: «أردناه لقاء في دمشق لنطلق من هنا نداء المريمية.. لنطلق في الوقت نفسه نداء سلام ورسالة مصالحة ووقفة تاريخ أمام ما يجري ويتسارع من أحداث». وأشار إلى أن صلاة المجتمعين «من هذا المكان المقدس.. هذه الدار البطريركية من الكنيسة المريمية في دمشق وهي جارة الأموي تدعو إلى أن يكلل اللـه اللقاء بنوره ويرسل السلام لهذا المشرق وعالمه وكنيسته».
وفي تصريح للإعلاميين عقب البيان لفت البطريرك يازجي، إلى أن أهمية اللقاء تنبع من المعاني والرسائل التي أرسلها إلى أبناء الوطن والخارج بأننا موجودون في سورية عائلة واحدة مسلمين ومسيحيين نؤمن بالسلام ونحن أبناؤه كما أنه دعوة إلى أصحاب القرار في المجتمع الدولي للعمل على إيجاد حل سلمي للأزمة في سورية وفي أنحاء المنطقة.
من جهته عبر البطريرك الراعي عن شكره على دعوة بطاركة أنطاكية، وقال: «هو فرح كبير أن نلتقي كإخوة مؤتمنين على خدمة شعبنا في هذا المشرق وحيث هم في العالم، كما أننا سعداء بأن يكون معنا السفير البابوي ومطارنة الأبرشيات بهذه المنطقة وفرحتنا كبيرة أن نلتقي وأننا دائماً قلب واحد ونفس واحدة وهذا يساعد شعبنا ويعطيه المزيد من الأمل». وأكد البطريرك الراعي أنه يؤيد كل ما دعا إليه البطريرك يازجي، مضيفاً: «وتبقى المشكلة الأساسية أن نتباحث في همنا المشترك كيف نحافظ على شعبنا في أرضنا».
ووصل البطريرك الراعي إلى سورية الأحد للمشاركة في اللقاء الروحي وترأس قداساً إلهياً في كاتدرائية مار انطونيوس أبرشية دمشق المارونية حيث قال: «نندد بالظلم وموت الضمير العالمي وبكل الذين يقدمون السلاح والمال من أجل التخريب والتدمير والقتل والتهجير».
سانا

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن