من دفتر الوطن

إني أعترض!

 | عصام داري 

كثيرة هي الأشياء والقضايا والممارسات التي تدفع المرء إلى الغضب والتمرد ورفض الواقع المعيش الذي بلغ حداً لا يطاق وتجاوز كل الخطوط الحمراء والصفراء والزرقاء والمصبوغة بكل الألوان.
وعندما نشعر أن الفساد صار من المسلمات وممارسة يومية روتينية لا يحاسب عليها القانون، بل ربما يحصل الفاسد على ترقيات وظيفية ويتلقى من الناس الذين في القمة وفي السفح أيضاً الثناء والمديح والتبجيل، عندما يحدث ذلك يكون الوطن في أشد حالات المرض، وأعلى درجات الضياع والخزي والعار.
في ضوء ذلك كله وجدت نفسي معارضاً حقيقياً لما يجري في بلدي وأخذت على نفسي قراراً بعدم الصمت والصراخ في وجه الفاسدين والمفسدين والخاطئين بأعلى الصوت وإن كنت على يقين بأنه (لا حياة لمن تنادي)!.
لذا فأنا أعترض بشدة على كل أوجه الفساد في الحكومة والمؤسسات والدوائر وأتمنى من الصامتين أن ينضموا إلى حركتي هذه كي لا يستفحل الفساد أكثر، ويستسهل الفاسدون فعل الفساد فيستمرون في غيهم وفسادهم.
إني أعترض على غياب التخطيط الحقيقي لمشاريع ومعالجات تنصف الفقراء وذوي الدخل المحدود وتعطيهم حقوقهم المهدورة على بوابة الحكومات ووقف جلد هؤلاء الفقراء بسوط الضرائب ورفع الأسعار المجنون الذي يجعلنا نتساءل كل صباح: ماذا يأكل الفقير، وكيف يعيش!.
إني أعترض على غيلان الأزمة، أي تجار الأزمة، الذين حولوا دماء السوريين إلى ذهب وفضة وبنكنوت وأودعوها في المصارف والبنوك العالمية التي لا يصل إليها قضاء ولا محاسبة.
أعترض على المرتشي والراشي والرشوة التي كانت تتم في السر استناداً إلى «حكمة» أصحاب هذا الطريق التي تقول: «إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا» فصارت تتم في العلن ومن دون أدنى خجل، لأن «الذين استحوا ماتوا».
أعترض على «الشبيحة» الذين يشفطون بسيارات الدولة وبنزين الدولة في النهار والليل ويقلقون راحة الناس بإطلاق أسوأ أنواع الغناء الهابط حتى ساعات الفجر الأولى، وكأن البلد تخلص من العصابات الإرهابية، وكأن دم الشهداء في الأحياء نفسها التي يطلقون العنان لجنونهم واستهتارهم بالمواطن، كأن دم الشهداء قد جف، والحزن قد ترك أم الشهيد وذويه.
أعترض على بعض القضاء الذي يبرئ القاتل ويدين القتيل.
أعترض على الفوضى العارمة التي ضربت وطننا من أصغر قرية إلى أكبر مدينة.
أعترض على التسيب الوظيفي وإهمال المواطن وقضاياه ومعاملته وكأنه مواطن درجة سابعة.
أعترض على مستوى النظافة المتردي الذي يسهم فيه المواطن والجهات العامة معاً.
أعترض على عدم وجود معالجات بيئية سريعة لإنقاذ الوطن والمواطن من الكوارث البيئية التي تضاعفت بعد الأزمة كثيراً عما كانت عليه قبل الأزمة.
أعترض، أكثر ما أعترض، على كل خطاب أو كلام عن الأديان والطوائف والمذاهب والأعراق والانتماءات لغير الوطن، فهذا هو الكفر بكل معنى الكلمة.
أعترض، وأعترض ويكاد يبح صوتي وأصوات الآخرين، وحتى الصامتون «والساكت على الحق شيطان أخرس» حتى هؤلاء يصرخون من الداخل يخشون أن يسبب لهم بوحهم المحاسبة والملاحقة.
علينا أن نشكل حزباً أو حركة أو تكتلاً يقوم على معارضة كل الإفساد والأخطاء والارتكابات التي ضاق الوطن والمواطن بها ذرعاً، فمن يجرؤ على الكلام؟.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن