ينبوع الثروات
| د. اسكندر لوقا
اختبار المرء لأي أمر من الأمور في الحياة حق من حقوقه المشروعة، وفي هذا السياق لا نغالي إذا قلنا إنه من بين الواجبات التي يترتب عليه القيام بها قبل اختيار الأصح من وجهة نظره. وفي مجال الاختبار تندرج أيضاً قضية أخرى لا تقل أهمية عنها، هي حرية الاختيـار بين ما هو حق وما هو واجب.
تأسيساً على هذه النقطة، كثيراً ما ننصح وينصح الباحثون الاجتماعيون بضرورة التدقيق في القضايا التي تطرح نفسها على المرء كي تدفعه باتجاه اختبارها، عن كامل الوعي، قبل الاختيار وذلك وصولاً إلى غرضه بحثاً عن الأصح والأفضل.
وفي هذا المجال، ثمة تحذير يرد على لسان عدد كبير من علماء النفس والاجتماع حول عدم المبالغة في الاعتماد على مبدأ الاختبار فيما يتعلق بمسائل لا تحتمل المجازفة، بينها – على سبيل المثال – الحب عند اختيار الحبيب الذي سيغدو يوماً شريك حياة حتى لا يضل المرء سبيله كفاقد البصر بيده عصاه ولكن لا يدري أين هي مواقع الحفر. فالاختبار ذاته هنا يحتاج إلى اختبار إن صح التعبير، ذلك لأنه سبيل اكتساب تجربة. وفي سياق التجربة غالباً ما يتمكن المرء من وضع يده على الحقيقة التي ينشدها. ولهذا الاعتبار ينصح المرء بألا يخطو في الفضاء أو يبقى في حالة حلم قد يتحقق وقد لا يتحقق أبداً، ذلك لأن المعرفة المبنية على الخبرة هي التي تشكل مصدر وحي لدى الباحث عن غاية. والمعرفة، كما نعلم، هي مخزون التجارب التي يمر بها الإنسان، ومن خلالها تتشكل مواقفه حيال ما يرمي الوصول إليه.
ولأن سورية تختبر في الزمن الراهن مقاصد أعدائها، وبينها ما هو معلن وليس خافيا على أحد من أبنائها، تحسن اختيار ما يلبي حاجاتها كي تهزم به أعداءها، وفي مقدمة ما تستوحي منه، إرادة أبناء شعبها مدنيين وعسكريين، نساء ورجالاً، مزودين بثقافة السلف الذين حققوا الانتصار على أعداء الأمس كما سيكون شأن أولادهم وأحفادهم في زمن آت لن يطول انتظارنا له.
إن اختيار الموقف على أرضية ما تحقق بالأمس القريب أو البعيد نسبيا، هو من مكونات نفسية المواطن الذي لم يفقد يوماً الأمل بالنصر على أعدائه، بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الجنسية أو العرق وسوى ذلك من أنواع الخصوم الذين جاؤوا إلى سورية، مدفوعين بالجهل أو بالتجاهل العمد مضللين بالإعلام المعادي العالمي القادر على غسل أدمغة الناس بسهولة كما هي الحال اليوم.
يقول الأديب والفنان الكندي لويس برومفيلد (1896 – 1956): إن الاختبار هو ينبوع ثروات لا نهاية لها، تنبغي معرفة السيطرة عليه، وإلا تحول إلى نهر مدمّر.
كذلك هي الحال في بلدنا الحبيب سورية، الذي بات يتقن ما تعنيه هذه المعادلة ويكتسب من كل خطوة يخطوها في مواجهة الأعداء خبرة تشكل جزءاً من زادها الذي لا يقدر بثمن وهي ماضية على درب النصر.