سورية

الجبير واصل تعبيد الطريق إلى موسكو.. لا دخان أبيض من اجتماع جنيف العسكري.. وروسيا تقرر المضي في عمليتها الإنسانية بحلب

| الوطن- وكالات

لم يخرج أي دخان أبيض أو أسود من جنيف، حيث انعقدت خلال الأيام القليلة الماضية مباحثات عسكرية أميركية روسية بناء على طلب شخصي من وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ما يوحي بالصعوبات التي تواجه المباحثات، بالأخص مسألة فصل المعتدلين عن «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً).
وقررت موسكو المضي قدماً في عمليتها الإنسانية في حلب، من دون الالتفات إلى مطالبات العواصم الأوروبية بهدنة في حلب.
وبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليل أول من أمس مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن القومي الروسي سير العملية الإنسانية في مدينة حلب، والتي سبق وأمر بوتين بإطلاقها الأسبوع الماضي. وفي بيان أعلنه الكرملين أمس، أوضح أن الاجتماع الذي انعقد في مدينة سان بطرسبورغ بحث القضايا الدولية الجارية، مبيناً أن «المشاركين (في الاجتماع) توقفوا بصورة خاصة عند المسائل الإنسانية المتعلقة بالوضع في سورية».
وترأس بوتين الاجتماع بحضور أمين المجلس نيقولاي باتروشيف، ووزيري الدفاع سيرغي شويغو، والداخلية فلاديمير كولوكولتسيف، ومدير هيئة الأمن الفيدرالية ألكسندر بورتنيكوف، ومدير هيئة الاستخبارات الخارجية ميخائيل فرادكوف.
وفي تعليقه على الاجتماع، أعاد الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف أمس إلى الأذهان أن بلاده سبق وأطلقت أواخر تموز الماضي «عملية إنسانية واسعة النطاق مع الحكومة السورية في مدينة حلب». وشرح بيسكوف في تصريح صحفي له، نقلته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء، أن هذه العملية تهدف إلى إقامة ممرات إنسانية لخروج السكان الآمنين والمقاتلين من هذه المدينة وإيصال المساعدات الإنسانية إليها بمشاركة المنظمات الدولية.
والشهر الماضي، بحث بوتين مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن القومي الروسي جملة من القضايا المتعلقة بالوضع في سورية والعلاقات مع حلف شمال الأطلسي «الناتو» وإجراءات تعزيز الثقة في السماء فوق بحر البلطيق.
وتصر موسكو على مشاركة «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» في عمليتها الإنسانية بحلب، في حين طالب المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا بتعديلات على الخطة الروسية المعلنة ودور للأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة باعتبار أنها رائدة في هذا المجال. وحذرت واشنطن من «خدعة روسية» في حلب، بعد إعلان شويغو الخميس الماضي، ويبدو أنها ليست بصدد تسهيل المهمة الروسية هناك.
وجاءت الخلافات الروسية الأميركية حول العملية الروسية السورية الإنسانية في حلب لتلقي بظلالها على الاجتماع العسكري الروسي الأميركي الذي انعقد يوم الجمعة في مدينة جنيف السويسرية. وكان من المقرر أن يمهد هذا الاجتماع، الذي انعقد بناء على طلب شخصي من وزير الخارجية الأميركي، لاستئناف المحادثات السورية السورية في جنيف. والغرض الأساسي وراء الاجتماع هو التوصل إلى رسم خريطة موحدة للمناطق التي تنتشر فيها «فتح الشام» وفصل «المعتدلين» عن الجبهة.
ولم يؤثر إعلان أمير «النصرة» أبو محمد الجولاني، فك الارتباط عن تنظيم القاعدة، وتغيير اسم الجبهة إلى «جبهة فتح الشام»، في التزام واشنطن وموسكو بقتال هذه الجماعة، إلا أنه عقد مساعي واشنطن لفصل «المعتدلين» عن الجبهة.
وربما نسفت الهجمة التي أطلقها المسلحون في حلب انطلاقاً من إدلب أي مساع أميركية في هذا الصدد. فـ«معتدلو» واشنطن في غرفة عمليات «فتح حلب»، تحالفوا مع «جيش الفتح» الذي يسيطر على إدلب، وتقوده «فتح الشام»، وشنوا عملية كبرى سموها «غزوة حلب». وسيؤكد ذلك ما كانت تقوله موسكو لواشنطن من استحالة التمييز بين المتطرفين و«المعتدلين».
وعلى الأرجح أن تتشدد روسيا خلال المحادثات مع الولايات المتحدة في مطالبها تجاه تصنيف «فتح الشام» وكل حلفائها في «غزوة حلب»، على اللائحة الأممية للتنظيمات الإرهابية وإطلاق عملية مشتركة ضدها كلها، أو على الأقل ترك موسكو ودمشق تصفي حساباتهما مع هذه التنظيمات بعد قطع المدد عنهم من ناحية تركيا.
وسبق لكيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، أن اتفقا بعد محادثات ماراثونية في موسكو منتصف الشهر الماضي على مكافحة تنظيمي داعش و«النصرة» واستئناف العملية السياسية المتعثرة بسبب تعنت «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة. ولم يكشف الوزيران عن قائمة «الخطوات» التدريجية التي اتفقا عليها، وأطلقا سلسلة لقاءات لفريقهما السياسي والعسكري لبلورة الاتفاق الذي يتضمن، حسبما تسرب، إنشاء مركز أميركي روسي في عمان لتبادل المعلومات الاستخباراتية ضد «النصرة» وداعش، وتنسيق عمليات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، والقوات الروسية ضد مواقع النصرة في الشمال السوري.
في سياق منفصل، أشاد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، بدور السياسة الخارجية لروسيا، وذلك بعد أيام من عرضه الفظ لموسكو بالتخلي عن الرئيس بشار الأسد مقابل استثمارات مالية وتعاون نفطي وتعزيز النفوذ الروسي في الشرق الأوسط.
ولم تعلق روسيا رسمياً على عرض الجبير الذي أطلقه من منبر صحفي أميركي، في حين وصفه خبراء روس مقربون من الكرملين ووزارة الخارجية بـ«الفظ» و«الوقح».
وواصل الجبير في تصريحات أوردتها صحيفة «الرياض» السعودية العمل على تعبيد طريق موسكو من أجل منع عزل السعودية عن المفاوضات الجارية حول المنطقة. وأكد حرص بلاده على بناء أفضل العلاقات مع روسيا في العديد من المجالات «على الرغم من وجود تباين في وجهات النظر مع روسيا حيال الأزمة السورية، إلا أن هذا الأمر لا يؤثر على مستوى التعاون المشترك»، لافتاً في هذا الصدد إلى وجود «العديد من البرامج القائمة لتكريس التعاون بين الرياض وموسكو في مجال النفط والطاقة والاستثمارات المشتركة ومكافحة الإرهاب».
وكشف أن «التنسيق والتشاور المستمر» بين الرياض وموسكو، لتقريب وجهات النظر فيما يخص الأزمة السورية. ونوه إلى التفاهم الكبير بين الدولتين حيال قضايا المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، «والتي تعد موسكو من أكبر الداعمين لها».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن