ثقافة وفن

الكاتب التركي نديم غورسيل كابوس أردوغان … أتمنى أن يعود لسورية السلام

| إعداد: مها محفوض محمد

يجمع في كتاباته الشاعرية والرومانسية الدعابة والملحمة، الإثارة والفانتازيا. كتب أكثر من عشرين رواية إضافة إلى القصص وحكايات الأسفار، حيث قدم الكثير في أدب الرحلات والعديد من الأبحاث،.. جاب فينيسيا وموسكو وبرلين والإسكندرية على خطا غوغول وآراغون وكافكا ليقدم مؤلفه «الكتّاب ومدنهم» يروي فيه عن علاقة هؤلاء الكتاب بتلك المدن وعن محاولة انتحار آراغون في فينيسيا من أجل امرأة أحبها كذلك هيمنغواي في تورسيلو وماياكوفسكي في موسكو.. يكتب بلغة موليير في الصحف الفرنسية فالتركية لغة الرواية والخيال والفرنسية لغة البحث والمقال.

الحداثة والتقليد
الكاتب التركي نديم غورسيل المولود في غازي عنتاب عام 1951 ذهب إلى فرنسا بعد انقلاب 1971 في تركيا التحق بجامعة السوربون وكانت أطروحته للدكتوراه «الحداثة والتقليد في أعمال ناظم حكمت وآراغون» وهو حالياً أستاذ الأدب التركي في السوربون ومدير مجموعة أبحاث في المعهد الوطني للبحوث (CNRS) في باريس كما أنه من الأعضاء المؤسسين للبرلمان الدولي للكتاب.
يقول غورسيل: لم يكن المنفى خياري في تلك الفترة إنما كان قسرياً حين حكم علي بالسجن بسبب كتاباتي عن لينين وغوركي في صحيفة «صديق الشعب» وفي عام 1980 بسبب روايتي «صيف طويل في إسطنبول» عدت بعدها إلى تركيا لكن أيضاً روايتي «المرأة الأولى» أدت إلى ملاحقتي قضائياً والحجز على كتبي وإقامة دعوى ضدي استمرت ثلاث سنوات انتهت ببراءتي وفي عام 2008 كدت أدخل السجن بسبب روايتي «بنات اللـه» حيث أقيمت علي دعوى بتهمة التجديف وجهت يومها رسالة إلى أردوغان لكونه خريج مدرسة الأئمة والخطباء وطلبت منه أن يعطي بعض وقته للاطلاع على الرواية وأن بنات اللـه اللواتي أعنيهن لسن سوى الآلهات المذكورات في القرآن الكريم غير أني لم ألق جواباً حتى الآن كما حاولت أن أشرح للقاضي بأن الكتاب رواية تجنح للخيال ولم يقف أحد من المثقفين معي في تركيا ولم ألق أي دعم من الأوساط الإعلامية أو السياسية لكن في أوروبا وقف الكثيرون إلى جانبي منهم الحائزان نوبل للآداب خوسيه ساراماغو وجان ماري لوكليزيو».
في عام 2013 حصل غورسيل على جائزة البحر المتوسط عن روايته «الملاك الأحمر» التي يستحضر لبطولتها ناظم حكمت الشاعر الذي تميز شعره بالالتزام وقضى ستة عشر عاماً في السجون التركية قبل نفيه إلى موسكو. أما في روايته الأخيرة «ابن الكابتن» الصادرة عن دار سوي الفرنسية عام 2016 يعود غورسيل إلى أول انقلاب عسكري حصل في تركيا عام 1960 الذي أودى بحكومة مندريس ثم إعدامه وعلى إثرها فإن مسيرة حياة الكاتب تأثرت بإيقاع الانقلابات كما يروي لصحيفتي لوسوار والفيغارو.

لا ديمقراطية في تركيا
منذ أيام بعد محاولة الانقلاب الأخيرة في تركيا يقول غورسيل:
منذ عام 2002 لم تعرف تركيا الديمقراطية الحقيقية فأردوغان عمل على إبعاد الجيش عن الساحة السياسية ما سبب الاستياء لدى الجيش الذي في صفوفه الكثير ممن يريدون إقامة دولة القانون والديمقراطية لقد فعل أردوغان ما بوسعه لمعاكسة الجيش من دون أن يطور الديمقراطية أو أن يحترم قيمها الأساسية حيث أصبحت حرية التعبير والعلمانية في حالة كارثية، هو يقود البلاد إلى شفير الهاوية الجيش يصطدم مع الشرطة والحصيلة كانت ثقيلة ومسؤوليته حيال ذلك كبيرة جداً، لقد أنزل أنصاره إلى الشارع وهم يدعون إلى الانتقام ويصرخون «اللـه أكبر» يطالبون بإعادة العمل بحكم الإعدام وشنق الانقلابيين لقد رأى العالم ذاك الجندي الذي قطع رأسه أنصار أردوغان وأخذوا ينادون من أعلى المآذن للدفاع عن الحكومة كما لو أنها حرب مقدسة.

أزمة تركيا الخطرة
إن تركيا تمر اليوم بأزمة خطرة جداً ورئيسها الذي يجب أن يكون حامياً للدستور يدوسه بقدميه كل يوم، أعتقد أن دولة القانون لم تعد في تركيا والعدالة ليست مستقلة، آلاف القضاة يتم توقيفهم مع عدد من أعضاء المحكمة الدستورية بتهمة التواصل مع فتح الله غولن، الصحفيون يلاحقون ويسجنون لأنهم يقومون بعملهم الصحيح فأي مستقبل لتركيا وقد أطلقت يدا أردوغان ليقيم نظاماً شمولياً يحلم به منذ زمن طويل وما حركة الانقلاب إلا رد على هذا الحكم الاستبدادي.
ويتابع غورسيل: لقد كتبت منذ فترة قصيرة مقالاً في صحيفة لوموند بعنوان «كابوس أردوغان» تحدثت فيه عن الوضع التركي السيئ وكيف ورط أردوغان تركيا في النزاع السوري.
إن هذا الانقلاب سيدعم موقع أردوغان وقد يبرر مشروعه الرئاسي الذي يريد تنفيذه مهما كان الثمن، صحيح أنه انتخب بنسبة أصوات بلغت 52% لكن الدستور الحالي لا يعطي الرئيس الصلاحيات التي يمارسها أردوغان فالرئيس يجب أن يكون فوق الأحزاب وهذه ليست حال أردوغان.

مرحلة انحراف
وإلى صحيفة لومانيتيه تحدث أيضاً غورسيل قائلاً:
نعيش مرحلة انحراف خطر فالسيد أردوغان يسلك سلوك زعيم جماعة تريد أن تملي علينا ماذا يجب أن نأكل وأن نشرب ولا يقبل أي انتقاد. لقد أصبحت الدولة التركية دولة بوليسية. تركيا أخطأت عندما اعتقدت أن بشار الأسد سيرحل وتعنتت في مواقفها بينما كان التحالف مع سورية سيغير إستراتيجية المنطقة كلها، سورية التي أتمنى أن يعود لها السلام وأسفي أني لم أزرها حتى الآن.
أردوغان يعاني مرض جنون العظمة إنه خطر جداً على تركيا فهو الذي أعد مع رئيس جهاز استخباراته لتدبير الهجوم الإرهابي على سورية وهذا مقلق جداً.
إني أرى انعطافة هي بداية زوال أردوغان لأن حضوره الطاغي بهذا الشكل لم يعد يحتمل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن