ثقافة وفن

الشّارات الغنائيّة تسرق شهرة مسلسلاتها والمطربون العرب ينافسون السّوريين بغنائها

| مادلين جليس

ولأنّ الموسيقا تعبيرٌ عن مكنونات الرّوح، ولأنّها طريق أقرب للكلمات، فقد أخذت مكانها الصّحيح، سواءٌ في الأغنيات أم في المسلسلات، التي باتت الموسيقا أو كما تسمى الشارة الغنائيّة، تشكّل جزءاً مهمّاً من العمل الدّرامي، وخاصةً أن المسلسلات السّوريّة باتت في المواسم الأخيرة تدخل منافسةً كبيرةً على كلّ الصعد، فهناك جائزةٌ لأفضل ممثلٍ أو ممثلةٍ، وجائزةٌ لأفضل تصويرٍ، وأخرى لأفضل شارةٍ غنائيّةٍ، وكلّ جزءٍ من العمل الدّرامي هو عاملٌ مهمُّ ومساعد في نجاح هذا العمل وشهرته، أو في عدمهما.

ومن الملاحظ أنه وفي عددٍ غير قليلٍ، من الأعمال والمسلسلات السّورية، استأثرت الشّارات الغنائيّة بنصيبٍ وافرٍ من الشّهرة والنّجاح، وأصبحت تسمع من دون المسلسل الذي صنعت لأجله، وقد يقول قائلٌ إن هذه الشّارة أو تلك حصدت نجاحاً كبيراً فكانت السّبب في شهرة العمل ونجاحه، فما الدّور الذي تؤدّيه الشّارة للعمل الدّرامي، وإلى أي حدٍ قد تكون عاملاً مسوّقاً له ولشهرته؟

الشهرة نتيجة لنجاح المسلسل
أم لنجاح شارته؟
يقول الملحّن والمؤلّف الموسيقيّ سعد الحسيني: «الشّارة الغنائيّة لمسلسلٍ درامي، هي مقدّمةٌ -موسيقيّةٌ أو غنائيّةٌ- للانتقال بالمُشاهِد إلى زمان ومكان الحدث الدّراميّ، وعليها ألا تنفصل عن الموسيقا التّصويريّة للعمل الدّراميّ المرتبط بها، وأن تحمل هوّيتها نفسها، ولغتها السّمعيّة، ورسالتها الفكريّة».
ومّما هو ملاحظٌ أن الأعمال التي تشتهر شارتها، وتنتشر بين الجمهور، يكون لها نصيبٌ من المشاهدة أكبر من غيرها، فهناك الكثير ممن يرون أن الشّارة قد تكون سبباً في شهرة العمل وانتشاره، وآخرون يرون أن العمل بممثليه ومحتواه، هما العنصر الكبير في شهرته، أو شهرة شارته، وفي ذلك يقول المخرج علاء الدّين كوكش: «شارة المسلسل أحياناً تحمل جزءاَ من نجاح العمل، خاصّةً إذا كان الصّوت جميلاً، وكان المطرب له شهرةٌ كبيرةٌ، فبالتّالي هذا العامل يساهم في شدّ المشاهد للمسلسل، ولذلك نحن نقول إن الشّارة هي مدخلٌ للمسلسل، وبعد ذلك يتوقّف النّجاح على مضمون العمل، إن كان جميلاً ولافتاً أم لا».
أمّا المخرج تامر اسحق، فيرى أن العمل كلٌ متكاملٌ، وأنّ نجاح العمل أو إخفاقه هو مسألةٌ مرتبطةٌ بكلّ عنصرٍ فيه، سواءٌ بالممثّلين، أم بالمخرجين، أم بشارة العمل فيقول: «أنا أرى أن العمل، كلٌ متكاملٌ بدءاً من الشّارة، إلى الممثّلين إلى القائمين والفنّيين في العمل، من الممكن أن يوجد أحياناً مسلسل له شارةٌ جميلةٌ، لكنّه في المضمون غير مقبولٍ، فهنا لن يكون للشّارة أي دورٍ في شهرة هذا العمل، أو تقبّله لدى النّاس، وبالعكس، حين يوجد مسلسلٌ جميلٌ ليس له شارةٌ تقدّمه بشكلٍ جميلٍ، فهنا يوجد نقصٌ، ولكن حينما يكون العمل قوياً وجميلاً وشارته جميلةٌ لافتة، أو كما يُقال ضاربة، فهنا تتكامل العوامل التي تؤدّي إلى نجاح هذا المسلسل، قد لا يكون هناك غناء، أي موسيقا فقط، كما في مسلسل خاتون، الجميع لاحظ أن الموسيقا تغلب على الغناء في شارة هذا المسلسل، ومع ذلك فقد لاقت استحساناً لدى الكثيرين».
ويرى الملحن والموسيقيّ سعد الحسيني ما رآه المخرج تامر إسحق، من تكامليّة العمل الدّرامي، وأنّ العمل الذي تتحقّق شهرته بفضل شارته هو عملٌ فاشلٌ فيقول: «يفشل المسلسل الذي تحقّق له شارته الشّهرة والنّجاح، والعكس صحيح، فأنا أؤمن بأن العمل جماعي، والجميع يعمل فيه، بكلّ جهدٍ وعنايةٍ ودقّةٍ، من أجل تقديم أفضل ما لديهم، لمصلحة هذا العمل الدّرامي والتّوفيق من الله».

شارات المسلسلات السّورية
بأصوات عربيّة
ومع كثرة المطربين السّوريين، وتميّزهم، وجمال أصواتهم، فإن للمطربين العرب النّصيب الأكبر من شارات الأعمال الدّراميّة السّورية، فقد غنّى النجم آدم شارة مسلسل عناية مشدّدة، الذي حصد نجاحاً كبيراً، كما حصدت شارته تلقيّاً واسعاً في الأوساط السّوريّة على مختلف شرائحها، وغنّى النجم ملحم زين شارة مسلسل أهل الرّاية، ومن ثمّ غنّى شارة مسلسل طوق البنات بأجزائه الثّلاثة، كما كان للمطرب عاصي الحلاني نصيبٌ أيضاً من شارات المسلسلات السّورية، فقد غنى شارة مسلسل الشّام العديّة، كما غنّى شارة مسلسل العرّاب الذي شارك في تمثيله، وغنى نادر الأتات شارة مسلسل بنت الشّهبندر، كما غنى أيمن زبيب شارة مسلسل الدّبور، وكان للمطرب آدم عودة حضوره للشّارة السّوريّة فقد غنى شارة مسلسل صدر الباز.
ويبدو أن المخرجين والمنتجين السّوريين باتوا يتّجهون للأصوات العربيّة لأداء شارات المسلسلات السّورية ولكن السؤال الذي لابدّ من طرحه هنا: ما السّبب وراء هذا الاتّجاه السّوري للأصوات العربيّة عموماً، والّلبنانيّة خصوصاً، مع العلم أن الأصوات السّورية الجميلة والرّائعة غير قليلة، ولا يختلف اثنان على شهرة المطربين السّوريين في أنحاء الوطن العربي والعالم؟
المخرج تامر إسحق الذي أخرج مسلسل صدر البار، ومسلسل خاتون، يتحدث مجيباً عن هذا السّؤال فيقول: «القضيّة باختصارٍ شديدٍ أحياناً تتّجه نحو النّجوميّة، فكما يتطلّب العمل نجوماً ممثلين، فكذلك شارته تتطلّب نجوماً غنائيّة، أصواتاً لها شهرة، ولها جمهورها بين النّاس، وطبعاً هذا الشّيء ليس محصوراً بالمطربين العرب، أو أنه مقتصر على المطربين السّوريين، ففي مسلسل صدر الباز كان النّجم الذي غنّى شارة العمل هو المطرب العربيّ آدم، ولكنّي حين أخرجت مسلسل خاتون غنّى شارته النّجم محمد مجذوب، وهو صوت سوريٌّ مشهورٌ وجميلٌ، وليس هناك علاقة إن كان العمل بيئة شاميّة أم لا، ولكن هناك علاقة إن كان الصّوت مناسباً لشارة العمل أم لا، وكما قلت سابقاً العمل يحتاج إلى نجوم في شارته كما يحتاج إليهم في تمثيله وأدائه».
ولكن للمخرج علاء الدّين كوكش رأياً آخر فيقول: «إنّ هناك عدّة أسباب لهذه العمليّة، فقد تكون الشّهرة أحد هذه الأسباب، أي شهرة المطرب الذي يكلّف ويسند إليه غناء شارة عملٍ ما، وقد يكون السّبب الثّاني هو المحطّات المنتجة التي تطلب أصواتاً معيّنة، فلذلك هم يتّجهون نحو الصّوت الرّائج، والمشهور، والذي يحقّق نسبة نجاحٍ مطلوبةٍ للعمل».
شارة العمل أو ممثلوه أو مخرجه أو حتّى كاتبه، كلّها عواملٌ تتحد في كلٍّ متكاملٍ في سبيل إنجاح مسلسل يُعرض ويَلقى النّجاح المطلوب.
ومهما يكن الصّوت الذي غنّى شارة هذا العمل أو ذاك، فإن الرّوح السّورية التي تشكّل العمل كله، وتعمل على نجاحه، هي العامل الأول والأخير في وصول المسلسل أو شارته إلى جمهور المشاهدين وانتشارهما على المدى الأوسع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن