سورية

تركيا تحاول استثمار مايجري في حلب لتحريك جنيف وأردوغان يتقرب من بوتين

| الوطن- وكالات

مع اقتراب موعد لقائه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سانت بطرسبورغ، وعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس بعودة العلاقات بين بلاده وروسيا أفضل مما كانت عليه، وسط تلويح من حلف شمال الأطلسي «الناتو» بإخراج تركيا من الحلف.
وعلى ما يبدو أن الرئيس التركي الذي يواجه صعوبات مع حلفاء بلاده الأطلسيين وانتقادات، بخصوص إجراءاته التطهيرية لجهاز الدولة والجيش في تركيا، قد قرر إدارة الظهر جزئياً للغرب واستعادة علاقاته مع روسيا، وربما تطويرها. ولم تتأخر روسيا عن الاستثمار في الفرصة المواتية.
وأكد أردوغان أن العلاقات التركية الروسية ستعود أفضل ممّا كانت عليها سابقاً، وأنّ زيارته المرتقبة إلى روسيا في التاسع من الشهر الجاري، ستتوج بلقاءات هامة بين مسؤولي البلدين، في إشارة إلى اجتماعه المرتقب ببوتين.
جاءت تصريحات الرئيس التركي خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الكازاخستاني نور سلطان نزار باييف، الذي يزور العاصمة التركية أنقرة، كثاني زعيم دولة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت منتصف الشهر الماضي. ولعبت كازاخستان وأذربيجان والسعودية دوراً في عملية المصالحة التركية الروسية التي انطلقت مع الرسالة التي بعثها أردوغان لنظيره الروسي نهاية حزيران الماضي. واعتذر الرئيس التركي عن إسقاط القاذفة الروسية فوق الأجواء السورية.
ولفت أردوغان إلى أن جدول أعماله في روسيا يتضمن عدة مواضيع منها ما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين، ومنها ما يخص الشأن الإقليمي وخاصة الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من 5 سنوات.
وقبل يومين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، دعا إلى إطلاق الجولة الرابعة من المحادثات السورية السورية في جنيف. وعلى الأرجح أن تركيا تريد استثمار ما جرى في حلب من أجل تحريك المحادثات ولتثبيت الخطوط الجديدة التي تقدم إليها «جيش الفتح»: في غرب وجنوب مدينة حلب.
من جهة أخرى، لفت خبراء اقتصاديون إلى أن مشروع خط أنابيب نقل الغاز الذي يعرف باسم «السيل التركي»، سيكون أحد أهم المواضيع التي ستطرح للنقاش، خلال لقاء بوتين أردوغان. ونبه نائب رئيس صندوق أمن الطاقة الوطني الروسي ألكسي غريفاتيش إلى أن «بعض السياسيين الأوروبيين ربما سيُعارضون المشروع، وهذا ليس مهماً، لأنه بإمكان أنقرة وموسكو أن تقوما بإنشاء البنية التحتية للمشروع عبر الاتفاقيات المتبادلة».
وأشار غريفاتيش في تصريحات نقلتها وكالة «الأناضول» التركية للأنباء، إلى أن مشاريع الطاقة الجديدة والكبيرة لها أهمية كبيرة في تطوير العلاقات بين تركيا وروسيا. ومن جانبه، قال مدير شركة «أنكورا غاز» التركية غوكهان ياردم إن «مشروع سيل التركي لنقل الغاز الطبيعي، سيرسم ملامح العلاقات بين تركيا وروسيا للسنوات العشرين المقبلة»، مبيناً أن تركيا ستستورد 4 مليارات متر مكعب إضافي من الغاز الروسي عند استكمال المشروع.
ولفت ياردم أن مشروع «السيل التركي» لن يؤثر سلباً على المشاريع الأخرى للغاز الطبيعي التي تُشارك بها تركيا، مثل مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول (تاناب)، لنقل الغاز الأذري إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، والمشاريع الأخرى المخطط لها مع إسرائيل، والإقليم الكردي شمالي العراق.
وشهدت المباحثات حول «السيل التركي» جموداً بعد توتر العلاقات بين روسيا وتركيا في نهاية العام الماضي، على خلفية حادثة إسقاط الطائرة الروسية. وبعد رسالة أردوغان لبوتين، أعلن وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك عن استئناف المحادثات مع تركيا مجدداً، حول مشروع «السيل التركي» لنقل الغاز إلى جنوب شرقي أوروبا.
وعلى خلفية الصراع الروسي الغربي بسبب الأزمة الأوكرانية، أعلنت روسيا مطلع كانون الأول 2014 إلغاء مشروع خط أنابيب «السيل الجنوبي»، الذي كان يمر من تحت البحر الأسود عبر بلغاريا إلى جمهوريات البلقان والمجر والنمسا وإيطاليا. وبدلاً منه، قررت موسكو مد أنابيب لنقل الغاز عبر تركيا «السيل التركي»، ليصل إلى حدود اليونان، وإنشاء مجمع للغاز هناك، لتوريده فيما بعد لمستهلكي جنوبي أوروبا.
ووسط هذه الأجواء المبشرة بين موسكو وأنقرة والمشاريع التي تعتزمان إطلاقها والتي تتناقض مع التوتر بين تركيا وشقيقاتها الأطلسية، روت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن حلف «الناتو» وضع خططاً من أجل إخراج تركيا من الحلف.
إلا أن مصادر داخل «الناتو» أكدت عدم صحة هذه الأنباء. وأوضحت المصادر التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها في تصريح لموقع «ترك برس»، أن مثل هذه الخطوة لم تُطرح على أجندة الحلف، وأنّ تركيا تعدّ من أهم الدول الأعضاء داخل الحلف، وتقوم بواجباتها على أكمل وجه.
وأضافت المصادر: إن إشاعات تعاظم العداء الشعبي في تركيا تجاه الولايات المتحدة الأميركية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت منتصف الشهر الماضي، ليست مبنية على دراسة أو استطلاع رأي يمكن الاعتماد عليهما.
وحسب مراقبين فإن تسريب الأنباء عن خطط «الناتو» لطرد تركيا، ربما جاءت بمثابة رسالة من واشنطن لأنقرة كي لا تصعد مطالبها بشأن تسليم فتح اللـه غولن وكي لا تمضي بعيداً في التوافق مع روسيا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن