جنون العظمة..
عبد الفتاح العوض:
تصطدم أكتافك كثيراً بأحد مجانين العظمة.. إنهم حولنا، نشعر من خلال تصرفاتهم بمدى الغرور الذي يمتلكونه، وبمدى وضعهم لأنفسهم في أماكن أعلى منهم بكثير، ومن أوهامهم التي تتبدى لهم كما لو أنها طموحات مشروعة..
لن أتحدث عن المصابين بجنون العظمة ممن هم شخصيات عادية أصابها المرض.. فعلى الأقل يمكن تجنبهم، وأعراض المرض وأضراره تخصهم وحدهم في أغلب الأحيان.. إنهم يعانون من المرض ويعانون به.
لكن الأخطر.. هم أولئك الذين يعانون من المرض ويجعلون غيرهم يعانون به وبتصرفاتهم.
السياسيون هم أكثر الأشخاص الذين يصابون بجنون العظمة وخاصة إذا صادف أحدهم «نجاحا» يحوله إلى طاووس أو «سلطان»!!
لدينا أمثلة طازجة.. ففي الغارديان كتب أحد الصحفيين: الأتراك يعاقبون «مجنون العظمة».
داعش التركي يخسر
نتائج الانتخابات الأخيرة في تركيا هي بشكل أو بآخر تصويت الشعب التركي ضد «داعش» التركية «داعش بربطة عنق ملونة» خسارة داعش في تركيا هي نتيجة تنسجم مع منطق الأشياء.. فكيف يمكن أن يتقبل الناس جماعة أو تنظيماً وهم يرونه يقوم بتهجير الناس وقتلهم ويرتبط اسمه مع الفوضى والدمار والعنف. بينما الإسلام الذي أحبونه هو إسلام «أنتم الطلقاء» وإسلام «ادفع بالتي أحسن» وإسلام «لا إكراه في الدين». وكثير من السلوكيات التي جعلت الإسلام ينتشر بحسن الأخلاق في مناطق أكثر مما انتشر فيها بالقتال.
لست ميالاً للمبالغة في النظر إلى نتائج الانتخابات التركية على أنها قادرة على أن تغير المشهد السياسي العام في المنطقة.. لكني على ثقة أن هذه الانتخابات قادرة على «لجم» غرور أردوغان إنها رسالة تقول للطاغية.. «كفى»!!
التقسيم.. مستحيل!!
من الأشياء المحبطة أنه مجرد أن يطرح الغرب مشروعاً ما على شكل حلم مركز دراسات وينشر خرائط يصبح الإحساس عند البعض أن هذا الأمر أصبح أمراً لا مفر منه.
الذين يستسلمون لمشروعات الآخرين هم مهزومون مسبقاً، وكأنهم لم يدركوا أن مشروعات كثيرة وخاصة التقسيم تم اختبارها كثيراً ولم تنجح.
أيضاً وبالنسبة لي هو «الأسوأ» أن تسمع من البعض أن التقسيم أصبح «حلاً»!!
من الآخر: التقسيم أضغاث أحلام غربية وغريبة!!
ليس لأننا من هواة «الوحدة»، ولا أننا مهووسون بالوطنية وبالبقاء معاً ولا لأي من الشعارات الجميلة.
التقسيم غير قابل للحياة لأنه لا يمكن «لدويلاته» أن تتنفس كل بمفردها.
ثم كحديث واقعي أيضاً.. المشاريع التي تتصارع على سورية وفي سورية تريد سورية كلها بل تريد ما حول سورية، وهي جشعة لدرجة لا تقبل الجزء من هنا أو هناك.
هذه المشاريع التي تبحث الآن عن هدف واحد.. بدأت منذ الآن تتصارع بينها، لأنها فكرت بطريقة الخطوة خطوة، وحان وقت صراعاتها.
آخر ما أقوله: إن المواطن لا يستسيغ التقسيم ولا يرضاه، صحيح الآن لا أحد يسمع صوته، ولا أحد يسأله عن رأيه.. لكن التاريخ علمنا ويعلمنا أن لحظة الحسم دوماً مرجعها الناس لا غيرهم.
أقوال:
لا يمكن لأحدهم أن يقودنا إلى الجنون ما لم نمنحه مفاتيح القيادة. دوغلاس هوركون
لا أدري ما سر ذهاب العشاق إلى الحب حفاة، تاركين عقولهم مع أحذيتهم عند عتبة الجنون وكأنهم ذاهبون إلى حيث لا رجعة. أحلام مستغانمي
الفرق بين الغباء والعبقرية هو أن العبقرية لها حدود. أينشتاين