طلاب المعهد التقاني للفنون التطبيقية بين الجيد جداً والوسط…البيطار: اقترحنا افتتاح قسم الفسيفساء ونعمل على إعداد المنهاج
عامر فؤاد عامر – تصوير: طارق السعدوني:
يبقى للحركة الفنيّة حضورها المميّز بنشاطه وجماله الفريد، وذلك في لغةٍ يتواصل من خلالها أبناء جيلين اتضحت بين الشباب السوري الأكاديمي في المعهد التقاني للفنون التطبيقي، وبين المشرفين والأساتذة المكلفين بمهامٍ تتوافق واختصاصاتهم من جهةٍ ثانية، وهذه مقاطع رصدناها من أنشطة هذا المعهد التي تأخذ نتائج عامين من الجهد المتواصل، وأتعاب فصلٍ دراسي أخير؛ لتقديم مشروعٍ تمّ الاتفاق عليه بناء على مهارات الطالب نفسه، ورغبته في إنجاز عمل فني؛ يعبّر عن مدى اهتمامه، وبحثه، وتجربته في هذا المعهد.
3 مشاريع على الأقل
في المعهد أقسامٌ أربعة (النحت، والخزف، والخط العربي، والتصوير) وفي هذه الأقسام توازع الطلاب منهمكين في شرح مشاريعهم والتحدث عنها والإجابة عن جميع الأسئلة التي توجهها اللجنة إليهم وكلٌّ في دوره، ومن بين هؤلاء المُمتحنين التقينا الطالب «محمد مجد ملحم» المختص في قسم الخط العربي، الذي حدثنا عن نشاطه في أجواء المناقشة: «جئت مع زملائي في هذا اليوم لمناقشة مشاريع التخرج خاصّتنا، وقد كان مطلوب منّا العمل على أكثر من مشروع واحد، وأنا شخصيّاً قدّمت خمسة مشاريع؛ كانت في مواضيع متعددة، لكن الأحبّ إلي هو مشروع الحلية التي نستخدم فيها فنّ الزخرفة، وخطّي الثلث، والنسخ، وقد اجتهدت على مشاريعي خلال أيام الفصل الدراسي الثاني، وأخذت مني الزخرفة وقتاً كبيراً، وذلك لدقتها، وبسبب التكرار في المقطع الذي يتمّ انتقاؤه، والعمل على تدويرها بتماثل نحو عشرين إلى ثلاثين مرّة، وقد أشرف على مشاريعي التي قدّمتها كلّ من «أسامة العاني» و»منال كوجك» و»ندى دوبا» وأتوجه إليهم بالشكر والاحترام».
تدرّج العمل وصولاً للنتيجة
كانت الامتحانات والمناقشات للمشاريع على مدى يومي 7 و8 حزيران الحالي، والتي جمعت الطلاب من جميع الاختصاصات فكان من بينهم الجيد والمتميز والمتفوق، وقد استضفنا أيضاً رئيس قسم الخزف في المعهد؛ الأستاذ «وائل دهان» الذي قدم لنا لمحة موجزة عما يُعنى به قسمه، وعن طلاب هذا القسم: «نحن اليوم بصدد تخرج عشرة طلاب وطالبات اشتغلوا في منحيين هما: التطبيقي والتشكيلي، وقسم من هؤلاء اشتغل في الأشياء النفعيّة والبعض الآخر اشتغل بمنطق التشكيل النحتي، وخلال الفصل الثاني كان هناك عدّة مشاريع اشتغل عليها الطلاب، فبدأنا معهم تدريجيّاً من خلال الدراسات الورقيّة، ثم انتقلنا إلى «الماكيتات» الصغيرة في خمسة مواضيع كانت: التشكيلي، والتطبيقي، والزخرفة النباتيّة، والحيوانيّة، ثم بعدها استقر كلّ طالب على مشروع انتقاه ليكرس وقته في العمل عليه وتقديمه بالصورة الأخيرة، وتقريباً خلال 55 يوماً انتهى الجميع من أعمالهم، وأصبحت جاهزةً للمناقشة والعرض، وقد كان الطلاب في مستواهم هذه السنة أفضل بكثير من مستوى طلاب دفعاتٍ سبقتهم، وربما هذا يرجع للاستقرار في بعض الظروف، كتوافر التيار الكهربائي في وقتٍ أكثر من قبل، وأيضاً اعتمدنا سياسة تصغير حجم المشاريع، ليتمّ الاشتغال على عددٍ أكبر منها لدى كلّ طالب، وعادةً بعد التخرج هناك تظاهرة لعرض جميع الأعمال التي تمت مناقشتها، وفي كلّ الأقسام ضمن معرضٍ واحد، وغالباً ستكون التظاهرة هذه السنة في بداية العام الدراسي القادم».
رغم الصعوبة كانت النتائج جيدة
في قسم النحت الذي يحتاج للمزيد من الوقت والجهد، ولتوافر دائم للتيار الكهربائي الذي تحتاجه آلات الحفر والمناشر ويتم التعامل معها مع مواد النحت الصلبة، التقينا الطالب «أحمد أحمد الضويحي» من هذا القسم فشرح لنا عن مشروعه وقال: «مشروعي هو عبارة عن موضوع له علاقة بأفلام الكرتون، واعتمدته من القصة العالميّة المعروفة «الأميرة والضفدع»، وكان المشرف على مشروعي الأستاذ «وضاح سلامة»، وتقريباً أتممت مشروعي خلال شهر تقريباً، وقد بذلت مع رفاقي جهدنا خلال هذه الفترة بين مواد النحت التي نتعامل معها وهي: الخشب، والبرونز، والحجر، ومادّة الحجر هي الأصعب لصلابتها، وهي التي كلّفتنا وقتاً زائداً، وقد تعب معنا الأساتذة المشرفون كثيراً، وأعتقد بأنّه لو توافر لنا المزيد من الوقت للعمل داخل المعهد مع توافر دائم للتيار الكهربائي لربما أنتجنا عدداً أكبر من الأعمال والمعروضات».
لماذا لا يصبح معهداً عالياً؟
«ندى دوبا» رئيسة قسم الخط العربي في المعهد التقاني للفنون التطبيقية، ومعاونة مدير المعهد للشؤون العلميّة تضيف: «لدينا اليوم 12 طالباً جاهزون للتخرج ومناقشة مشاريعهم النهائيّة في هذا القسم، وبصورة وسطية يقدم الطالب 3 أعمال هي: لوحتان رئيستان في أنواع الخطوط «الفارسي» و«الثلثي» و»النسخي»، وأيضاً اللوحة الثالثة في فنّ «الزخرفة»، أمّا عن مستوى هذه الدفعة؛ فأنا أجدها أفضل من مستوى طلاب السنة التي سبقتهم، والأسباب كثيرة منها أن هناك مستوياتٍ جيدة، فمنهم من يريد التعلّم والاستزادة، ومنهم من لا يتقبّل التعلّم أبداً، وكتقييم أجد أن المستوى الجيد جداً متوافر في هذه الدفعة، أما الذين تحت الجيد فعددهم قليل جداً، وبعد الانتهاء من التخرج سنجهز لمعرضٍ يخصّ هذه الأعمال، وسنقرر وقته بعد أسبوعين من الآن، وأتمنى أن يأخذ جميع الطلاب فرصهم بعد مرحلة التخرج في المعهد، وعموماً هناك خطّة من إدارة المعهد محتواها : الاعتماد على الطلاب والمتخرجين المميزين منهم، لمشاركتهم في نشاطات المعهد الخاصّة، أو الورشات العمليّة والفعاليّات التي يمكن أن نقوم بها، فهناك تعاون دائم ودفع لهم ليكونوا فاعلين، وقد بدأنا هذا الأمر في قسم النحت، فهناك مساعدون يأتون إلينا أثناء ورشات العمل، وبذلك يمكن تدرجهم من مساعد نحات ليتطوروا بجهودهم ويستفيدوا، وهذه هي الإمكانات المتاحة بين أيدينا اليوم، ولكن أتمنى أن يكون هذا المعهد عالياً، فعامان مرحلة قليلة، ولا يمكن للطالب أن يأخذ المعلومات والخبرة الكافية، ومهما قدّمنا سيكون هناك نقص لأن المدّة قليلة، ولربما إذا كانت الفترة 4 سنوات فستحمل للطلاب فائدة أكبر، ومعرفة أكثر، في حين مدّة العامين محدودة جداً، فهناك كم قليل من العمل، والمعلومات، والتجارب».
تحديد المستويات
«طلال البيطار» مدير المعهد التقاني للفنون التطبيقيّة، بدوره قدم لنا موجزاً عن هذا النشاط بالتحديد فيقال: «تمّ تخريج طلاب قسم النحت الذين قدموا أعمالهم في 3 أنواع من النحت جاءت على الحجر، والبرونز، والخشب، وملاحظتي أن بعض الأعمال جاءت على مستوى عمل الفنان الكامل، ولكن البعض وجدتهم يؤدون وظيفة وحسب. واليوم 8 حزيران جاء دور مناقشة مشاريع طلاب قسم التصوير، والذي فيه قسمان أيضاً هما التصوير الضوئي، والتصوير السينمائي، فهناك أفلام تمّ العمل عليها باجتهاد وعرضت أثناء المناقشة، والتي أخذت جهداً كبيراً منهم. وأيضاً خرجنا اليوم طلاب قسم الخط العربي والزخرفة، الذين قدّموا أعمالاً مهمّة، فقد كلفناهم بثلاثة أعمال على الأقل، وأيضاً ناقشنا مشاريع طلاب قسم الخزف الذين اعتمدوا فيه شي الفخار والألوان الكيميائية وحرقها لتعطينا مادّة الخزف، وبذلك نكون أنجزنا آخر مرحلة لطلاب هذه الأقسام». وعن مستوى الطلاب ومدى اهتمامهم في الدراسة ومشاريع تخرجهم يضيف «طلال البيطار»: «هناك المُجدّ والمُهتم، وهناك من جاء ليكسب شهادته فقط، فهناك مستويات أكثر من جيدة جداً، ولدينا مستوى ما فوق الوسط، ومستوى الجيد، ويعود الأمر في تحديد هذه المستويات إلى المتابعة التي يقوم بها الطالب ودوره في الاهتمام في عمله مع أساتذته، والمشرفين على المشروع، وذلك أثناء سنتي الدراسة وليس فقط في المرحلة الأخيرة ليكسب الخبرة المتاحة، وعموماً هذه الدفعة كان فيها عدد كبير من الطلاب يمكن منحه درجة الجيد جداً».
مع المنهاج بحث
لدى سؤالنا الأستاذ «طلال البيطار» عن المنهاج المعتمد في المعهد التقاني للفنون التطبيقية، وكيفية تطويره وتفعيله أجاب: «لدينا كثافة في المنهاج لدرجة الضغط على الطالب، لكن من جهة ثانية لا بدّ من توليد الاهتمام لدى المتلقي الطالب، فهو يحتاج لبحثٍ دائمٍ، وهنا يقع على عاتق الطالب لكي يستفيد أن يبقى على حالة من البحث، والعمل، والاهتمام، لأن المنهاج مكثّف وبحاجة لبحث، وأقصد بالبحث العمل بيده، ومتابعة المعارض، واهتمامات الفنانين، والبحث عن المعلومات المتوافرة في عدّة مصادر، وكلّ ذلك لتطوير الملكات التي يمتلكها الطالب، وبعد نهاية مرحلة مناقشة المشاريع سيتم التنسيق مع وزارة الثقافة لإقامة معرض للطلاب المتخرجين أو سيكون ذلك في بداية العام المقبل في صالة من الصالات».
ورشات عمل ومقترحات
وعن النشاطات التي يقدمها المعهد دعماً لطلابه وعن المقترحات يقول «البيطار»: «مجلس المعهد الذي يضمّ النائب العلمي، والنائب الإداري، ورؤساء الأقسام، وبعد عدّة اجتماعات خرجنا بمقترحٍ عن إقامة ورشات عمل أثناء الدوام، وفي فصل الصيف، وهذا سيتضمن مراحل عملية غير موجودة في المنهاج، وبدأنا تطبيق هذه المسألة من خلال ورشة الميدالية، وطريقة صناعتها، التي كانت منذ فترة لطلاب السنة الأولى، والتي أعطت نتائج إيجابيّة، وانطباعاً معرفياً مهمّاً لدى الطلاب، أيضاً كمجلس معهد قدّمنا مقترحاً لإقامة قسم خامس في المعهد التقاني للفنون التطبيقية، وهو قسم الفسيفساء، وأنا أعدّه فنّاً سورياً أصليّاً، ونحاول تجهيز منهاج هذا القسم ليكون جاهزاً لاستقبال طلابه في العام المقبل، أيضاً أودّ التنويه لفكرة مهمّة جداً، وهي أن معهدنا ليس تعليميّاً فقط بل على الطالب تقديم شيء إنتاجي ممكن أن يتسوّق، فالمعهد التقاني للفنون التطبيقيّة الغرض منه فنّي، وتسويقي، وليس فنياً بحتاً».
أفلام دراميّة
من المشاركات التي يمكن تسليط الضوء عليها هي مشروعات قسم التصوير، وقد شرحت لنا الطالبة «هبة حواط» عن نشاطها ومشروعها: «في قسمنا يعتمد الأمر على الموهبة والسعي لتطويرها، وقد قدّمت فيلماً درامياً، إضافة لمشروع التصوير الفوتوغرافي، وفيلمي حمل عنوان «حان الوقت» وهو يتحدّث عن سورية وقد عمدت إلى الترميز إليها في دور صبية يتمّ اختطافها، وأشكر أساتذتي لأنهم اهتموا بنا كثيراً إلى أن وصلنا هنا وعلى وجه الخصوص الأستاذان بسام وجلال». أمّا الطالبة «رغد الصفدي» فقالت: «مشروع التصوير الفوتوغرافي جاء عن الطبيعة، والورد، والنحل، أمّا الفيديو فقد حمل عنوان «تغير الناس مع البطل» وهو يتحدّث عن معاناة الشخص الذي يقوم بأعمال مميّزة في مجتمعه، وطريقة ردّة فعل الناس معه، وعليه، وكيف يعاني هذا الشخص لكنّه، ومن خلال قصة الفيلم سيجد طريقة، ليقربهم منه أكثر، من خلال الوردة، وتقديمها للناس كرمزٍ للمحبّة، والاستمراريّة، والصفاء، والسلام».