من دفتر الوطن

علمانية السوريين في خطر!!

| عبد الفتاح العوض 

ما زالت العلمانية حتى الآن تعاني سوء الفهم والتفهم… العلمانية مصطلح سيئ السمعة في المجتمعات الإسلامية لأنه ارتبط بالإلحاد… سوء الفهم هذا يتغذى على عداء الإسلام السياسي لجوهر مضمون العلمانية وهي فصل الدين عن الدولة.
أي تفسير آخر للعلمانية ليس دقيقاً… جوهر العلمانية هذا المبدأ العام الذي يمكن من خلاله بناء الدول على أسس غير دينية أي دول مدنية.
المجتمع السوري امتاز بمستوى عالٍ من العلمانية، وقد حدث أن انسجمت وتناغمت طبيعة المجتمع مع فكرة العلمانية لأنها كانت مناسبة لقياسها ومريحة لحركة المجتمع الذي يضم أدياناً متنوعة وطوائف مختلفة.
الآن… ونحن في أمس الحاجة للتمسك بمفهوم العلمانية لأنه أحد مراكب الإنقاذ نجد أصواتاً كثيرة بدأت تشكك بالعلمانية… وثمة أسباب لذلك، لكني سأقتصر هنا على نقطتين أول نقطة تتعلق بالجانب النظري، فالبعض يقول إن المجتمع هو الذي يقرر ذلك وبما أن الكثير من السوريين يرددون شعارات دينية فالعلمانية ليست مرادهم.
هذه الحجة لا تتعلق بالسوريين فقط إنما تقال عن الدول الإسلامية بشكل عام.
وفي هذا مغالطة كبيرة تنطلق أساساً من الفهم الخاطئ للعلمانية… العلمانية ليست ضد الدين… بل ضد أن يكون خلط بين الدولة والدين.
النقطة الأخرى الأكثر أهمية وحضوراً أن الأزمة هي التي أفرزت شعارات غير علمانية وأغلبية هذه الشعارات نضجت بفعل المجموعات الإسلامية التي تحمل السلاح، وبالتالي انتشارها في مكان ما ليس إلا بتأثير القوة وبالتالي هو انتشار وهمي وباطل ومؤقت وغير قابل للاستمرار.
فأي شعار أو مبدأ ينتشر بفعل القوة ليس مؤهلاً للبقاء إلا بمقدار ما بقيت هذه القوة، وأي قوة بشكل أو بآخر تبقى محدودة العمر مهما طال بها العمر!!
لكن الشيء الذي نلاحظه الآن أن سورية التي كانت مكاناً بارزاً في العلمانية في هذه المنطقة أصبحت تتأثر كثيراً بما حولها.
هناك دول دينية صرفة مثل إسرائيل التي وجدت وتعيش على يهودية الدولة!! وثمة دول علمانية الشكل لكنها في المضمون تعيش بشكل طائفي أو مذهبي أو غير ذلك من التقسيمات اللاعلمانية.
سورية التي فاخرت دوماً بعلمانيتها مدعوة الآن للحفاظ على هذه العلمانية.
وأتحدث هنا عن القادم من الأيام وبالتحديد عندما نناقش الدستور.

داخل النص
من الأشياء التي تربك في الكتابة أننا نتحدث الآن عن قضايا فكرية مثل العلمانية وهناك حرب تدور رحاها في أكثر من مكان في سورية، وأشرسها الآن في حلب.
نعم ثمة إرباك في هذه النقطة وخاصة أن هذه الحرب تأخذ أحياناً شكلاً يوحي أنها مصيرية… أو أنها معارك مفترق الطرق.
رغم أهمية ما يحدث في المعارك لكن الهدف الجوهري هو تقسيم سورية وهذا لا يتم إلا من خلال قتل العلمانية في سورية وإشعال الفتن الطائفية في المنطقة. ولاحظوا استخدام تعبير حلب الشرقية والغربية وتابعوا تقسيم الناس على أنهم سنة وغير سنة وما يتبع ذلك ثم الأهم أن هذه المعارك الآن هي جزء من طاولة أي مفاوضات قادمة.

أقوال
لا تيئس إذا رجعت خطوة للوراء، فلا تنس أن السهم يحتاج إلى أن ترجعه للوراء لينطلق بقوة.
القائد العظيم لا يخبرك بما يجب عليك فعله، بل يريك كيف يجب أن تفعله.
يفقد الرجل أوهامه أولاً… ثم أسنانه، وأخيراً طيشه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن