سورية

محادثات أميركية روسية لتعزيز الهدنة في حلب … موسكو تتصدى لمحاولة ابتزاز غربية في مجلس الأمن.. وتؤكد أنها لا تلمس «رغبة» أو «قدرة» على فصل المعتدلين عن «النصرة»

| الوطن- وكالات

أفشلت الدبلوماسية الروسية مناورة ابتزاز غربية في مجلس الأمن الدولي تتذرع بالوضع الإنساني في حلب. وإذ أعادت التأكيد أن المعركة في سورية «على الإرهاب»، أشارت إلى أنها لا تلمس «رغبة أو قدرة» على وضع حد للإرهابيين وفصلهم عن «المعارضة المعتدلة»، في إشارة إلى تعهد سبق قطعته الولايات المتحدة لروسيا وفشلت في تطبيقه. وأعادت موسكو طرح وصفتها لـ«الحل الوحيد» في سورية، وهو «توحيد الجهود في مكافحة الإرهاب، واستئناف الحوار السياسي بين الأطراف السورية».
وبالترافق مع المبارزة الدبلوماسية الروسية الأميركية في مجلس الأمن، طالبت الأمم المتحدة بإعلان هدنة إنسانية عاجلة في حلب ومحيطها من أجل إجراء عملية إنسانية واسعة النطاق، وكان خبراء أمميون وروس وأميركيون يبحثون في «تعزيز» الهدنة في حلب، وفرض فترات تهدئة إنسانية في المدينة، على حين اشتكت موسكو من عدم التزام «المعتدلين» بالهدنة وخرقها بالتعاون مع «جبهة النصرة» (جبهة فتح الشام الحالية).
وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة غير رسمية لبحث الوضع الإنساني في حلب، دعا إليها كل من الولايات المتحدة وفرنسا بريطانيا ونيوزيلاندا وأوكرانيا. واتهم نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف الدول الغربية بمحاولة صرف الأنظار عن فشلها في فصل «المعتدلين» عن المتطرفين عبر الدعوة للجلسة، كما اتهمها، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء، بتسييس القضية الإنسانية، وحث هذه الدول على «الإقرار بأن السبب الرئيسي لكل المشكلات الإنسانية في سورية ليس إجراءات مكافحة الإرهاب التي تتخذها الحكومة السورية الشرعية».
وقال سافرونكوف، حسب موقع «روسيا اليوم»: «هناك إحساس بأن عدم الرغبة أو عدم الاستعداد أو عدم القدرة على وضع حد للإرهابيين في سورية وفصلهم عما يسمى «المعارضة المعتدلة» يجري إخفاؤه بالبكاء على الوضع الإنساني السيئ في حلب، هذا الوضع السيئ جداً في الحقيقة، ليس فقط في حلب». وعزا الدعوة إلى الجلسة إلى رغبة «خصوم دمشق ومن يعوق توحيد الجهود الدولية» في المحافظة على «مستوى معين من التوتر في المجال الإنساني». ووصف القلق الذي تبديه الدول الداعية إلى الجلسة بـ«المنافق»، مشيراً في هذا الصدد إلى العقوبات أحادية الجانب التي تفرضها على سورية، وقال: «ربما حان الوقت لإلغائها، ولو جزئياً على الأقل، للتخفيف من معاناة السوريين».
وأكد الدبلوماسي الروسي، أن الطريق الوحيد لطي صفحة النزاع الدموي في سورية تتمثل في توحيد الجهود في مكافحة الإرهاب واستئناف الحوار السياسي بين الأطراف السورية، مشيراً إلى أن فرض حلول خارجية سيؤدي إلى استمرار زعزعة الوضع. ولفت إلى أن بلاده «قلقة بشأن الوضع الإنساني في سورية عموماً وفي حلب بشكل خاص». وأعاد إلى الأذهان أن بلاده قامت بالتعاون مع الحكومة السورية بتنظيم ممرات إنسانية، مؤكداً استعداد الجانب الروسي لبحث أبعاد استعمال هذه الممرات مع أطراف دولية. وشدد على عدم جواز تسييس الوضع الإنساني واستغلاله بقصد أو من دون قصد لحماية إرهابيين أو عناصر أخرى يستعملون سكان شرق حلب كدروع بشرية ويمنعونهم من مغادرة المدينة ويقصفون الممرات الإنسانية ويسرقون مساعدات إنسانية.
من جانبها، طرحت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامنثا باور ما يشبه المقايضة بين مساعدة المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش العربي السوري وأولئك القاطنين للمناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين. واعتبرت أن حسم معركة حلب لن يكون سريعاً، حسب وكالة الأنباء الفرنسية. ونقلت وكالة «رويترز» عن باور قولها: «إذا استمر القتال يتوقع حرمان المدنيين في كلا الجانبين من المساعدة الأساسية التي يحتاجون إليه. ولا يمكن أن نسمح بحدوث ذلك». وأضافت: «مرة أخرى، نحث روسيا على وقف تسهيل الحصار واستخدام نفوذها للضغط على النظام لإنهاء الحصار في كل أنحاء سورية نهائياً».
بدوره، حذر نائب السفير الفرنسي أليكسس لاميك، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية، من أن القتال في حلب قد يقضي على أي أمل في عملية السلام التي أطلقت في فيينا لإنهاء الحرب المستمرة منذ خمس سنوات، قائلاً: «حلب قد تصبح مقبرة لعملية فيينا». ودعا أعضاء المجلس إلى زيارة حلب للقاء الأطباء والممرضين الذين يناضلون لإنقاذ حياة المصابين.
ومن مدينة جنيف السويسرية، واكبت الدبلوماسية الروسية دعوة الأمم المتحدة إلى وقف عاجل لإطلاق النار في حلب. ونقل موقع «روسيا اليوم» عن المندوب الروسي لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة أليكسي بورودافكين قوله: «عما يتعلق بوقف إطلاق النار في حلب فإن هذه المسألة تحديداً يبحثها عسكريون روس وأميركيون بمشاركة ممثلين عن الأمم المتحدة». وأكد بورودافكين أن الجانب الروسي لم يشكك أبداً في ضرورة فرض الهدنة في أراضي سورية كافة، بما في ذلك حلب، مشيراً إلى أنه فرض إضافة إلى ذلك نظم «التهدئة» في حلب وغيرها من المناطق بمبادرات من روسيا والولايات المتحدة. وأعرب عن أسفه من أن بعض الجماعات المعارضة «المعتدلة» تنضم إلى «النصرة» (فتح الشام) وتنتهك هذه الهدن، داعياً واشنطن للتأثير في هذه الجماعات لوقف الانتهاكات.
وعما يتعلق بالاتفاق الروسي الأميركي بشأن الفصل بين المعتدلين والمتطرفين، أضاف الدبلوماسي الروسي: إن بلاده لم تحصل حتى الآن على أي معلومات حول مواقع قوات تابعة للمعارضة «المعتدلة»، ما يؤدي إلى تعقيد مكافحة الإرهابيين للغاية، وخاصة مكافحة «النصرة». وجاء في بيان أصدره منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سورية يعقوب الحلو والمنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية في الأزمة السورية كيفين كنيدي: إن الأمم المتحدة تدعو إلى وقف عاجل لإطلاق النار في حلب، معلنةً أن مليونين من سكانها يعيشون من دون ماء ولا كهرباء بعدما أصابت هجمات البنية التحتية المدنية الأسبوع الماضي. وقال الحلو وكنيدي: «تخشى الأمم المتحدة بشدة أن تكون العواقب وخيمة على ملايين المدنيين (في حلب) إذا لم يتم إصلاح شبكات الكهرباء والماء على الفور». وفي السياق ذاته، دعا المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ينس لايركي، إلى تطبيق وقف إطلاق نار «إنساني عاجل» في حلب، لمدة 48 ساعة خلال الأسبوع.
وقال لايركي في مؤتمر صحفي: إن أكثر من مليوني شخص باتوا محاصرين في حلب، بعد غلق طريقي خناصر والكاستيلو بسبب الاشتباكات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن