ثقافة وفن

بالوثائق قصة الصراع على سورية

«… على قاعدة «اشتدي أزمة تنفرجي» نأمل بأن يأتي الفجر من ظلام هذه السنوات الحالكة التي تعيشها أمتنا بسبب الفتن والحرب والعمل الاستعماري المكثف لإبقائنا في تخلفنا المذهبي والديني والحضاري، تخلفاً يرى اللـه قائداً لحزب لا خالقاً محبّاً عطوفاً رحيماً، ويرى الدين أداة ذبح وقتل وسحل لا وسيلة ارتقاء بالمخلوق إلى مصاف العبد الصالح، والأخ المحب للشقيق في الإنسانية أو للأخ في الدين وإن تعددت اجتهادات فهم الدين.
هو الأمل بأن يسود أمتنا الخير بدل الشر، والوئام بدل الفتن. أملٌ بمستقبل نرى فيه مذاهبنا سبباً للمنافسة في الخير لا للمنافسة في التكفير والقتل، وأن يكون الدين لله، وبلاد اللـه لكل ساكنيها بتساوٍ وعدل واحتضان». اجتزأنا هذا المقطع من مقدمة كتاب: «بالوثائق قصة الصراع على سورية» للمؤلف د.«عبد الحميد عباس دشتي». يدخل المؤلف في توصيف للإستراتيجية الدولية والإقليمية للجمهورية العربية السورية، ويؤكد إدراك الرئيس الراحل لهذه الإستراتيجية من خلال وعيه للتغيرات الدوليّة وتحالفه مع إيران التي انتقلت من حضن الغرب إلى الاستقلاليّة، فكان التحالف معها هو الاتجاه السليم. ومنه انطلق المؤلف في إلقاء بعض الإضاءة على العلاقة السوريّة الإيرانيّة والتي تعدّ أنموذجاً للتعاون العربي الإيراني ضدّ الهيمنة الأميركيّة والحلف الإسرائيلي.
يتساءل المؤلف في أحد فصول الكتاب: هل كان الرئيس حافظ الأسد معادياً للشعب الأميركي؟ وتأتي الإجابة من خلال توثيق «بثينة شعبان» للأحداث التي جرت بين الأميركيين والرئيس الراحل، والتي يستشف منها أن الرئيس الأسد رحمه اللـه لم يكن معادياً للشعب الأميركي بل كان مناهضاً لسياسات حكامهم وخاصة فيما يتعلق بالعلاقات الدولية. وهنا لا بدّ من استذكار الأبعاد الثلاثة التي ركزت عليها «شعبان» في التفاوض وهي:
1- وحدة المسارات، لكن بعد انفراد الفلسطينيين والأردنيين باتفاقاتٍ خاصّة مع إسرائيل بقي التمسك بوحدة المسارين السوري واللبناني.
2- الإصرار على الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود 67 من دون المساس بشبر واحد من الأرض.
3- الحفاظ على استقلاليّة سورية وكرامتها وقدرتها الدّفاعيّة.
احتوى الكتاب على الكثير من العناوين المهمّة التي تدعو للبحث فيها والتوثيق لها ومن هذه العناوين اللافتة: «المخطط الأميركي والمنفذون عربٌّ وتكفيريون والرابح إسرائيل»، و«هل ذهبت نتائج انتصار حرب 2006 سدى؟»، و«الأساطير المؤسسة لثورة التكفيريين في سورية»، و«الفكر التكفيري في سورية وقود الثورة ومصنع الإرهاب»، و«الفرق بين الوهابيّة وبين مذاهب أهل السنة الأربعة وخصوصاً المالكي والحنفيّة والشافعيّة»، و«التمهيد لتفتيت المنطقة العربيّة إثنيّاً… مصر وسورية والعراق»، و«ماذا يقول الأميركيون أنفسهم عن خططهم في سورية»، و«الجدول الزمني للأزمة السورية»، و«أساليب الثورة الأوتوبوريّة»، و«نماذج من عناصر تحريك الحروب الناعمة»…. وغيرها. ضمّ الكتاب الكثير من الوثائق التي رصدها لتكون نماذج تروي حكاية من التورط الخارجي في دعم الإرهاب والمسلحين في سورية بالوثائق، وجاءت هذه الوثائق مرفقة بصور ورسائل وبيانات تخصّ جمعيات أنشئت لتنفيذ المخططات بعناوين إسلامية ومضامين تخريبيّة، وبرقيات من وزارة الخارجيّة السعوديّة، ومنها ما جاء باللغة العربية ومنها ما ورد باللغة الإنكليزيّة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن