ثقافة وفن

الحجارة لو تكلمت..

| د. اسكندر لوقا 

في النبأ الذي تناقلته بعض وسائل الإعلام مؤخراً أن مؤرخا وعالم آثار مجريا هو البروفسور «بالاج مايور» جاء إلى سورية ومعه فريق من طلاب جامعة بيتر الكاثوليكية في العاصمة المجرية للقيام بأعمال الترميم في قلعة الحصن وقلعة المرقب على نفقة الجامعة المذكورة. وفي النبأ أن هذا العالم تعرض لسؤال من قبل رجال الأمن حول من هو ولماذا جاء ومن أين؟ فكان رده: أنا أعرف كل الذين عاشوا هنا منذ ثلاثة آلاف عام، ويحق لي أنا أن أسألكم من أنتم؟ أنا لا أعرفكم، وماذا جئتم تفعلون هنا؟
لا أدري بالضبط بماذا أجابوه، وماذا كان رد فعلهم، ولكنهم تركوه لأنه تابع عمله مع طلاب الجامعة الذين رافقوه للقيام بأعمال الترميم في كل من قلعة الحصن وقلعة المرقب.
ترى لو أن الحجارة في سورية تنطق، فماذا كانت ستسأل الذين جاؤوها من ستة وتسعين بلداً أجنبيا للاعتداء على أوابدها وآثارها التاريخية سواء في قلعة الحصن وقلعة المرقب أو في أماكن أخرى، في سياق الحملات التي شنت وتشن عليها؟
تراها كانت ستسأل هؤلاء السفلة الذين انهالوا على التماثيل النادرة في العالم، في المتاحف التي دخلوها حاملين مطارقهم كأن بينها وبينهم ثأراً قديماً: أنا أعرف كل الذين عاشوا هنا قبل سبعة آلاف سنة، ولا أعرفكم، فماذا جئتم تفعلون هنا؟
لو أن حجارة سورية تتكلم، لكانت قالت للغزاة عودوا إلى قراءة تاريخ سورية، الأرض التي لم تخضع يوماً لغاز أو محتل، فطردت كل من جاءها حاملا سلاح الغدر، منذ حملة تيمورلنك وصولا إلى حملة سليم الأول، إلى حملة الجنرال غورو، وسوف تكون نهايتكم كنهايات هؤلاء الطغاة.
إن سؤال العالم والمؤرخ المجري البروفسور «مايور» سؤال يصلح في كل مكان وزمان تتعرض فيه سورية لاعتداء على تاريخها في الماضي والحاضر ولا يمكنها أن تقبل بالأمر الواقع كما أراد ويريد أعداء الحضارة ورغم قوتهم قد هزموا، لأن من يملك عقلا يستوعب عبر التاريخ ودروسه لا تخفى عنه حقائقه. لهذا نقرأ قول الفيلسوف والحكيم اليوناني سقراط «… – 399 ق. م» إن البشر هم ضد العقل عندما يكون العقل ضدهم.
ألا ينطبق ما يعنيه هذا القول على من لا يملك أصلا ذرة من عقل؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن