سورية

تركيا تنتظر من واشنطن أن تفي بوعدها بشأن أكراد سورية … ألغام داعش تحصد أرواح عشرات الأهالي لدى عودتهم إلى منازلهم في منبج

| الوطن – وكالات

أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أن بلاده تنتظر من الولايات المتحدة أن تفي بوعدها بأن يعود المقاتلون الأكراد إلى شرق نهر الفرات بعد طرد تنظيم داعش المدرج على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية من مدينة منبج شمال شرق حلب، في وقت تحصد فيه الألغام الأرضية التي زرعها التنظيم في أحياء المدينة وحولها قبل انسحابه منها أرواح العشرات من الأهالي لدى بدء عودتهم إلى منازلهم.
وحسب مواقع إلكترونية معارضة، فقد أفادت تقارير واردة من منبج بوجود ما يقرب من 50 ألف لغم في المدينة وما حولها لم تكتشف بعد، على حين تحدث نشطاء عن تفكيك ما يقرب من 12 ألف لغم منذ سيطرة «قوات سورية الديمقراطية» على المدينة وريفها.
وأكد ناشط يدعى جودت الجيران أن «عدد الذين قضوا جراء الألغام منذ انسحاب داعش من منبج بلغ نحو 50 شخصاً كان آخرهم 4 أشخاص من عائلة واحدة جراء انفجار ألغام أرضية بهم قرب مسجد الشيخ عقيل، وذلك بعد خروجهم من مناطق خاضعة لسيطرة التنظيم إلى مواقع سيطرة قوات (قسد) في منبج». ولفت إلى وجود مصاعب حقيقية في التعامل مع هذه الألغام لأن أغلبها بدائي الصنع وحتى الخبراء المدربون يجدون صعوبة في التعامل معها، مؤكداً أن ما يزيد خطورتها أنها زرعت في مناطق غير متوقعة على الإطلاق كمداخل البنايات والأدراج وقبضات الأبواب والبرادات وتحت الأسرة وتحت اللحف وأحياناً داخل ألعاب الأطفال.
وبعض هذه الألغام تم زرعها داخل الأسلحة والسيارات والدراجات النارية المتروكة عمداً، وهي بمجملها ألغام غريبة حتى على المختصين وفريدة من نوعها وحاقدة جداً في تأثيراتها، حسب تعبيره. وبعد معارك استمرت أكثر من شهرين بمساندة ضربات جوية من التحالف الدولي الذي تقوده أميركا تمكنت «قوات سورية الديمقراطية» من السيطرة على منبج في السادس من آب الجاري قبل أن تطرد منها آخر الدواعش الجمعة.
تشكلت «قوات سورية الديمقراطية» في تشرين الأول 2015 وهي تحالف يضم خصوصاً مقاتلين اكرادا سوريين إضافة إلى مقاتلين عرب. وأغلبية المقاتلين الاكراد من «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي وهو حزب سوري تعتبره أنقره فرعا لتنظيم حزب العمال الكردستاني المحظور لديها، والذي يخوض معارك ضارية ضد النظام التركي منذ 1984.
وصرح تشاوش أوغلو أمس وفق وكالة «أ ف ب» للأنباء بأن «الولايات المتحدة، بل حتى (الرئيس الأميركي باراك) أوباما بنفسه وعدنا أن عناصر الاتحاد الديمقراطي الكردي في قوات سورية الديمقراطية سيعودون إلى شرق الفرات بعد انتهاء عملية منبج».
وتابع: «على الولايات المتحدة أن تفي بوعدها. هذا ما نتوخاه»، علما أن واشنطن لم تؤكد إن كانت فعلاً قطعت هذا التعهد.
وشكلت خسارة منبج هزيمة كبرى للتنظيم المتطرف الذي خسر بذلك تقاطعا مهما على المحور الرئيسي الذي يتيح له نقل المقاتلين والسلاح والمال بين تركيا والمناطق التي يسيطر عليها في سورية.
وأعربت تركيا تكراراً عن الاستياء إزاء حصول «قوات سورية الديمقراطية» على دعم بري من وحدات خاصة أميركية وعسكريين فرنسيين هم بمثابة مستشارين.
وتعتبر واشنطن أن هذا الفصيل هو الأكثر فاعلية ضد تنظيم داعش الذي ارتكب فظائع في العراق وسورية ونفذ سلسلة اعتداءات دامية في مناطق مختلفة من العالم. وتقول أنقرة: «إن واشنطن أكدت لها أن عملية منبج ستتشكل في الأساس من مقاتلين سوريين عرب». وكانت واشنطن صورت عملية منبج لأنقرة، بأنها تمهيد لا غنى عنها في الطريق إلى الرقة معقل التنظيم في سورية، فضلاً عن القضاء على المركز الذي كان يخطط منه داعش عملياته الإرهابية الخارجية التي هزت العواصم والمدن الغربية على مدار الأشهر الماضية، وعلى هذا الأساس أعطتها ضمانات بألا يكون لـ«وحدات حماية الشعب» المنخرطة ضمن «قوات سورية الديمقراطية»، دور في إدارة المدينة العربية، وألا يتقدم عناصر «الوحدات» صوب مدينتي إعزاز والراعي، وصولاً إلى مناطقهم في عفرين.
وتعزيزاً لهذا الاتفاق أعاد حلف شمال الأطلسي نصب صواريخ الباتريوت في جنوب تركيا، كما نشر صواريخ «هاريمس» لاستهداف داعش بينما بين إعزاز وجرابلس، على حين تقوم قوات ما تسمى «المعارضة المعتدلة» بتطهير المكان من الدواعش.
مع ذلك، لا تخفي «وحدات الحماية» عزمها التوغل حتى عفرين من أجل وصل مناطق تواجدهم في شمال سورية.
وحالياً وبعد السيطرة على منبج باتت حملة «التحالف الدولي» على مفترق طرق. فمواصلة «قوات الديمقراطية» التوغل حتى جرابلس أو الباب ومنهما إلى إعزاز من شأنه أن ينسف التفاهمات (الأميركية التركية) التي مهدت الطريق أمام معركة منبج، وتضطر تركيا إلى الانسحاب من التحالف وإغلاق قاعدة «أنجرليك» أمام طائرات التحالف، هذا إذا لم تقصف المدافع التركية القوات المتقدمة صوب جرابلس.
ورجح إعلان «قوات الديمقراطية» يوم السبت عن تأسيس «مجلس الباب العسكري»، على شاكلة «مجلس منبج العسكري» الواجهة التي اختفت خلفها «وحدات حماية الشعب» أثناء التحضير لعملية منبج، هذا السيناريو.
من هنا يأتي إصرار موسكو وطهران وأنقرة على وحدة الأراضي السورية المهددة بالتحركات الأميركية. وعشية لقاء القمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان أغلقت السلطات الروسية ممثلية الإدارة الذاتية (التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي) في موسكو. وتحدثت مصادر فيما يسمى «فدرالية الشمال» عن اتفاق (روسي تركي) على عدم تمثيل «حزب الاتحاد الديمقراطي» في الجولة المقبلة من محادثات جنيف.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن