سورية

تحدث عن انعطافة في سياسة أنقرة تجاه دمشق.. ولم يستبعد حصول لقاء بين مسؤولين أتراك وسوريين … خدام: الحراك الروسي – الإيراني – التركي سينعكس إيجاباً على حل الأزمة

أعرب المعارض منذر خدام عن تفاؤله بالحراك الثلاثي الروسي – الإيراني – التركي المتسارع إزاء الأزمة السورية، معتبرا أن هناك انعطافة في سياسة الحكومة التركية إزاء سورية، وأن هذا الحراك سيتمخض عنه نتائج ايجابية على صعيد إيجاد حل سياسي للأزمة المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات، ولم يستبعد حصول لقاء بين مسؤولين أتراك وسوريين.
ويتسارع حالياً زخم رحى الدبلوماسية الدولية بشأن الأزمة السورية، فنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في طهران وهذه الأزمة على رأس الملفات الدولية والإقليمية التي سيبحثها مع المسؤولين الإيرانيين، بالترافق مع المساعي الإيرانية من أجل إطلاق تنسيق روسي – إيراني – تركي مشترك حول هذه الأزمة، وذلك بعد القمة الروسية – التركية الأخيرة التي جمعت الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أرودغان والتي دفعت وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى زيارة أنقرة التي أبدت نوعا من التفاؤل إزاء سورية.
وفي تصريح لـ«الوطن» قال خدام: إن «التغيرات في السياسة التركية ليست وليدة اليوم وكانت قد بدأت قبل الانقلاب الفاشل، وأنا حينها نشرت خبراً عن لقاء أمني سوري تركي في الجزائر، وأكدت مصادر أخرى صحة هذا الخبر، ومن ثم علينا أن نتذكر تصريحات رئيس الوزراء التركي (بن علي يلدريم) قبيل الانقلاب حول إعادة العلاقات إلى طبيعتها مع سورية والعراق ومصر، وتصحيح علاقات تركيا مع جميع دول البحر الأسود والبحر المتوسط، والمقصود كان سورية ومصر وروسيا».
وأوضح خدام، أن محاولة الانقلاب «لاشك أنهكت النظام التركي»، وبالتالي القيادة التركية قامت «باستنتاجاتها الصحيحة» وخاصة تجاه الموقفين الروسي والإيراني الرافض للانقلاب منذ ساعته الأولى في وقت التزمت فيه الدول الغربية وأميركا تحديدا الصمت وهذا له دلالاته السياسية، معرباً عن اعتقاده بأن تحسين تركيا لعلاقاتها مع روسيا وإيران سيكون لها «انعكاسات ايجابية» على حل الأزمة السورية.
وبعد أن أشار خدام إلى تصريحات رئيس الوزراء التركي التي قال فيها: إنه خلال الستة أشهر القادمة سيحصل انعطاف كبير في الأزمة السورية، أعرب عن اعتقاده بأن المقصود من كلام يلدريم هو «الحل السياسي لأنه ليس هناك من انعطاف عسكري وشيك»، مرجحاً أن تكون مقدمات الانعطافة السياسية لأنقرة هي إغلاق الحدود التركية – السورية.
ورأى خدام، أن تركيا ستقوم بهذه الخطوة بشكل «تدريجي وربما أيضاً بالتشاور مع بعض الحلفاء مثل السعودية وقطر، لكن في النتيجة القرار في الاستدارة واضح، فهم لديهم هواجس حقيقية من الأكراد، ومن أن يمتد الإرهاب إلى أراضيهم وكل هذه المعطيات تشير إلى أن هناك انعطافة وشيكة بدأت في السياسة التركية لمصلحة حل الأزمة السورية».
وقال: «الحراك الثلاثي مئة بالمئة سيعطي نتائج ايجابية على صعيد حل الأزمة السورية وهذا ليس مجرد تكهن أو تحليل وإنما بات واقعاً».
ورداً عن سؤال حول الثمن الذي تريده الحكومة التركية مقابل هذه الانعطافة، اعتبر خدام أن مراهنة الأتراك منذ البداية على القوى الإرهابية كي تحقق لهم مكاسب معينة «فشلت بسبب صمود الجيش العربي السوري، وبالتأكيد هذا جعلهم يخترعون هذه الحرب العبثية، وفي السياسة إذا استمررت بهذا النهج فكأنك تضرب رأسك بالحائط».
وأضاف: «ومن ثم فإن مصالح الأتراك مع إيران تاريخية وكبيرة وفي كل الأزمات التي مرت بها المنطقة لم تتأثر العلاقات التركية الإيرانية، وفي الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى أنقرة جرى الحديث عن حجم تبادل تجاري بحدود 30 مليون دولار أميركي، وبالتالي ليس هناك أي حكومة في الكون يمكن أن تضحي بهذه المصالح في سبيل رهان خاسر».
وتابع: «أيضاً مصالحها (تركيا) مع روسيا كبيرة جداً، وبالتالي هذا الحراك الثلاثي الروسي – الإيراني – التركي الجديد سوف يعطي أكله، وأنا لا أستبعد أبداً أن يتم في مرحلة لاحقة لقاء تركي ما مع الحكومة السورية».
وحول التحليلات التي اعتبرت أن سير الأحداث في حلب سيكون بمنزلة اختبار لنيات تركيا، وأن النيات التركية لو كانت ايجابية تجاه سورية لما حصل التصعيد الأخير في حلب من التنظيمات الإرهابية والمسلحة، قال خدام: «المسألة ليس لها علاقة بالنيات. الأتراك لا يستطيعون التخلي عن كل أوراقهم دفعة واحدة. لديهم بالتأكيد ورقة دعم المسلحين وهذا الدعم لا يزال موجوداً رغم أن الكثير من المراقبين يعتقدون أنه لم يعد كما كان في السابق».
وبعد أن أوضح خدام، أنه «وحتى المسلحين باتوا يخشون من هذه الانعطافة في السياسة التركية»، لفت إلى أن تركيا «لا تستطيع التخلي مباشرة عن كل أوراقها وإنما بالتدريج ولكن بأفق مرئي». وقال: «عندما حددوا هم ستة أشهر أعتقد أنه علينا أن نصدقهم وخاصة أن التدخل الروسي حاسم، وأيضاً التدخل الإيراني، إضافة إلى الصمود الأسطوري للجيش السوري وحلفائه في حلب وغير حلب».
وختم خدام تصريحه بالقول: «السياسة التركية سوف تشهد انعطافة إزاء سورية ولكن علينا ألا نتوقع أن تكون بصورة سريعة وإنما خلال أفق منظور».
وانعقدت قمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي، وبحثت بالتفصيل الأزمة السورية، وقرر الزعيمان في نهاية مباحثاتهما تشكيل آلية ثلاثية مشتركة من ممثلي وزارتي الخارجية والجيش والاستخبارات. وعلى الفور فعلت العاصمتان هذه الآلية حيث زار وفد مكوّن من هيئة الاستخبارات ووزارة الخارجية وهيئة الأركان التركية روسيا لمناقشة آخر التطورات السورية على الصعيدين الميداني والسياسي.
وتلا القمة بيومين زيارة ظريف إلى تركيا ولقائه أردوغان ووزير خارجيته مولود جاويش أوغلو. وأظهرت تصريحات المسؤولين الروس والإيرانيين والأتراك تقارباً بشأن حل سياسي للأزمة السورية، والحفاظ على وحدة سورية. وتريد طهران تنظيم قمة إيرانية روسية تركية لمناقشة الأزمة السورية. واستقبلت أنقرة هذا الطرح بطرح بديل، يجمع الدول الإقليمية في المنطقة (إيران – تركيا – السعودية – قطر) مع روسيا وأميركا فقط، مستبعدةً بذلك دول الاتحاد الأوروبي والصين.
وبحسب ما تحدث مصدر إيراني متابع للازمة السورية أمس الأول لـ«الوطن»، فإن إيران من «حيث المبدأ لا تبخل بأي جهد يساعد على إيجاد حل سياسي سلمي للأزمة في سورية»، مشيراً إلى أن الحراك الإيراني الأخير يأتي في هذا الإطار، وأن زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى أنقرة ربما جاءت لحثها على ضرورة العمل بشكل ايجابي للوصول إلى أرضية مناسبة للحل.
ولم يستبعد المصدر، أن «يحصل اجتماع ثلاثي إيراني – روسي – تركي للبحث عن صيغة للحل»، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن هذا الاجتماع لن يكون في القريب المنظور لأنه «يحتاج إلى ترتيبات وجهود كثيرة وكبيرة».
وبعد أن لفت المصدر إلى الإشارة التي أرسلتها طهران إلى أنقرة بعد الانقلاب الفاشل وتضمنت موقف إيران بأنها «مع الشرعية (في تركيا) وفي الوقت نفسه تدعم الشرعية في سورية»، أوضح أن المراقبين يعولون على أن يكون لدى أنقرة «ميول إلى طهران وموسكو على ألا يكون ذلك على حساب علاقات أنقرة مع الغرب».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن