ثقافة وفن

الحب والثورة- قراءات في أدب … نزار قباني في ثقافي بيت ياشوط

| اللاذقية- صبا العلي

سلط الناقد الأدبي حكمت صارم الضوء على مفهوم آخر للحب في أدب الشاعر الكبير نزار قباني وهو الثورة ما أعطاه بعداً جمالياً جديداً وارتباطاً وثيقاً بالمحيط الإنساني والاجتماعي، فغدا حبه الكلي العام ثورة على القيم البالية والموروث الاجتماعي وثورة على الرجعية والاستعمار وثورة على الكراهية والإرهاب، مؤسساً بذلك حباً بفضاءات جديدة وبنفحة ثورية شعرية كما أسس حباً للأرض والوطن والمرأة والتاريخ، وذلك في محاضرة بالمركز الثقافي العربي في بيت ياشوط التابعة لريف اللاذقية.

وبين صارم باستعراض موجز لنفحات نزارية شعرية ضمنها في محاور ثلاثة مدى ارتباط مفهوم الحب بالثورة لديه هذا الارتباط الذي يوثق العلاقة بين ماضي نزار وحاضر الوطن توضحت من خلاله خطوط عريضة وجادة لتحرير الوطن من كل الرواسب التي تعوق حركته النهضوية، فالعلاقة بين الحب والثورة علاقة عضوية وجدلية في آن معاً وكل منهما نواة للآخر وفضاء له، كما أوضح صارم كيف استطاع نزار أن يصل إلى معادلة شعرية يصبح من خلالها الوطن هو الحبيبة والحبيبة هي الوطن يقول:
إني أحبك كي أبقى على صلة بالله… بالأرض…. بالتاريخ…. بالزمن
بالماء… بالزرع بالأطفال إن ضحكوا.
وصنف صارم ثورة نزار في الحب في مناخات عدة، فعلى صعيد الأدب والشعر حطم أصنام البلاغة والقوالب الشعرية المعهودة واخترق جدار الأخلاق المجتمعية والموروثة في إباحية التعابير التي تكشف خبايا النفس والجسد، وفي سعيه لتحرير الإنسان العربي وعواطفه من القهر والإرهاب والازدواجية شكلت طروحاته باب الخلاص للشباب العربي المعتقل في سراديب التاريخ وتقاليده البالية. وعلى صعيد الكلمة فقد أخرجها من عتمة القواميس وجعلها كعصفور يحط على نوافذ الناس كل الناس، وحول الشعر إلى خبر يومي وقماش شعبي يلبسه الجميع وامتشق قلمه سيفا في وجه جميع المؤسسات والأفكار والخرافات القديمة، فحطم صنمية التفكير وأطلق حبه كغاية يوصل إليها بثورة عارمة على كل المفاهيم المغلوطة والمزدوجة مبشراً بولادة جيل عربي جديد، كما سعى لتحرير المرأة العربية بوصفها أجمل وأرق المخلوقات وبوصفها الحضن الدافئ لولادة الحضارات، وواجه بأحكامه ومقاييسه التي رسمها بأبجديته الشعرية الموصوفة بالسهل الممتنع الحكام الرجعيين واستبدادهم وتجلى ذلك في قصيدته الشهيرة التي رثى فيها زوجته ومعشوقته بلقيس ضحية الإرهاب الخسيس.
الحب عند نزار مثل غابات الأمازون كلما تغلغل الإنسان فيه ضاع في نور الحقيقة وهو طموح نحو المعرفة والاكتشاف والتنبؤ.
وأوجز الناقد صارم في المحور الثالث للمحاضرة دور نزار الاستباقي في تفعيل ثقافة الحب كسلاح ثوري لمواجهة ثقافة الكراهية والإرهاب والفساد، وتفعيل دور الأدب والثقافة لتجسيد المقاومة على الأرض سلوكاً عملياً يدعم كل العلوم والمعارف ويترجمها إلى فعل مدروس بمصداقية للبدء بالنهوض الحضاري ولحمل رسالة التحرر الوطني دفاعاً عن الدماء التي أريقت بآلة الحرب الصهيو أميركية وأذرعها الإرهابية، مشيراً إلى أن بناء الإنسان فكراً وعاطفة هو الحصانة الحقيقية لمستقبل أرقى وأفضل.
وختم الناقد صارم محاضرته بنبذة عن حياة الشاعر الكبير نزار الذي اعتمر حياة الشباب وملأ محافظهم ومكتباتهم الجامعية وندواتهم ورحلاتهم حتى كاد يكون للحب عنوان، كما غنى قصائده كبار فناني هذا الزمان وهو ابن البيت الدمشقي العتيق مدينة الياسمين والعشق الأبدي، فسكن إليها المحبون مع انبلاج فجر كل يوم جديد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن