ثقافة وفن

العقيدة الأهم في الحياة

| د. اسكندر لوقا 

في مختلف الأمكنة والأزمنة، تسود معتقدات تستدعي، أحياناً، التوقف عندها، ذلك لأن منها ما يلعب أو قد يلعب دوراً في تكوين شخصية الإنسان.
ومن المعتقدات التي تسيّر البعض من الناس ما يعرّف بـ«الأمل». والأمل هذا، كما هو معروف، باب واسع يسمح للمرء أن يعبر منه لأخذ قسط من الراحة عند الحاجة إليها، وذلك على غرار فترة القيلولة بعد تناول طعام الغداء. فهو، بهذا المعنى، نوع من أنواع معالجة الأمراض العابرة التي لا تحتاج إلى استخدام أي نوع من أنواع العقاقير، وربما من هنا كان القول إنه لولا فسحة الأمل لضاقت بنا سبل الحياة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ماذا لو اعتنق أحدنا عقيدة الأمل من دون سواها وبقي ينتظر ما يصبو إليه من منطلق القناعة بأن نصيبه سوف يصيبه أو أن ما هو مكتوب على الجبين ستراه العين؟
ربما كانت قناعة أحدنا بهذه المعادلة أو تلك من أسباب راحة البال لديه، ولكنها، على الرغم من ذلك، سوف تبقى تتعارض مع العقيدة الأهم في الحياة، أعني بها عقيدة البحث والعمل.
في الأزمنة التي تستدعي مثل هذه العقيدة، عقيدة البحث والعمل، لا يجوز أن يساوم أحد على مصير حاضره أو مستقبله بانتظار ما هو مكتوب على الجبين أو انتظار الحظ المرتقب. في الأزمنة التي أشير إليها، مجرد التوقف عن العمل يعني تراجعاً إلى الوراء، وبمقدار ما يطول زمن الانتظار، تتسع رقعة المسافات بين نقطة البدء ونقطة النهاية فيما يتعلق ليس بحياة الأفراد فقط بل بحياة المجتمعات التي يعيشون في كنفها.
قد يكون الأمل محطة كما مقاعد الاستراحة في محطات القطارات ومواقف السيارات وسوى ذلك، ولكنه لن يكون الكلمة الفصل في حياة الفرد مهما كان شأنه في بلده. ومن هنا تعتمد قدرة العقل على التعايش بموضوعية وأيضاً بحكمة مع محيطها، وإلا غلب صاحبها الجهل بفهم الحياة.
على هذا النحو ينبهنا الروائي والكاتب المسرحي الفرنسي المعروف تريستان برناد [1866-1947] إلى خطورة تجاهل تبعات هذه العلاقة بين الواقع والوهم، وبين الواقع والأمل غير المحقق حكما، ينبهنا قائلا: الجاهل وحده الذي يعتمد فقط على أمله، وأما العاقل فاعتماده يكون على عقله.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن