الثرثرة الافتراضية.. المحادثات الإلكترونية جزء من حياتنا المعاصرة
إيمان أبو زينة:
أفضل 10 تطبيقات للدردشة والمحادثات لجميع أنظمة الهواتف الذكيه
أهم 20 تطبيقاً للمحادثات الفورية
أحدث ثلاثة تطبيقات للمحادثات والدردشة على جميع الهواتف
أكثر البرامج المتاحة للدردشة والتواصل
هكذا باتت الإعلانات اليومية في صفحات البحث الالكترونية عن أفضل، وأهم، وأحدث، وأكثر البرامج والتطبيقات الهاتفية لشد انتباه الناس إليها وحثهم على تطبيقها من خلال شرائها أو تنزيلها في هواتفهم النقالة.
ولاشك أن لهذه البرامج سحرها الذي جعل الجميع يتهافت على تحميلها لما تقدمه من توفير أجور الاتصالات الخارجية من جهة، وتسهيل التواصل مع المقربين والأحباء من جهة ثانية.
لكن، رغم القلق الذي يساورنا جميعاً عن إمكانية التنصت على مكالمات الصوت والصورة، وقراءة الرسائل النصية في أغلب هذه البرامج، إلا أننا لا نتوقف عن البحث عن الجديد منها، ونسأل عن أكثرها استجابة، وأوضحها صوتا، وأخفها صعوبة على الفهم.
«حسن عروس» مجاز في تكنولوجيا المعلومات تحدث عن هذه البرامج فقال: ما يتم الإعلان عنه من برامج مثل «سكايب»، و«فايبر»، و«واتس آب» وغيرها، لتأمين الاتصال والتواصل المجاني عبر الانترنت هي إعلانات مشجعة لمن يريد شراء الهواتف الذكية والحواسب الشخصية المتنقلة، وذلك للحصول على أكبر كمية شراء من الهواتف والأجهزة، وخاصة مع استمرار تحسن السرعات العالية للإنترنت، وانخفاض أسعار الاشتراك، وازدياد متاجر التطبيقات، والإقبال على تحميل البرامج بسبب النجاح الكبير الذي تحققه، إلا أن بعض الخوف بدأ حين قرأ الناس عن إمكانية الوصول إلى بيانات كل مستخدم، ولاسيما في الفترة الأولى من انتشار برنامج «واتس آب» مثلا، واكتشاف ثغرة مهمة فيه وهي إمكانية انتحال أي شخص لرقم أحد معارفه والتحدث والتواصل باسمه دون معرفة هذا الشخص بذلك، لكن بعد شراء البرنامج من قبل شركة «فيسبوك» تمت حماية البرنامج من جميع المشاكل، إلا أن ذلك لا ينفي أن تكون البرامج الجديدة غير المعروف مصدرها ولا شركاتها ولا أصحابها يمكن أن تخلق مشاكل مشابهة، لذا فمن الضروري التنبيه لعدم الاهتمام بهذه الإعلانات إلا ما كان آمنا منها وغير قابل للاختراق، وتنزيل التطبيقات التي تسمح باستخدامها الشركات المحلية للاتصالات.
لابد أن نقول إن محاولات الاختراق لسرية البيانات المتداولة واختراق مخدمات أو سيرفرات البرامج المجانية كثيرة ودائمة، ما يعني انتشار خصوصيات ملايين المستخدمين وانتهاك معلوماتهم ورسائلهم وجهات الاتصال لديهم وكذلك صورهم الشخصية.
آراء بتطبيقات الهواتف الذكية
إضافة إلى ما تشكله تطبيقات الهواتف الذكية من شهرة وانتشار بهدف التواصل، إلا أنها باتت تلعب دورين متناقضين في حياتنا، فهي من جهة تلعب دوراً ترفيهياً بحياة الناس من خلال تبادل الأخبار والهوايات والألعاب وانشاء مجموعات دردشة خاصة بين الأهل والأقارب والأصدقاء ومتابعة أخبارهم والرد على تعليقاتهم، ومن جهة أخرى كشفت الكثير من السلبيات فيما يتعلق بإهدار الوقت، وغياب الرقابة، وانعدام الخصوصية.
«راما» 17 عاماً –طالبة- تقول: أحب الفيسبوك وأتواصل مع صديقاتي طوال اليوم وكأننا نعيش في بيت واحد، وفي كثير من الأحيان نتبادل الوظائف المطلوبة منا، من دون أن نزعج أهالينا لو تحدثنا بالهاتف. التطبيقات تساعدني على التخلص من وقت الفراغ، وبرنامج «الواتس آب» أصبح جزءا مهما من يومياتي، ولا أستطيع أن أتخيل حياتي من دونه.
السيدة «ليال» 33 عاماً –إدارية- قالت: لا أعطي اهتماما كبيراً للفيسبوك وأتابع بعض أخبار الأقرباء منه، لكن اهتمامي الكلي ينحصر في برنامج «الفايبر» حيث أتواصل فيه مع زوجي المقيم بالخارج، وخالتي وأولادها الذين أحبهم كثيرا، إلا أني أعترف أن ذلك بات يهدر الكثير من وقتي ويبعدني عن صديقاتي.
«حمودة» 26 عاماً – محاسب- يقول: التطبيقات الحديثة تساعد في التواصل مع الآخرين، والتعرف على أشخاص جدد، واكتساب معلومات تفيدني أثناء البحث عن أي عنوان أريد معرفة تفاصيله.
السيدة «روهلت» 46 عاماً – معلمة- تقول: أنا لا أحب التعامل مع هذه التطبيقات فهي تؤثر من جهة ضعف الحوار بين أفراد الأسرة، والتقصير في تأدية العبادات، والابتعاد عن صلة الرحم في العائلة.
الجدة «أم هيثم» 70 عاماً – ربة منزل- قالت: أنا لا أفهم من هذه التطبيقات إلا ما يرشدني أحفادي لاستخدامه، لذلك أنا أتواصل مع ابنتي عبر برنامج «سكايب» وأكون سعيدة حين أراها تتحرك أمامي في بيتها وهي تتحدث، حتى إنها تسألني عن الكثير من الطبخات التي تحضرها أثناء حديثنا.
أما الشاعرة والكاتبة «هيام» فتقول: وسائل الاتصالات والتطبيقات الحديثة مذهلة بالنسبة لي، فقد ساعدتني على إنشاء صفحتي الخاصة لشعري ورواياتي، ومكّنتني من سرعة إيصالها ونشرها وقراءة ردود الأفعال مباشرة، بعدما كنت أنتظرها لوقت طويل فيما مضى.
هل تهدد الهواتف الذكية حياتنا؟
كثيرا ما يسبب انشغال المرء بهاتفه المحمول مشاكل مع محيطه الاجتماعي سواء داخل بيته مع أسرته، أو في العمل، أو الجامعة، ما يجعله بشكل أو بآخر كمدمن لا يستطيع العيش من دونه، فيتفقده كل دقيقة حتى إنه من الممكن أن يأخذه معه إلى الحمام، وهذا الإدمان أصبح يطلق عليه «نوموفوبيا»، وهو عبارة عن مرض يصيب الفرد بالهلع لمجرد التفكير بضياع هاتفه المحمول أو حتى نسيانه.
«سمير» مصمم غرافيك يستخدم هاتفه إلى درجة جعلته ينشغل عن الاهتمام بحياته الخاصة فهو يلازمه في كل مكان، ما يسبب له مشادات كلامية دائمة مع خطيبته التي باتت تكره هاتفه وخاصة حين يتركها ليرد على اتصال، أو للكتابة على رسالة وصلته، كذلك الأمر مع الطبيبة «رشا» التي ترى أن إدمانها الهاتف النقال له تأثير إيجابي في حياتها وليس العكس، أما «سهير» فقد سبب لها الطلاق لأنها مدمنة لبرنامج «الواتس آب».
لقد حذر الكثير من الاختصاصيين والأطباء، وحتى المعالجون النفسيون من خطورة الإدمان على تطبيقات الأجهزة الذكية رغم أن بعضهم يعتقد أن هذه التطبيقات تنمي التفكير والتركيز، لكن الجلوس لفترات طويلة دون الشعور بحركة الآخرين حولنا سيسبب المشاكل للأسرة، والزوجين، والأولاد، عدا المشاكل الصحية الكثيرة التي باتت تؤثر في صحة أجسادنا كآلام الرقبة، والنوم المضطرب، وتشنج الأصابع، وآلام الصداع الناتجة من إجهاد العيون، لذلك وكي لا تشكل هذه التطبيقات تهديدا لعلاقاتنا، وصحتنا، لابد من التفكير في قضاء وقت للاسترخاء، أو قراءة كتاب، أو القيام بأي نشاط يخفف من إدمانها، وإلا فإنها ستكون سببا في تعرضنا لمشاكل نفسية لا يمكن التعافي منها.
عالم افتراضي .. ولكن؟!
يمكننا تعريف الواقع الافتراضي Virtual Reality بأنه محاكاة للواقع الحقيقي الذي نعيشه لكن ضمن بيئة تخيلية تفاعلية ثلاثية الأبعاد مصممة بواسطة برامج الكومبيوتر، وقد حدا بالبعض العيش ضمن هذا العالم إلى درجة الغرابة، حتى أصبحت واقعاً حياً كما في التعليم والتدريب والهندسة والعمارة وغير ذلك من العلوم، لكن أن تصل إلى طموح الإنسان في تحقيق أهداف يتمنى الوصول إليها في حياته اليومية فهذا هو الغريب!!
«لينا» فتاة جامعية تدرس بكلية الإعلام، وتقول إن لها صداقات كثيرة أنشأتها من خلال الاتصال الافتراضي عبر هاتفها، لكنها تعيش حالة صراع بين الواقعي والافتراضي لأن علاقاتها موجودة بهاتفها حسب قولها، وقد أصبح الأمر يزعجها وخاصة حين تضطر لإنهاء صداقة استمرت أكثر من عام بسبب خلاف فكري، أو مادي ما يجعلها تحظر تواصلها مع تلك الصداقة من دون ندم.
وحين سألتها كيف يمكن لها أن تتصرف لو كانت هذه الصداقة حقيقية وفي عالمها الواقعي، أجابت: كنت سأضطر للمواجهة، وأنا أخاف من ذلك.
«هادية» تعيش علاقة حب افتراضية مع شاب يعيش في بلد عربي قريب، وقد تعرفت عليه عبر الفيسبوك، وتوافقا في أفكارهما وقناعاتهما ضمن علاقة افتراضية استمرت لثلاث سنوات، لكنهما حين تأكدا أن حبهما ازداد رغم عدم معرفتهما الواحد بالآخر إلا من خلال الصور والمحادثات المرئية قرر القدوم لطلب يدها، وها هي الآن معه بعد أن عقدا قرانهما منذ أسبوعين.
قد تكون هذه الروايات مشجعة للبعض، لكنها حتما تحمل الكثير من المخاطر بالتعامل مع تطبيقات الأجهزة الذكية، حيث قلت عمليات التواصل بين الأهل والأصدقاء، وأصبح أغلب من يتعامل معها ينعزل عن عالمه، ما قد يشكل مؤشراً وانذاراً لمن يفرط في استخدامها بهدر الوقت وجعله مدمنا كمريض حقيقي لانشغاله الدائم بها.