أكدت أن محاربة الإرهاب ليست بطرد داعش وإحلال تنظيمات إرهابية أخرى مكانه … سورية تعتبر التوغل التركي عدواناً وخرقاً سافراً للسيادة.. وروسيا دعت أنقرة إلى التنسيق مع دمشق
| الوطن – وكالات
نددت سورية بعبور دبابات تركية إلى أراضيها تحت غطاء جوي من طيران «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن بعد ساعات على بدء أنقرة والتحالف عملية ضد تنظيم داعش في مدينة جرابلس شمال حلب، معتبرة ذلك «عدوانا» و«خرقا سافرا لسيادتها».
وأكدت سورية أن محاربة الإرهاب ليست في طرد داعش وإحلال تنظيمات إرهابية أخرى مكانه مدعومة مباشرة من تركيا، في إشارة إلى ميليشيات مسلحة سورية تشارك في العملية، في وقت، دعت روسيا تركيا إلى تنسيق جهود محاربة الإرهاب على الحدود السورية مع الحكومة السورية.
وباشر الجيش التركي وقوات «التحالف الدولي» ضد تنظيم داعش عملية عسكرية فجر أمس أطلقت عليها تسمية «درع الفرات» بهدف طرد داعش من مدينة جرابلس المحاذية لتركيا، وذلك وفق ما أعلن مكتب رئيس الوزراء التركي في بيان، بحسب وكالة «الأناضول» التركية للأنباء.
وقالت الوكالة: إن الجيش التركي بدأ بإطلاق نيران المدفعية على جرابلس عند نحو الساعة 01.00 بتوقيت غرينيتش. وذكرت أن طائرات حربية تركية ضربت أهدافاً للتنظيم في جرابلس، وأظهرت لقطات تلفزيونية بثتها محطة «سي إن إن ترك» من بلدة كركميش التركية الحدودية أعمدة دخان أبيض تتصاعد من أعلى التلال في جرابلس عبر الحدود. وقال مسؤول تركي كبير ومصادر عسكرية تركية إن مجموعة من القوات الخاصة التركية دخلت إلى شمال سورية لكن التوغل البري لم يبدأ بعد ويجري العمل على فتح ممر للعبور. وأوضحت المصادر العسكرية أن الطائرات الحربية التركية وطائرات التحالف نفذت أربع ضربات جوية على أهداف لتنظيم «الدولة الإسلامية».
وأفادت شبكة «إن تي في» التلفزيونية الخاصة نقلاً عن مصادر أمنية أن مجموعة صغيرة من القوات الخاصة توغلت بضعة كيلومترات داخل سورية لتأمين المنطقة قبل تنفيذ عملية برية محتملة يعتقد أنها وشيكة.
وأضاف التلفزيون أن طائرات إف 16 تركية وطائرات تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ألقت قنابل على أهداف لتنظيم داعش في جرابلس.
وأشارت «الأناضول» أنه من أصل 12 هدفاً قصفتها الطائرات تم تدمير 11 هدفاً فيما ذكرت مصادر عسكرية للتلفزيون أن المدفعية دمرت سبعين هدفاً.
من جهتها قالت مصادر عسكرية تركية: إن وحدات من الدبابات التركية عبرت الحدود ودخلت سورية، وفق وكالة «رويترز» للأنباء التي تحدثت عن مشاهدة ست دبابات داخل سورية وعن قصف عنيف، في حين تحدث قيادي في ميليشيات سورية مسلحة تدعمها أنقرة عن أن قوات من تلك المليشيات الموجودة على الأراضي التركية دخلت أيضاً الأراضي السورية من تركيا في إطار العملية لاستعادة جرابلس من داعش.
وفي دمشق، صرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين في بيان بثته وكالة «سانا» للانباء بأن «دبابات ومدرعات تركية عبرت عند الحدود السورية التركية صباح اليوم إلى مدينة جرابلس تحت غطاء جوي من طيران التحالف الأميركي الذي تقوده واشنطن».
وقال المصدر: إن الجمهورية العربية السورية إذ تؤكد أن محاربة الإرهاب على الأراضي السورية من أي طرف كان يجب أن تتم من خلال التنسيق مع الحكومة السورية والجيش العربي السوري الذي يخوض هذه المعارك منذ أكثر من خمس سنوات تدين في الوقت نفسه هذا الخرق السافر لسيادتها. وأكد المصدر، أن «محاربة الإرهاب ليست في طرد داعش وإحلال تنظيمات إرهابية أخرى مكانه مدعومة مباشرة من تركيا». واعتبر، أن ما يجري في جرابلس الآن «ليس محاربة للإرهاب كما تزعم تركيا بل هو إحلال لإرهاب آخر مكانه».
وطالب المصدر بـ«إنهاء هذا العدوان»، ودعا الأمم المتحدة لتنفيذ قراراتها المتعلقة بشكل خاص باحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، وطالب بضرورة احترام الجانب التركي والتحالف الأميركي للقرارات الدولية وخاصة ما يتعلق منها بإغلاق الحدود وتجفيف منابع الإرهاب».
وفي وقت لاحق، ذكرت «الأناضول» أن مقاتلي الميليشيات المدعومة من أنقرة سيطرت على قرية كيكليجا على بعد خمسة كيلو مترات من جرابلس، في حين تحدثت مواقع إلكترونية معارضة عن أن تلك الميليشيات سيطرت أيضاً على تلة وقرية كتلجة.
ومساء، قال قيادي في ميليشيا «فيلق الشام» طلب عدم ذكر اسمه في تصريحات نقلتها «رويترز»: إن قوات مدعومة من تركيا دخلت مدينة جرابلس في عملية مدعومة بدبابات ووحدات من القوات الخاصة التركية وطائرات التحالف الدولي.
وذكر القيادي، أن أغلب مقاتلي تنظيم داعش في جرابلس انسحبوا وسلم بعضهم نفسه، في حين ذكر قائد آخر أن «أكثر من 50 بالمئة من المدينة أصبحت الآن تحت سيطرة قوات المعارضة» المدعومة من تركيا.
وكانت أنقرة أعلنت في نهاية الأسبوع الماضي عزمها على لعب دور أكثر نشاطا في سورية، وهذه العملية هي الأوسع نطاقاً التي تنفذها تركيا منذ اندلاع الأحداث في سورية قبل أكثر خمس سنوات ونصف.
وكانت تركيا أمرت مساء الثلاثاء سكان كركميش (جنوب شرق) بإخلاء المدينة الصغيرة المقابلة لجرابلس «لأسباب أمنية».
وفيما كان مئات من مقاتلي الميليشيات المدعومة من أنقرة يحتشدون من الجانب التركي من الحدود تحضيرا لهجوم من أجل استعادة جرابلس، قال مسؤول تركي الثلاثاء إن هذه العملية ناجمة عن رغبة تركيا في منع القوات الكردية من السيطرة على البلدة «وفتح ممر للمسلحين المعارضين المعتدلين».
وتحرص تركيا على منع تقدم «قوات سورية الديمقراطية» من منبج إلى جرابلس وتسعى لمنع الأكراد من التمركز بشكل أكبر على الحدود. و«قوات سورية الديمقراطية» هي تحالف مليشيات من العرب والأكراد يقاتل تنظيم داعش. وتنظر أنقرة بقلق إلى أي محاولة من أكراد سورية لتشكيل وحدة جغرافية ذات حكم ذاتي على طول حدودها.
وتعتبر تركيا تنظيم داعش والوحدات الكردية منظمتين إرهابيتين وتحاربهما، وهي بذلك على خلاف مع حليفها الأميركي حول الأكراد، حلفاء واشنطن في الحملة ضد داعش في سورية.
وفي موسكو نقلت وكالة «تاس» عن مصدر في وزارة الخارجية الروسية قوله: «تكتسب إجراءات محاربة الإرهاب في سورية أهمية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، ولاسيما في منطقة الحدود السورية التركية. لكن أحد العوامل الرئيسية التي تحدد فعالية هذه الجهود، يتعلق بالتنسيق مع دمشق».
وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم دعا مساء الاثنين الدول المعنية بالازمة السورية مثل روسيا والولايات المتحدة وإيران والسعودية إلى العمل معا من أجل فتح «صفحة جديدة» في سورية، بعد أن صرح نهاية الأسبوع الماضي بأن بلاده ستؤدي دوراً أكثر فاعلية في الأزمة من أجل «وقف اراقة الدماء» في سورية.
وبعدما اتهمت تركيا لفترة طويلة بالتساهل حيال مقاتلي تنظيم داعش، تؤكد الآن بشكل حازم أن هدفها هو القضاء على التنظيم الجهادي.
وأسفر اعتداء وقع السبت في مدينة غازي عنتاب في جنوب شرق تركيا قرب الحدود مع سورية عن 54 قتيلاً بينهم عدد كبير من الأطفال خلال حفل زفاف كردي. وتدل جميع المؤشرات على أن هذا الاعتداء الأكثر دموية في تركيا منذ مطلع العام يحمل بصمات تنظيم داعش.