سورية

موسكو تمد يدها لواشنطن.. واقتراح أميركي بإشراك الدول الداعمة لإنهاء هذه المعضلة … بعد عشر ساعات بين لافروف وكيري.. عقدة فصل «المعتدلين» عن «النصرة» على حالها .. روسيا وأميركا «على بعد خطوة من بلورة نص اتفاق بشأن سورية»

انتقل التفاؤل إلى الطرف الروسي في إمكانية صياغة اتفاق مع الولايات المتحدة بخصوص إعادة تطبيق اتفاق «وقف العمليات القتالية»، واستئناف المحادثات السورية السورية في جنيف. وفي المقابل، بدا الجانب الأميركي أكثر حذراً، وأعلن لأول مرة أن «التحالف الدولي»، الذي تقوده واشنطن، يملك القدرات اللازمة لإنهاء جبهة النصرة (جبهة فتح الشام حالياً).
وأوضح رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف، أن الاتفاق الجاري بلورته، الذي حالت قضايا قليلة «محدودة» أمام الإعلان عن التوصل إليه، لا يشمل تقييد حركة الطيران السوري بل توحيد جهود مختلف اللاعبين لضرب تنظيم داعش وجبهة النصرة. وتفاهم لافروف مع نظيره الأميركي جون كيري على عقد لقاءات بين خبراء الدولتين في جنيف من أجل تذليل «العقبات الفنية» أمام الاتفاق، ولعل أبرزها فصل المعتدلين عن «النصرة». وبينما اقترحت الدبلوماسية الأميركية إشراك الدول الداعمة للميليشيات المسلحة في التوصل إلى الفصل، جددت نظيرتها الروسية عرضها مساعدة واشنطن في تحقيق تعهدها القديم بهذا الخصوص. وعلى ما يبدو أن ما أحبط الاجتماع السويسري ومنع تحقيق اختراق شامل كما كان يشتهي الأميركيون الذين دفعوا وراء مقترح لتنسيق الجهود العسكرية والأمنية مع روسيا لضرب «النصرة» وداعش، هو ما جرى في حلب مؤخراً من توحد «جيش الفتح» (تقوده النصرة) وغرفة عملية فتح حلب (معتدلة)، ضمن أركان مشتركة وشنهما عملية منسقة أضعفت الحصار الذي أحكمه الجيش العربي السوري وحلفاؤه بمساعدة الطيران الروسي على المسلحين في الأحياء الواقعة شرق مدنية حلب.
وبعد اجتماع استمر لأكثر من عشر ساعات في جنيف حضر جزأين منه المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، ذكر لافروف ليل الجمعة أن روسيا وأميركا أصبحتا على بعد خطوة من بلورة نص اتفاق بشأن سورية. وأضاف: «يجب وضع اللمسات الأخيرة على بعض العناصر». وسيتم ترجمة الاتفاق الروسي الأميركي الجاري بلورته إلى مجموعة من القرارات التي يتابع تفاصيلها الخبراء، حسب لافروف الذي تابع: «إذا كنا قادرين على إبرام اتفاق طويل الأجل بشأن وقف إطلاق النار فسنكون قادرين على إحداث تغيير جذري حيال مسار النزاع»، مؤكداً أن الاتصالات مع واشنطن بشأن الملف السوري ستتكثف.
وبيّن أن وثيقة الاتفاق سيتم عرضها على الرأي العام العالمي في وقت قريب. وشدد على أن الاجتماع شهد تقدماً حول الأزمة السورية «نحو الأمام (بعدد من الخطوات)»، مبيناً أنه وكيري توصلا لاتفاق حول العمل في اتجاهات محددة وتكثيف الاتصالات بهذا الهدف بما في ذلك في جنيف وبين الخبراء الروس في حميميم والأميركيين بمركز عمان. وبيّن أن الاتفاق شمل تحديد «آلية محاسبة الأطراف التي تنتهك نظام وقف الأعمال القتالية في سورية».
وأكد لافروف أن موسكو تسعى إلى تعزيز الثقة المتبادلة مع واشنطن. وحذر من أن ضمان الحفاظ على الهدنة (وقف العمليات القتالية) في سورية غير ممكن من دون الفصل بين المعارضة والإرهابيين، كاشفاً أن بلاده تسعى إلى مساعدة الولايات المتحدة في فصل المعارضين عن عناصر «النصرة». ولفت إلى أن المشكلة تكمن في بعض الميليشيات السورية التي تتعامل مع التحالف الدولي وهي في مناطق «النصرة». وفي مؤشر على المرونة الأميركية، سلم الجانب الأميركي نظيره الروسي و «لأول مرة قائمة بالمجموعات التي انضمت إلى نظام الهدنة» عبر مركز التنسيق الأميركي في العاصمة الأردنية عمان، بحسب ما كشف لافروف.
ولفت إلى أن الاتفاق لا يقتضي حظراً على طلعات الطيران الحربي السوري. وقال: «لا نتحدث عن أن على أحد وقف تحليقاته، إنما الحديث يدور عن ضرورة أن يقوم الطيران الذي يعمل في أجواء سورية بمحاربة كل من داعش وجبهة النصرة بصورة فعالة». واستطرد مبيناً أنه توصل إلى «تفاهمات محددة» حول هذه المسألة وأن تطبيقها سيدخل حيز النفاذ بعد «أن يتم التنسيق حول التفاصيل الفنية، وأن تبدأ الآلية التي لا يمكننا البوح بها الآن أن تعمل». وأضاف شارحاً: «لطالما انعدم التنسيق في هذا المجال مع الشركاء الأميركيين، ومع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، لكنه مهمة نعمل على تحقيقها بدءاً من لقاء موسكو».
من جهة أخرى، لفت لافروف إلى ضرورة إيصال المساعدات من دون انتظار وقف إطلاق النار، لكنه ربط إيصال المساعدات بفك الارتباط بين الميليشيات والإرهابيين. وشدد على ضرورة إطلاق جولة جديدة من مفاوضات جنيف، مشيراً إلى أنه اتفق مع كيري على ضرورة استئناف العملية السياسية بمشاركة «جميع الأطراف السورية»، بما في ذلك الأكراد. وشدد على ضرورة عدم إضعاف النظام في سورية كما حصل في ليبيا والعراق. ودافع لافروف عن اتفاق داريا متوقعاً أن يحصل اتفاق مشابه قريباً.
من جانبه، أكد كيري، أن المباحثات كانت بناءة. وأشار إلى أهمية العودة إلى مفاوضات حقيقية في جنيف، على أساس انطلاق كل من واشنطن وموسكو من استحالة حل الأزمة السورية حلاً عسكرياً.
وأوضح، أن المحادثات تمكنت من توضيح «نهج الطريق الذي سنتخذه للمضي قدماً بهدف تحقيق وقف إطلاق النار فعال ومستدام، «مشيراً إلى إكمال» الأغلبية العظمى من المناقشات التقنية (مع روسيا)، التي كانت تركز في المقام الأول على جعل هذا الوقف حقيقياً وتحسين مستوى المساعدات الإنسانية، ثم جمع أطراف النزاع حول طاولة النقاش للتفاوض جدياً حول كيفية إنهاء هذه الحرب». وأضاف: «نحن قريبون، لكننا لن نهرع إلى اتفاق مع روسيا بشأن التعاون في سورية»، مشيراً إلى أنه «لا يزال يتعين حل التفاصيل التقنية». وقال: إن المبعوث الأممي إلى سورية سيجلب الأطراف السورية بعد وقف القتال إلى طاولة المفاوضات للبحث في الانتقال السياسي.
وتحدث كيري عن وجود إمكانية فصل «المعارضة السورية» عن الإرهابيين، لكنه أقر بأن المسألة لا تخلو من صعوبة فيما يتعلق بـ «النصرة»، وخصوصاً أن الميليشيات المسلحة و «النصرة» تتمركز في الأراضي نفسها في أغلب الأحيان. وتحدث عن «خطوات يمكن اتخاذها لحل هذه المسألة» مثل «إشراك دول أخرى تدعم هذه المجموعة أو تلك وتمارس نفوذها على هذه المجموعات ولديها إمكانية المساعدة في عملية الفصل»، في إشارة على ما يبدو إلى السعودية وتركيا وقطر. وشدد على أن التحالف الدولي لديه القوة لمواجهة «النصرة» وأي تهديدات إرهابية. ولفت إلى أن مدينة حلب لا تزال تحت الهجوم من «النظام وحلفائه». وقال: «نحتاج إلى رؤية وقف حقيقي للنار في سورية وإدخال للمساعدات الإنسانية».
وشدد على أن السبب وراء اجتماعه مع لافروف هو «استمرار حصار حلب وقصفها من النظام وحلفائه، بما في ذلك إيران وروسيا وحزب اللـه»، وانتقد اتفاق داريا بوصفه انتهاكاً لـ «وقف العمليات القتالية». وطمأن إلى أن بلاده تريد الوصول إلى «سورية موحدة»، وأنها لا تدعم «مبادرة كردية مستقلة».
(رويترز – روسيا اليوم – العربية نت – سبوتنيك – أ ف ب)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن