اقتصاد

دراسة لحل المشكلات التي تواجه المشاريع السياحية المتعثرة … انخفاض قيمة القروض الممولة بالليرات السورية إلى ما دون 10 مرات

| محمد راكان مصطفى

تقدم الخبير القانوني أنس الفيومي بدراسة إلى وزير السياحة حصلت «الوطن» على نسخة منها حول وضع المشاريع السياحية ومقترحات حلول لمشكلات حول العقبات التي تواجه المشاريع في تسديد القروض المترتبة عليها، وفي ظل عدم وجود تعريف محدد للتعثر، والتعامل مع هذا المفهوم بدقة، فالتعثر بالمفهوم العلمي المختصر هو عدم قدرة إيرادات مشروع ما، على تغطية النفقات وسداد الالتزامات, ووجد الفيومي أن المشكلة أن جميع المشاريع تقاس بمنظور واحد، فلا تتم معالجة كل حالة على حدة وفق خصوصية ومشكلات كل مشروع فجميعها يعتبر مشاريع متعثرة, وعرض الفيومي أهم العقبات التي عرضها أصحاب المشاريع على إدارة المصارف حول عدم قدرتهم على الالتزام بقوانين ومراسيم التسوية، مع الأخذ بعين الاعتبار ما يتم شرحه عن وضع هذه المشاريع في الواقع الحالي، وأماكن وجودها بمناطق آمنة أو ساخنة.
إضافة إلى أنه لا يمكن منح تمويل إضافي إلا بعد سداد 50% من المديونية، رغم حاجة قسم من هذه المشاريع للتمويل من أجل البدء بالاستثمار، وفق ما نص عليه القانون /26/ لعام 2015، كما أنه تم سابقاً اعتماد الجدوى الاقتصادية للمشاريع والدخل المتوقع منها، في كل القروض الممنوحة بالطريقة الاستثمارية، وبالتالي لا يوجد مصادر أخرى للمقترض للإيفاء بالتزاماته.
وأهم المشكلات جميعها، التي تعترض أصحاب المشاريع الذين حصلوا على قروضهم من وحدة تمويل المشاريع العائدة لبنك الاستثمار الأوروبي بالقطع الأجنبي، أنهم مطالبون بالسداد بنفس نوع النقد الممنوح الذي تضاعف أكثر من 10 مرات عن فترة المنح، بالمقابل تجدر الإشارة إلى انخفاض قيمة القروض التي تم تمويلها بالليرة السورية إلى ما دون 10 مرات عن فترة المنح.
إضافة إلى الحرب التي يمر بها القطر والتي وصلت لمرحلة الكارثة لبعض المشاريع، من دمار جزئي أو كلي وسرقة، جميعها ارتبط بظروف مفاجئة وغير متوقعة، ما يجعل هذه المشاريع تخضع تحت ظرف القوة القاهرة المنصوص عنها في المادة /148/ قانون مدني، حول إعادة الالتزام للحد المعقول، والمادة /371/ قانون مدني حول جواز الإعفاء من بعض الالتزامات العقدية عند استحالة التنفيذ لسبب لا يد للمدين فيه, ومن ناحية أخرى تجدر الإشارة إلى نقطة مهمة وجوهرية، هي أن أموال المصرف هي أموال عامة وأموال مودعين, وبين الفيومي أن المعطيات الآنفة الذكر تؤدي معادلة صعبة تتلخص بقوة قاهرة، ومصرف من واجبه ومطالب باسترداد أمواله المقرضة، ومستثمرين غير قادرين على الوفاء بالالتزامات أو تسديد دفعات، ووجود أهداف ضرورية ومهمة لتشغيل هذه المنشآت وتنشيط السياحة.. فهناك مشاريع تناسبها قوانين ومراسيم الجدولة لإعادة هيكلة الديون ولكن على غرار القانون 29 الذي صدر بعام 2003 حيث تم فيه الإعفاء من كامل الفوائد العقدية والتأخيرية، وكان صدوره بظروف أفضل من الوضع الحالي بكل المقاييس، على أن يؤخذ بعين الاعتبار منح فترة سماح مناسبة لإمكانية بدء استثمار المشروع وتشغيله (كما ورد سابقاً عبر توصية اجتماع مجلس السياحة بتاريخ 20/5/2003 المتضمنة بدء استحقاق الأقساط عند استثمار المشروع)، مع دراسة واقعية لموضوع دفعات حسن النية وفق وضع كل مشروع ونسب الإنجاز فيه وما يحقق ضمانة للمصرف في حال عودة المشروع للتأخر في تسديد الالتزامات.
مع ضرورة إعادة تقييم الأصول لإمكانية وقف سداد الأقساط ومنح فترة سماح للتسديد ريثما تتم معالجة مراحل التشغيل ودوران رأس مال المشروع (تدوير المال)، مع إيجاد مصادر تمويل تناسب الأسس المساعدة للتشغيل لكي تصبح المشاريع جاهزة للاستثمار مثل التمويل المتدرج للاستكمال، كما يمكن مشاركة المصارف الخاصة أو جهات تمويل أخرى في رفد هذه المشاريع.
وأكد الفيومي على إيجاد معالجة خاصة لقروض بنك الاستثمار الأوروبي، وتكليف وحدة التمويل دراسة وضع كل منشأة على حدة، بالتنسيق مع بنك الاستثمار الأوروبي لتوقيف المطالبة من أجل معالجة هذه القروض، ولاسيما أن جميعهم ملاحقون قضائياً، وعاجزون عن التسديد أو الاستفادة من قوانين التسوية والجدولة لعدد من الأسباب أهمها فارق سعر الصرف.
ومن الحلول المقترحة موضوع التنازل عن القرض الممنوح للمنشأة السياحية والضمانة العقارية العائدة لها لمستثمر آخر راغب بشراء المشروع، وهذا أيضاً متاح وفق أنظمة المصرف المعمول بها حالياً ضمن شروط محددة أهمها تسوية وضع المديونية قبل إجراء التنازل، مشيراً إلى أن تعبير التشاركية الذي يتم استخدامه هو غير المنصوص عليه في القانون رقم 5 لعام 2016 الذي لم تصدر إلى الآن تعليماته التنفيذية، ويتضح من نص القانون الذي بين حالات مشاركة القطاع العام للخاص بما يعبر عنه بالخصخصة، وليس مشاركة الخاص للعام بما يعبر عنه اصطلاحاً بالعمعمة، على حين أن الاقتراح ووفقاً لما هو متوفر لدينا من تشريعات تتيح مبادلة المديونية بالملكية، فقد نصت الفقرة /2/ من المادة /100/ من القانون 23/ لعام 2002 أنه لا يجوز للمصارف شراء العقارات لحسابها الخاص أو الاحتفاظ بها ما عدا العقارات اللازمة لممارسة أعمالها، والعقارات التي يحرزها المصرف استيفاء لديونه أو ضماناً للمطاليب المشكوك بها ويجب على المصرف في هذه الأحوال أن يبيع هذه العقارات في غضون سنتين.
وأوضح أن هذا النص مؤيد بنظام عمليات المصرف الصادر بقرار وزير المالية رقم/318/ تاريخ 21/8/2006 المادة /10/ الفقرة (ب) المتضمنة، يجوز للمصرف امتلاك العقارات التي آلت إليه وفاء لديونه قبل الغير على أن يقوم ببيعها خلال سنتين من تاريخ امتلاكها، كما يحق له تأجير هذه العقارات واستثمارها خلال هذه المدة، كما تضمنت الفقرة /8/ من المادة الرابعة من النظام المذكور أن للمصرف الحق في أن يبتاع ويشتري ويستأجر ويؤجر ويعتني ويدير ويحسّن ويسجل باسمه بأي صورة كانت أي أموال منقولة وغير منقولة ملائمة لغايات المصرف وفق القوانين والأنظمة النافذة.. واقترح الفيومي اللجوء إلى الطريق الإتفاقي بما يضمن حق المصرف في المشروع وحقوق المالكين، بموجب عقد رضائي يتم فيه بيع حصة بما يتناسب مع قيمة المديوينة كاملة بموافقة الطرفين على اعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين، يؤيد ما سبق نص المادة /349/ من القانون المدني المتضمنة (يسري على الوفاء بمقابل فيما إذا كان ينقل ملكية شيء أعطي في مقابلة الدين، أحكام البيع), موضحاً أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار إمكانية تمديد مدة السنتين وفق الصلاحيات المتاحة لمجلس النقد والتسليف لمدة إضافية، وذلك في حال تقدم عمل المشروع السياحي من دون أي معوقات، وتحديد طريقة استثمار الحصة المصرفية عند وجود الاتفاق، وذلك بإحدى طريقتين إما الإيجار لقاء بدل يتم الاتفاق عليه وفق تقرير خبرة وتخمين من لجنة تشكل لهذه الغاية، ويحقق ريعية لمصلحة المصرف، وهذا مؤيد بنص المادة /33/ من القانون رقم/2/ لعام 2005 المتعلق بالمؤسسات والشركات والمنشآت العامة من ناحية إتاحة المشرع للمؤسسة العامة استثمار الأملاك الجارية بملكيتها بما يحقق الريعية الاقتصادية لها وبما يتفق وأهدافها، بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء, والطريقة الثانية عن طريق الدخول بالحصة السهمية للملكية العقارية بشركة محدودة المسؤولية وهذه الحالة لا تحتاج إلى موافقات من مجلس النقد والتسليف خاصة من جانب تمديد مدة التملك لأن هذه الشركة تعتبر خلفاً خاصاً للمشروع المتوقف، وفق مضمون مادة/147/ القانون المدني التي تضمنت انتقال الالتزام والعلم به، وفي هذه الحالة مع تشكيل شركة جديدة يصبح متاحاً لشركاء جدد الدخول في عقد الشركة المقترح لتقديم التمويل الإضافي أو الإدارة الاحترافية أو تقديم دعم للرأس المال العامل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن