من دفتر الوطن

الإرهاب الناعم!!

| عصام داري 

ليست الكتابة فانتازيا وحكايات حب وغرام ورومانسية وحسب، إنها تفاعل الإنسان، والكاتب على وجه الخصوص، مع المحيط الذي يعيش فيه، بدءاً من الأسرة والحارة والوطن، وصولاً إلى الكون الفسيح المترامي الأطراف.
أرغب أحياناً في الكتابة عن الحب والعشق والغرام، ولا يعني هذا أنني مغرم وغارق في بحار الحب والهوى، لكنني أتوق إلى الخروج من حالة اللامبالاة والفوضى والتوحش والموت الذي يضرب خبط عشواء.
لكنني أصطدم في الوقت نفسه بجدران صلبة تحد من هذه الرغبة، منها لوم بعض الأصدقاء والمعارف الذين يرون أنني أصبحت (كبيراً على الحب)! وأن الأوضاع في بلدي تحتم علي معالجة القضايا والموضوعات التي تهم الشريحة الأوسع من شركائي في الوطن الجريح.
هل أصبحت كبيراً على الحب؟ وفي هذه اللحظة تذكرت فيلم سعاد حسني ورشدي أباظة الذي يحمل عنوان(صغيرة على الحب)، وتذكرت أن إرادة الفنانة سعاد حسني في التمثيل تجعلها تبذل جهوداً جبارة لتبدو طفلة صغيرة تقنع الجميع أنها كذلك مع أنها صبية كبيرة تجاوزت العشرين!.
هل مطلوب مني بذل جهود جبارة كي لا أبدو كبيراً على الحب، وأحصل من جيش المعترضين على كتاباتي الرومانسية على ترخيص بالكتابة في قضايا الحب والعشق والسباحة في نهر الهوى والهيام ما طابت لي السباحة؟!.
أما فيما يخص القضايا التي تهم أبناء بلدي، من الحرب المفروضة علينا إلى الإرهاب الخارجي والداخلي، والإرهاب الموصوف الذي يمارسه بعض تجار الأزمة وكل المحتكرين وسارقي لقمة المواطن، فلم أقصر يوماً في تناول هذه المعاناة الكبرى، ليس لنيل الثناء من هذا أو ذاك، بل لأنني قبل كل شيء أحد المتضررين بشدة من هذا الإرهاب (الناعم!) الذي يأتينا على موجات غلاء مبالغ فيها واحتكار المواد الرئيسية اللازمة لحياة المواطن، وانتظار ارتفاع الأسعار لحصد أرباح خيالية وتحويل دم المواطن وعرقه إلى ذهب وفضة وبنكنوت وتهريبها إلى خارج البلد وإيداعها في مصارف لا تصل إليها يد القضاء!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن