«مكاو» خيار وحيد فهل نستفيد من عوائده المالية؟ … كرة القدم مال واقتصاد وتجارة وسياحة ورقي
| ناصر النجار
عندما عرضت مكاو استضافة مبارياتنا في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم في روسيا 2018 فإنها أصابت أكثر من عصفور بحجر واحد.
وهي بالتالي تستثمر كرة القدم لمصلحتها رياضياً وسياحياً وبكل القطاعات ومكاو دولة سياحية بالدرجة الأولى، أرادت من خلال هذه الاستضافة فتح الآفاق ولفت الأنظار إليها عبر الرياضة، فاستضافة منتخبات كوريا الجنوبية وأوزبكستان والصين وقطر وإيران ونقل مبارياتها التي تجمعها مع سورية لهو فكر محترف على كل الصعد.
مكاو دولة ضعيفة رياضياً لذلك لم تستطع الترويج لبلدها عبر الرياضة لكن استغلت مثل هذه الفرصة لتدعم الحركة السياحية النشطة في بلادها وخصوصاً أنها بلد سياحي بالدرجة الأولى.
كرة القدم في مكاو ضعيفة وهي ما زالت في المهد وتحبو خطواتها الأولى نحو الإقلاع إلى الأمام، وإحدى خططها في ذلك الترويج لكرة القدم عبر مباريات دولية تجري على أرضها كما يفعل العديد من دول شرق آسيا عندما تستضيف الفرق الكبرى في مراحل تحضيرها وهي بذلك تحصل على ترويج سياحي وعلى جذب جماهيري لكرة القدم ومن هنا البداية، وهذا برأيي هو المفهوم الحقيقي للاحتراف الرياضي الذي آمن بالرياضة محركاً لكل مفاصل الحياة الاجتماعية والثقافية والسياحية والاقتصادية والتجارية والسياسية أيضاً.
وفوائد الرياضة تنصب في كل هذه المحاور وتدعمها دعماً كاملاً، فالرياضة (على سبيل المثال) أحد أهم مشغلي العمالة، لذلك تساهم بنسبة كبيرة في القضاء على البطالة، وهذا أولاً، كما تساهم في بناء الجيل الشاب بناء رياضياً صحياً بفكر حضاري منير بعيد عن الفساد وما حوله.
وعجلة الاقتصاد والتجارة تتحرك قدماً بنشاط الرياضة، ومحلياً نرى المستثمرين يملؤون صالاتنا وملاعبنا ومنشآتنا الرياضية، لكن هذا لا يكفي، المهم هنا الحركة التجارية التي يمكن أن تزدهر رياضياً وأن تكون موضع أهمية ومعالجة عالية المستوى، فضلاً عن التسويق والإعلان الذي يدعم الحركة الرياضية ويدعم الاقتصاد والتجارة بآن واحد.
والأهم بنظر الجميع الحركة السياحية، والرياضة أهم مروّج فيها، وفوائد الرياضة على السياحة كبيرة وهي لا تعد ولا تحصى، لذلك نرى تسابق الدول على استضافة البطولات الكبرى لفوائدها السياحية الكبيرة، من هذا المنطلق هرولت مكاو لاستضافة مباريات منتخبنا لتحقق هذه الفوائد مجتمعة.
وعندما نرى كيف يتعامل الآخرون مع الرياضة، ننظر بأسف كيف نتعامل معها نحن، والقضية ليست رهينة المواسم الحالية، إنما هي قضية قديمة، فقبل الأزمة كان تعاملنا مع الرياضة عموماً ومع كرة القدم خصوصاً تعاملاً هامشياً، وكأننا نجهل أو نتجاهل مجمل هذه الفوائد وأهميتها على كل المفاصل والقطاعات.
لمحة عامة
مكاو تقع جنوب غرب الصين، وكانت مستعمرة برتغالية استقلت عام 1999 وهي تتبع إدارياً إلى الصين، وتتكون من عدة جزر مساحتها 29.200 ألف كيلومتر مربع وعدد سكانها 550 ألف نسمة، متوسط الحرارة فيها في هذه الأيام 29 درجة مئوية ومناخها مداري يشتهر بالهطلات المطرية.
الملعب الرئيسي هو ملعب كامبو الرياضي ويقع في جزيرة تايبا ويتسع جلوساً لـ26 ألف متفرج، وهو الملعب الرئيسي لمنتخب مكاو، تم بناؤه عام 1995 وتم تجديده عام 2005.
كروياً تحتل مكاو المركز 195 عالمياً وأفضل تصنيف وصلت إليه 176 شاركت في التصفيات التمهيدية المؤهلة للتصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم وكأس آسيا، لكنها خرجت بخسارتها أمام كمبوديا صفر/3 وتعادلت في المباراة الثانية 1/1.
شاركت بالعديد من التصفيات على مدى العقود الثلاثة الماضية وكذلك البطولات الإقليمية، لكنها كانت تخرج منها بخسارات كبيرة، ومن مجموع مبارياتها لم تحقق الفوز إلا مرات قليلة وكانت على منتخبات غوام وبروناي ومنغوليا وقد تبادلت معها الفوز.
من هذا المبدأ ستكون مباريات منتخبنا في مكاو قبلة لجمهورها كي يشاهد مباريات على مستوى عال وخصوصاً بحضور منتخبات الصف الأول الآسيوي التي تمتع الحاضرين بعروضها.
المال فقط
اتحاد كرة القدم يعتبر أن اختيار مكاو كأرض لمباريات منتخبنا الوطني جاء على مبدأ لا جود إلا بالموجود بعد أن تم رفض اللعب ببيروت من دون جمهور، وجاء الخيار الآسيوي على ماليزيا، قبل أن تقدم مكاو عرضها ويتضمن دفع 150 ألف دولار عن كل مباراة وتتحمل مكاو نفقات الاستضافة كاملة على أن يتحمل اتحادنا الكروي ثمن تذاكر الطيران، وبكل الأحوال فإن الخيار هذا لا يصب في مصلحة منتخبنا بكل الاتجاهات لكون مكاو قريبة من منتخبات كوريا الجنوبية والصين وأوزبكستان وستخدمهم الأرض والمناخ والجمهور أكثر من أن يخدمنا، على حين ستكون هذه الأرض غريبة على قطر وإيران كما هي غريبة علينا.
لذلك فإن المكسب الحقيقي لكرتنا سيكون مادياً فقط، وخصوصاً أن المسؤولين الكرويين صرحوا علانية أنهم فشلوا في تحديد مكان أنسب لمباريات منتخبنا بعد أن أوصدت العديد من الدول أبوابها بوجه منتخبنا معتذرة بطريقة أو بأخرى.. والقضية هذه لم تقف عند تحديد مكان الملعب، بل تعدت لمرحلة التحضير والاستعداد حيث فشلت في إدارة المنتخب بتأمين مباريات ومعسكرات استعدادية مهمة مع منتخبات مرموقة، فاعتذر العديد من الدول عن استقبال منتخبنا، كما تعثر معسكر روسيا لأسباب الفيزا، وتأخرت فيزا أرمينيا عن الموعد المحدد، ولم يبق أمامنا إلا مباراة طاجكستان التي لعبها منتخبنا يوم السبت الماضي وتعادل فيها سلباً وكانت المباراة التحضيرية الوحيدة لمنتخبنا مع العلم أن طاجكستان تحتل المركز 144 على حين فإن أوزبكستان التي سنواجهها في الجولة الافتتاحية تحتل المركز 55 عالمياً.
مكاو يعتبر الخيار الأفضل بنظرنا وخصوصاً أنه سيمدنا بالمال والمفترض أن ينعكس هذا الدعم المالي على كرتنا بشكل عام، ونجده دعماً للدوري والأندية والمنتخبات الوطنية.