قضايا وآراء

طحين بلا طحن في القاهرة2

باسمة حامد : 

 

رغم الزخم الذي أضافه حضور وزير الخارجية المصري وأمين عام الجامعة العربية ورئيس البرلمان العربي لمؤتمر القاهرة2، إلا أن المعارضات السورية لم تقدم رؤية واقعية وشاملة للحل السياسي!!
فمؤتمر القاهرة2 الذي عُقد تحت شعار: «من أجل الحل السياسي في سورية» في ظل وجود خلاف سعودي مصري بشأن سورية (الخلاف أكده مستشار حاكم إمارة أبو ظبي عبد الخالق عبد اللـه مؤخراً) لا يختلف عن غيره من المؤتمرات التي عقدت سابقاً في اسطنبول والدوحة وكازاخستان أو ستعقد لاحقاً في الرياض لجهة كونه «طحناً بلا طحين»!!
ولأن سورية تشهد حرباً عالمية مصغرة وصراع محاور إقليمية ودولية، مؤكد أن الحل السياسي لن تصنعه بيانات سياسية لا تعبر عن المصلحة الوطنية بقدر ما تعكس أجندات خارجية حاقدة، وفي الحقيقة، لم تعد سياسة الانفصال عن الواقع صالحة للاستخدام، «فخريطة طريق التسوية» لن تضع حداً للأزمة التي تشهدها البلاد منذ أربع سنوات كما تروج المعارضات الفندقية لعدة أسباب موضوعية أهمها:
 إن الصيغة التي تم التوافق عليها صدرت دون التشاور مع الحكومة السورية وبمشاركة شخصيات مرفوضة شعبياً لكونها طالبت مراراً بالتدخل الخارجي، وهي تستند إلى تفسير خاص لوثيقة جنيف1.
 كما أن المؤتمر أخفق بتوحيد «جهود» المعارضات لاختلاف توجهاتها، فهي متعددة الولاءات ومنقسمة على ذاتها وتشهد صراعات فيما بينها على النفوذ ولا تملك قاعدة شعبية مؤثرة ولا القرار الوطني المستقل وليس لديها إمكانية التأثير في الميدان، فضلاً عن أن بعضها يعوّل على دور «ملموس» للقاهرة باعتبارها «جهة مقبولة» من كل الأطراف و«لا تتدخل بالشأن الداخلي السوري» ولديها تأثير في بعض الدول العربية، على حين يرفض بعضها الآخر ممن لديه ارتباط بالمشروع الإخواني أي دور لمصر في حل «الأزمة»، وبين هذا وذاك، ثمة من يجاهر بإعجابه بما يسمى «جيش الفتح» ويعتبره منقذ «الثورة» مع أن معظم مقاتليه ينتمون لـ«جبهة النصرة» ذراع تنظيم «القاعدة» الإرهابي في بلاد الشام والمصنفة دولياً كمنظمة إرهابية!!
 أما «المجتمع الدولي» الذي طالبه المشاركون بدعم نقاطهم العشر على قاعدة: «لا دور للأسد في مستقبل سورية» ليس بوارد الضغط حالياً على «النظام السوري» ولا بهيئة «الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية» وسط المخاوف العالمية المتزايدة حيال انتشار الإرهاب والتطرف والهجرة غير الشرعية وبحث الخطوات الواجب اتخاذها لتحييد أنصار «الجهاد العالمي»، بل إن العديد من الدول العربية والغربية بدأت تراجع علاقاتها مع سورية عملاً بالنصيحة الأميركية بخصوص: «التفاوض مع الرئيس الأسد».
لكن النتيجة الأكثر وضوحاً في هذه الصورة والتي لم تقرأها المعارضات الخارجية حتى اليوم أن محاولات إقناع روسيا بالتخلي عن الرئيس الأسد باءت بالفشل، وأن التطورات الميدانية تسير لصالح الدولة السورية وحلفائها، والأهم أن الأنظمة الداعمة للمشروع التكفيري تترنح على خلفية إخفاق العدوان السعودي باليمن والهزيمة الانتخابية المدوية لأردوغان وزمرته، فالغرب باع النظامين الداعمين للجماعات المسلحة في سورية فعلاً وهو ما يُقرأ في تصريحات الرئيس الأميركي الأخيرة بعد الانتخابات التركية: «على تركيا أن تضبط حدودها أكثر مع سورية» والاستياء الأوروبي من أنقرة، ويُقرأ أيضاً في تحول النظام السعودي إلى مجرد مادة ساخرة في العقل الغربي حيث تجري مقارنات بينه وبين تنظيم «داعش» ربطاً بالتشابه بينهما على مستوى الممارسات الوحشية والقوانين الاستبدادية وانتهاك «حقوق الإنسان» وثقافة القرون الوسطى!!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن