علاقة السوري مع الكتاب علاقة وثيقة … اختتام فعاليّات معرض الكتاب الدولي .. نجاح في العودة وفي الإقبال على الكتاب
| عامر فؤاد عامر
يعود ألق المشهد الثقافي إلى سورية بعودة معرض الكتاب، وهذه معادلة واضحة بينتها أيام الدّورة الثامنة والعشرين من معرض الكتاب الدولي الذي احتضنته مكتبة الأسد بفرحٍ في عشرة أيام كانت خلالها زيارة مقتني الكتب ورواد الثقافة لا تنقطع على مدارها. وهذه الدّورة هي لفتة كريمة في عودة المعرض بعد الانقطاع، جاءت برعاية رئيس الجمهورية الدكتور «بشار الأسد»، ومنذ افتتاح نائب رئيس الجمهوريّة د. «نجاح العطار» اليوم الأول وإلى اختتام المهرجان بكلمة وزير الثقافة «محمد الأحمد» في اليوم الأخير، حمل المعرض مشاهد متنوّعة من الثقافة السوريّة بين الكتب المعروضة بجهود اتحاد الكتّاب العرب، ووزارة الثقافة، والهيئة العامة السوريّة للكتاب، واتحاد الناشرين العرب، وصالة سينما المعرض، ومعرضي المخطوطات الأثريّة، والمقتنيات التراثيّة، والكتب التي وقعها مؤلفوها، والمحاضرات التي ألقيت، وأيام الشعر، والقصة السوريين، وغيرها.
العرس الثقافي
ألقى وزير الثقافة «محمد الأحمد» كلمته في ختام الدورة 28 لمعرض الكتاب، ومما جاء فيها: «احتوى المعرض هذا العام على لفتة جديدة من مكتبة الأسد الوطنية تمثلت في جانبين أولهما معرض الكتب النادرة والمخطوطات الأثريّة والتاريخيّة، والمعرض الآخر جاء للمقتنيات التراثيّة، وهذه الخطوة أتت جديدة على أجواء معرض الكتاب في دوراته السابقة، وكان الهدف من ذلك تعريف مرتادي المعرض بأن مكتبة الأسد الوطنيّة ليست فقط للكتب بل فيها جوانب أخرى لها علاقة بالمخطوطات الأثريّة والكتب القديمة والمقتنيات التراثيّة. فهي بذلك أشبه بمتحف فكري فيه الكثير من القيمة والمعرفة ضمن وسائل كثيرة متاحة، إضافة إلى أن هذا المعرض قد حمل في برنامجه نشاطات متعددة بين توقيع كتب جديدة لمؤلفيها وإطلاقها في هذا المعرض وندوات قيمة، إضافة إلى صالة السينما التي حملت مجموعة من العروض السينمائيّة استقطبت الزائر بنجاح كبير نحو هذه السينما السوريّة التي تعد جزءاً من المشهد الثقافي السوري… لقد عشنا في الأيام الفائتة عرساً حقيقياً بامتياز. عرس دأبت على تثميره الثقافة السوريّة على الرغم من هذا الانقطاع الذي استمر نحو خمس سنوات، فأن نعيد الفرح إلى أرواح السوريين وأرواح المعنيين بالمعرفة والثقافة دليل أن نثَّبت إرادة الحياة لديهم».
دعم للجيش العربي السوري
مدير مكتبة الأسد الوطنيّة الأستاذ «صالح صالح» وفي كلمة لـ«الوطن» قال فيها: «حقق المعرض النجاح والرسالة المطلوبة منه، وعندما فكرنا في عودة المعرض وضعنا رسالة مفادها أن سورية لا يمكن حذفها من خريطة العالم، كما أراد لها البعض وسورية كطائر الفينيق تعود للنهوض من جديد بعد ظنهم بتلاشي هذه المقدرة، وهذه الدورة هي مؤازرة لما يقوم به الجيش العربي السوري في استعادة الأراضي السورية كافة وتطهيرها، والمعركة ليست عسكرية بل ثقافية وفكرية وهؤلاء يستهدفون العقول والحالات الفكرية والنفسية نشراً لثقافة سوداء من التدمير والقتل، لذلك كان واجباً علينا إطلاق هذه الدورة، بفكر تنويري وفكر محبة وسلام. لا شكّ أن أصعب شيء كان اتخاذ القرار بعودة معرض الكتاب فما زالت الظروف المحيطة بسورية صعبة ولكننا تجاوزنا ذلك، وبدأنا بمرحلة الإعداد التي كانت صعبة أيضاً من تجهيز وترتيب خلال مدّة قصيرة ومع ذلك تجاوزناها بقوةٍ وأصبحت الأمور جاهزة إلى أن وصلنا إلى يوم الافتتاح مبهراً بحضور الدكتورة «نجاح العطار» وبرعاية كريمة للسيد الرئيس «بشار الأسد» وهذا أيضاً كان دافعاً لنا لنتحدى ذاتنا حتى نخرج هذا المعرض بأبهى صورة لأن اهتمام السيد الرئيس كان كبيراً بهذا المعرض وهذا الفعل، وبالتالي أعطانا ليس فقط الثقة بنفسنا وبعملنا ولكن الدافع للانطلاق في هذا الظرف وهذه المرحلة…».
سورية مفعمة بالحياة
بقيت الحركة الكثيفة لمرتادي المعرض حتى الساعة الأخيرة من إقامة معرض الكتاب، وعلى الرغم من العدد المتواضع لدور النشر المشاركة في المعرض مقارنةً بدوراته السابقة، إلا أن أكثر من سبعين من هذه الدّور قدّمت منشوراتها بكلّ ثقة ليكون هناك إقبال كبير من القراء ومقتني الكتاب بصورةٍ لافتةٍ للانتباه، وقد التقينا بعض الشخصيّات التي زارت المعرض لتدلي برأيها ومشاعرها إلينا:
شارك الشاعر العراقي «طلال الغوّار» في فعاليّة أيام الشعر السوري، فقد شعره محبّةً وتقديراً لسوريّة ولهذه العودة المهمّة لمعرض الكتاب: «هذا المهرجان الشعري المتزامن مع معرض الكتاب، وفي مكتبة الأسد الوطنيّة، يعطي شكلاً من أشكال التحدّي، التحدي الذي تواجهه سورية، فالثقافة هي التي ترسم معالم الحياة، وما هذا المهرجان، وهذه النشاطات الثقافيّة إلا لها دلالاتٌ كثيرةٌ، فأولاً: إن سورية ما زالت مفعمةً بالحياة، وكذلك شعبها، والدلالة الأخرى أنها حالة تحدّ متعددة الأشكال، والثقافة هي الخندق الرئيس لمواجهة الفكر الظلامي، المستثمر من أعداء سورية، واليوم يغزوننا فكريّاً، وليس فقط بالسلاح يخربون الآثار والبيوت والبشر، بل يخربون القيم والتاريخ، ولهذا لا بدّ من وقفةٍ من كلّ المثقفين، وبكلّ الأساليب لمواجهة هذا الغزو».
المعرض من الثوابت
تقول الأديبة «مناة الخيّر»: «حاولت الحرب الظالمة أن تهزّ ثوابتنا، وحاولت أن تهزمها، وكان معرض الكتاب أحد هذه الثوابت، وبعودته هذه معنى كبير فيه تباشير لعودة الوطن معافى، وإن كانت جراحه كثيرة ومؤلمة».
أيام مضيئة
التقينا د. «ثائر زين الدين» الذي قال لنا: «أشكر وزارة الثقافة، واتحاد الكتاب العرب، واتحاد الناشرين على هذا المهرجان المرافق لمعرض الكتاب، وهو يوم سعيد شاهدت ما تعرضه دور النشر وشاركت وتابعت فاعليّة أيام الشعر، وهي تبشّر بأيام قادمة مضيئة بهيّة في الأفق السوري قريباً».
الحياة أقوى لدينا
التقينا أيضاً الشاعر «إبراهيم عبّاس ياسين» الذي أضاف لنا في كلمته: «هي عودة للحياة حقيقةً، وهذا المشهد الذي غُيّب قسراً يمنحنا اليوم دلالة وثقة أكيدة بأن الحياة ما زالت أقوى وبأننا شعب حقيقي يحب الحياة ويتمسك بالحياة والأمل، فالكتاب الذي كان حاضراً في المعرض دليل على أن الحياة هي الأقوى لدينا وأن ما دار وما يدور لا بد أن ينتهي».
حيويّة الثقافة
يقول د. «نزار بريك هنيدي» في المعرض وما يعنيه في هذه المرحلة الزمنيّة: «إقامة المعرض هذا العام تأكيد فعل ثقافي حضاري وفي هذا العام استطاع أن يحقق حضوراً واضحاً من خلال الدورات السابقة وأصبح واحداً من أهم المعارض العربية للكتاب وقد توقف قسراً في السنوات الماضية وهو يعيد الآن نشاطه ليؤكد استمراريّة وحيويّة الحياة الثقافية في دمشق».
حدث يليق بدمشق
تقول الشاعرة «ليندا إبراهيم» عن عودة المعرض بعد غيابه عدّة سنوات: «لأنني أقدّس الكتاب والعلم وحبّ التعلم والمطالعة والاطلاع على معارف الآخرين ولأنني من بيئة تحبّ الكتاب، فأيّ شيء لا يعوضني عن الكتاب وتحديداً الكتاب الورقي وعن اقتنائه في مكتبة منزلي، فقد سعدت كثيراً بإقامة المعرض، وأعتبره حدثاً ثقافيّاً جميلاً جداً ورائعاً يليق بدمشق ويليق بسورية وحضارتها ومثقفيها».