لماذا تم التغاضي عن مخالفات شركات التأمين الخاصة؟ .. هيئة الإشراف تقترح تخفيض سقف حصة التأمين الإلزامي للشركات الخاصة من 45% إلى 15%.. ورئاسة الحكومة تدرس الموضوع
| محمد راكان مصطفى
يتداول في أوساط شركات التأمين الخاصة حديث عن مذكرة فنية وقانونية لهيئة الإشراف على التأمين أجريت بناء على طلب من الحكومة، لتغيير آلية توزيع حصص التأمين الإلزامي، وتهدف إلى رفع نسبة القطاع العام منه (ممثلاً بالمؤسسة العامة السورية للتأمين)، بما يلزم شركات التأمين الخاصة على تفعيل تسويقها وتطوير أعمالها في باقي فروع التأمين، من خلال تخفيض الحد الأقصى المسموح به من الإلزامي من 45% إلى 15% من إجمالي أعمال كل شركة.
وتأتي هذه المذكرة أيضاً على خلفية جملة من الإشكاليات في إدارة الاتحاد السوري لشركات التأمين، والخلافات بين مجلس إدارة الاتحاد ورئيسه على طريقة إدارة الاتحاد، إضافة إلى وجود مشكلات فنية تتعلق بترخيص فروع وهمية لبعض الشركات الخاصة للحصول على حصة أكبر من عوائد التأمين الإلزامي، على الرغم أن بيانات الهيئة لم تظهر لوجود فروع وهمية، إضافة إلى عجز الاتحاد عن تقديم أي مقترح يطور السوق التأمينية ويعزز التعاون بين الشركات.
ويبدو أنه وبسبب عدم خضوع الاتحاد السوري لشركات التأمين لرقابة وإشراف هيئة الإشراف على التأمين، قامت إدارة الاتحاد بالتغاضي عن مخالفة بعض شركات التأمين لمضمون القرار رقم 131-100 الصادر بتاريخ 2/11/2007 عن وزير المالية رئيس مجلس إدارة هيئة الإشراف على التأمين المتضمن تحديد نسبة أقساط التأمين الإلزامي للسيارات بـ45% من إجمالي أقساط شركة التأمين بحيث تحتسب هذه النسبة بشكل ربع سنوي، ما دفع هيئة الإشراف على التأمين إلى توجيه إنذارات للشركات المخالفة لمعالجة المخالفة خلال مهلة أقصاها نهاية الشهر الحالي.
طبخة قديمة
علمت «الوطن» من أكثر من مصدر مسؤول في قطاع التأمين بوجود محاولات من بعض الشركات إلغاء هذا القرار عن طريق وزير المالية في الحكومة السابقة، إضافة إلى مطالبة بعض الشركات الخاصة بتخفيض حصة المؤسسة العامة السورية للتأمين من إجمالي عوائد التأمين الإلزامي إلى 15% بدلاً من 25% حسب الاتفاقية الموقعة بين الشركات عام 2009، محاولين استغلال قربهم تمثيل الاتحاد السوري لشركات التأمين في مجلس إدارة الهيئة وقدرتهم في الضغط عليها.
وهذا ما جعل المؤيدون للاقتراح يذهبون إلى أنه من الواجب التوقف عن مجاملة شركات التأمين الخاصة على حساب المؤسسة السورية للتأمين بتخصيصهم بنسبة كبيرة من التأمين الإلزامي على السيارات التي وصلت إلى 71% من إجمالي التأمين الإلزامي، على حساب المؤسسة التي باتت حصتها لا تتجاوز 29% وأنه من الأولى أن يتم دعم المؤسسة التي تتولى ملفات إستراتيجية تحمل على عاتقها صفة الدعم أكثر منها صفة التأمين كالتأمين الصحي والتأمين الزراعي. إضافة إلى ذلك فإن التأمين الإلزامي على السيارات يحمل صفة الإلزام ومن ثم فهو يعتبر كرسم مفروض على كل سيارة ولا يعبر عن أي شكل من أشكال التنافس بين الشركات حيث إنه محدد بالقانون ومثبت لجهة السعر وجهة التغطيات فلذلك فهو من باب أولى أن تعود عوائده للخزينة العامة عن طريق المؤسسة العامة السورية للتأمين التي كانت تقوم وحدها بهذا التأمين لغاية عام 2009.
وعلى اعتبار أن الفرق بين الأقساط والتعويضات والاحتياطيات قيد التسوية هو ما يحقق الربح التأميني، ثم يؤدي إلى يرفد الخزينة العامة. إضافة إلى أن التأمين الإلزامي يمثل نسبة تصل إلى 77% من أعمال بعض شركات التأمين، التي من المفترض ألا تزيد على 45%، مع التشديد على أهمية سعي الشركات الخاصة إلى البحث عن مطارح تأمينية جديدة وتوسيع السوق التأمينية وإطلاق منتجات تأمينه جديدة وهو ما لم تقم به الشركات حيث اكتفى كثير منها بحصته من إجمالي أقساط التأمين الإلزامي التي تصل إليها شهرياً من تجمعات التأمين الإلزامي من دون أي جهد لناحية التسويق. ووجود تقاعس الكثير من الشركات الخاصة عن التعويض في حال حدوث حوادث تخص التأمين الإلزامي أو (مبازرة) المتضرر لتخفيض التعويض إلى أدني حد بحيث وصلت تعويضات التأمين الإلزامي إلى 30% من إجمالي الأقساط على حين هي في باقي أنواع التأمين تصل إلى 40% وأكثر.
أما مقترح الهيئة فيذهب إلى تخفيض نسبة الشركات من 45 بالمئة إلى 15 بالمئة من إجمالي أقساط التأمين بما يضمن زيادة نشاط هذه المؤسسات في باقي أنواع وفروع التأمين وخاصة أن فروع التأمين كافة تعرضت لتضخم كبير في بدلاته على حين استمرت بدلات التأمين الإلزامي على السيارات على حالها الذي يستوجب بشكل فعلي تخفيض حصص الشركات من التأمين الإلزامي بما يتناسب مع التضخم الذي أصاب باقي فروع التأمين إلى 15%، لأن الهيئة ترى أن حصر الإلزامي بشركة واحدة هو مخاطرة كبيرة، بغض النظر إن كانت تلك الشركة هي المؤسسة أو سواها.
«طحش» على العام
وفي المقابل ذهب المعارضون إلى فكرة زيادة حصة المؤسسة إلى أنه يجب إعطاء فرصة كافية لشركات التأمين الخاصة للعمل في التأمين الإلزامي للسيارات وبنسب جيدة، وينظرون إلى أن هذا الأمر له مسوغاته فجميع شركات التأمين في العالم تعمل في مجال إلزامي السيارات بهدف وصول اسم الشركة إلى أكبر شريحة ممكنة في المجتمع ثم تحسين تسويقها لباقي فروع التأمين.
وحسب مصادر «الوطن» في التأمين، تم عقد أكثر من اجتماع ترأس أحدها وزير المالية الاجتماع مجلس إدارة الهيئة في مقر الهيئة وبحضور مديرها العام والمدير العام للمؤسسة العامة للتأمين ومدير الإشراف على الشركات في الهيئة، قدمت خلاله الهيئة مقترحها بشأن هذا الموضوع، من النواحي القانونية والفنية ومدى تأثير مثل هذا القرار في سوق التأمين السورية، وإمكانية تشكيل شركة مساهمة لإدارة التجمع عوضاً عن الاتحاد السوري لشركات التأمين، وتم التقدم باقتراح وفق أكثر من سيناريو إلى وزارة المالية، وتتم دراسة الموضوع من رئاسة الحكومة.
تجدر الإشارة إلى أن تأمين إلزامي السيارات عالمياً هو ذلك النوع من التأمين الذي يفرضه القانون ويلزمه على كل من يمتلك مركبة تتحرك على الطرق وهذا النوع من التأمين يغطي مسؤولية المؤمن له وسائق المركبة تجاه الغير (الطرف الثالث) عما قد تسببه لهم المركبة المؤمنة من إصابات جسدية. وبموجب قانون التأمين الإلزامي فإن شركة التأمين تكون مسؤولة عن تعويض المصابين داخل المركبة المؤمن عليها وكذلك الإصابات التي تسببها المركبة للمشاة على الطرق وذلك بصرف النظر عن وجود خطأ من السائق أو عدمه، وتكون مسؤولية شركة التأمين عن الإصابات الجسدية محددة وفقاً للقرار 1915، فهي مسؤولة عن توفير العلاج الطبي للمصاب إلى أن يتم شفاؤه شفاءً كاملاً أو تستقر حالته المرضية، وتعويض المصاب عن جميع الالتزامات المالية التي تكبدها نتيجة الحادث، وتعويض المصاب عن فقدان الدخل المؤقت والدائم الذي قد يلحق به نتيجة الإصابة، وتعويض المصاب عن الأضرار النفسية التي لحقت به نتيجة الإصابة.