الفاتيكان يوثق الإبادة الأرمنية
سركيس بورنزسيان:
صدر مؤخراً عن دار النشر في مكتبة الفاتيكان كتاب باللغة الإنكليزية بعنوان الإبادة الأرمنية بقلم الدكتور إيدي يغيايان الحائز درجة الدكتوراه في العلوم الفلسفية. يعتبر الكتاب موسوعة لكل أنواع المصادر التي تناولت قضية الإبادة الأرمنية سواء كانت علمية أو أدبية أو إعلامية أو رقمية. وضعت هذه العناوين في كتاب مؤلّف من 1122 صفحة من القطع الكبير ضمن ثمانية فصول.
يروي الكاتب في مقدمة الكتاب سيرة عائلته التي تنحدر من أصول أرمنية من مدينة اسبارتا قرب قونيا في تركيا حالياً، والده بوغوصيغيايان (1905-1962) هو أحد ضحايا الإبادة الأرمنية 1915 حيث هُجر قسراً مع عائلته المؤلفة من والده ووالدته وأخواته الأربعة إلى الصحراء السورية وشاهد أمه تقتل أمام عينيه وهو الطفل الأصغر في عائلته، واستطاع والد الكاتب الهروب والنجاة من الموت بأعجوبة حيث التجأ عند بدويّ سوري أنقذه من براثن الموت ورعاه رعاية جيدة كفرد من أفراد عائلته حتى عام 1919 آنذاك، ذهب الفتى بوغوص إلى مدينة حلب بحثاً عن عائلته فلم يجد أحداً من العائلة حياً فوالده وأخواته الأربعة كانوا قد قتلوا في الصحراء السورية من قبل الأتراك بالنتيجة كانوا ضحايا للإبادة الأرمنية ولم يقتلوا إلا لسبب واحد وذنب واحد كونهم أرمن، وينهي الكاتب هذه الفقرة مستطرداً بقول للكاتب ويليم فولكنر «الماضي ليس مجرد ماض، الماضي لا يموت أبداً» فلا يمكن لأحد أن ينسى قوافل الموت ومسيرات الإفناء والمذابح التي تعرض لها الأرمن والتي بمحصلتها لا يمكن أن تعرّف إلا بجريمة إباديةٍ تامة.
الفصل الأول من الكتاب يضم عناوين 4312 كتاباً صدرت عن دور النشر وبمختلف اللغات كل هذه الكتب تتحدث عن الأرمن وقضيتهم الإبادية، أما الفصل الثاني فهو فصل خاص لعناوين الجرائد اليومية العالمية التي تحتوي مقالات عن الأرمن وإبادتهم بدءا من عام 1833 حتى عام 2011 ومن أهم هذه الجرائد (تقويمي وقائعي) باللغة التركية وجريدة الصباح التركية وRenaissance الفرنسية التي كانت تصدر في اسطنبول وجريدة Times (of London)… أما الفصل الثالث فهو مخصص للمجلات والدوريات الأسبوعية والشهرية ومنها The New York times، The Los Angelos times، Independent، Echo dorient National Geographic Magazine، Cambridge Historical Journal بدءاً من عام 1823 حتى 2011. الفصل الرابع مخصص لعناوين الروايات الأدبية والقصائد والمسرحيات والمؤلفات الموسيقية العالمية التي كتبت عن الأرمن وقضيتهم لأشهر الكتاب العالميين والأتراك ومنهم فرانس ويرفل وروايته المشهورة (أربعون يوماً في جبل موسى) وفيه يصف الكاتب دفاع أرمن جبل موسى عن أنفسهم ومقاومتهم للأتراك (جبل موسى يقع في خليج السويدية في لواء إسكندرونة السليب) ورواية (لقيط اسطنبول) للكاتبة التركية ايليف تشافاك ورواية (ارارات) باللغة الإنكليزية للكاتب ويليم سارويان، الفصل الخامس يحتوي على قائمة لكل عناوين الأطروحات والأبحاث الأكاديمية التي درست الموضوع، الفصل السادس مخصص لعناوين المواد الإعلامية والسمعية والبصرية من أفلام وقطع موسيقية وموسيقا تصويرية في هذا المجال. أما الفصل السابع فهو خاص بالأرشيف وفيه عناوين من أرشيف دول ووزارات خارجية كأرشيف الكونغرس الأميركي ووزارة الخارجية الأميركية وأرشيف وزارات الخارجية في كل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا والنمسا وعصبة الأمم بالإضافة إلى الأرشيف الشخصي الذي جمعه بعض الأفراد من مفكرين وكتاب ودبلوماسيين سابقين وبعض الهواة. أما الفصل الأخير فهو خاص بالانترنت والمواقع الالكترونية التي تهتم بالإبادة الأرمنية.
نهاية يعتبر هذا العمل الموسوعي الضخم مملوء بآلاف العناوين لمصادر أكاديمية ودبلوماسية وأدبية والتي بمحصلتها تشكل خزاناً ضخماً لبراهين دامغة وقاطعة لجريمة إبادية لا يزال المجرمون وورثتهم ينكرونها منذ مئة عام حتى يومنا هذا، ولكن فاتهم قول الكاتب إميل زولا الذي يقول: مهما طمرت الحقيقة في أعماق التراب فإنها تشق التراب وتظهر إلى النور.